El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: التمثيل (2): لعبة الصغار مضيعة الكبار.. الأربعاء 29 سبتمبر 2010 - 19:21 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد..
وقد رأيت أن أجعل كل عنوان من المقال في موضوع منفصل، مع التنويه على الموضوع السابق واللاحق لما احتواه كل عنوان من فكرة يمكننا مناقشتها بذاته، قبل النظر اليها من خلال المقال الكامل..
فأرجو أن أكون قد وفقت في اختيار المقال وطريقه عرضه، وأرجو أن أتلقى أرائكم عنه ووجهات النظر المختلفة تجاه ما ورد فيه من نقاط..
لعبة الصغار مضيعة الكبار لعلَّه من المفهوم أنْ يقلِّد الطفل الكبار؛ تعجُّلاً لأنْ يكون له دورٌ فعَّال في الحياة - كأدوار الكبار من حوله - مع ضعْف قدراته وظروف واقِعِه عن تحقيق ذلك. ولكنَّني لا أجد تفسيرًا ولا مبرِّرًا لشخصٍ كبير لدَيْه من الإمكانيَّات الجسمية والعقلية والنفسية ما يُؤهِّله للقيام بدوره في الحياة، ثم هو ينسَحِب مفضِّلاً الاستمرارَ في تقليد شخصيَّات الآخَرين، مستمتعًا بتخيُّل الناس له في هيئاتهم وإعجابهم به في مشاهد قوَّتهم، وتعاطُفهم معه في مشاهد ضعْفهم ومعاناتهم، دون أنْ يحمل حقيقة هذه الشخصيَّات التي يُقلِّدها أو جوهر أعماقها. بل قد يُنفِق في سبيل استِمتاعه بهذا الخيال عُمرَه وماله ووجاهته ويقطع رحمَه، كما سمعنا وقرأنا عن كثيرين من طلائع هذه المهنة الذين قُدِّموا لنا على أنهم رموز الفن المجاهِدون في سبيله، والذين يَحسُنُ أنْ يُحتَذى بهم في حُبِّ الفن ويُقتَدى. فإذا ما كان ولَع الممثِّل بالتمثيل لا للتقليد والتقمُّص، وإنما لإعجابه بصورته ورغبته في أنْ تتعلَّق بها الأبصار وتنشغل بها القلوب، بغضِّ النظر عن حقيقة موهبته واستِمتاعه بالتقليد، يظلُّ طوال حياته قَلِقًا من انصِراف الناس عنه إلى الأحدث والأجمل والأقوى، وما هو واقعٌ لا محالة، فإذا ما وقَع أصابه الحزن والاكتئاب وانعَزَل عن الناس، وربما دخَل في طورٍ من الاضطراب النفسي، كما قرأنا جميعًا وسمعنا عن مُعاناة كثيرٍ من الفنَّانين. ولستُ أقول فقط: إنَّ التفكير في الحياة بهذه الطريقة يَتعارَض مع السبب الذي خُلِقنا من أجله؛ إذ يقول - تعالى -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، ويقول - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]. وهو ما يقتَضِي الحرصَ على العمل الصالح، وأنْ يكون خالصًا لله - تعالى - سواء أكان عبادة أو عادة، طاعة أو مباحًا. وإنما أقول أيضًا لشبابنا وفتياتنا الذين يَظنُّون أنهم يَسِيرون على طريق البطولة: عفوًا، فلستَ بطلاً. إنَّ كثيرًا من الشباب الذين انخدَعُوا بوَهْمِ البطولة التمثيليَّة ربما كانوا أكثر نفعًا لأنفسهم وأمَّتهم، لو أنهم تعلَّموا وتربَّوا منذ صغرهم على معنى البطولة الحقيقي. ولكان سهلاً على الطالب الحاصل على الثانويَّة العامَّة عند تقديم أوراق اعتِماده إلى أحد معاهد التمثيل، أنْ يتَّخِذ قرارَه بالعدول عن الأمر، بمجرَّد مطالعة طبيعة الامتحانات والأدوار التي يطلبون منه أداءها لاجتياز مرحلة القبول. فليس بطلاً مَن يُطلَب منه أنْ يزحف على الأرض كالسلحفاة أو يُقلِّد الخنفساء، ولن يكون! فكيف وهذا ليس الامتحان الأول، وإنما هو الدرس الأول، وهو الخروج من الذات مُقابِل الحصول على ما تُرِيده من نجاح؟ ثم يأتي الدرس الثاني وهو الانقِياد الأعمى لأوامِر المخرِج، فلا يعود للمرء حقٌّ لأنْ يعترض، ولا أنْ يَتحجَّج بوَجاهة وكرامَة، أو بدين ومجتمع، أمامَ رغبة المخرِج في تجسيد خَيال المؤلِّف على أرض الواقع، وتحقيق أحلام المنتِج والموزِّع في الأرباح الطائلة. ولستِ بطلة: يا مَن قبلتِ أنْ يُلطَم وجهُك، ويُجلَد ظهرُك أمام أهلك والناس. فالفتاة الكريمة لو تعرَّضت لمثْل هذا الموقف في الواقع قدرًا، لسترَتْه على نفسها، ولأوجعَتْها ذكراه كلَّما مرَّتْ بخاطرها، فكيف تكون بطلةً مَن فعلت هذا بنفسها مختارةً من أجل شهرة أو ثَراء، وقد عرفَتْ أنَّه سيُعرَض على الملايين مِرارًا وتكرارًا؟! إنَّ المرأة الكريمة تأبى الإهانة واقعًا أو تمثيلاً. والعجيب أنْ تجد من بين القابلات بالإهانة على الشاشات مَن تُطالِب بمزيدٍ من حريَّة المرأة وكرامتها، فأي كرامة سيمنَحُها المجتمع لِمَن قبلَتْ على نفسها هذا الهوان؟! وحسبي أنْ أقول لشبابنا وفتياتنا: إنَّ مَن جعَل مثَلَه الأعلى نجم السبعينيَّات ونجم الثمانينيَّات، لن يعدو أنْ يكون - وقد لا يكون - نجم التسعينيَّات. أمَّا مَن جعَل مثَلَه الأعلى وقدوته وأسوته مَن أمَرَنا الله - عزَّ وجلَّ - بالاقتِداء به واتِّباعه ألاَ وهو محمدٌ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم من بعده صحابته والتابعون لهم بإحسانٍ، فحريٌّ به أنْ يقود الأمم، ويُعلِي الهمم، وتُحقَن به الدماء، وتُردَّ المظالم، وتُحتَرم المقدَّسات، ويُبارَك في الأرزاق، وتُفتَح له أبواب البِلاد وقلوب العِباد.
منقول... الموضوع : التمثيل (2): لعبة الصغار مضيعة الكبار.. المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|