El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: تأملات أم (6) الأربعاء 26 يناير 2011 - 3:44 | |
| *نتابع أخواتي الكريمات ما مرّ بي من بعض التأملات عسى الله أن ينفع بها. أبدأ مستعينة بالله سائلته التوفيق والسداد :- **من منا لم يخطئ يوما من الدهر ، ثـــمّ يُتبع ذلك بأسف يقدمه بين يدي اعتذاره عن هذا الأمر؟ مـــــــن ؟ - فلا أحد يمكن أن يُعصم من هذا ، ولو مرة واحدة في عمره ، لمـــــاذا ؟ لأنه ما من معصوم إلا من عصم الله تعالى. - هذه المعلومة كانت عندي راسخة ، كذا كان عندي اعتقاد أن المعتذر المتأسف على ما بدر منه آسِفٌ على الحقيقة ، معتذر عن قناعة شديدة ، فكل من يقول كلمة يعنيها ، بلسانه عن قلبه يرويها ، حتى رزقني الله بالأولاد ، وهنا تبدل عندي الاعتقاد فيما ظننته قبلُ هو السداد ؛ حينمــــــــــــــا : أخطأ صغيري يوما- و لم يكن يكفُّ عن الخطأ على مدار الساعة- فقلت له معاتبة: لِمَ فعلتَ ذلك؟! ففاجأني بقوله: إنني السبب ، فما كان مني إلا أني تعجبت من قوله بشدة ! لا لا ليس من قوله ، بل من شديد جرأته على إلقاء المسئولية عليّ ؛ دفعه لذلك حب التنصل من تحمل تبعة خطأه ، وفزعت لهذا أشد الفزع ، فالخطأ- وبخاصة من الصغار- شيء ليس بمستغرب ، أما إلقاء التبعة على الآخرين فهذا من البهتان والظلم والافتراء!!! .... وكان من أمرنا هذا شأن وأي شأن ، وخلاصة ما حدث : أني قصصت عليه قصة بدء الخلق ؛ لأعلمه ألا يلقي تبعة خطئه على غيره ، وأن يعترف بالحق وبذنبه ؛ خشية أن يشابه إبليس شر الخلق – و في المقابل حضضته على أن يتشبه بآدم -عليه السلام أبي البشر و أول الأنبياء و الأنام - في جميل اعترافه بذنبه ، وطلبه السماح من ربِّـه . -والحق أني نلت المراد ، بفضلٍ عليّ من ربّ العباد ، فصار ولدي إلى التأسف والاعتذار- إذا أخطأ- سريع القال ، كنت أظنه يرجو بأسفه الفلاح لسرعته في طلب السماح . وحينها بدأت النازلة والرزأة المعضلة ، ودليل دعواى في تفصيل قصتي و شكواي . فكان –صغيري - كلما أخطأ يسارع بالاعتذار متأسفا في الحال ، فصار لقرنائه مضرب الأمثال ، وداخلني لذلك السرور وكثير من الحبور ، فنال بذلك كثيرا من الدعاء ، والعطف والثناء. و مرت الأيام وكان على الدوام يقدم الاعتذار عن سيء الفعال . و مع كثرة التكرار لاحظت اعوجاج الحال ، يتأسف بالمقال ، مستريح البال ، وانتابني القلق من فعله والفرق – فالله المستعان - خرجت من مصيبة لفتنة عصيبة :- كان يخطئ فيقول : ( يا أمي سامحيني -من فضلك- لا توبخيني ) وكأنه مسرور من قبيح فعله غير مخذول ، فكأنما اكتفى بطلب السماح وتقديم الاعتذار مع استماتة منه على دوام الحال !! يقول بقاله ما يكذبه حاله خلت ألفاظه من المعنى المراد ، فأصبح كلٌ من قاله وفعله في شتات . أصبحت من أمره في حيرة ، أفكر : ماذا أصنع و ليس باليد من حيلة فاللهم اجعل لي بصيرة ؟ فهداني الله إلى موضع الخلل ، فشرعت في اصلاحه بالعمل : -قلت له يا بني : يلزم للاعتذار تغَيّر في الحال ، فكيف تتأسف ثم تقيم على فعل القبيح ذاته ولا تتعفف ؟! الأسف ليس كلمة اعتذار باللسان ، بل يلزمه قناعة بالجنان . فكيف تكسر لعبة متعمدا ، وتسرع للتأسف باللسان ، وأنت سعيد القلب والجنان!!! فالأسف هو الندم و شعور في القلب بالألم ، و تمني لو أن ما صدر من قبيح فعلك كان كالعدم . والسعي إلى الاصلاح بكل سبيل ما أمكن ... .. ** هذا ما كان من شأن الصغير ، فماذا يا تُرى حال الكبير؟!! كم من الكلام نقول بالحروف مبناه غير قاصدين - حقيقة - معناه ؟! وألفتني أقـــول : يا للعجب ((كلمة جرت على لسان العرب ))! ! كلمة قرأتها في شروح أهل العلم ما نسيتها ، حضرتني في هذا المقام كأنسب تعبير عن مقتضى الكلام : ( كلمة جرت على لسان العرب ) فأخذت أجتر لها أمثلة من عميق ذاكرتي و المخيلة : *مثل : تربت يداك :- - لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : [ تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ] صحيح البخاري / الفتح رقم : 5090 * ومثل : ثكلتك أمك يا …….: - لحديث عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما -: [ صليت خلف شيخ في مكة ، فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة ، فقلت لابن عباس : إنه أحمق ، فقال : ثكلتك أمك ، سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم . ] صحيح البخاري / الفتح رقم : 788 * ومثل : حلقى عقرى : - لحديث عائشة – رضي الله عنها – قالت :- [ حاضت صفية ليلة النفر ، فقالت : ما أراني حابستكم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : عقرى حلقى ، أطافت يوم النحر . قيل : نعم ، قال : فانفري ] صحيح البخاري / الفتح رقم :1771 * ومثل : أفلح وأبيه إن صدق :- - لحديث طلحة بن عبيدالله التيمي -– قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم - :[ أفلح ، وأبيه ، إن صدق أو دخل الجنة ، وأبيه ، إن صدق .] صحيح مسلم / شرح النووي رقم: 11 ** حضرتني هذه الأمثلة ، ولكن مهلا كم بينها وبين أفعلنا من فارق كما بين المغارب والمشارق؟!! ومع ذلك البون الشاسع ألفتني استعيرها وفي كثير من المواقف أقولها : [ كلمة جرت على لسان العرب ] فصارت كلمتي المفضلة لها في حياتي الكثير والكثير من الأمثلة ، أسلي بها نفسي عند المصاب ، إذا خالف مقتضى الحال لسان القال من : الأهل و الأحباب والأصحاب فضلا عن الأغراب . وتواترت على ذهني ذكريات ، كثير من الكلمات قيلت مبانيها لم تُقصد معانيها ؛ وحضرني قوله تعالى : [[يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون]] سورة الصف / الآية : 2 - 3 - فكلما وعد أحدهم وأخلف أعقب خلفه هذا – لِزاما- بكثير من التأسف ، ولكنه لا يلبث إلا قليلا ويعاود ذات الفعل مكررا ذات التأسف والتعليل؛ فأسلي نفسي قائلة في عجب : لا ضير وعده ( كلمة جرت على لسان العرب !) -وكلماطلبنا من يقوم لنا بعمل ، يؤكد علينا بعزمة على أنه آتٍ- بلا شك- في البكور إلا أنه يأتي - كعادته – عند الزوال هذا إن لم يعتذر –غالبا – عن الحضور . فأقول لنفسي مع شديد العجب : إن موعده ( كلمة جرت على لسان العرب !) - وكلما أحبك أحدهم في الله ، أ خذ يقسم لك : إن قربك ورضاك عنه غاية منتههاه ، وكلما لقيك فداك بالنفس والعين ، هذا بلا شك بلسان قاله ، والله أعلم بحال قلبه ، وعند أول اختبار تجد الحب- المزعوم - طــار ، انقلب حاله إلى عداوة ، وقسى القلب وخلا من الحب و النداوة ، وبعد الود والأشعار يكون أول من يصليك -إن استطاع- بالنار، فكيف تحول الحب و الكلف إلى دعاء عليك بالهلاك والتلف ؟! وكأنما عاين شاعرنا الحال فوصفه بدقيق المقال : وإخوان حسبتهم دروعا *** فكانوها ولكن للأعادي وخلتهم سهام صائبات *** فكانوها ولكن في فؤادي وهنا تجري الدموع ، ولا ينتهي من النفس العجب حتى الحب في الله ( كلمة جرت على لسان العرب !!!.) ومع طول الأمد ما عاد للعجب على نفسي سبيل ، قلما أسمع لصغير أو كبير إلا حدثت نفسي : يا تُرى هل يعني ما يقول؟ ويعي أنه عن كلامه-أما ربه- مسئـــول ؟ أم يا تُرى سأقول : (( كلمة جرت على لسان العرب)) ؟! اللهم إنا نسألك العافية كاتبة ام هاني
الموضوع : تأملات أم (6) المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|