إنَّ الشرط الأساسيَّ في مسألة الزواج هو الدين، حيث ذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المواصفات الأربع التي تُنكَح المرأة من أجلها، ألا وهي المال، والحسب، والجمال، والدين، ثمَّ قال معقِّباً:
"فاظفر بذات الدين تَرِبَت يداك" [متَّفقٌ عليه]، فالرابح والناجح والسعيد في زواجه هو من يختار أوَّلاً ذات الدين ثمَّ يلحقه بالأمور الأخرى.
والناس يتفاوتون في الدين،( فمنهم من هو صاحب همَّةٍ عاليةٍ في العبادة، ومنهم من هو ذو همَّةٍ في الحضيض، وما بين هذا وذاك أصنافٌ متعدِّدة، ) ولولا هذا التفاوت حتى بين المتديِّنين، لما خلق الله درجاتٍ عدَّةً في الجنَّة، ومنازل متعدِّدة، ما بين المنزلة والأخرى كما بين السماء والأرض، فاذا كان زوجك طيِّبٌ في معاملته لك، ويقوم بواجباته من صلاةٍ وصيام، فهذه نعمةٌ كبيرةٌ امتنَّها الله عليك، وما عليك هو زيادة هذه النعمة، أما إذا كان غير ذلك فاصبري وحاولي تطبيق التالي:
اعلمي أنَّ بعض الأزواج يجدون صعوبةً في تلقِّي المواعظ أو تقبُّل النصائح من أزواجهنّ، فاذا كان يملُّ من كثرة النصح والإرشاد.. عليكِ التوقُّف عن نصحه المباشر، لأنَّ تذكيركِ له لن يؤدِّي إلى هدفك.. بل الخشية من تفاقم ردِّ فعله ليولِّد المشاكل،) ولعلَّكِ ستقولين الآن: أترك وعظه؟!
فكيف العمل إذن؟
إنَّ أهمَّ نقطةٍ في العلاج هي رفع إيمانيَّاته وهمَّته،وألا تفتحي معه الموضوع مباشرة ، بل استخدمي سياسة النفَس الطويل معه.
وهذه السياسة تنبني على أمورٍ أربعة:
الأول:
ابدئي معه في برامج إيمانيَّة، كالذكر والتصدُّق وفعل الخير، فأعدِّي برامج تهدف إلى زيادة ارتباطه بالله تعالى، ورفع همَّته، وزيادة القرب بينكما، ولو استطعتِ الوصول معه إلى قيام ليلٍ ولو ركعتين أسبوعيًّا فسيكون هذا رائعا، ومع ازدياد العلاقة الإيمانية "القائمة علي المودة بينكما" بُثِّي إليه بعض الكلمات غير المباشرة في التشجيع والحثّ، واذكري له دائماً ما ينتظره من الثواب وحبِّ الله، ولعلَّ هذا المنطلق يجعله يفكر في ضرورة المزيد من الالتزام وفعل الطاعات وترك المنكرات.
الثاني:
إذا مارستِ من قبل أسلوب الوعظ والنصح، فمارسي الآن أسلوب التشجيع والحثّ، التشجيع مع كلِّ عملِ خيرٍ يعمله، وزيدي المديح في ذلك، اذكري له فضل كلِّ طاعةٍ على حدة، ورغِّبيه دوماً بالقيام بهذه الطاعات، واذكري له الأجر العظيم الذي ذكره النبيُّ صلى الله عليه وسلم لكلِّ طاعة، وحاولي إكمال ذلك بدعوته دون جبرٍ إلى القيام بالطاعة معاً كالقيام أو النوافل أو ما شابه ذلك، وإيَّاك أن تظهري الضيق إذا هو رفض مبدئيًّا أو تكاسل بعد الموافقة، واستمرِّي في فتراتٍ متقطِّعةٍ بهذا التذكير، وبأساليب متنوِّعة، فتارةً بشريطٍ إيمانيٍّ يتحدَّث عن ذلك، وتارةً بكتيِّبٍ صغيرٍ يركِّز على هذا الموضوع، وتارةً بالنقاش والحوار، وإيَّاكِ أن تربطي هذا التشجيع بتذكيره بتقصيره في أيِّ عملٍ آخر، حتى لا يُحدِث الربطُ عنده ردَّةَ فِعل، فيتوقف عن كلِّ خير، ولكن حثِّي وشجِّعي وحفِّزي، واربطي ذلك كلَّه بطاعة الله تعالى وإرادة رضاه، وذلك أدعى أن يجعله يفكِّر في كلِّ شئون حياته، ووجوب ربطها بمرضاة الله تعالى، مصداقاً لقوله تعالى: "قل إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين، لا شريك له وبذلك أُمرتُ وأنا أوَّل المسلمين".
الثالث:
لا تنسَي التأثير بالقدوة (وهو الأهم )، فإذا ما رآك متكاملة الأخلاق، وتقومين بجميع واجباتك الأسريَّة، واستطعت أن تكسبي قلبه، فإنَّه سيتأثَّر بك عاجلاً أم آجلاً، وهناك الكثير من القصص التي تثبت ذلك.
الرابع:
حاولي القيام معه ببرامج تثقيفيَّةٍ مشتركة، فتتَّفقان على قراءاتٍ معيَّنة، أو حتى إن لم يرغب في ذلك فتطوَّعي بلطفٍ أن تلخِّصي له ما تقرئين، واجعلي ذلك يبدو وكأنَّه جزءٌ من حديثكما اليوميِّ العاديّ، وكأنَّك تخبرينه بما حدث معك في يومك.
الخامس:
لا تنسَي الدعاء دوماً له في قيامك -وخاصَّةً الثلث الأخير من الليل- بأن يرزقه الله همَّةً عالية، ويفتح قلبه للطاعة، ويبعده عن مضيِّعات الوقت مثل التلفاز وغيره من وسائل الإفساد الحديثة- لابدَّ أن تبحثي عمَّا يشغله عن المزيد من الطاعات، فالمرء قد لا يوفَّق للطاعة بسبب معصية، وإن كانت صغيرة، جاء رجلٌ إلى الحسن البصريّ، وقال له: يا أبا سعيد، كنت أقوم الليل وتركته، فقال له: اتَّق الله، فإنَّما حدث ذلك بسبب ذنبٍ اقترفته.
ولا تنسَي صعوبة التعوُّد على أشياء جديدة، فإذا تعوَّد زوجكِ على قضاء وقته في أشياء كثيرةٍ غير العبادة والطاعات، ألِفَ ذلك وأصبح ديدنه. ومن الطبيعيِّ أن من تعوَّد على شيءٍ سنين طوالاً، بل سنين عمره، من الطبيعيِّ ألا يكون التغيير في يومٍ وليلة، ولا حتى شهوراً وبضع سنين، فالصبر الصبر.
وبارك الله لكِ
الموضوع : زوجك والملل!! المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya