الفرد أساس الأسرة المسلمة، والأسرة المسلمة أساس المجتمع المسلم، ونجاح الأسرة أكبر من نجاح الأفراد، لأن كثيرًا من الأسر فيها أفراد متميزون، وهذا شيء مطلوب لكن المهم هو نجاح الأسرة بما هي أسرة، أي بالروح التي تسودها والعلاقات التي تربط بينها... ولكن تعيش الأمة الإسلامية في وقتنا الحاضر مرحلة عصيبة وحرجة من تاريخها المديد، حيث تواجه عددًا كبيرًا من المشكلات على المستويين الفردي والجماعي.
ومن هذه المشكلات التي تواجه الأسرة المسلمة التفكك الأسري ومن أسبابه:
• انشغال الوالدين عن الأسرة أو أحدهما إما لطبيعة العمل أو لتحسين المستوى المعيشي مما يسبب إهمال الأولاد وفقد لغة الحوار بينهم أو انعدامه.
• انفصال الوالدين وهذا يلعب دورًا مهما في معاناة الأولاد.
• المشاحنات الزوجية وهذا الأسلوب يخلق جوًّا من التوتر النفسي.
• تهديد الأولاد بالعقاب وسوء المعاملة والتشهير بأخطائهم يسهم في انحراف الأولاد.
• التفرقة في المعاملة بين الأولاد الأمر الذي يؤدي إلى الحقد والكراهية والعدوانية داخل الأسرة.
• اختلاف وجهات النظر في أسلوب التربية يفقد أسلوب الحوار ويحدث التذبذب في شخصية الأولاد.
• اضطراب أحد الوالدين أو كليهما نفسيًّا أو عقليًّا مما يجعل الأولاد لا يشعرون بالأمان الأسري.
• تفريج الوالدين عن متاعبهم وضغوط الحياة بالأسلوب العنيف في تعاملهم مع أبنائهم وبذلك يشعر الأولاد بأنهم موضع عدوان وعنف دون مبرر.
• عدم مراعاة خصائص وحاجات النمو لدى الأولاد من قبل الأسرة تؤثر في حياتهم وتبني حواجز كبيرة بين الآباء والأولاد.
- العنف الأسري هو اللبنة الأولى التي يتكون منها المجتمع لذا فإن الاهتمام بالأسرة هو اهتمام بالمجتمع، وبالتالي بالوطن لذا فإن إصلاح المجتمع يبدأ من الأسرة حتى يحدث الاستقرار ويتجنب العنف الذي من أسبابه (الجهل، الغضب، الخلافات الزوجية).
- آثار التفكك الأسري:
-آثار التفكك على الأفراد:
أول ضحايا التفكك الأسري هم أفراد تلك الأسرة المتفككة، فالزوج والزوجة يواجهان مشكلات كثيرة تترتب على تفكك أسرتهما، فيصابان بالإحباط وخيبة الأمل وهبوط في عوامل التوافق والصحة النفسية، وقد ينتج عن ذلك الإصابة بأحد الأمراض النفسية، كالقلق المرضي أو الاكتئاب أو الهستريا أو الوساوس أو المخاوف المرضية. وقد ينتج عن ذلك عدم القدرة على تكوين أسرة مرة أخرى فينعزل الزوج أو الزوجة عن الحياة الاجتماعية، ويعيش حياة منطوية على الذات سلبي التعامل لا يشارك الآخرين نشاطات الحياة المختلفة. وهذه ولا شك نتائج تعطل أعضاء من أفراد المجتمع كان يتوقع منهم القيام بأدوار إيجابية في نهضة المجتمع ورعاية صغاره بصورة إيجابية بناءة.
-آثار التفكك على علاقات الزوجين بالآخرين:
ينتج عن التفكك الأسري اضطرابات وتحلل في علاقات الزوجين بالآخرين، خصوصًا الأقارب فإن كانت هناك علاقة قرابة بين أسرتي الزوجين فإنه غالبًا وللأسف تتأثر سلبيًّا بما يحدث للزوجين فتحدث القطيعة بين الأسرتين، بل ويصبح هناك نوع من الشحناء والعداوة بين أفراد تلك الأسرتين بحيث لا يطيق فرد رؤية فرد آخر من الأسرة الأخرى في أي مناسبة أو لقاء عام، وهذا سلوك خطر يفت في عضد الأمة المسلمة التي حث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفرادها على التعاضد والمحبة والتراحم فقال: ) المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا (.
- آثار التفكك على نشر الانحراف:
يؤدي التفكك الأسري في بعض الأحيان إلى تهيئة الظروف لانحراف أفراد الأسرة خصوصًا الأولاد من البنين والبنات فعندما تتفكك الأسرة ويتشتت شملها، ينتج عن ذلك شعور لدى أفرادها بعدم الأمان الاجتماعي، وضعف القدرة لدى الفرد على مواجهة المشكلات، وتحوله للبحث عن أيسر الطرق وأسرعها لتحقيق المراد دون النظر لشرعية الوسيلة المستخدمة في الوصول للهدف. وفي هذا تغييب للضمير والالتزام بالمعايير والنظم الاجتماعية السائدة التي توجه سلوك الأفراد نحو الطرق المقبولة لتحقيق الأهداف بصورة مشروعة.
- آثار التفكك على قيم المجتمع وثقافته:
يسبب التفكك الأسري اختلالا في كثير من القيم التي يسعى المجتمع لترسيخها في أذهان وسلوكيات أفراده، مثل الترابط والتراحم والتعاون والمسامحة ومساعدة المحتاج والوقوف معه في حالات الشدة، وغيرها من القيم الإيجابية المهمة في تماسك المجتمع واستمراره.
- آثار التفكك على التنمية:
يجمع المهتمون بأمور تنمية المجتمعات على أن للتفكك الأسري أثرًا معيقًا في سبيل تحقيق أهداف التنمية، لأن التنمية تعتمد على وجود أسرة قائمة بوظائفها بشكل سليم تحقق الغرض من وجودها، وتنتج أفرادًا إيجابيين قادرين على تحمل المسئولية الملقاة عليهم بالمساهمة في رقي المجتمع وتطوره في كافة المجالات، ولكن إذا حدث تفكك للأسرة تشتت أفرادها، وانشغل كل منهم بمشكلاته الشخصية عن مسئولياته الاجتماعية، وبدلا من أن يكون رافدًا منتجًا في المجتمع يصبح فردًا محبطًا يحتاج إلى جهود تبذل لمساعدته لتجاوز تلك المشكلات التي تواجهه، وكان بالإمكان صرف تلك الجهود في نواحٍ أخرى هي بحاجة لتلك الجهود.
ولهذا يتطلب من جميع مكونات المجتمع التدخل وتضافر الجهود والتعاون من أجل إنقاذ الأسر من كل أشكال التصدع والتفكك والضياع وحفظ المجتمع من عدم الاستقرار والأمن والعنف والعدوان.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الموضوع : التفكك الأسري المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: zezepano