السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
اخواني بارك الله فيكم فهذه فائدة من الكتاب الفذ (الدررالسنية في الأجوبة النجدية)في مسالة العمامة وهل هي من السنة أم لا وما الفرق بينها وبين أغطية الرأس الأخري مثل العصابة أو العقال وغيرها....

(سئل الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري: عن العمامة، هل هي سنة؟ وما الفرق بينها وبين العقال؟
فأجاب: العمامة المسؤول عنها من المباحات، التي أباحها الله ورسوله، وإنما يستحب منها: ما قصد به موافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هيئة لبسه، كلبسها مع ارخاء الذؤابة، دون لبسها على هيئة العصابة، فإنها حينئذ: لا فرق بينها وبين العقال المعروف؛ ولهذا نص العلماء، رحمهم الله، من أصحابنا وغيرهم، على أنه يشترط لجواز المسح عليها، أن تكون محنكة، أو ذات ذؤابة، وأما العصابة فلا يجوز المسح عليها عندهم.
وقصد موافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أفعاله، من لبس، وأكل، وشرب وغير ذلك: سنة، ولكن لا يقصر على العمامة فقط، وهذا كقول العلماء: سنة الأكل كذا، سنة الشرب كذا، سنة اللبس كذا، ثم يذكرون ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك من الأخبار الصحيحة.
وأما جعل هذه العصائب التي تشبه العقال سنة، فلا يظهر لي، بل هو مباح، من جملة اللباس المباح، ومن قال: إنها مسنونة، فقد أخطأ، وأفتى بجهل; فلا ينبغي الأخذ عنه، وتلقي ما يمليه من جهالاته وترهاته؟ كذلك جعل لبسها مطلقاً، على أي وجه كان، دليلاً وعلامة على الدخول في
الإسلام، ويوالي على ذلك، ويعادي عليه، أو يجعل ضابطاً، يحب على فعله، ويبغض على تركه، فهذا أمر لا يجوز اعتقاده، ولا نسبته إلى الشريعة المطهرة؛ هذا ما ظهر لي، والله أعلم.

وكتب تحته الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن سالم، رحمه الله، ما نصه:
ما أجاب به الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري، هو الحق والصواب، الذي ندين الله به ونعتقده، وهو: أن العمامة لا تكون عمامة، ويطلق عليها هذا الاسم، إلا إذا كانت ذات ذؤابة، أو محنكة، وأن تكون على قلنسوة ساترة لجميع الرأس، إلا ما جرت العادة بكشفه، لأنها في الأصل لباس معتاد، مما اعتاده العرب، كالإزار، والسراويل، والأردية، ليست من العبادات المشروعة؛ ومن نسب هذه العصائب الخالية مما ذكرنا، إلى السنة المطهرة، فقد أخطأ.

وكتب أيضاً: الشيخ محمد بن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، ما نصه:
ليعلم الواقف على هذا: أن ما كتبه صاحبنا، الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري، في شأن العمامة، أنه هو الحق الذي لا مرية فيه، ولا التباس، لأن العمائم من قسيم العادات المباحة، التي كانت العرب تلبسها، وليست من السنن المشروعة التي شرعت في الإسلام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها هو وأصحابه، كما كان العرب يلبسونها؛ فمن لبسها على قلنسوة، وجعلها محنكة، أو جعل لها ذؤابة وأرخاها، فقد أصاب السنة، ومن لبسها على هذه الكيفية، فلا ينكر عليه، ومن تركها فلا ينكر عليه.
وأما جعل هذه العصائب من السنن المشروعة، فهو خطأ وابتداع شرع لم يشرعه الله ولا رسوله، واعتقاد أن لبس هذه العصائب، سيما، وشعاراً للمتدينين، خطأ أيضاً; فالواجب على من أراد طلب الحق، واتباع الهدى، أن يتحرى العدل في أقواله، وأفعاله، وأعماله، ويحذر من التعصب للهوى، بغير حجة ولا برهان.

وكتب أيضا:ً الشيخ سليمان بن سحمان:
قد تأملت ما كتبه المشائخ - وفقهم الله - في شأن هذه العصائب، التي أحدثها من أحدثها، فإذا هو الحق والصواب، الذي لا شك فيه ولا ارتياب، لأن هذه العصائب التي زعم من أحدثها أنها سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وشرعها، لم تكن هي العمائم التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر العرب يلبسونها في الجاهلية والإسلام، لأن تلك كانت ساترة لجميع الرأس، وكانت محنكة، ثم سن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إرخاء الذؤابة بين الكتفين.
إذا فهمت هذا، فاعلم: أنه ليس المقصود بلبس هذه العصائب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ ولو كان المقصود الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم لجعلوها ساترة لجميع الرأس، على قلنسوة، وجعلوها محنكة، أو ذات ذؤابة، ولبسوا الرداء والإزار، وغير ذلك مما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسه، وأصحابه، ولكن المقصود الأعظم عند من أحدثها: إحداث شعار في الإسلام، وزي يتميز به من دخل في هذا الدين عمن لم يدخل فيه، على زعمهم؛ وإذا كان العلماء، قد تكلموا في كراهية هذه العمائم، التي هي ساترة لجميع الرأس، لأنها غير محنكة، فكيف بهذه العصائب التي لا مشابهة بينها وبين العمائم إلا بالاسم.
قال: شيخ الإسلام، في اقتضاء الصراط المستقيم: قال الميموني: رأيت أبا عبد الله، عمامته، تحت ذقنه، ويكره غير ذلك، وقال: العرب أعمتها تحت أذقانها; وقال أحمد في رواية الحسن بن محمد: يكره ألا تكون العمامة تحت الحنك كراهية شديدة، وقال: إنما يتعمم بمثل ذلك: اليهود، والنصارى، والمجوس.
وأما كونها زياً وشعاراً، فقال شيخ الإسلام، في كتاب الفرقان: وليس لأولياء الله المتقين، شيء يتميزون به في الظاهر، من الأمور المباحات، فلا يتميزون بلباس دون لباس، إذا كان كلاهما مباحاً، ولا يحلق شعراً، أو يقصره، أو يضفره، إذا كان كلاهما مباحاً، كما قيل: كم صديق في قباء، وكم زنديق في عباء... إلى آخر كلامه، رحمه الله.
والمقصود: أن هذه العصائب، بل العمائم المعروفة المعهودة، من الأمور المباحات، والعادات الطبيعية، لا من العبادات الدينية الشرعية.
وقد كتبت في شأن هذه العصائب، ما هو معلوم مشهور، كما هو مذكور في: إرشاد الطالب إلى أهم المطالب، وفي رسالة مفردة أيضاً؛ فمن أراد الوقوف عليها، فليراجعها هناك.
(انتهي بنصه من المجلد الرابع قسم العبادات في باب شروط الصلاة من صفحة (256)الي صفحة(260) ....