مسألة : رفع الصليب في مظاهرة ، أو اتخاذه في شعار .
أقول وبالله التوفيق : إن هذا لا يجوز ، للأدلة الشرعية الآتية :
[1] أن الصليب مما عُبد من دون الله ، أو اتُخذ
شعارا للكفر ، وترتبط به عقائد فاسدة كالصلب والفداء ، فهذا مُنكر ظاهر
النكارة ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإزالة المنكر ، والكفر أعلى
درجات المنكر ، فكيف يُرفع ؟!
[2] عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت :
" إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ
يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلا نَقَضَهُ " . رواه
البخاري وغيره .
وفي الحديث دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك الصليب ، بل
ينقضه بطمسه ، أو يقضمه إن كان في ثوب كما جاء في لفظ للحديث .
فهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم . قال ابنُ حَجَرٍ: «فإذا كان المرادُ بالنَّقْضِ الإزالةُ دَخَلَ طَمْسُهَا فيما لو كان نقشًا في الحائط أو حكّها أو لطّخها بما يُغَيِّبُ هَيْئَتَهَا» .ـ
[3] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَالَّذِى
نَفْسِى بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ
حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ،
وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ » ، رواه البخاري ومسلم وأبو داوود .
قال النوووي : ( فيكسر الصليب ) معناه يكسره حقيقة ويبطل ما يزعمه النصارى من تعظيمه وفيه دليل على تغيير المنكرات والآت الباطل ا.هـ
قال ابن حجر : أي يبطل دين النصرانية بأن يكسر الصليب حقيقة ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه ا.هـ
[4] أنه فيه تكذيب صريح لقول الله عز وجل " وما صلبوه " ، فكيف يهون على مسلم أن يرفع شعارا فيه تكذيب لكتاب ربه ؟!
[5] أن فيه تشبه بالنصارى الذين يرفعون هذا الشعار ، ويعظمونه ، وينشرونه ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من تشبه بقوم فهو منهم " .
[6] ثم لا ننسى أنه من ضمن " الشروط العمرية " :
" ... ولا يظهروا شركاً ...
" ... ولا يظهروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم فى شىء من طرق المسلمين ...
" ... ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفياً ...
" ... ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة فى كنائسهم فى شىء من محضرة المسلمين ...
فظهر من هذا حُرمة رفع هذا الشعار وإظهاره ، لما عُرف عنه من أنه شعار
لعقيدة باطلة ، وفيها تكذيب لصريح كتاب الله ، وكان فعله صلى الله عليه
وسلم أن ينقص التصاليب ، وأنه بشر بأخيه عيسى عليه السلام أنه يكسر الصليب ،
وجاء فعل الخلفاء الراشدين من بعده هو منع نشر الصليب .
فأنى يُعقل أن يُرفع المصحف والصليب الذي يكفر به موضوعا على جلدته ؟! وأنى
يُمسك بإحدى اليدين القرآنُ الذي يدعو إلى التوحيد والإيمان ، ويمسك
بالأخرى الكتاب الذي يقدسه أهل الكفران ؟! لقد أبعد النُّجعة الذي أجاز هذا
، وأبعد منه الذي يزعم أن هذا " مقصود محمود " .
سئل العلامة ابن جبرين : ما الواجب على المسلم إذا وجد الصليب ؟ ...
فأجاب : على المسلم أن يكسر الصلبان إذا تمكن منها ، ويزيلها إذا وجدها ،
فى أى صنعة أو لباس أو حائط أو غيرها .. وقد ذكر النبى صلى الله عليه وسلم :
" أن عيسى عليه السلام إذا نزل فى آخر الدنيا يكسر الصليب ويقتل الخنزير
ويضع الجزية " .. أى أنه يحطم الصلبان التى يعبدها النصارى .. وقد أخرج
البخارى عن عائشة رضى الله عنها قالت : إن النبى صلى الله عليه وسلم " لم
يكن يترك فى بيته تصاليب إلا نقضه " ... ؛ لأن الصلبان مما يعبد من دون
الله ، فمن قدر على هتكها وتكسيرها لزمه ذلك ... " ا.هـ.
[ فتاوى وأحكام فى نبى الله عيسى عليه السلام : س 41 ]
والله أعلم .
الموضوع : عن صورة رفع الصليب مع المصحف ! المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya