ليس كافيا على الاطلاق أن يكون الأبوان والأبناء تحت سقف واحد وانما هناك حاجة للمشاركة في كل شيء، أي تواجد الأبوين بقوة في حياة الأبناء. والعكس هو المسبب الأول لكل أو معظم المشاكل والعقد النفسية التي تصيب الأطفال في الصغر وتبقى معهم طيلة فترة حياتهم. تواجد الأبوين في حياة الأبناء يجب أن يكون قويا لكي لاتتشكل أي عقدة نقص في شخصياتهم، والتواجد كما أسلفنا ليس فقط العيش في منزل واحد أو تحت سقف واحد وانما يتعدى ذلك الى حدود أوسع بكثير من مجرد التواجد الفيزيولوجي.
الروتين العائلي المستقر مهم للأطفال
قد يعتقد البعض بأن الروتين غير مقبول لأنه ممل، لكن علماء اجتماع برازيليون أكدوا بأن الروتين الصحي أي وجود نظام ينظم العلاقة بين الآباء والأبناء يشعر الأطفال بالأمن ويبعد عنهم شبح غياب أحد الطرفين أو كليهما. وأضاف العلماء في بحث نشر في موقع ألكتروني برازيلي يسمى (ر. 7) أن غياب هذا الروتين لأسباب خارجة عن نطاق السيطرة كوفاة أحد الوالدين أو انفصالهما يزعزع شخصيات الأبناء ويدخلهم في نفق الضياع العاطفي.
وقال البحث أيضا بأن المشاكل المعقدة في شخصيات الأبناء تبدأ بغياب أحد الأبوين أو كليهما. فلذلك تجد حياة اليتامى معقدة لدرجة مقلقة قد تؤدي في بعض الأحيان إلى انحدارهم الى عالم العنف والجريمة والمخدرات نتيجة غياب الرعاية والنصيحة والتوجيه السليم. وأضاف البحث بأن المقصود من الروتين العائلي هنا هو شعور الأبناء بأن هناك من يسندهم وينصحهم ويهتم بشؤونهم عند الحاجة، وهذا يعني الاستقرار والمشاركة في الحياة عن قرب.
غياب الأبوين يتدخل بشكل مباشر في تطور شخصية الأبناء
غياب الأبوين عن حياة الأبناء يؤدي الى قصور في تصورات الأولاد حول العلاقات الاجتماعية. فمن لايتعلم من أبويه كيفية بناء العلاقات الاجتماعية يميل إلى عالم الوحدة والانغلاق على الذات. كما أن غياب الأبوين يؤدي إلى عدم رؤية الأبناء للأشياء بشكل عادي وتصير كل علامة استفهام حول الحياة بمثابة غول في طريق الطفل يريد التهامه. فيصبح تفسير الأبناء للأشياء غريبا ممزوجا بمشاعر الخوف من المجهول لأن الغياب بحد ذاته هو المجهول بالنسبة لمن هم بحاجة لتواجد الآخرين من حولهم، وخاصة تواجد الأبوين.
وقال البحث أن غياب الأبوين يؤدي أيضاً الى خلق شعور بالذنب لدى الأطفال بحيث يعتقدون بأنهم قد يكونون السبب وراء الغياب أو بأنهم لايستحقون أن يكونوا مثل الآخرين الذين يترعرعون في أحضان الأبوين ويشعرون بالاستقرار العاطفي. وأضاف البحث بأن عدم التواجد القوي للأبوين في حياة الأبناء يدمر التركيبة المستقبلية لشخصياتهم، وقد تكون علامات ذلك متمثلة في ضعف الشخصية والشعور بالرعب ازاء مصيرهم المستقبلي.
غياب الأبوين بالنسبة للأطفال الصغار
يعتبر هذا أخطر أنواع الغياب على الاطلاق لأن الطفل الصغير بحاجة ماسة لتواجد الأبوين القوي. فالطفل الصغير محدود التفكير والقوة وهو يستمد هذه القوة ويتعلم طريقة التفكير من تواجد الأبوين في حياته. في هذه المرحلة تبرز حاجة الطفل للرعاية الصحية والتعليمية وعدم تواجد من يؤدي هذه الأدوار يمثل تدميرا حقيقيا لعواطف الطفل ويدخله في الحيرة والضياع وحتى الانفلات، ومن ثم الشارع الذي سيعلمه كل الأمور بشكل خاطىء.
غياب الأبوين بالنسبة للأبناء المراهقين
المراهق بحاجة أيضا لتواجد قوي للأبوين في حياته من حيث توجيه حياته بالشكل الصحيح واسدال النصيحة له ومساعدته على بناء مستقبله ودعمه في اكتشاف مواهبه التي ستكون مصدر رزقه وحياته المستقلة في المستقبل. الضبط السلوكي هو أهم حاجة في حياة المراهق وليس هناك أفضل من الأبوين لتوجيه سلوك المراهق وضبط وتنظيم علاقاته مع الآخرين. وقال البحث ان عدم تواجد الأبوين في حياة المراهق هو أحد أهم أسباب المشاكل الاجتماعية. فالمراهق المنفلت من دون توجيه الأبوين سيتسبب حتما في انتشار الظواهر الاجتماعية السلبية.
تواجد الأبوين لايعني فقط العيش مع الأولاد
أكد البحث في الختام بأن التواجد في حياة الأبناء لايعني فقط العيش معا وانما المشاركة. مشاركة حياة الطفل عن قرب ينمي لديه الكثير من الأمور الايجابية ويعلمه ضوابط العلاقات الاجتماعية. وهنا يتوجب على الأبوين أن يشاركا الطفل من حيث اللعب معهم وابداء الملاحظات الايجابية حول الدمى التي يختارها الطفل ومشاركتهم اللعب بها في بعض الأحيان ليشعر الطفل بأن مايفعله ليس أمرا غريبا. الابتعاد العاطفي للأبوين عن الأبناء يعتبر كذلك من العوامل القوية التي تشعرهم بأنهم مرفوضون في الحياة وبالتالي يصبح الخجل نقطة سلبية في حياتهم. وأكد البحث بأن الدراسات المتعلقة بالخجل عند الأطفال والمراهقين أظهرت بأن أحد أسبابه الرئيسية هو غياب الأبوين عن المشاركة في حياة الأبناء.
منقول
الموضوع : ابنك محتاج اليك المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya