" التكييف"
وهو أن يدعي إدراك حقيقة الصفة وكيفيتها ولا يشبهها بصفات المخلوقين كمن يقول أنا أعرف كيفية نزول الله إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الأخير لكن مع ذلك لا يشبه نزول الله عز وجل بنزول المخلوق. وهو مذهب باطل من وجوه.
1- أن إدراك حقيقة الصفة يستلزم إدراك حقيقة الذات والعبد عاجز عن إدراك ذات الله من كل وجه ولايجادل في ذلك إلا مكابر.
2- أن الإنسان يجهل أكثر مما يعلم من المخلوقات من حوله بل يجهل أكثر مما يعلم في نفسه حتى قال العلماء إن ما اكتشفه الأطباء إلي الآن من وظائف المخ ما هو إلا 5% فقط من الوظائف التي يقوم بها . أما الروح التي هي كنه الإنسان وجوهره ومحل فرحه وحزنه ومشاعره وسر حياته فلم يجرؤ أحد أن يثبت علمه بها واكتشافه لسرها { يسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا }. فإذا كان العبد عاجز عن إدراك حقيقة نفسه وجوارحه فمن باب أولي هو أشد عجزا عن إدراك حقيقة صفة الرب وهذا من كماله وكبريائه أن تحار فيه العقول فلا تصل إلى كنهه وهو أحد معاني كلمة الإله{ ولا يحيطون به علما)
وكما قيل : والعجز عن الإدراك إدراك والخوض في ذات الإله إشراك
3- أن العقل حاسة كالسمع والبصر وكل حاسة لها قدرة ومدي لا تجاوزه فالسمع له مسافة معينة بعدها لا يسمع وهو في نفس الوقت يقر بوجود أصوات بعد تلك المسافة لكن ليس له قدرة علي سماعها كذلك البصر . وعلي نفس المنوال العقل له مدي يفكر فيه وهو المخلوقات { قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ...} ونهايته ذات الرب قال تعالي { وأن إلى ربك المنهي } قالوا إليه المنتهي في كل شئ حتى في التفكير وهذا ما عناه النبي حين قال ( يأتي الشيطان إلى أحدكم فيقول من خلق كذا من خلق كذا حتى يقول من خلق الله فمن وجد من ذلك شيئا فليستغذ بالله ولينته ) فالله عز وجل له صفة والصفة لها كيفية ولكن عقل البشر لا يستطيع أن يعقلها كما أن الصوت موجود بعد عدة كيلوات من الأمتار لكن السمع لا يستطيع سماعهذ .
فائدة :- ينبغي أن يفرق بين الكيف و المعني .
فالكيف مجهول أما المعني فمعلوم وعلي هذا جاءت القاعدة المأخوذة من قول أم سلمة والإمام مالك " الاستواء معلوم يعني المعني ، والكيف مجهول يعني مجهول الكيفية والسؤال عنه بدعة يعني لم يسأل عنه الصحابة والإيمان به واجب لأنه ورد في النصوص سواء القرآن أم السنة "
وتوضيح ذلك في قوله تعالي { وهو السميع البصير } علي سبيل المثال السميع معناه يسمعك إذا تكلمت إذا تحركت إذا همست يسمع كل شئ هذا هو المعني المعلوم لكن كيف يسمع وبأي طريقة يسمع هذا هو الكيف المجهول.
ومن هنا جاء السؤال . هل آيات الصفات وأحاديثها من المحكم أم من المتشابه بمعني هل هي من المحكم الذي يعلمه الناس أم من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.
والجواب أن آيات الصفات وأحاديثها محكمة المعني مجهولة الكيف فهي محكمة من جهة المعني متشابهة من جهة الكيف .
وهنا يأخذنا الحديث عن التفويض وهو تفويض العلم إلى الله وهو منقول عن بعض السلف إذا سئلوا عن قوله تعالى { وهو السميع البصير } { ثم استوي علي العرش } قالوا الله أعلم يقول العلماء تفويض السلف تفويض كيف لا معني أما الذين يفوضون المعني فهم يجعلون صفات الله بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يعلم معناه فكلمة السميع عندهم كالحروف المقطعة في أول السور لا تدل علي معني بل هي عبارة عن أل س م ي ع فقط لا معني ولا تفسير وهذا باطل لأن الله أمرنا أن نتدبر القرءان كله محكمه ومتشابهه فقال { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } لم يستثن متشابها ولا غيرة.
وما نقل عن بعض السلف أمروها كما جاءت لا كيف ولا معني . فالمقصود لا معني محدد مفسر معرف و إنما معناه المعلوم المفهوم بلا تعريف ولا توضيح ولا تحديد كما يفعل المتكلمون(1) لأن التعريف يحتاج إلى تعريف فقال السلف هذا الكلام ردا علي من عرف الصفة وحدد معناها بحدود فلسفية تحتاج هي الأخرى إلى بيان وتعريف . وأما إذا احتاجت الصفة إلى بيان فتجد السلف يوضحونها كاسم الله " المقيت " يقولون معناه الرقيب الشهيد.
الموضوع : من غير تكييف يعني ايه؟؟ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya