بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يمر الطفل خلال عاميه الأولين بتطورات جسدية وعقلية، تستدعي مراقبته، وملاحظة مستوى إدراكه، ونمو حركته.
و يُنصح بعدم تعرضه خلال الأسابيع الأولى من ولادته لمؤثرات قوية مثل الأصوات المرتفعة، أو الإضاءة الساطعة، نظراً الى عدم اكتمال نمو حواسه الجسدية. النمو الحركي من الأمور البديهية التي تلاحظها الأم في رضيعها منذ الأسابيع الأولى لولادته. والمقصود به القدرة التدريجية على ضبط حركة الجسم وخصوصاً الحركات الإرادية، فنمو الطفل يكون سريعاً في عامه الأول إذ يتحوّل المولود من كائن ضعيف عاجز الى طفل صغير له حركات مميزة منتظمة تساعده على التكيف مع البيئة المحيطة به. يقضي الرضيع معظم الوقت مستلقياً على ظهره ويكون عاجزاً تماماً عن الجلوس أو الانتقال. أهم مظاهر النمو الحركي في هذه المرحلة، القدرة على التحكّم في حركة الرأس ثم الجذع ثم الأطراف، أي أن النمو يتم من أعلى إلى أسفل أي من الرأس إلى القدم. فيرفع الطفل أجزاء من جسمه ثم يجلس ويليه الحبو ثم الوقوف والمشي. ويتميز النمو الحركي بالكلية، أي أن رد فعل الطفل الجسمي لا يتصف بالتخصص أو التحكم بجزء خاص بل يقوم به الجسم ككل. وحركات الطفل الرضيع لا تقتصر على ناحية واحدة من أعضاء الجسم بل يشترك الجانب المضاد، فمثلاً عندما يريد الرضيع مسك أي أداة باليد اليمنى لا يستطيع إلا إشراك الجانب الأيسر، وغالباً يشترك معظم الجسم في أي مهمة صغيرة. تتصف حركات الرضيع بالتصلّب العضلي وافتقارها للانسيابية والارتخاء وذلك مرتبط بعدم اكتمال قدرة المخ الوظيفية وكذلك الممرات الهرمية التي تؤثر بدرجة كبيرة في تنظيم الاستجابات الحركية. وعموماً مهارة القبض لدى الرضيع مرتبطة بظاهرة الفعل المنعكس. فالرضيع يتميز بالقدرة على القبض بشدة وقوة عند ملامسة راحة يده أي شيء (القبض المنعكس). وهذه الظاهرة هي فعل منعكس غير شرطي.
الشهر الثالث في الشهر الثالث يستطيع الطفل القيام بحركات في أجزاء كثيرة من جسمه لمحاولة المسك، وتتميز هذه الحركات بعدم ارتباطها معاً وعدم قدرتها على تحقيق الهدف. فإذا حدث مصادفة أن لمست يد الرضيع أي شيء فإنه يقوم بمسكه. وفي حوالي الشهر السادس تبدأ عمليات المسك الإرادي. وتكون في البداية غير متقنة تأتي من مفصل الكتف ثم مفصل اليد والأصابع ثم الضغط براحة اليد. وفي الشهر العاشر يستطيع الرضيع المسك بواسطة الإبهام والسبابة. وفي حوالي نهاية العام الأول يتمكن من استخدام أطراف السبابة والإبهام. تطور نمو حركات القبض الإرادي مرتبط بالقدرة على التوافق بين اليد والعين عن طريق ربط الخبرات الحركية اللمسية بالخبرات البصرية.
انتصاب القامة يمرّ تطوّر انتصاب القامة بمراحل عدة ويشكّل الانبطاح على البطن نقطة البداية. يتمكّن الرضيع من الوصول إلى هذه الوضعية من خلال وضعية الاستلقاء على الظهر في حوالي الشهر الرابع. في البداية يستطيع الطفل رفع رأسه لمدة ثوانٍ تتزايد باستمرار النمو فتقوى عضلات الرقبة ويتمكن بعد ذلك من رفع جذعه وذلك بالاستناد على ذراعيه ثم ثني ساقيه ليتمكن من الحبو أو الجلوس. وفي حوالي الشهر السابع يتمكن الرضيع من الجلوس بمساعدة قبل الجلوس لوحده. كذلك يستطيع من خلال وضعية الحبو الوقوف بعد مسك الأشياء. وبذلك نجد أن مهارة القبض مهمة جداً، إذ تعتبر من الأسس التي تبنى عليها عملية الوقوف وانتصاب القامة. تتصف وقفة الرضيع بعدم الاستقامة وانثناء ملحوظ بالركبتين وذلك لعدم اكتمال استقامة مفصل الحرقفة. في حوالى نهاية العام الأول يستطيع الطفل القيام بأول خطوات المشي، إذ يبدأ بخطوتين أو ثلاث ثم تزداد تدريجياً. من المهم أن نعرف أنه ليس ضرورياً أن يمر الطفل الرضيع بمراحل الحبو والزحف للوصول إلى المشي. حساسية الضوء والسمع يُنصح بعدم تعرّض المولود الجديد للمثيرات القوية كالضوء القوي أو الصوت المرتفع، لأسباب عدة من بينها: - العين في هذه المرحلة هي أقل الحواس كمالاً، إلا أن الحساسية تجاه الضوء تكون موجودة من البداية لذلك يجب تجنب الإضاءة القوية.
- الجهاز السمعي يكون كاملاً عند الولادة إلا أنه يوجد مادة سائلة في قناة استاكيوس بالأذن، ما يمنع المولود الجديد من الاستجابة السمعية. وبعد أن تزول هذه المادة بعد بضعة أيام يستطيع سماع الأصوات المرتفعة والفجائية والمتوسطة ولا يتمكن من سماع الأصوات المنخفضة. ويتوتر الطفل بسهولة ما يؤدي إلى زيادة معدل التنفس وضربات القلب.
- التذوّق يكون ضعيفاً ويكون الطفل حساساً تجاه المواد الحلوة والمرة فيحب الحلو وينفر من المر. - الشم يكون ضعيفاً وبدائياً. - الإحساسات الجلدية تكون قوية جداً فأي لمس خفيف لشفتي الطفل تنتج منه حركة المص ولمس الأنف الخفيف ينتج منه إغماض العينين. ويكون الطفل حساساً للبرودة والسخونة فيزيد نشاطه في الجو البارد ويقل في الجو الحار.
- الإحساسات الحشوية، أي الإحساسات الباطنية، تكون موجودة عموماً فيحس الطفل بامتلاء المعدة وبالجوع والعطش ويبدأ في البكاء حتى يتم إرضاؤه.
- الإحساس بالألم لدى المولود الجديد موجود إلا أنه يكون ضعيفاً في الأسبوع الأول بعد الولادة ولكنه يقوى في الأسبوع الثاني. لذلك يجب متابعة عمل الحواس وملاحظته ليتم اكتشاف أي عيب أو تشوه فيه. هدف النمو الحركي ضبط حركة الجسم خصوصاً العضلات الإرادية، ويتوقف على تحسّن التعاون المستمر بين الجهازين العصبي والعضلي.
ينبغي إعطاء الطفل فرصة للحركة وعدم الحدّ منها. فالحركات الانتقالية المختلفة (زحف، حبو، مشي) تشبع حاجة الطفل إلى حب الاستطلاع، وهو مهم جداً لاستكشاف العالم الخارجي ومهم للنمو العقلي والاجتماعي. ويجب عدم إجبار الرضيع على المشي لأنه سيمشي عندما تكتمل لديه الأقواس الأزمة في العمود الفقري ونموه الفيزيولوجي لأن إجباره قبل ذلك قد يؤدي إلى حدوث تشوّهات في عموده الفقري وسيقانه.
النمو العقلي والانفعالي يرى بعض العلماء أن الطفل يولد وليس لديه من الانفعالات إلا استعداد عام للاستثارة أو التهيج في شكل نشاط عام يعبر عنه بالبكاء، ثم تتميز الانفعالات المختلفة بعد ذلك وتتكامل تبعاً لتطور نمو الطفل العقلي والفيزيولوجي والعصبي. في هذه المرحلة تكون معظم انفعالات الطفل أو علاقاته الاجتماعية مرتبطة ومركزة في الأم وذلك من خلال إطعامها له وعنايتها به، ما يعطيه متعة كبيرة.
في شهره الثالث تظهر لدى الطفل حالتان تعبّر إحداهما عن الضيق والثانية عن السرور. وفي حوالي الشهر الخامس يمكن تمييز انفعال الغضب والتقزز ومع تطوّر النمو تتنوع الانفعالات. استجابة الرضيع لبعض التغيرات الحسية استجابة غير دقيقة في البداية، إذ إن جميع أعضاء الحس لا تستطيع أداء وظيفتها بدرجة واحدة لتباين مستويات النضج الحسي كحاسة السمع والنظر والشم والتذوق واللمس. تؤدي حواس الرضيع في هذه المرحلة دوراً مهماً في إدراكه العالم الخارجي، إذ إنه يدرك الأشياء التي يراها بعينيه ويلمسها بيديه لذلك يطلق بعض العلماء على هذه المرحلة من النشاط العقلي اسم 'المرحلة الحسية الحركية'. من الصعب قياس مستوى ذكاء الأطفال في عمر السنتين ولكن من المعروف أن النمو العقلي يزداد بصورة سريعة في هذه المرحلة. يستطيع الطفل الرضيع القيام ببعض الاستجابات التي توضح قدرته على التذكر والتخيل. كذلك يبدأ في تعلم اللغة التي لها علاقة كبيرة بالنمو العقلي خصوصاً بعمليات التفكير والتمييز بين المعاني والتعبير عن عمليات الطفل الفكرية. وتعتبر اللغة من النواحي الاجتماعية الهامة التي يستطيع الطفل من خلالها الاتصال بالآخرين. وكذلك اللعب معهم من المظاهر الهامة لنمو الطفل الاجتماعي إذ يسهم في زيادة خبراته. اتفق معظم العلماء على أنه بالرغم من أن الوراثة تحدد إمكانات الذكاء الأساسية إلا أن البيئة بظروفها تؤدي دوراً هاماً في تحديد صورة ذكاء المرء النهائية، فالحالتين الاجتماعية المستقرة والاقتصادية الجيدة تطوران أساس الذكاء الوراثي. ويجب توفير جو مشبع بالحب والرعاية والاهتمام. ينبغي التنبيه إلى أن الصحة الجسمية العامة تؤثر في النمو الانفعالي ويؤكد بعض الباحثين خطورة التعب والمرض وسوء التغذية على الرضيع، لذلك يجب الحرص على توفير راحة الرضيع النفسية والتغذية المتوازنة. كذلك، يؤثر اضطراب الجو الأسري والنمط الانفعالي وفقدان الوالدين أو أحدهما على الأطفال بدرجة كبيرة.
|