أحكام الأضحية والهدي للدكتور خالد المشيقح حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً : الأضحية :
تعريفها : هي ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى الله -تعالى-.
حكمها : سنة مؤكدة ، قال الله -تعالى-: } فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {[الكوثر:2]، وقال -تعالى-: } وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ { [الحج: 34]، ولحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (( كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين )) رواه البخاري ،
وأجمع المسلمون على مشروعيتها ولا تجب ؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم تركوا التضحية مع القدرة خشية أن يعتقد وجوبها كأبي بكر ، وعمر ، وابن مسعود رضي الله عنهم وغيرهم ، وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها ، والأصل أنها عن الحي ، فيضحي الحي ويشرك الميت تبعاً إلا إن كان الميت قد أوصى .
شروطها : يشترط لصحة الأضحية ما يلي :
1. أن تكون من بهيمة الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم .
2. أن تبلغ السن المعتبر شرعاً ، وهو خمس في الإبل ، وسنتان في البقر ، وسنة في المعز ، وستة أشهر في الضأن .
3. خلوها من العيوب المانعة من الإجزاء ، وتأتي .
مسألة : تجزئ الشاة الواحدة وكذا سبع البدنة ، وسبع البقرة عن أهل البيت ؛ لما روى أبو أيوب رضي الله عنه : ((كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ، فيأكلون ويطعمون )) رواه الترمذي وصححه ، وابن ماجه .
مسألة : الأفضل الإبل ، ثم البقر ، ثم الغنم إذا كاملاً ، والأفضل من كل جنس الأكثر قيمة .
مسألة : الاشتراك في الأضحية على قسمين :
الأول : الاشتراك في الثواب ، بأن يكون مالك الأضحية واحداً ، ويشترك معه غيره من المسلمين في ثوابها فجائز .
الثاني : الاشتراك في الملك ، بأن يشترك بيتان فأكثر في ملك أضحية ويضحيا بها ، فلا يجوز .
العيوب المانعة من الإجزاء :
1. العوراء البيِّن عورها ، وهي : التي انخسفت عينها أو برزت ، وكذلك العمياء ، أما إذا كانت قائمة العين ولا تبصر بها ، أو عليها بياض فتجزئ .
2. العجفاء ، وهي : التي ذهب مخُّ عظمها .
3. العرجاء البيِّن عرجها ، وهي : التي لا تطيق مشيًا مع الصحيحة ، وكذا مقطوعة أو مكسورة اليد أو الرجل ، فإن كان عرجها يسيراً لا يمنعها من معانقة السليمة أجزأت .
4. المريضة البيِّن مرضها ، وهي : التي ظهر عليها آثار المرض كالحمى الذي يقعدها عن الرعي ، وكالجرب الظاهر المفسد للحمها ، وما أصابها سبب الموت ، كالمنخنقة ، والموقوذة ، والمتردية ، والنطيحة ، وما أكل السبع ، وما أخذتها الولادة .
لما روى البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البيِّن عورها ، والمريضة البيِّن مرضها ، والعرجاء البيِّن ضلعها ، والعجفاء التي لا تنقي )) رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وصححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان .
5. البتراء من الضأن ، وهي : التي قطعت أليتها أو أكثرها فلا تجزئ .
العيوب المكروهة :
1. ما قطع قرنها أو أذنها ، أو شيء منهما ، أو في أذنها شق أو خرق .
2. ما قطع ذنبه من الإبل أو البقر .
3. ما سقط شيء من أسنانه .
4. ما نشف ضرعه .
وقت ذبح الأضحية :
من بعد أسبق صلاة عيد الأضحى ؛ لما روى البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن أول ما نبدأ به يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر من فعل فقد أصاب سنتنا ، ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لأهله )) متفق عليه
وإن لم يكن في البلد صلاة فبعد قدر زمن صلاة العيد .
ويمتد وقت الذبح إلى ثلاثة أيام بعد يوم العيد ؛ لما روى نبيشة الهذلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله - عز وجل- )) رواه مسلم .
فإن فات وقت الذبح فإن كان التأخير لعذر كنسيان ونحوه ذبح الأضحية الواجبة كالمنذورة ، والمعينة ، والموصى بها ، وسقط التطوع .
مسألة : تتعين الأضحية بالقول ، كقوله : هذه أضحية ، أو لله ونحو ذلك . وكذا بذبحها بنية الأضحية .
ويترتب على تعيين الأضحية مسائل :
1. أنه لا يجوز بيعها ولا هبتها إلا أن يبدلها بخير منها ، ولا يبيع جلدها لكن ينتفع به .
2. أنه لا يحز صوفها إلا إن كان أنفع لها ، ولا يشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها .
3. إذا تعيبت عيباً يمنع الإجزاء ، أو سرقت ، أو ضاعت فإن كان بفعل منه أو تفريط فيلزمه إبدالها بمثلها ، وإن كان بغير تعدٍ ولا تفريطٍ فيذبحها إذا تعيبت مطلقًا إلا أن تكون منذورة قبل أن يعينها فيجب إبدالها بسليمة .
مسألة : يسن أن يأكل ثلث الأضحية ، ويهدي ثلثها ، ويتصدق بثلثها ، فإن أكلها كلها قال العلماء يجوز ، ويجب عليه أن يتصدق بما يقع عليه اسم اللحم ؛ لقوله -تعالى-: } وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ {
الحج:36[.
مسألة : يحرم على ا
لمضحي خاصة أن يأخذ شيئًا من شعره أو ظفره أو جلده من دخول عشر ذي الحجة بغروب شمس آخر يوم من ذي القعدة إلى أن يذبح أول أضحية له ؛ لما روت أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي )) رواه مسلم ، وفي لفظ لمسلم : (( فلا يمس من شعره وبشره شيئاً )) .
ثانياً : الهدي :
تعريفه : هو ما يهدى إلى الحرم من بهيمة الأنعام .
ومنه ما هو واجب كهدي المتعة والقران كما تقدم في أحكام الحج ، ومنه ما هو تطوع في الحج والعمرة وغير ذلك ، والنبي صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة ، متفق عليه .
مسألة : والهدي يتفق مع الأضحية في كثير من الأحكام كشروط الإجراء ، وأحكام العيوب ونحو ذلك .
مسألة : ويتعين الهدي بما تتعين به الأضحية ، وكذلك يتعين بالإشعار والتقليد .
إشعار الهدي وتقليده :
يسن إشعار الهدي وتقليده ، والإشعار : أن يشق صفحة السنام اليمنى ، أو يشق محله مما لا سنام له من إبل وبقر حتى يسيل الدم .
والتقليد : هو أن تقلد بهيمة الأنعام نعلاً أو خيوطاً ونحو ذلك .
والإشعار خاص بالإبل والبقر . وأما التقليد فشامل لكل بهيمة الأنعام .
مسألة : يستحب سوق الهدي من الحل إلى الحرم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم ساق هديه من ذي الحليفة ، وابن عمر -رضي الله عنهما- ساق هديه من قديد بين مكة والمدينة .
والحمد لله و صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
منقول
الموضوع : أحكام الأضحية والهدي المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: tazawad