لا شيء يشعرك بالعجز التام كما يفعل ( جرح الفقد )
تبقى له غصة في الحلق و حرقة في القلب
و مرارة في الروح لا تهدأ أبدا
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ)
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ! الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)
حينما نتأمل تلك التخبطات و الإنهيارات التي تعصف بحياة الكثيرين
نلحظ أن هذا التشتت والتخبط و الانحراف أحيانا
ما هو إلا إنعكاس و ردة فعل .. لافتقاد شيء ما
قد يكون هذا الشيء مادة - المال-
أو إحساسا - الحنان -
أو حتى شخصا
ويتسبب هذا الافتقاد في جرح يزداد نزفا في أعماقنا كلما تجاهلناه
(جرح الفقد) الذي أعنيه هنا
هو الأخير ( فقد حبيب قريب )
و ليس فقدانه بقسوة ظروف الحياة
بل هو فقدان بالموت
الموت لا يستأذن جميعنا ندرك ذلك
هو يأتي بغتة إنه لا يستأذن ليأتي لا يستأذن أبدا
((وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ))
القرآن شفاء
شفاء لجراحات القدر وشفاء لجراحات الذنوب
و (جرح الفقد ) هو تفرع عن جراحات القدر
اليوم نتعلم سويا .. كيف نداويه بهذه الآيات:
(وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ
الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ !
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا
إِلَيْهِ رَاجِعُون )
البقرة 156-157
يقول السعدي:
{ وَالأنْفُسِ } أي: ( ذهاب الأحباب من الأولاد، والأقارب، والأصحاب،)
ومن أنواع الأمراض في بدن العبد، أو بدن من يحبه
ندرك تماما أن ( إحساس الفقد) هو الإحساس الوحيد الذي يجبرك أن تقف مستسلما على
(هامش الحياة)
أن ترى روحك و هي تحتضر ألف مرة و تدرك أن كل لحظة احتضار و نزع
وكل سكرة .. تمر بها لن تنتهي بموت!!!
الحل لهذا الألم المُــــحرق الذي يلجمنا عندما ينتزع الموت أرواحا أحببناها بطهر
أقول الحل
هو في تحويل هذا الاستسلام من (عجز مُلجم) إلى(رضا)
( قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون )
-كن شجاعا
العمل على إسترداد توازنك هو مسئوليتك أنت
لا تطالب الجميع بأن يفهموك أو يحتووك أو يعيدوا لك التوازن المفقود
إقرأ بقلبك أول شيء ذكره الله للتصدي للصدمة:
( قَالُوا )
لم يقل : (قيل لهم قولوا )
بل هم من تحمل مسئولية البدء في مواجهة الصدمة
سلِّم أمرك لله
و يعينك على ذلك إقناع العقول بأمرين:
الأول
( قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ)
أنا وذلك (الحبيب الفقيد) ملك لك
ملك لك يا لله
ملك لك يا رحيم
يا من أنت أرحم بنا من أنفسنا
يا من قدَّرت هذا الفراق
لحكمة تعلمها أنت و نجهلها نحن
( قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون )
لا مفر من الرجوع إلى الله
إن كان ذلك الرجوع و التسليم في الدنيا
أنست به في رجوعك الأخروي الحتمي
أما إن لم يكن ..
فستلقى هناك ما لا تود أن تلقاه
تجلد
لا تظن أنك ستملك عصا أو مصباح سحري
يهبك الجلد
لا بد أولا .. من التجلد و التصبر
يقول جبران خليل جبران ( زرعت أوجاعي في حقل من التجلد .. فأنبتت أفراحا )
ليكن لك حقلا كحقله إن لم تصدق النتيجة التي وصل إليها جبران
فاقرأ بقلبك ( ومن يتصبر يُصبِّره الله )
إلجأ
شد قلبك بحبل من الله ((فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ))
أنت هنا محتاج إلى مصدر أمان ثابت يمدك بالقوة
(أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً )
رفع اليد بالدعاء
ابتعد مؤقتا عن الناس و أجمع قلبك على دعاء مخلص
بأن يكون الله عونك ومعينك
و أن يوفقك للالتجاء والاستغناء به
إصبر
الصبر هو أول مراتب الرضا
وهو أنواع و أعذب أنواعه
الصبر مع الله فهو وربي طريق البشرى
(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)
كن صالحا
إن كنت صالحا و تقربت إلى الله حتى صرت وليه
فسيقبل الله شفاعتك في من أحببت
فأقترب من ربك
و أكثر من الدعاء لحبيبك الذي فقدته
كن شجاعا ..سلم ..تجلد ..إلجأ ..إصبر .. كن صالحا ..أستعد
حسنا جرب هذه السباعية
لن تندم و سيزول ألمك و يهدأ قلبك ..
و تشفى جراحك وتحلق روحك
دمتم بعفو ومغفرة .. وقلوب بلا جراح
الموضوع : جرح الفقد ..... من يداويه المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: راجية