كروية الأرض ... حقيقة علمية أثبتها القرآن الكريم
قبل الأقمار الصناعية، و قبل
الرحلات الإستكشافية .. حمل الناس عبر التاريخ الكثير من التصورات المختلفة
عن حقيقة الأرض، و كثيراً ما كانت ترتبط هذه التصورات بالأديان فتصبح
شيئاً مقدساً، و كان تصور الأرض المسطحة سائداً في كثير من الحضارات ..
السومريون، البابليون، المصريون، الإغريق .. وها هو هكتاتيوس (سنة 500 ق.
م) والذي يُعتبر أبا الجغرافيا الإغريقيَّة، يرسم خرائطه على أساس أن الأرض
قرص دائري مسطَّح تحيط به مياه المحيطات من كل جانب ،و بالرغم من أن
أفلاطون (سنة 348 ق. م) أتى بأول نظرية عن كرويَّة الأرض إلاَّ أنه لم يلقَ
التأييد الكافي ممن جاء بعده، بل إن الدولة الرومانيَّة رفضت هذه الفكرة،
وكتب كوزماس أبو الجغرافيا الرومانيَّة في (سنة 547م): "إن العالم يشبه
العجلة، وإن مياه المحيط حوله من كل الجهات...". وبلغ الأمر ذروته حين
تبنَّت الكنيسة وآباؤها الأوائل، وعلى رأسهم لكتانشيوس هذه النظرية بشدَّة،
وقالوا بأن الأرض مسطَّحة، وأن الجانب الآخر غير مأهول؛ وإلا سقط الناس في
الفضاء !.. و مما يذكر في هذا السياق أن بعض علماء أوروبا حتى القرن
الثالث عشر الميلادي كانوا يرسمون خريطة العالم على شكل صليب: رأسه هي
الجنة، وقدماه هي النار، وذراعاه: البحر الأبيض والبحر الأحمر.. وبيت
المقدس (أورشليم) في موضع القلب !!
و لكن ما الذي جاء به القرآن فيما يتعلق بصورة الأرض ؟
يقول الله تبارك و تعالى : { و أذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً و على كل
ضامر يأتين من كل فج عميق } [ الحج : 27 ] .. إن كلمة ( عميق ) هذه تشهد
بعظمة القرآن .. فلو كانت الأرض في تصور القرآن مستوية مسطحة لقال : (
يأتين من كل فج بعيد ) ، لأن كلمة ( بعيد ) تشير الى المسافة بين شيئين على
مستوى واحد .. و لكن لما كانت الأرض منحنية نتيجة لكرويتها جاءت الآية : {
من كل فج عميق } .. فصدق الله العظيم .
و يقول تعالى : { و الأرض مددناها } [ الحجر : 19 ] .. و معنى ( مددناها )
أنك إذا وصلت الى أي مكان على هذا الكوكب ترى الأرض أمامك ممدودة .. و لا
يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا كانت الأرض كروية .. فلو كانت الأرض مسطحة أو
مثلثة أو مربعة أو على أي شكل هندسي آخر ، فانك ستصل فيها الى حافة ..
و قال تعالى : { خلق السماوات و الأرض بالحق يكور الّيل على النهار و يكور
النهار على الّيل } [ الزمر : 5 ] .. و هكذا يصف الحق سبحانه و تعالى بأن
الّيل و النهار خلقا على هيئة التكوير ، و بما أن الّيل و النهار موجودان
على سطح الأرض فلا يمكن أن يكونا على هيئة التكوير إلا إذا كانت الأرض
نفسها كروية ، بحيث يكون نصف الكرة مظلماً و النصف الآخر مضيئاً ... في
الحقيقة إنه من المستحيل أن يتفق وصف الّيل و النهار بأنهما كرويان مع
التصور القائل بأن الأرض مسطحة أو ذات أي شكل هندسي آخر غير الكرة ،
فالتكوير لا يتم إلا حول الجسم الكروي .
و قال تعالى : { فلا أقسم برب المشارق و المغارب } [ المعارج : 40 ] ، و
قال تعالى : { رب السماوات و الأرض و ما بينهما و رب المشارق } [ الصافات :
5 ]
لو كانت الأرض منبسطة، لوجب أن يكون على سطحها شروق واحد و غروب واحد،
فتنير الشمس كامل سطحها حين تشرق، و يحتجب النور عن كامل سطحها حين تغرب، و
لكن لما كانت الأرض كروية و تدور حول نفسها فانه يوجد في كل لحظة مشرق و
مغرب للشمس على سطح الأرض، و هذا هو الذي تشير اليه الآيتين بكل وضوح، و
يحمل نفس الدلالة قول رسول الله عليه الصلاة و السلام: (( إن الله زوى لي
الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، و إن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها )) [
صحيح مسلم ] .
و قال تعالى : { و الأرض بعد ذلك دحاها } [ النازعات : 30 ] .. يوجد في لغة
العرب كلمة الأدحية أو الأدحوة بمعنى البيضة، و هذه المعلومة تجعلنا ندرك
سر اختيار الله – سبحانه و تعالى – لكلمة ( دحاها ) لوصف الأرض بها من دون
سائر الصفات .. فهي تعطى دلالة على أن الأرض بيضاوية، و هذا هو منتهى
الدقة، فالمشهور أن الأرض كروية، و لكن في الحقيقة هناك فرق بسيط في طولي
محوريها يجعلها تميل الى البيضاوية.
و قال تعالى : { لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر و لا الّيل سابق النهار } [ يس : 40 ]
يردّ الله – سبحانه و تعالى – في هذه الآية على اعتقاد غير صحيح كان
موجوداً عند العرب وقت نزول القرآن و هو أن الّيل يسبق النهار فيقول : { و
لا الّيل سابق النهار } ؛ أي أنكم تعتقدون أن النهار لا يسبق الّيل و الله
يقول لكم : هذا صحيح و أيضاً إن اليل لا يسبق النهار .. و معنى أن الّيل لا
يسبق النهار و أن النهار لا يسبق الّيل أن الأرض ليست مسطحة ، و إنما ذات
شكل كروي ، يوجد عليها اليل و النهار في آن واحد .. و هذه دلالة في غاية
الإعجاز و الوضوح.
كما وردت في القرآن الكريم الكثير من الإشارات الى دوران الأرض حول
محورها، مثل قوله تعالى : { و ترى الجبال تحسبها جامدة و هي تمر مر السحاب
صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون } [ النمل : 88 ] ، و وردت
إشارات إلى دوران الأرض حول الشمس ، مثل قوله تعالى : { و هو الذي خلق
الّيل و النهار و الشمس و القمر كل في فلك يسبحون } [ الأنبياء : 33 ] ، و
هذه الإشارات تؤكد أيضاً على كروية الأرض ؛ فدوران الأرض حول محورها ، و
دورانها حول الشمس لا يكون إلا في حال كانت الأرض كروية ..
الموضوع : كروية الأرض ... حقيقة علمية أثبتها القرآن الكريم المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya