السلام عليكم و رحمه الله و بركاته ,,,
قال تعالى: (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون)
اختلف السلف رضي الله عنهم في تفسير هذه الآية :
فروي عن ابن عباس وطائفة أن المراد به الشدة، إن الله يكشف عن الشدة في الآخرة، وعن أبي
سعيد وطائفة أنهم عدوها في الصفات؛ للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (6/394-395):
ولاريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: ((يوم يكشف عن ساق)) نكرة
في الإثبات لم يضفها إلى الله، ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من
الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل، إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها
ومعناها المعروف.اهـ
وقال ابن القيم في الصواعق المرسلة (1/252-253):
والصحابة متنازعون في تفسير الآية، هل المراد الكشف عن الشدة، أو المراد بها أن الرب تعالى
يكشف عن ساقه، ولا يحفظ عن الصحابة، والتابعين نزع فيما يذكر أنه من الصفات أم لا في غير
هذا الموضع وليس في ظاهر القرآن ما يدل على أن ذلك صفة لله لأنه سبحانه لم يضف الساق
إليه، وإنما ذكره مجردا عن الإضافة منكرا، والذين أثبتوا ذلك صفة كاليدين والإصبع لم يأخذوا
ذلك من ظاهر القرآن وإنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته، وهو حديث
الشفاعة الطويل، وفيه: (فيكشف الرب عن ساقه فيخرون له سجدا). ومن حمل الآية على ذلك قال:
قوله تعالى: (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود) مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم:
(فيكشف عن ساقه فيخرون له سجدا)، وتنكيره للتعظيم والتفخيم كأنه قال يكشف عن ساق عظيمة،
جلت عظمتها، وتعالى شأنها، أن يكون لها نظير أو مثيل، أو شبيه قالوا: وحمل الآية على الشدة لا
يصح بوجه، فإن لغة القوم في مثل ذلك أن يقال كشفت الشدة عن القوم لا كشف عنها كما قال الله
تعالى: (فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون) ، وقال: (ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر).
فالعذاب والشدة هو المكشوف لا المكشوف عنه وأيضا فهناك تحدث الشدة وتشتد ولا تزال إلا
بدخول الجنة وهناك لا يدعون إلى السجود وإنما يدعون إليه أشد ما كانت الشدة.اهـ
وقال محمد أمان الجامي في كتابه الصفات الإلهية (ص:316):
فانطلاقا من هذا الحديث الصحيح الذي يثبت لله ساقا نرى أن الآية من آيات الصفات المفسرة
بالسنة لأن الآية جاءت محتملة المعنى حيث جاء الساق مجردا عن الإضافة المخصصة فجاءت
السنة مبينة بأن المراد بالساق هو ساق الرحمن. فنسلك في إثبات الساق مسلك السلف الصالح
الذي سلكناه من قبل وهو إثبات بلا تمثيل ولا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل. فالكلام في صفة الساق
كالكلام في صفة اليد والوجه مثلا. فكما أن اليد والوجه والقدم والبصر والعين صفات تليق به
تعالى وليست جوارح وأعضاء وأبعاضا وأجزاء كصفاتنا بل هي صفات خبرية ثابتة ينتهي علمنا
فيها عند المعنى العام دون تكلف لمعرفة كيفيتها فكذلك الساق صفة لله ثابتة ثبوت تلك الصفات
وعلى غرارها إذ ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) ولأن الكلام في الصفات الخبرية
كالكلام في الصفات الذاتية يحتذي حذوه. وأما الخلاف والنزاع الذي جرى بين الصحابة والتابعين
فينبغي أن نعتبره منتهيا بعد ثبوت حديث أبي سعيد الخدري الذي نعده تفسيرا للآية المجملة ثم نعده
فيصلا في هذه القضية.
هذه هي طريقة أهل العلم قديما وحديثا، إذ لا يلتفتون إلى أقوال أهل العلم الاجتهادية وآرائهم بعد
ثبوت السنة ولا سيما إذا كانت السنة قد جاءت مفسرة أو مفصلة لما أجمل في القرآن وهذا ما
نحن بصدده. وبالله التوفيق.اهـ
و الله تعالى أعلى و أعلم .
(( منقول ))
الموضوع : معنى قوله تعالى ( يوم يكشف عن ساق ..) المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: حاملة الدعوة توقيع العضو/ه:حاملة الدعوة |
|