عشرون كلمة عن العلم وفضله

الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
 
عشرون كلمة عن العلم وفضله
المواضيع الجديدة منذ آخر زيارة لياستعراض مشاركاتكمواضيع لم يتم الرد عليهاأفضل مواضيع اليومافضل اعضاء اليومافضل 20 عضو
 
عشرون كلمة عن العلم وفضله  Empty

شاطر | 
 

 عشرون كلمة عن العلم وفضله

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
El Helalya
المؤسسة

المؤسسة
El Helalya


المشاركات :
22515


تاريخ التسجيل :
08/08/2008


الجنس :
انثى

البلد :
مصر

sms :
سبحان الله

ـــــــــــ


ــــــــــــــ


عشرون كلمة عن العلم وفضله  _
مُساهمةموضوع: عشرون كلمة عن العلم وفضله    عشرون كلمة عن العلم وفضله  Emptyالثلاثاء 4 يناير 2011 - 15:38 

عشرون كلمة عن العلم وفضله  Mzl5i0nrqxnsqpld8tcs

إن الحمد لله ،
نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات
أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله
عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد أيها الأحبة في الله :
ـ



اخترت هذا
الموضوع في بداية السنة الدراسية توجيهاً وتذكيراً ، وإرشاداً وتنبيهاً ،
وما منا إلا معلم أو متعلم ، وطلب العلم وتعليمه من أجل العبادات
فيجب أن تُراعى فيه الآداب الشرعية ؛ ولذا كانت هذه الكلمات ، وهي توجيهات
ووصايا ومختارات حول العلم وفضله وأهله ، هتف بها صوت يحبك في الله ، على
ضعفٍ وتقصيرٍ منه ، وعلى عجزٍ فيه وقصور ، هفواته متتالية ، وعثراته
متتابعة ، ويعلم الله لشعوره بالنقص وحاجته للنصح فاه بهذه العبارات ،
وقلب الصفحات لتكون هذه الكلمات ؛ لعل الله أن ير حم ضعفه ، ويجبر كسره ،
ويتم نقصه بالعلم والعمل





والتعليم
أيها الأحبـة نقل من الظلمة إلى النور ، وسمـو بالنفس إلى المعـالي ،
وخلق وأدب ، فحتى تأتي منه كل هذه الثمار لابد من قبول النصح والتوجيه ،
واتهام النفس والإزراء عليها ، أسـأل الله التوفيق والسداد ، والعون
والرشــاد ، ونعوذ به من علمٍ لا ينفع ، ونستغفره ونتوب إليه من كل خطأٍ
وزلل

إليكم عرضاً سريعاً لعناصر وعناوين هذه الكلمات




أولاً : العلم
كنز عظيم وله فضل عميم ، للأخوات المعلمات والمتعلمات ، الإخلاص لله في
العلم والتعليم ، إنما يخشى الله من عباده العلماء ، العلم أعمال وسرائر
وليس أقوالاً ومظاهر ، من علامات العلم النافع ونواقضه ، المجاهدة والصبر
سلاح المتعلم ، كيف نكسب العلم ؟





العلم
والتربية متلازمان ، بالصبر واليقين تُنال إمامة الدين ، الشبهات والشهوات
خطر على العلم وأهله ، العقيدة والسيرة صفاء للظاهر والسريرة ، فن طلب
العلم ، قف وتأمل قبل أن يُقال فلان مات ، الابتلاء امتحان لأهل العلم ،
التواضع ثمرة العلم النافع ، يا طالب العلم إياك والحسد ، طريقنا للقلوب ،
وقبل الختام العمل بالعلم ، والختام دعاء



العلم
كنز عظيم ، وله فضل عميم ، ولأهله منزلة عالية ، ودرجة رفيعة ، واسمع
لهذه النصوص والآثار بتدبرٍ واعتبار ، وهي على سبيل الإيجاز والاختصار




قال تعالى : ( يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) ـ

وقال : ( شهد الله أنه لا إله إلآ هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط ) فبدأ سبحانه بنفسه ، وثنى بملائكته ، وثلث بأهل العلم ، وكفاهم ذلك شرفاً وفضلاً ، وجلالة ونبلاً .وقال تعالى : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) .وقال تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ـ
وقال : (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون )
وفي القرآن بضعة وأربعون مثلاً ، وكان بعض السلف إذا مر بمثلٍ لا يفهمه
يبكي ويقول : لست من العالمين .وأما الأحاديث والآثار في العلم وفضله ورفعة
أهله فكثيرة جداً ، ومن أشهرها ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي
الله تعالى عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ) ـ


وأيضاً ما رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (
من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سلك الله له به طريقاً إلى الجنة ، وإن
الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في
السموات ومن في الأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد
كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم
يورثوا ديناراً ولا درهماً ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظٍ وافر
) ـ
وقد رواه الوليد بن مسلم عن خالد بن يزيد عن عثمان بن أيمن عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من
غدا لعلمٍ يتعلمه فتح الله له به طريقاً إلى الجنة ، وفرشت له الملائكة
أكنافها ، وصلت عليه ملائكة السماء وحيتان البحر ، وللعالم من الفضل على
العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، والعلماء ورثة الأنبياء ،
إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ
بالعلم أخذ بحظٍ وافر ، وموت العالم مصيبة لا تُجبر ، وثُلمة لا تُسد ،
ونجم طُمِس ، وموت قبيلةٍ أيسر من موت عالم
) ـ




قال ابن القيم
في مفتاح دار السعادة : هذا حديث حسن ، وقال ابن حجر : أخرجه أبو داود
والترمذي وابن حبان والحاكم مصححاً من حديث أبي الدرداء ، وحسنه حمزة
الكناني ، ضعفه وضعفه باضطرابٍ في سنده لكن له شـواهد يتقوى بها ، انتهى
كلام الحافظ ، وضعفه الألباني من رواية عاصم بن رجاء ، وقال : لكن أخرجه
أبو داود من طرقٍ أخرى عن أبي الدرداء بسندٍ حسن


ومن الآثـار ما يُروى عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه أنه قال ـ واسمعوا لهذا الكلام ـ : تعلموا
العلم فإن تعليمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه
جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ؛ لأنه معالم الحلال
والحرام ، ومنار سبل أهل الجنـة ، وهو الأنس في الوحشــة ، والصاحب في
الغربة ، والمحدث في الخلوة ، والدليل على السراء والضراء ، والسلاح على
الأعداء ، والزين عند الأخلاء ، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير
قادة ، وأئمة تُقتص آثارهم ويُقتدى بأفعالهم ، ويُنتهى إلى رأيهم ، ترغب
المـلائكة في خلتهم ، وبـأجنحتها تمسحهم ، يستغفر لهم كل رطبٍ ويابس ،
وحيتان البحر وهوامه ، وسباع البر وأنعامه ؛ لأن العلم حياة القلوب ، حياة
القلوب من الجهل ، ومصابيح الأبصار من الظلم ، يبلغ العبد بالعلم منازل
الأخيار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة ، والتفكر فيه يعدل الصيام ،
ومدارسته تعدل القيام ، به توصل الأرحام ، وبه يُعرف الحلال من الحرام ، هو
إمام العمل ، والعمل تابعه ، يُلهمه السعداء ، ويُحرمه الأشقياء




وهذا الأثر أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله من طرقٍ مرفوعاً
وموقوفاً ، ولا يصح بوجهٍ لا موقوفاً ولا مرفوعاً ، وقد قال ابن عبد البر :
حديث حسن جداً ولكن ليس له إسناد قوي
قال العراقي في شرح الأحياء أو تخريج الأحياء : قوله حسن أراد به الحسن
المعنوي ، لا الحسن المصطلح عليه بين أهل الحديث ، وذكره ابن القيم في
مفتاح دار السعادة وقال : هذا الأثر معروف عن معاذ ، ورواه أبو نعيم في
المعجم من حديث معاذٍ مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يثبت ،
وحسبه أن يصل إلى معاذ


وهكذا الآيات
والأحاديث والآثار التي تشير إلى العلم وفضله ، وأن صاحبه يحمل كنزاً
عظيماً يعلو به في الدنيا والآخرة ، وأنصحك أيها المحب بالرجوع إلى كلام
ابن القيم الجميل في كتاب "مفتاح دار السعادة"
، فقد ذكر ثلاثة وخمسين وجهاً في العلم وفضله وشرفه ، ثلاثة وخمسين ومائة
وجه في العلم وفضله وشرفه ، فهي كنز عظيم ، مليئة بالفوائد والنوادر
والغرائب والعجائب


للأخوات المعلمات والمتعلمات ..ـ( نعم نساء الأنصار ، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين ) أخرجه مسلمٍ وغيره من حديث عائشة


وقال البخاري
في صحيحه : باب هل يُجعل للنساء يوم على حدة في العلم ، وذكر فيه حديث أبي
سعيد الخدري قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : غلبنا عليك الرجال
فاجعل لنا يوماً من نفسك ، فوعدهن يوماً لقيهن فيه ، فوعظهن وأمرهن .
الحديث


وقال البخاري أيضاً : باب تعليم الرجل أمته وأهله ، وقال : باب عظة الإمام النساء وتعليمهن .ويُقال عن عائشة معلمة الرجال والأجيال ، حتى قيل أن ما نُقِل عنها ثلث الدين ، وكذلك بقيـــة أمهات المؤمنين ، اللائي أمِرن بتبليـغ النـاس القرآن والسنــة بقولـه تعــالى : ( واذكرن ما يُتلى في بيوتكن من ءايات الله والحكمة ) .وهناك
العشرات من الصالحات العالمات المعلمات ، كأم الدرداء ، وحفصة بنت سيرين ـ
أم الهدين ـ التي حفظت القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة ، واشتهرت فيما بعد
برواية الحديث ، وكان أخوها محمد بن سيرين إذا أشكل عليه شيء في القرآن
يقول : اذهبوا فسلوا حفصة كيف تقرأ ..وزينب بنت أحمد المقدسية ، تُعرف ببنت
الكمال ، وُلِدت سنة ستٍ وأربعين وستمائة ، قال الذهبي : كانت دينة خيرة ،
روت الكثير ، وتزاحم عليها الطلبة ، وقرؤوا عليها الكتب الكبار وعائشة
بنت يوسف بن أحمد الباعونية ، هي الشيخة الأريبة ، العالمة الفاضلة ، قالت
عن نفسها : أهلني الحق لقراءة كتابه العزيز ، ومن عليَّ بحفظه على التمام
ولي من العمر ثمانية أعوام ، ولها مؤلفات منها : الفتح المبين في مدح
الأمين ومريم بنت محمد بن أحمد الأذرعي ، وُلِدت سنة تسعة عشر وسبعمائة ،
شيخة للحافظ ابن حجر ، كما ذكر أنه قرأ عليها الكثير من مسموعاتها ،
وأشياء كثيرة بالإجازة ، قال عنها ـ أي ابن حجر ـ : نعم الشيخة كانت ديانة
وصيانة ، ومحبة في العلم .وكتب السير والتراجم مليئة بأسماء العالمات
الفاضلات ، التي تثبت أن العلم الشرعي لا يقتصر على الرجال ، فللنساء
دورهن في القراءة والمطالعة ، وتعلم شرع الله تعالى ، ثم في التعليم
والتدريس ، وإلقاء المحاضرات والمواعظ ، فهن أبلغ في أداء المهمة ، وأعلم
بنفسيات النساء



فيا أيتها الصالحة ، أيتها المرأة .. من لجماهير النساء إن لم تتحركي أنت ؟! ومن للغافلات إن لم تتقدم الصالحات ؟

أيتها المباركة ..

ما هو عذرك وحلق العلم معقودة ؟! والندوات مقامة ؟! والمحاضرات معلنة ؟!
والكتب والأشرطة ميسرة ؟! وأنت بصحةٍ وفراغٍ وعافية إذاً فهذا الحديث ليس
خاصاً بالرجال فقط ، بل هو لك أيضاً أيتها المعلمة والمتعلمة




الإخلاص لله في العلم والتعليم

معاشر طلاب العلم ، معاشر الأساتذة والمعلمين

.. لماذا لا نرى بركة علمنا تعلماً وتعليماً ؟! إننا نرى كثرة الأساتذة
والمعلمين والمعلمات ، وربما كان في المدرسة الواحدة عدد كبير ممن يُشار
إليه بالبنان بعلمه وصلاحه ، ولكن لا ترى أثراً يُذكر لهؤلاء إلا ما شاء
الله ، وربما كان طلابهم أشد غفلة وبعداً عن الله عز وجل ، وأنا هنا لا
أبرئ الطلاب فربما كانوا سبب ذلك ولكن لنتهم أنفسنا معاشر الأساتذة
والمعلمين والمعلمات ، لنتهم أنفسنا ، لنرجع لأنفسنا ومقاصدها في التحمل
والأداء أو في التعلم والتعليم، إننا نجد في تراجم السلف وسيرهم رضوان الله
تعالى عليهم أن الصالح إذا نزل ديراً أصلح الله به أهل ذلك الدير ، فأين
أثر الصالحين اليوم في مدارسهم ؟! وأين أثرهم في مساجدهم وأحيائهم
وبلدانهم ؟! بل أين أثرهم في أمتهم جمعاء ؟!ـ


أخرج أبو داود وابن ماجة وأحمد وغيرهم من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) يعني ريحها ، والحديث صحيح بشواهده



ما
رأيكم معاشر الإخوة ؟! أترون أنا طلبنا العلم من أجل الدنيا ؟! من أجل
الوظيفة والتكسب وأكل العيش ؟! أم أننا طلبناه من أجل نشره والدعوة إلى
الله وإصلاح الناس ؟! كل أعلم بحاله ولكن لنتذكر أننا سنقف بين يدي من يعلم
خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فقد أخرج ابن المبارك في الزهد ،
والطبراني في الكبير عن عبد الله بن عكيمٍ قال : سمعت ابن مسعودٍ بدأ
باليمين قبل الحديث فقال : والله ما منكم من أحدٍ إلا سيخلو به ربه كما
يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر ، ثم يقول : يا ابن آدم ما غرك بي ؟ ابن آدم
ما غرك بي ؟ ابن آدم ما غرك بي ؟ ما عملت فيما علمت ؟ يا ابن آدم ماذا
أجبت المرسلين ؟
فيا أيها الأخ الحبيب ، ويا أيتها الأخت ..
هل أعددنا لمثل هذا السؤال جواباً ؟


يا
طالب العلم .. التزم التخلص من كل ما يشوب نيتك في صدق الطلب ، كحب
الظهور والتفوق على الأقران ، وجعله سلماً لأغراضٍ وأعراضٍ من جاهٍ أو مال
أو تعظيمٍ أو سمعةٍ ، أو طلب محمدةٍ ، أو صرف وجوه الناس إليك
، فإن هذه وأمثالها إذا شابت النية أفسدتها ، وذهبت بركة العلم ، فعن جابرٍ قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تتعلموا العلم لتباهوا به العلماء ،
ولا لتماروا به السفهاء ، ولا لتحتازوا به المجالس ، فمن فعل ذلك فالنار
النار )
أخرجه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك ،
وقال البوصيري في الزوائد : هذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلم ، وصححه
الحاكم ووافقه الذهبي ، وللحديث شواهد


وعند مسلمٍ من حديث أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أول الناس يُقضى فيه يوم القيامة ثلاثة ) وذكر منهم : ( ورجل تعلم
العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال : ما عملت فيها ؟
قال : تعلمت فيك العلم وعلمته ، وقرأت القرآن ، قال : كذبت ولكن ليُقال
هو قارئ فقد قيل ، ثم أمر به فسُحِب على وجهه حتى ألقي في النار )
ـ



وقال
تعالى : ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا
له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن
فأولئك كان سعيهم مشكوراً )
ـ



معاشر طلاب
العلم ، معاشر الأساتذة والمعلمين والمعلمات .. إني أهمس إليكم ونفسي بهذا
الأثر ، فلنقف معه يرعاكم الله ، يؤثر عن عمر بن ذرٍ أنه قال لوالده : يا
أبتِ مالك إذا وعظت الناس أخذهم البكاء وإذا وعظهم غيرك لا يبكون فقال :
يا بني ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة
ورحم الله ابن القيم يوم قال : كلام المتقدمين قليل كثير البركة ، وكلام
المتأخرين كثير قليل البركة ، فماذا لو رآنا نحن متأخري هذا الزمن ؟!
والله المستعان


إذاً فالسر في
قلة البركة في العلم والتعلم اليوم وعدم التأثر والتأثير هو الغفلة عن
الإخلاص لله في الطلب ، الغفلة عن الإخلاص لله في التعليم والتدريس


فيا أيها المدرسون والمدرسات ، ويا طلاب العلم ..
لنطهر نفوسنا ، وننقي قلوبنا ، لا من أجل أن ننتفع بالعلم فقط ، بل ومن
أجل أن ينفع الله بعلمنا ويفتح لنا القلوب ، أسأل الله تعالى أن يصلح
قلوبنا ، وأن يجعل عملنا خالصاً صواباً ، ونعوذ بالله من حظوظ أنفسنا ، ومن
سيئات أعمالنا



الكلمة الرابعة : إنما يخشى الله من عباده العلماء



نقل القرطبي أن الربيع بن أنسٍ قال : من لم يخشَ الله تعالى فليس بعالم
وقال مجاهد : إنما العالم من خشي الله عز وجل
ونقل ابن كثيرٍ عن ابن مسعودٍ أنه قال : ليس العلم عن كثرة الحديث ولكن العلم عن كثرة الخشية
وقال ابن سعدي : فكل من كان لله أعلم كان أكثر له خشية ، وأوجبت له خشية
الله الانكفاف عن المعاصي ، والاستعداد للقاء من يخشاه ، وهذا دليل على
فضيلة العلم ، فإنه داعٍ إلى خشية الله ، وأهل خشيته هم أهل كرامته ، كما قال تعالى : رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه .انتهى كلامه



قالت امرأة للشعبي : أيها العالم أفتني ، فقال : إنما العالم من خاف الله

فيا طلاب العلم ، ويا أيها المعلمون والمعلمات ..
كل علمٍ لا يقود صاحبه إلى خشية الله يُخشى على صاحبه ، فـالزم خشيـة الله
في السر والعلن ، فإن أصل العلم خشية الله تعالى ، ألم يأن للمعلمين
والمعلمات أن تمتلأ قلوبهم هيبة وخوفاً من الله ؟ ألم يأن لطلاب العلم أن
تنضبط ألسنتهم خوفاً وخشية من الله ؟ ألم يأن لنا جميعاً أن يثمر العلم في
القلب خشية وخشوعاً لله ؟ فإن لم يثمر العلم خشية وخشوعاً لله فإنا نعوذ
بالله من علمٍ لا ينفع ، ومن قلبٍ لا يخشع ، فكلما كان طالب العلم أورع
كان علمه أنفع
فيـا طالب العلم ، ويا أيها المعلمون ويا أيتها المعلمة .. إصلاح النفس ،
والخوف من الله ، وقوة الصلــة بالله ، من أهـم الأمور التي ينبغي أن يقوم
بها من أراد العلم تعلماً وتعليماً ، فللنفس شهوات ورغبات ، فإن لم تُضبط
بالتقوى ومراقبة الله فلن تذعن للخير ، فالعلم الخشية ، كما قال ابن
مسعودٍ رضي الله تعالى

عنه



الكلمة الخامسة : العلم والتربية متلازمان



يا طالب العلم ..

لماذا نتحمل العلم إلا من أجل أن نرقق قلوبنا ونربي نفوسنا ، إن تعلم
مسائل العقيدة والأحكام لأجل صحة العمل ومعرفة الحلال والحرام ، إن تعلم
مسائل العقيدة والأحكام لأجل بذل المال وكثرة الصيام ، إن تعلم مسائل
العقيدة والأحكام لأجل القيام والناس نيام ، إن تعلم مسائل العقيدة
والأحكام لأجل الصلة والبر وبذل السلام ، ومن أجل إمساك اللسان عن بذاء
الكلام ، إن تعلم مسائل العقيدة والأحكام لأجل نشر الحب والإخاء والوئام


فيا طالب العلم .. إن طلب العلم ليس غاية لذاته مع فضله ، بل هو وسيلة للعمل وتربيـة النفس وحسن الصلة بالله ، وإلا ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع ) ؟
وما معنى أن يُسأل المرء عن علمه ماذا عمل به ؟ فاسأل نفسك يا رعاك الله
هل نفعك علمك أم لا ؟ هل عملت بعلمك أم لا ؟ انظر لقلبك ولسانك فأنت أعلم
بحالك
قيل لمالك : ما تقول في طلب العلم ؟ قال : حسن جميل ولكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح إلى أن تمسي فالزمه





نعم
كان صلى الله عليه وسلم يؤصل العقيدة ويدعو إلى التوحيد ثلاث عشرة سنة
لكنه موصولاً بربه ليل نهار ، يراقب الله في حركاته وسكناته ، يذكره في
غدواته وروحاته ، كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ، كان شديد الخشية لمولاه
، كان يبكي حتى تتبلل لحيته من الدموع ، كان حليماً يحب العفو والصفح ،
كان متواضعاً يسمع الكبير والصغير والغني والفقير ، كان أجود الناس في
البذل والعطاء ، باختصار كان خلقه القرآن ، بأبي هو وأمي صلى الله عليه
وآله وسلم ، كل ذلك وهو يؤصل العقيدة ، ويدعو إلى التوحيد ، فأين نحن من
ذلك أيها المحب ؟!ـ






يا طالب العلم .. لا تغفل عن الرقائق والمواعظ فإن القلب يصدأ



فهذا محمد بن عبادة المعافري يحدث أنه وصحبه كانوا عند أبي شريح المعافري
رحمه الله فكثرت المسائل فقال : قد درنت ـ أي وسخت ـ قلوبكم فقوموا إلى
خالد بن حميد المهري استقلوا ـ أي استبدلوا ـ قلوبكم ، وتعلموا هذه
الرغائب والرقائق ، فإنها تجدد العبادة وتورث الزهادة ، وتجر الصداقة ،
وأقلوا المسائل ، فإنها في غير ما نزل تقسي القلب وتورث العداوة
وإليك هذا الضابط الجميل في هذه المسألة ، قال ابن الجوزي : فالصواب
العكوف على العلم مع تلذيع النفس بأسباب المرققات تلذيعاً لا يقدح في كمال
التشاغل بالعلم ،،،فيا طالب العلم .. أين أنت ورقة القلب وانحدار الدمع
وطيب المناجاة والشكاية لله رحم الله سفيان الثوري يوم قال : إنما يُطلب
الحديث ليُتقى به الله
فاحرص على تزكية النفس وتربيتها ، فقد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها




يا طالب العلم .. إن العلم أعمال وسرائر وليس أقوالاً ومظاهر



واسمع لابن الجوزي وهو يقول في صيد الخاطر كلاماً نفيساً جميلاً :
إن للخلوة تأثيرات تبين في الجلوة ، كم من مؤمنٍ بالله عز وجل يحترمه عند
الخلوات فيترك ما يشتهي خوفاً من عقابه ، أو رجاءً لثوابه ، أو إجلالاً
له فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عوداً هندياً على مجمرٍ فيفوح طيبه فيستنشقه
الخلائق ولا يدرون أين هو ، وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوى تقوى محبته
، أو على قدر مقدار زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد الطيب ، ويتفاوت
تفاوت العود ، فترى عيون الخلق تعظم هذا الشخص ، وألسنتهم تمدحه ولا
يعرفون لما ، ولا يقدرون على وصفه لبعدهم عن حقيقة معرفته ، وقد تمتد هذه
الأراييح بعد الموت على قدرها ، فمنهم من يُذكر بالخير مدة مديدة ثم يُنسى
، ومنهم من يُذكر مائة سنة ثم يخفى ذكره وقبره ، ومنهم أعلام يبقى ذكرهم
أبداً ، وعلى عكس هذا من هاب الخلق ،ولم يحترم خلوته بالحق ، فإنه على قدر
مبارزته بالذنوب ، وعلى مقادير تلك الذنوب يفوح منه ريح الكراهة فتمقته
القلوب ، فإن قل مقدار ما جنى قل ذكر الألسن له بالخير وبقي مجرد تعظيمه ،
وإن كثر كان قصارى الأمر سكوت الناس عنه ، لا يمدحونه ولا يذمونه ، ورب
خالٍ بذنبٍ كان سبب وقوعه في هوة شقوةٍ في عيش الدنيا والآخرة ، وكأنه قيل
له ابق بما آثرت فيبقى أبداً في التخبيط ، فانظروا إخواني إلى المعاصي
أثرت وعثرت



قال أبو الدرداء رضي الله عنه : إن العبد ليخلو بمعصية الله تعالى فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر
فتلمحوا ما سطرته ، واعرفوا ما ذكرته ، ولا تهملوا خلواتكم ولا سرائركم ،
فإن الأعمال بالنيـة ، والجزاء على مقدار الإخلاص . انتهى كلامه من صيد
الخاطر رحمه الله تعالى
فيا أيها المعلمون والمعلمات ، ويا طلاب العلم الله الله بالسرائر وإصلاح الباطن



إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم


كما في حديث أبي هريرة عند مسلم
إننا نحرص على أشكالنا ومظاهرنا كثيراً ، ونغفل عن الاهتمام بقلوبنا وصلاح
قلوبنا ، ونغفل عن الاهتمام بقلوبنا وصلاح القلب هو ثمرة العلم والتعلم ،
فهل حصلنا على هذه الثمرة ؟ هل حصلنا على صلاح القلب ؟ وهل نسعى لها ؟
نرجو ذلك



الكلمة السابعة : من علامات العلم النافع ونواقضه

تساءل مع نفسك عن حظك من علامات العلم النافع ، ومنها
العمل به ، كراهية التزكية والمدح والتكبر على
الخلق ، تكاثر تواضعك كلما ازدت علماً ، الهرب من حب الترؤس والشهرة
والدنيا ، هجر دعوى العلم ، إساءة الظن بالنفس وإحسانه بالناس تنزهاً عن
الوقوع فيهم



وقد كان عبد الله بن المبارك إذا ذكر أخلاق من سلف ينشد
لا تعرضن بذكرهم مع ذكرنا ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد
والنواقض منها



إفشاء
السر ، نقل الكلام من قومٍ إلى آخرين ، السلط واللسانة ، كثرة المزاح ،
الدخول في حديثٍ بين اثنين ، الحقد ، الحسد ، سوء الظن ، مجالسة المبتدعة ،
نقل الخطى إلى المحارم




فاحذر هذه الآثام وأخواتها ، واقصر خطاك عن جميع المحرمات والمحارم ، فإن
فعلت وإلا فاعلم أنك رقيق الديانة ، خفيف لعاب ، مغتاب نمام ، فأنى لك أن
تكون طالب علمٍ يُشار إليك بالبنان ، منعماً بالعلم والعمل ، سدد الله
الخطى ، ومنح الجميع التقوى ، وحسن العاقبة في الآخرة والأولى . انتهى من
كلام العلامة بكر أبو زيد في رسالته الجميلة "حلية طالب العلم"



الكلمة الثامنة : المجاهدة والصبر سلاح المتعلم





قال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) قال ابن سعدي :
على أن من جد واجتهد في طلب العلم الشرعي فإنه يحصل له من الهداية
والمعونة على تحصيل مطلوبه أمور إلهية خارجة عن مدرك اجتهاده ، وتيسر له
أمر العلم ، فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله ، بل هو أحد نوعي
الجهاد الذي لا يقوم به إلا خواص الخلق ، وهو الجهاد بالقول واللسان
للكفار والمنافقين ، والجهاد على تعليم أمور الدين ، وعلى رد نزاع
المخالفين للحق ، ولو كانوا مسلمين ، فلابد لطالب العلم من مجاهدة النفس ،
والصبر والمصابرة . انتهى كلامه رحمه الله ، فبقدر ما تتعنى تنـال ما
تتمنى ، ومن طلب شيئاً وجد وجد ، ومن قرع الباب ولج ولج ، ويقول الشاعر




أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ومدمن القرع للأبواب أن يلج
فلابد من الجد والملازمة ، وثني الركب وسهر الليالي لطلب العلم



بجِدي لا بجَدي كل مجد فهل جدٌ بلا جِدٍ بمجدي
فكم عبدٌ يقوم مقام حر وكم حرٍ يقوم مقام عبد



ولابد لطالب العلم من المواظبة على الدرس ، والتكرار في أول الليل وآخره



فإن ما بين العشائين وقت السحر ، ووقت السحر وقت مبارك
بقدر الكد يُكتسب المعـــالي ومن طلب العلا سهر الليـــالي
تروم العز ثم تنــــام ليــــلاً يغوص البحر من طلب اللآلي
علو القدر بالهمم العـــوالي وعز المرء في سهر الليـــــــالي
تركت النوم ربي في الليالي لأجل رضـاك يا مولى المـوالي





وذكر ابن الفضيل عن أبيه أنه قال :
كنا نجلس أنا وابن شبرمة والحارث العكلي والقعقاع بن يزيد بالليل نتذاكر
الفقه فربما لم نقم حتى نسمع النداء لصلاة الفجروما أحسن ما قال الأصبهاني
في محاضرات الأدباء ، قال : ما لزم أحد الدعة إلا ذل ، وحب الهوينة يكسب
الذل ، وحب الكفاية مفتاح العجز . انتهى كلامه




الكلمة التاسعة : كيف نكسب العلم



ذكر النووي في كتابه بستان العارفين قال : قال الشافعي رضي الله تعالى عنه : من
أحب أن يفتح الله قلبه ويرزقه العلم فعليه بالخلوة ، وقلة الأكل ، وترك
مخالطة السفهاء ، وبغض أهل العلم الذين ليس معهم إنصاف ولا أدب . انتهي
كلامه قلت : أما الخلوة فللاطلاع والنظر في الأصول وتقييد الفوائد والشوارد

وأما قلة الأكل فنشكوا إلى الله حالنا ، فكم من معصية جلبها الشبع وفضول الطعام، وفي المسند عند أحمد والترمذي وغيرهما ( ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه ) . الحديث وقال الترمذي حسن صحيح
وقد قال تعالى ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ) قال بعض العلماء : جمع الله بهذه الكلمات الطب كله



وأما ترك مخالطة السفهاء فلأنهم لصوص الأوقات وأهل الفراغ ، قال ابن الجوزي : فصل أهل الفراغ بلاء
، قال : أعوذ بالله من صحبة البطالين ، لقد رأيت خلقاً كثيراً يجرون معي
فيما قد اعتاده الناس من كثرة الزيارة ، ويسمون ذلك التردد خدمة ، ويطلبون
الجلوس ، ويجرون فيه أحاديث الناس وما لا يعني ، وما يتخلله غيبة ، وهذا
يفعله في زماننا كثير من الناس ، إلى أن قال : فلما رأيت أن الزمان أشرف
شيء ، والواجب انتهاءه بفعل الخير كرهت ذلك وبقيت منهم بين أمرين ، إن
أنكرت عليهم وقعت وحشة لموضع قطع المألوف ، وإن تقبلته منهم ضاع الزمان ،
فصرت ـ اسمع العلاج ـ فصرت أدافع اللقاء جهدي ، فإذا غلب قصرت في الكلام
لأتعجل الفراق ، ثم أعددت أعمالاً تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم لئلا
يمضي الزمان فارغاً ، فجعلت من المستعد للقائهم قطع الكاغط وبري الأقلام ،
وحزم الدفاتر ، فإن هذه الأشياء لابد منها ، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب ،
فأرصدتها لأوقات زيارتهم لئلا يضيع شيء من وقتي ، نسأل الله عز وجل أن
يعرفنا شرف أوقات العمر ، وأن يوفقنا لاغتنامه ، إلى آخر كلامه النفيس
الجميل هناك





وأما
بغض أهل العلم الذين ليس معهم إنصاف ولا أدب ، فإني لأعجب كيف كانوا من
أهل العلم وليس معهم إنصاف ولا أدب ، وأي علمٍ هذا الذي لم يؤدب صاحبه ،
إنما العلم العمل ، إنما العلم خشية الله




قال أحمد بن حفص السعدي شيخ ابن عدي سمعت أحمد بن حنبلٍ يقول : لم يعبر
الجسر إلى خراسان مثل إسحاق ، وإن كان يخالفنا في أشياء فإن الناس لم يزل
يخالف بعضهم بعضاً
وجاء رجل إلى أحمد بن حنبل فقال له : نكتب عن محمد بن منصور الطوسي ؟ قال :
إذا لم تكتب عن محمد بن منصور فعمن يكون ذلك ؟! فعمن يكون ذلك ؟! كررها
مراراً رحمه الله ، فقال له الرجل : إنه يتكلم فيك ! قال أحمد : رجل صالح
ابتُلي فينا فما نعمل ؟!ـ
هكذا العلم إنصاف وأدب ، حتى مع من يخالفنا



الكلمة العاشرة : أخي طالب العلم .. بالصبر واليقين تُنال إمامة الدين



قال ابن القيم في مدارج السالكين : سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين ، ثم تلا قوله تعالى : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )


قال ابن القيم :
الوجه الحادي والثلاثون بعد المائة ـ أي في مفتاح دار السعادة ـ أي في
فضل العلم : أنه لو لم يكن من فوائد العلم إلا أنه يثمر اليقين الذي هو
أعظم حياة القلب وبه طمأنينته وقوته ونشاطه وسائر لوازم الحياة ، إلى أن
قال : وقيل إذا استكمل العبد حقيقة اليقين صار البلاء عنده نعمة ، والمحنة
منحة ، فالعلم أول درجات اليقين ، إلى آخر كلامه رحمه الله
فيا كل معلمٍ ومتعلم .. الله الله باليقين ، الله الله بيقين بالله ، فإن
ضعف اليقين بالله آفة أهلكت الكثير من الصالحين فضلاً عن عامة المسلمين
ورد عن عطاء الخراساني أنه لا يقوم
من مجلسه حتى يقول : اللهم هب لنا يقيناً بك حتى تهون علينا مصيبات الدنيا
، وحتى نعلم أنه لا يصيبنا إلا ما كتب لنا ، ولا يأتينا من هذا الرزق إلا
ما قسمت . انتهى كلامه





وحقيقة اليقين الصبر والثقة بموعود الله عز وجل ، قال لقمان لابنه
ـ واسمعوا أيها الأحبة في سر الضعف والفتور الذي أصاب كثيراً من المسلمين
اليوم ـ قال لقمان لابنه : يا بني العمل لا يُستطاع إلا باليقين ، ومن
يضعُف يقينه يضعُف عمله ؛ إذاً فلعل ضعف اليقين عندنا هو السر في قلة العمل
والفتور والكسل





اللهم إنا
نسألك يقين الصادقين ، وصدق الموقنين ، ونسألك قوة في دين ، وحزماً في لين
، وإيماناً في يقين ، اللهم إنا نسألك يقيناً تهون به علينا مصائب الدنيا
، اللهم احفظنا بحفظك يا أرحم الراحمين
الشبهات والشهوات خطر على العلم وأهله ، ومن نظر
للواقع علم حقيقة الحال ، فمن نجا من الشهوة وقع في الشبهة ، والقليل من
وفقه الله للاعتصام بالكتاب والسنة




قال ابن القيم في المدارج : والقلب
يتوارده جيشان من الباطل ، جيش شهوات الغي ، وجيش شبهات الباطل ، فأيما
قلبٍ صغى إليها وركن إليها شربها وامتلأ بها فينضح لسانه وجوارحه بموجبها ،
فإن أشرب شبهات الباطل تفجرت على لسانه الشكوك والشبهات والإيرادات ،
فيظن الجاهل أن ذلك لسعة علمه ، وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه ، وقال لي
شيخ الإسلام رضي الله عنه : وقد جعلت أورد عليه إيراداً بعد إيراد ، لا
تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها ولكن
اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها ، فيراها
بصفائه ويدفعها بصلابته ، وإلا إذا أشربت قلبك كل شبهةٍ تمر عليها صار
مقراً للشبهات أو كما قال




قال ابن القيم :
فما أعلم أني انتفعت بوصيةٍ في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك ، وسميت الشبهة
شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها ، فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل ،
وأكثر الناس أصحاب حسنٍ ظاهر ، فينظر الناظر فيما ألبسته من اللباس فيعتقد
صحتها ، وأما صاحب العلم واليقين فإنه لا يغتر بذلك ، بل يجاوزه نظره إلى
باطنها وما تحت لباسها فينكشف له حقيقتها ، إلى أن قال : وكم قد قتل هذا
الاغترار من خلقٍ لا يحصيهم إلا الله . انتهى كلامه
فتنبه يا طالب العلم ، تنبه للشبهات ، فإن لها
بهرجاً براقاً سرعان ما يتشربها القلب الضعيف ، حتى يعتقدها فيدافع وينافح
عنها ، نسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا
الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه




العقيدة والسيرة صفاء للظاهر والسريرة




كيف يسمي طالب العلم نفسه طالباً وهو لم يتمكن من
معرفـة العقيدة وغاياتها وأهدافها ، وبل وتحقيق ثمارها ، فما معنى أنك
صاحب عقيدة ؟ وما معني أنك صاحب غاية وهدف ؟ وهل سألت نفسك يوماً من
الأيام لماذا تطلب العلم ؟ وهل أنت على استعداد للإجابة يوم تسأل وعن علمه
ماذا عمل به ؟

قال الدكتور ناصر العقل في كتابه مقدمات في الأهواء :
إن قاعدة أن اعبدوا الله تعني تحقيق التوحيد والعقيدة السليمة وطاعة الله
، والتزام شرعه ، وقاعدة واجتنبوا الطاغوت تعني تجنب الأهواء والافتراق
والبدع وما تؤول إليه من الشرك والكفر والظلم والفسق والإعراض عن دين الله ،
وكل الدين جملــة وتفصيـلاً يدور على هاتين القاعدتين ، قال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) ـ
يا طالب العلم .. كيف يسمي طالب العلم نفسه طالباً ؟
وهو لا يعرف كيف كانت سيرة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وما فيها من الفضل
والرحمة والهدى ؟
إن أهل العلم من سلفنا رضوان الله عليهم كانوا يحفظون سيرته عن ظهر قلب ، ويعتبرونها من أجل القربات




فهذا
ابن القيم كتب زاد العباد في هدي خير العباد وهو من أفضل كتب السيرة ،
كتبه وهو في طريقه للحج ، واسمعه وهو يقول في المقدمة : هذه كلمات يسيرة لا
يستغني عن معرفتها من له أدنى همة إلى معرفة نبيه صلى الله عليه وسلم
وسيرته وهديه ، اقتضاها الخاطر المكدود على عجره وبجره مع البضاعة المزجاة
التي لا تنفتح لها أبواب السدد ولا يتنافس فيها المتنافسون مع تعليقها في
حال السفر لا الإقامة ، والقلب بكل وادٍ منه شعبة ، والهمة قد تفرقت شذر
مذر ، والكتاب مفقود ، إذاً فهو يمليها أو يكتبها من قلبه ، ومن علمه رحمه
الله ، والكتاب مفقود ، ومن يفتح باب العلم لمذاكرته معدوم غير موجود ،
يعني الطلبة ، إلى آخر كلامه هناك





فيا طالب العلم .. خشية الله والعلم النافع بتكرار النظر في سيرة سيد البشر

ـ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به ) ـ


فن طلب العلم


طلب
العلم فن قد لا يحسنه الجميع ، فاسمع لوصايا أهل الخبرة والتجربة من
سلفنا الصالح رحمهم الله ، ينبغي لطالب العلم أن يستغرق جميع أوقاته فإذا
مل من علم يشتغل بعلم آخر

وكان ابن عباس رضي الله عنه إذا مل
من الكلام يقول : هاتوا ديوان الشعراء وكان محمد بن الحسن إذا مل من نوع
ينظر في نوع آخر ، وكان يضع عنده الماء ويزيل نومه بالماء، ووقت تحصيل
العلم من المهد إلى اللحد ، وأطول أوقاته شرخ الشباب ، أي أوله ووقت السحر
، وما بين العشائين ، وورد عن الخطيب البغدادي أنه قال : أجود أوقات
الحفظ الأسحار ثم نصف النهار ثم الغداة ، وحفظ الليل أحسن من حفظ النهار ،
ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع . انتهى كلامه
وقال إسماعيل ابن أويس : إذا هممت أن تحفظ شيئاً فنم ثم قم عند السحر فأسرج وانظر فيه , فإنك لا تنساه بعد إن شاء الله . انتهى كلامه
وكان الشافعي يقسم الليل ثلاثة أجزاء ، ثلثاً للعلم ، وثلثاً للعبادة ، وثلثاً للنوم
وقال ابن سعدي رحمه الله : يتعين
البداءة بالأهم من العلوم الشرعية ، وما يعين عليها من العلوم العربية ،
وتفصيل هذه الجملة كثير معروف يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص ، إلى آخر
كلامه
وقيل : حفظ المتون يشد المتون ، وقيل : من حفظ المتون نال الفنون ، وقيل :
من لم يكن علمه في صدره صعب عليه استحضاره ، إلى آخر وصايا سلفنا رضوان
الله تعالى عليهم أجمعين
أخي طالب العلم .. قف وتأمل قبل أن يقال فلان مات ..
وقفت يوماً من الأيـام مع آية في كتاب الله فخفق قلبي ، واقشعر بدني وأنا أتأمل معناها ، يقول الحق عز وجل ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ) ـ

فيا طالب العلم ..
اسأل
نفسك بصدقٍ هل أنت راضٍ عن نفسك ؟ وهل ما تقدمه هو لله حقيقـة ؟ أم للنفس
وحظوظها نصيب ؟ هل غيرتك لله ؟ أم أن للحسد والغيرة نصيب ؟

إنك سعيد في الدارين إن كان قولك وفعلك وحبك وبغضك خالصاً لله ، إنك سعيد
كل السعادة في سراء كنت أو ضراء ، أصابتك محنة أو منحة ، أياً كان حالك ،
فأنت سعيد ما دمت تطلب العلم لله بحق ، وتعمل لله بصدق ، وتحب في الله
وتبغض في الله . إنني أعيذك ونفسي أيها الحبيب أن نكون ممن ضل سعيهم في
الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .قال رجل لأبي عبد الرحمن
زهير بن نعيم : يا أبا عبد الرحمن توصي بشيء ؟ قال : نعم احذر أن يأخذك
الله وأنت على غفلة


الابتلاء امتحان لأهل العلم
قال ابن الجوزي كلام نفيس في صيد الخاطر :

فصل محك الحوادث ، سبحان المتصرف في خلقه بالاغترار والإذلال ليبلو صبرهم
، ويظهر جواهرهم في الابتلاء ، هذا آدم صلى الله عليه وسلم تسجد له
الملائكة ثم بعد قليلٍ يخرج من الجنة ، وهذا نوح عليه السلام يُضرب حتى
يُغشى عليه ثم بعد قليلٍ ينجو في السفينة ويهلك أعداؤه ، وهذا الخليل عليه
السلام يُلقى في النار ثم بعد قليلٍ يخرج إلى السلامة ، وهذا الذبيح
يضطجع مستسلماً ثم يسلم ويبقى المدح ، وهذا يعقوب عليه السلام يذهب بصره
بالفراق ثم يعود بالوصول ، وهذا الكليم عليه السلام يشتغل بالرعي ثم يرقى
إلى التكليم ، وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يُقال له بالأمس اليتيم
ويُقلب في عجائب يلاقيها من الأعداء تارة ، ومن مكائد الفقر أخرى وهو
أثبت من جبل حراء ، ثم لما تم مراده من الفتح وبلغ الغرض من أكبر الملوك
وأهل الأرض نزل به ضيف النقلى فقال : وكرباه ، فمن تلمح بحر الدنيا وعلم
كيف تُتلقى الأمواج ، وكيف يصبر على مدافعة الأيام لم يستهون نزول بلاء
ولم يفرح بعاجل رخاء . انتهى كلامه رحمه الله . والله عز وجل يقول : ـ ولنبلونكم حتى نعلم الجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ـ


التواضع ثمرة العلم النافع

قال وكيع :
لا يكون الرجل عالماً حتى يحدث عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه ،
تواضع وخذ العلم النافع من الجميع ، ولا تتكبر فرب مسألةٍ يفتح الله بها
على طويلب علم لم يفتح بها على عالمٍ من العلماء الأفذاذ ، فما تحلى طالب
العلم بحليةٍ أجمل ولا أحسن من التواضع
قال الفضيل بن عياض : ما من أحدٍ أحب الرئاسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس ، وكره أن يُذكر أحد بخير
وقال أبو نعيم : والله ما هلك من هلك
إلا بحب الرئاسة ، فينبغي لطالب العلم أن لا يستنكف أن يستفيد ما لا
يعلمه ممن هو دونه منصباً أو نسباً أو سناً ، بل يكون حريصاً على الفائدة
حيث كانت ، والحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها
قال سعيـد بن جبير : لا يزال الرجل عالماً ما تعلم ، فإذا ترك التعلم وظن أنه قد استغنى ، واكتفى بما عنده ، فهو أجهل ما يكون
وكان جماعة من السلف يستفيدون من طلبتهم ما ليس عندهم ، قال الحميدي ـ وهو تلميذ للشافعي ـ : صحبت الشافعي من مكة إلى مصر فكنت أستفيد منه المسائل ، وكان يستفيد مني الحديث
وقال أحمد بن حنبل : قال لنا الشافعي :
أنتم أعلم بالحديث مني ، فإذا صح عندكم الحديث فقولوا لنا حتى آخذ به ،
وقد روى جماعة من الصحابة عن التابعين ، وأبلغ من ذلك كله قراءة رسول الله
صلى الله عليــه وسلم على أبيٍ رضي الله تعالى عنه ، وقال له : ( أمرني الله أن أقرأ عليك ( لم يكن الذين كفروا ) كما عند مسلمٍ في صحيحه
قال : ومن فوائده أن لا يمتنع الفاضل من الأخذ عن المفضول
إن التواضــــع من خصـــــال المتقي وبه التقي إلى المعـــــالي يرتقي
ومن العجائب عجب من هو جاهل في حاله أهو السعيد أم الشقي
قالت عائشة رضي الله تعالى عنها : تغفلون عن أفضل العبادة التواضع
وكان ابن المبـارك يكتب عمن هو دونه ، فقيـل له ، أي كأنه أنكِر عليه ، فقال رحمه الله : لعل الكلمة التي فيها نجاتي لم تقع إليَّ
وقال إبراهيم بن الأشعث : سألت الفضيل بن عياضٍ عن التواضع فقال : أن تخضع للحق ، وتنقاد له ممن سمعته ، ولو كان أجهل ال
 الموضوع : عشرون كلمة عن العلم وفضله   المصدر :منتديات تقى الإسلامية  الكاتب:  El Helalya

 توقيع العضو/ه:El Helalya

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 

عشرون كلمة عن العلم وفضله

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

مواضيع مماثلة

+
(( تذكر جيداً: يمنع وضع صورذوات الأرواح ويمنع الردود الخارجة عن الشريعه ويمنعالاشهار باى وسيلة والله شهيد ))
صفحة 1 من اصل 1

تذكر قول الله تعالى :{{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }} سورة ق الآية 18


صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تقى الإسلامية :: .:: المنتديات الشرعية ::. :: الملتقى الشرعي العام-