* العجز عن معرفة حقيقة الأشياء لا ينفى وجودها:
وقصور
العقل، وعجزه عن إدراك حقيقة الأشياء لا ينفى وجودها.. فعجزه عن إدراك
حقيقة النفس لا ينفى أنها موجودة، وعجزه عن إدراك حقيقة الضوء لا ينفى
وجود ضوء يعم الآفاق
ومثل ذلك الذات الإلهية إذا عجز الإنسان عن إدراك حقيقتها، فليس معنى ذلك أنها غير موجودة، بل هى موجودة كأقوى ما يكون الوجود.
* الطبيعة تؤكد وجود الخالق:
فالعالم العلوى، وما فيه من شموس وأقمار ونجوم وكواكب،
والعالم الأرضى وما فيه من إنسان وحيوان ونبات وجماد، والترابط الوثيق،
والتوازن الدقيق، الذى يؤلف بين هذه العوالم، ويحكم أمرها.. ما هو إلا آية
وجود الله، ومظهر تفرده بالخلق، ولا يتصور العقل أن توجد هذه الأشياء بدون
موجد، كما لا يتصور أن توجد الصنعة بدون صانع.
إن ثمة فروضًا ثلاثة يمكن أن نفرضها فى تعليل الأصل الذى صدر عنه الكون، وليس ثمة فرض وراء هذه الفروض:
الفرض الأول: أن يكون صدور هذا الكون من العدم.
الفرض الثانى: أن تكون الصدفة وحدها هى التى نشأ عنها هذا الكون البديع.
الفرض الثالث: أن يكون ثمة موجد أوجد هذا الكون، وأنشأه.
ولنمض فى مناقشة كل فرض من هذه الفروض:
فالفرض الأول باطل من أساسه؛ لأن المسببات مرتبطة بأسبابها، والنتائج مرهونة بمقدماتها.
فصدور
الكون من العدم معناه وجود المعلول بدون علة، والمسبَّب دون سببه والنتيجة
دون مقدماتها.. أى أن الكون وجد من نفسه وصدر منقطعًا عن سببه.
إننا إذا قلنا: إن الكون وجد من نفسه منقطعًا عن سببه كان ذلك مساويًا لقولنا بأن العدم سبب الوجود.
وهذا غاية فى البطلان؛ لأن العدم لا يتصور أن يكون مصدرًا للوجود، ففاقد الشىء لا يعطيه، وهذا هو ما أشارت إليه الآية الكريمة:
} أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ *أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ {
سورة الطور – الآية 35، 36.
والفرض الثانى وهو أعظم تهافتًا من الفرض الأول، فإن
الصدفة لا يمكن أن ينبثق عنها هذا النظام، ولا أن يصدر عنها هذا الإحكام،
فهل الصدفة هى التى خلقت الذكر والأنثى، وألفت بينهما هذا التأليف الجميل
؟ وهل هى التى خلقت الأرض، وما فيها من إنسان وحيوان ونبات وجماد ؟ وهل
الصدفة هى التى علقت الأرض فى الهواء وسيرتها فى مدارها الذى لم تنحرف عنه
قيد شعرة منذ ملايين السنين ؟ وهل الصدفة هى التى سيرت الكواكب والنجوم مع
ضخامتها وكثرتها بهذه السرعة المذهلة دون أن تتصادم ؟ وهل الصدفة هى التى
أوجدت العناصر التى يتألف منها الكون، وهى التى تُنَسِّقها تنسيقًا دقيقًا
صالحًا للاستمرار والدوام إلى المدى الذى أراده الله ؟
إن القول بالصدفة فى خلق الكون لا يتصوره العقل، ولا يقره العلم، ولا يقوله إنسان إلا إذا فقد أخص خصائصه من الإدراك والتمييز.
وإذا لم يصح الفرض الأول، ولا الفرض الثانى؛ لأنهما خارجان عن دائرة العقل والمنطق والعلم، لم يبق إلا الفرض الثالث:
وهو أن لهذا الكون خالقًا ومدبرًا، وهذا هو مقتضى العقل والمنطق السليم
الموضوع : اين الحق.......اقرأن بتأنى المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya