أود أن أسأل سؤالا كنت قد فكرت فيه كثيراًولم أجد له فتوى ؟؟!
فأرجو المساعدة !
قال تعالى في سورة البقرة : (وإذ قالربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء )
الملائكة حسب ما أعرف عباد لله لا يعصونه ولا يعلمون الغيب .
فكيفجزموا أن الإنسان سيكون مخلوقا عاصيا لله ؟
لأن الجن كانت قبل الإنس في الأرض ، فأفسدوا فيها .
قال البغوي رحمه الله :
(قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا) بالمعاصي (وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) بغير حق ، أي كما فعل بنو الجان فقاسوا الشاهد على الغائب ، وإلا فهم ما كانوا يعلمون الغيب . اهـ .
وقال القرطبي رحمه الله :
(قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا) قد علمنا قطعا أن الملائكة لا تعلم إلا ما أُعْلِمَتْ ، ولا تَسْبِق بالقول ، وذلك عام في جميع الملائكة ، لأن قوله : ( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ) خَرَجَ على جهة المدح لهم . فكيف قالوا : (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا)
؟ فقيل : المعنى أنهم لما سمعوا لفظ خليفة فَهِمُوا أن في بني آدم من
يُفسِد ، إذ الخليفة المقصود منه الإصلاح وترك الفساد لكن عمَّمُوا الحكم
على الجميع بالمعصية ، فَبَيَّن الربّ تعالى أن فيهم من يُفسِد ومن لا
يُفسِد ...
وقال
ابن زيد وغيره : إن الله تعالى أعْلَمَهم أن الخليفة سيكون من ذريته قوم
يُفسِدون في الأرض ويَسفكون الدماء ، فقالوا لذلك هذه المقالة ، إما على
طريق التعجّب من استخلاف الله مَنْ يَعصِيه ، أو من عِصيان الله من يستخلفه
في أرضه ، ويُنعم عليه بذلك ، وإما على طريق الاستعظام والإكبار للفصلين
جميعا : الاستخلاف والعصيان . وقال قتادة : كان الله أعلمهم أنه إذا جعل
في الأرض خَلْقاً أفسدوا وسَفكوا الدماء ، فسألوا حين قال تعالى : (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) أهو الذي أعلمهم أم غيره ؟ ... والقول الأول أيضا حسن جدا لأن فيه استخراج العلم واستنباطه من مقتضى الألفاظ ، وذلك لا يكون إلا من العلماء . انتهى كلام القرطبي .
قال ابن كثير رحمه الله :
وقول الملائكة هذا
ليس على وجه الاعتراض على الله ، ولا على وجه الحسد لبني آدم كما قد
يتوهمه بعض المفسرين ، وقد وَصَفَهم الله تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول ،
أي لا يسألونه شيئا لم يأذن لهم فيه ، وههنا لَمّا أعْلَمَهم بأنه سيخلق
في الأرض خلقاً . قال قتادة : وقد تقدم إليهم أنهم يُفسِدون فيها فقالوا :
(قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَاوَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ)
الآية ، وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك ، يقولون : يا
ربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء مع أن منهم من يُفسِد في الأرض ويسفك الدماء ؟
فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، أي نصلي لك . اهـ .
والله تعالى أعلم
الشيخ عبد الرحمن السحيم
المصدر
الموضوع : الملائكة كيف جزموا أن الإنسان سيكون مخلوقا عاصيا لله؟ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya