السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله علام الغيوب..الحمد لله الذي تطمئن بذكره القلوب، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أعز مطلوب، وأشرف مرغوب..وأشهد أن
سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الذي أرسله بين يدي الساعة بشيراً
ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وبعد،،،
فإن رقة القلوب وخشوعها وانكسارها لخالقها وبارئها منحة من الرحمن،
وعطية من الديّان؛ تستوجب العفو والغفران، وتكون حرزاً وحصناً من الغي
والعصيان.. ما رقّ قلب لله إلا كان صاحبه سابقاً إلى الخيرات، مشمراً في
الطاعات والمرضات.. ما رقّ قلب لله وانكسر إلا وجدته أحرص ما يكون على طاعة
الله ومحبة الله، فما ذُكِّر إلا تذكر، ولا بُصِّر إلا تبصر.. ما دخلت
الرقة إلى القلب إلا وجدته مطمئناً بذكر الله، يلهج لسانه بشكره والثناء
عليه سبحانه .. وما رق قلب لله إلا وجدت صاحبه أبعد ما يكون عن معاصي الله .
فالقلب الرقيق قلب ذليل أمام عظمة الله وبطش الله تبارك وتعالى..
ما انتزعه داعي الشيطان إلا وانكسر خوفاً وخشية للرحمن .. ولا جاءه داعي
الغي والهوى إلا رعدت فرائص ذلك القلب من خشية المليك سبحانه.
القلب الرقيق صاحبه صدّيق وأي صدّيق..القلب الرقيق رفيق ونعم الرفيق.
(ولكن من الذي يهب رقة القلوب وانكسارها؟ ومن الذي يتفضل بخشوعها وإنابتها إلى ربها ؟)
(من الذي إذا شاء قلَبَ هذا القلب؛ فأصبح أرق ما يكون لذكر الله، وأخشع ما يكون لآياته وعظاته؟ من هو؟)
سبحانه لا إله إلا هو.. القلوب بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف
يشاء، فتجد العبد أقسى ما يكون قلباً، ولكن يأبى الله إلا رحمته، ويأبى
الله إلا حلمه وجوده وكرمه.. حتى تأتي تلك اللحظة العجيبة، التي يتغلغل
فيها الإيمان إلى سويداء ذلك القلب بعد أن أذن الله تعالى أن يصطفى ويجتبى
صاحب ذلك القلب.
فلا إله إلا الله ! من ديوان الشقاء إلى ديوان السعادة! ومن أهل
القسوة إلى أهل الرقة ! بعد أن كان فظاً جافياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر
منكراً إلا ما أشرب من هواه، إذا به يتوجه إلى الله بقلبه وقالبه..إذا
بذلك القلب الذي كان جريئاً على حدود الله، وكانت جوارحه تتبعه في تلك
الجرأة.. إذا به في لحظة واحدة يتغير حاله، وتحسن عاقبته ومآله، يتغير لكي
يصبح متبصراً يعرف أين يضع الخطوة في مسيره.
إنها النعمة التي ما وجدت على وجه الأرض نعمة أجل ولا أعظم منها، نعمة رقة القلب وإنابته إلى الله تبارك وتعالى.
وقد أخبر عز وجل أنه ما من قلب يُحرم هذه النعمة إلا كان صاحبه
موعوداً بعذاب الله، قال سبحانه:} فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ
ذِكْرِ اللَّهِ... (22) { [سورة الزمر] ويل: عذاب ونكال لقلوب قست عن ذكر
الله، ونعيم ورحمة، وسعادة وفوز لقلوب انكسرت وخشعت لله.
لذلك – إخواني في الله – ما من مؤمن صادق في إيمانه إلا وهو يتفكر كيف السبيل لكي يكون قلبي رقيقاً؟
كيف السبيل لكي أنال هذه النعمة؛ فأكون حبيباً لله، ولياً من
أوليائه؟ لا يعرف الراحة والدعة والسرور إلا في محبته وطاعته سبحانه، لأنه
يعلم أنه لن يُحرم هذه النعمة إلا حُرم من الخير شيئاً كثيراً.
والقلوب شأنها عجيب وحالها غريب: تارةً تقبل على الخير، وإذا بها أرق ما تكون لله عز وجل، وداعي الله.
لو سُئلت أن تنفق أموالها جميعاً لمحبة الله لبذلت، ولو سئلت أن
تبذل النفس في سبيل الله لضّحت..إنها لحظات ينفح فيها الله عز وجل تلك
القلوب برحمته.. وهناك لحظات القسوة، وما من إنسان إلا تمر عليه فترة يقسو
فيها قلبه، ويتألم فيها فؤاده، حتى يكون أقسى من الحجر والعياذ بالله.
يتبع باذن الله
(أسباب، رقة القلب؟)
(أسباب، قسوة ؟)
الموضوع : كيف ترق القلوب ؟_1 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya