وهذا يفسر لماذا ارتكبت دار "بانتام" للنشر Bantam Books، إحدى أكبر دور النشر في أمريكا – خطأً فادحاً بإرسالها نسخاً من كتاب بعنوان "ذبح الأبرياء"Slaughter of the innocent
إلى 3500 كاتب ومحرر علمي منهجي مدرجين على قوائمها، بدل أن ترسله إلى
محررين وكتاب غير خاضعين للرقابة الطبيّة الرسمية (غير خاضعين لسيطرة
روكفلر)، وكانت النتيجة إصدار مرسوم يرفض نشر الكتاب ! وقد أختفى الكتاب
فعلاً من السوق وذهب إلى غياهب النسيان.
وبقيت الصحف تغذّى بالدعاية عن الأدوية وأهميتها المزعومة، مع أنّه، حسب إدارة الأدوية والأغذية (FDA)،
كان هناك ما عدده مليون ونصف مريض يرقدون في المشافي عام 1978 بسبب
التأثيرات الجانبيّة للأدوية في الولايات المتحدة وحدها، ذلك رغم التصريحات
المستمرة لرجال الطب المثقفين والشجعان بأنّ معظم الأصناف الدوائية
التي تباع في الأسواق لا فائدة منها، وأكثر من ذلك أنها أدوية مؤذيّة
ومميتة على المدى الطويل.
"لقد تمّ قمع الحقيقة حول العلاج الذي لا يستخدم
الأدوية، إلا إذا كانت تناسب أهداف المتحكمين اللذين يقومون بتحريفها. سواء
كانت هذه الطرق العلاجية تمارس من قبل المعالجين الطبيعيين أو
المعالجين عن طريق تقويم العظام أو المعالجين بالإيمان أو الروحانيين أو
المعالجين بالأعشاب أو من قبل الأطباء الحكماء اللذين يستخدمون عقولهم،
فإنّك لم ولن تقرأ عنها أبداً في الصحف الكبرى".
لكي تقوم بتعليم أيديولوجية مؤسسات روكفيلر لصناعة
الأدوية، فمن الضّروري أن تعلّم بأن الطّبيعة الأم لم تكن تعلم ماذا
تفعل عندما صنعت الجسم البشري. لكن الإحصاءات الخارجة من مكتب رعاية
الطفل التابع لوكالة الأمن الفيدرالية أظهرت أن صحة الأمة الأمريكية،
منذ أن خرجت حملات الترويج للأدوية واللقاحات عن السيطرة النزيهة
والعادلة، تراجعت بشكل كبير خصوصاً بين الأطفال. ويعطي الأطفال الآن
"جرعات" من اللقاح لكل الأمراض مع أن الوقاية الوحيدة المعروفة علمياً
هي "دورة دموية نقية" والتي يمكن اكتسابها عن طريق الهواء النقي والغذاء
الصحي. أي بوسائل طبيعية وغير مكلفة، وهو أكثر ما تعارضه مؤسسات صناعة
الدواء.
عندما كانت تقوم إدارة الأدوية والأغذية FDA
(و التي يتطلب تعيين أي من أعضائها على موافقة روكفيللر) بمحاربة أحد
الأطباء المستقلّين ومنعه من العمل، فكانت تعمل حينها على تنفيذ الأوامر
دون تفكير. وهذه الأوامر لم تكن تأتي مباشرة من مدير شركة الأدوية أو
شركة "ستاندرد أويل" للنفط الخام (صاحبها روكفيللر)، فكانت الأوامر، كما
يشير موريس بيل Moriss Bealle، تأتي من الجمعية الأمريكية للأدوية AMA
التي هي الواجهة الرسمية لمؤسسة روكفلر لصناعة الدواء، والتي تعتمد على
آراء أطباء دجّالين في تقرير مصير وسائل العلاج الأخرى إن كانت نافعة
أم غير ذلك، فيتم بعدها ترخيصها أو منعها حسب ما يتماشى مع مصالح مؤسسة
روكفلر. مع العلم أن معظم وسائل العلاج البديلة قد حرمت من الترخيص لأن
الأطباء المزعومين في الجمعية الأمريكية للأدوية قرروا أن هذه الوسائل
لا تملك أية قيمة علاجية، رغم عدم معرفتهم أو إلمامهم بتلك الوسائل
أصلاً .
كتب بيل Bealle يقول:
"إن حملات الملاحقة والتطهير التي تمارسها مؤسسات
صناعة الدواء، الممولة من قبل دافعي الضّرائب، لا توفر جهداً في تدمير
ضحيتها بالكامل. وإذا كان باحثاً أو طبيباً بسيطاً (فقيراً) سيتم تدميره
بالكامل وإخراجه من السوق نتيجة نفقات المحاكمة وأتعاب المحامين التي
تترتب عليه".
في إحدى القضايا، تمّت محاكمة الطبيب أدولفوس هوهنسي Adolphus Hohensee
من سكرانتون فيلادلفيا، لأنه صرح بأن الفيتامينات الطبيعية مفيدة لصحة
الجسم على منتوجه من الفيتامين الطبيعي. وكانت الجمعية الأمريكية
للأدوية AMA قد
دعمت عشرة أطباء دجّالين قاموا بنقض النظريات الطبية المعروفة وصرّحوا
أن " الفيتامينات ليست ضرورية للجسم البشري". وعند مواجهتهم بنشرات
حكومية تقول عكس ما ادعوه، تهرّب الأطباء العشرة من ذلك بقولهم أن هذه
النشرات قد مرّ عليها الزمن وأصبحت بالية ".
وإضافة إلى إدارة الأدوية والأغذية FDA. أورد بيل Bealle
قائمة بالهيئات التالية التي تعمل في المجال الصحي والمعتمدة على شركة
روكفيللر: مكتب الصحة العامة الأمريكي، إدارة المحاربين القدماء
الأمريكية، المكتب العام للجراحة التابع للجيش الأمريكي، لجنة التجارة
الفيدرالية، مكتب الأدوية والجراحة التابع للبحرية، جمعية البحوث
الوطنية، الأكاديمية الوطنية للعلوم....
تعتبر الأكاديمية الوطنية للعلوم في واشنطن العضو
الأكثر حكمة، فهي تحقق في كل شيء على مرآى ومسمع من الجميع، خاصة في مجال
الصحة، وتعطي الجمهور المتلهف الكلمة الأخيرة في المجال الطبّي. وتملك
مؤسسة صناعة الدواء أحد أتباعها في رئاسة هذه الأكاديمية. وهو ألفرد. أن.
ريتشارد Alfred.N.Richards أحد المدراء وأكبر المساهمين في شركة ميرك وشركاه Merck & Company، والتي كانت تحقق فوائد ضخمة من جرّاء تسويق الأدوية.
وعندما فضح بيل Bealle هذه الحقيقة، قدم ريتشاردز Richards استقالته، وعين روكفيللر مكانه رئيس مؤسسة روكفيللر بذاته، وهو ديتليف. دبليو. برونك Detlev.W.Bronk. وقد لخّص اتحاد الأدوية الطبية ممثلاً ب جي. دبليو. هودج J.W.Hodge
من شلالات نياغارا في نيويورك، رأيّه بالكلمات التاليّة:" إن احتكار
الأدوية والترويج لها، والذي يسمى- تخفيفاً- الجمعية الأمريكية للأدوية،
ليس فقط أكثر أنواع الاحتكار المنظم وضاعةً، وإنما أكثر المنظمات غروراً
وخطورة واستبداديةً ليس في هذا العصر فقط وإنّما في جميع العصور. وإنّ
أي طريقة لمعالجة المرضى بوسائل آمنة وطبيعية، تلقى هجوماً شرساً وتشجب
من قبل قادة هذه الجمعية بحجّة أنّها كاذبة ومزيّفة ومخادعة ولا تعدو
كونها مجرد هراء.
وكل من يمتهن فن العلاج دون أن يتحالف مع حملات
الترويج يتهم بأنه " مشعوذ خطر " ودجال من قبل أطباء الترويج المفترسين.
وكل مصحة تحاول إعادة مرضاها إلى الحالة السليمة بوسائل طبيعية دون
الاستعانة بالأدوية السّامة، واللقاحات التي تنشر الأوبئة، والأمصال
القاتلة، يتم الانقضاض عليها من هؤلاء الطغاة المتعصبين للأدوية حيث تهاجم
وتتعرض للمضايقة إلى أقصى درجة ممكنة".
تستغرق الدراسة في كلية لنكولن للعلاج التصحيحي
4496 حصّة دراسيّة، وفي معهد بالمر للعلاج التصحيحي في دافينبورت يوجد على
الأقل 4000 حصّة دراسية، وفي جامعة دنفر المتخصصة في العلاج الطبيعي
ومدة الدراسة فيها خمس سنوات مقسمة على ألف حصة دراسية لكل سنة حتى يصبح
الطالب مؤهلاً للحصول على الشهادة، والكليّة الوطنية للعلاج التصحيحي
في شيكاغو تتطلب حضور 4326 حصة دراسية للتّخرج. ومع ذلك فإن مؤسسة صناعة
واحتكار الأدوية تقوم بنشر الدعاية التي تزعم أن هؤلاء المتدربين في
هذه المؤسسات العلمية لا يملكون الأهلية والتدريب الكافي، أو حتى أنهم
غير مدربين إطلاقاً، وذلك فقط لأنهم يقومون بعلاج مرضاهم دون استخدام
الأدوية.
وفي عام 1958، قام أحد هؤلاء الأطباء الطبيعيين المتهمين بقلّة الخبرة، وهو الطبيب نيكولاس بي. ( غريمالدي Nicholas.P.Gremaldi
والذي تخرج من كلية لنكولن للعلاج التصحيحي، بخوض الامتحان الأساسي
للانتماء للمجلس الطبي في ولاية كونكتيكت مع 63 طبيباً ومعالجاً طبيعياً
وحصل على درجة (91،6) وهي أعلى درجة تم الحصول عليها في امتحان الهيئة
الطبية لولاية كونكيتكت.
لقد أثبتت نشاطات روكفللر في المجال التعليمي في
الولايات المتحدة بأنها مربحة جداً. حيث تم في عام 1927 تأسيس الهيئة
الوطنية للتعليم، بصفتها مؤسسة خيرية، وتم تمويلها بمبلغ 000 000 21
دولاراً كرأس مال ابتدائي، ولكي تنفق على المؤسسات والجامعات الأجنبية وحتى
على السياسيين الأجانب وراء البحار. أخذت هذه الهيئة على عاتقها مهمة "
تصدير " الصورة الجديدة لشركة روكفيللر على أنها فاعل الخير الأهم
للجنس البشري، إضافة إلى كونها تعود بفائدة قصوى على عالم التجارة
والأعمال. ولم يعلم المنتفعون أن كل بنس تلقيه روكفيللر، كهبات ومنح،
سيعود عليها في النهاية بفوائد كبيرة.
كان دائماً لروكفيللر اهتمام خاص بالصّين، كون شركة
النفط التي يملكها تعتبر المزوِّد الوحيد بالبنزين والكيروسين في
الصين. فقام بتأسيس الهيئة الطبية الصينية، وبناء كلية بكين الطبية
المتحدة، آخذاً دور الأب الحنون الذي جاء ليوزع المعرفة على أبنائه
البسطاء. وقد استثمرت شركة روكفيللر مبلغ 45 مليون دولار في عملية خسيسة
لإفساد الطب الأصيل في الصين.
وتمّ تأسيس هذه الكليات على أساس أنها ستستفيد من
هبات روكفيللر إذا تمكنت من إقناع 500 مليون مواطن صيني أن يرمي في
النفاية جميع الطرق العلاجية الآمنة والمفيدة المستندة على الأعشاب التي
يصفها أطبائهم الشعبيين الحكماء، اللذين يحملون خبرة قرون من الزّمن والتي
تفوق منفعتها تلك العقاقير والأدوية المسرطنة المصنوعة في الولايات
المتحدة. هذه الأدوية السامة التي يتم استبدالها بأدوية جديدة أخرى بمجرد
ظهور الأعراض الجانبية المميتة بعد أن يعجزوا عن التستّر على هذه العيوب.
وإذا لم يتمكن هؤلاء الأطباء الصينيين الحكماء من إثبات فعالية
علاجاتهم الأصيلة كالوخز بالإبر عن طريق التجارب على كم هائل من
الحيوانات المخبرية، فستعتبر أنها ليست ذات قيمة علميّة، ولن تعتبر
نتائجها الإيجابية ذات أهمية بالنسبة لهؤلاء السّحرة والمشعوذين
الغربيين. وعندما استلمت الشيوعية زمام الأمور في الصين ولم تعد التجارة
أمراً ممكناً، لم تعد روكفيللر مهتمة بصحة الشعب الصيني ونقلت اهتمامها
إلى دول أخرى مثل اليابان والهند ودول أميركا اللاتينية.
".. لا يمكن أن تقود أية دراسة صادقة لحياته
المهنية إلا إلى نتيجة واحدة وهي أنه كان ضحية لأبشع العواطف، حب المال،
حيث يعتبر المال هو الغاية. وكان هذا المهووس بالمال يخطط بصبر وبسريّة
تامّة لزيادة ثروته .... وقد حول التجارة إلى حرب ودمّرها بأساليبه
القاسية والفاسدة .... وأطلق على منظمته العظيمة اسم المنظمة الخيريّة،
وأشار إلى ذهابه المستمر إلى الكنيسة والصدقات التي يقدمها كدليل على
استقامته، وهذا ليس إلا تستراً بالدّين. ليس هناك سوى كلمة واحدة يمكن
أن ننسبها إلى كل هذا النفـاق..."
هذا هو الوصف الذي أطلقته أيدا تاربل Ida Tarbell على جون. دي. روكفيللر Joh.D.Rockefeller في كتابها "تاريخ شركة"'History of the Standard Oil Company' والذي نشرته مجلة "مكلور" Mc,Clure
على شكل حلقات عام 1905، وكان هذا قبل " مذبحة ليدلو " بعدة سنوات، حيث
كان روكفيللر عندها لم يصل بعد إلى قمة الشرّ الذي حققه بعدها. ولكن
بعد الحرب العالمية الثانية كان من الصعب أن يقرأ أحد، سواء في أميركا
أو خارجها، نقداً أو أي كلام سلبي عن روكفيللر أو عن روكفيللر الابن
الذي سار على خطى والده، ولا عن أحفاد روكفيللر الأربعة اللذين حاولوا
منافسة أسلافهم المؤسّسين. ولا تحوي الموسوعات المتنوعة المنتشرة في
مكتبات العالم الغربي سوى المديح لهذه الأسرة، ولكن كيف حصل هذا؟
من السخرية أن يكون الحدثان الأكثر سلبية في حياة
روكفيللر المهنية قد سببا بحصول تغيراً إيجابياً في حياته، إلى درجة لم
يتصورها هو بنفسه. وهما:
تبعاً للموسوعة البريطانية (هذه الموسوعة أصبحت
فيما بعد ملكاً له بعد أنتقالها من جامعة أكسفورد إلى شيكاغو) ففي السنة
التي تقاعد فيها روكفيللر من العمل "الفعلي" وهي سنة 1911، تمت إدانته من
المحكمة الأمريكية بسبب ممارساته غير المشروعة وأصدرت أمراً بحل مجموعة
شركات النفط المكونة من 40 شركة.
هذا القرار بحلِّّّّ الشركة منحه إمبراطورية
متزايدة العظمة، لدرجة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث. حتى ذلك الوقت،
كانت مجموعة الشركات تعمل على مرأى من الجميع ولذلك كانت مستهدفة على
الدوام من قبل الشرفاء العاملين في قطاعات مختلفة لها علاقة بأفرع هذه
الإمبراطورية، وبعد هذا القرار، أصبحت تعمل في الخفاء واستمرت بالتوسع
خفية ودون أن تكون عرضة للهجوم، وبقي الأمر على هذه الحال إلى أن أصبحت
أعظم وأوسع امبراطورية مالية في التاريخ.
الحدث السلبي الثاني حدث في عام 1914 أجبر روكفيللر
على تحسين صورته، والتي كانت حتى ذلك الوقت سيئة تماماً في نظر الرأي
العام. فقد طالب اتحاد عمّال المناجمUnited Mine Workers برفع
أجور العمّال العاملين في شركة كولورادو للوقود وفي شركة الحديد الصلب،
إحدى شركات روكفيللر، وتحسين ظروف معيشتهم. وكان عمّال المناجم في
معظمهم مهاجرين من البلدان الفقيرة في أوربا وهم يقيمون في أكواخ أعطتهم
إياها الشركة مقابل أجر مرتفع. وكانت أجورهم المنخفضة تبلغ (1.68
دولاراً في اليوم) تدفع على شكل سندات لا تصرف إلاّ في المخازن التابعة
للشركة ويذهبون إلى كنائس عبادة تابعة للشركة والقساوسة هم عبارة عن
موظفين في الشركة، ويعلّمون أولادهم في مدارس تسيطر عليها الشركة، وكانت
مكتبات الشركة تستبعد الكتب التي تناقض الإنجيل والتي يعتبرها روكفيللر
ذات آثار تخريبيّة مثل: أصل الأنواع لدارون Darwin.
وكانت الشركة تمتلك العديد من المحققين وحرّاس المناجم والجواسيس الذين
كانت مهمتهم الحفاظ على المخيم بعيداً عن خطر التكتّل وو تنظيم
الاتحادات والتمرّد.
عندما قام عمّال المناجم بالاضطراب رفض وركفيللر
الابن والذي كان حينها مديراً للشركة، والموقّر فريدريك. تي. غيتس الذي كان
مديراً لمؤسسة روكفيللر، التفاوض مع هؤلاء العمّال، وقاموا بطردهم من
الشركة، حيث استأجروا ألف عنصر من قوّات كسر الاضراب من وكالة Baldwin – Felts للتحقيقات، وأقنعوا الحاكم أمونز Ammons باستدعاء الحرس الوطني لفض الاضطراب.
وقد أدّى ذلك إلى معركة دامية بين الحرس وعمّال
المناجم الذين قتلت عائلاتهم التي كانت تقيم في مخيّمات مزرية منذ طردهم –
بوحشيّة منقطعة النظير، فاتصل الحاكم المرتبك بالرئيس ويلسن لإمداده
بقوّات فدرالية والتي تمكنت أخيراً من القضاء على الاضراب بوحشية لا توصف.
وقد ورد في صحيفة نيويورك تاميز، والتي لم تكن في
حينها جيدة الصلة (على علاقة) بمصالح روكفيللر، في عددها الصادر في 21،
نيسان، 1914:
".. جرت اليوم معركة دامية استمرت لمدّة 14 ساعة
في جادة ليدلو بين عمّال مناجم الفحم المضربين عن العمل وعناصر من
الحرس الوطني في كولورادو, والتي نتج عنها مقتل لويس تيكاس Louis Tikas، قائد المضربين اليونانيين، وتدمير مخيم ليدلو.."
وفي اليوم التالي ذكرت الصحيفة:
".. مقتل 45 شخصاً (32 منهم من النساء
والأطفال)، وهناك نفس العدد من المفقودين إضافة إلى عدد كبير من الجرحى،
وهي حصيلة المعركة التي استمرت 14 ساعة والتي نشبت بين قوّات الولاية
وعمّال مناجم الفحم في جادة ليدلو ضمن أراضي شركة كولورادو للوقود وشركة
الحديد، التابعتين لشركات روكفيللر. تحوّلت ليدلو إلى كتلة من الجثث
المتفحمة والمدفونة تحت الأنقاض. إنّها قصّة مرعبة لم يشهد تاريخ الحرب
الصناعيّة مثيلاً لها. وكان النساء والأطفال يسقطون كالفئران في الحفر التي
حفروها لحمايتهم من نيران البنادق حيث امتدت إليهم النيران وحرقتهم.
وقد كشفت إحدى هذه الحفر التي تمَّ نبشها ظُهر هذا اليوم عن جثث عشرة
أطفال وامرأتين.."
أدّى التنديد الواسع بهذه الحادثة إلى قيام روكفيللر باستئجار أحد الإعلاميين موهبة في البلاد، وهو أيفي لي Ivy Lee الذي تولى المهمّة الصعبة بتبييض صورة الزعيم الملطخة بالدماء. عندما علم لي Lee
أنَّ مؤسسة روكفيللر المنظمة حديثاًَ قد خصصت مبلغ مئة مليون دولار
لأغراض دعائية لكنّها لم تحدد ما ستفعل بها، أقترح أن تتبرع الشركة بمبالغ
ضخمة (لا تقلّ عن مليون دولار) إلى كلّيات، وجامعات ،ومستشفيات وكنائس
وجمعيّات خيرية معروفة. وهكذا تمت الموافقة على هذه الخطّة، وبدأت أخبار
توزيع الملايين تحتل العناوين الرئيسيّة في الصحف.
كانت هذه بداية التقارير الطبيّة الكاذبة والمصاغة
بذكاء حول العقاقير "ذات التأثيرات العجيبة" والتي نشرت في العناوين
الرئيسية للصحف والتي لازالت قائمة حتى يومنا هذا. وقد نسي الرأي العام
المتقلب، أو ربما أنّه قد غفر المذبحة التي حصلت بحقِّ المهاجرين الأجانب
بسبب الكرم والعطف الباهرين الذين قدّمتهما شركة روكفيللر – بالاستعانة
بأبواق الصحافة المدوّية – والذين طالا مؤسسات عديدة .
وفي السنوات اللاحقة، تمَّ شراء رجال الصحافة،
إضافة إلى شراء جميع الصحف سواء عن طريق التمويل أو عن طريق تأسيس هذه
الصحف بأموال روكفيللر. وهكذا، فإنَّ مجلة Time التي أسسها هنري لوسي Henry Luce عام 1923 قد تمّ السيطرة عليها من قبل جي. بي. موغان. J. P. Morgan
عندما واجهت مشاكل مالية. بعد موت مورغان وتفتت إمبراطوريته المالية،
لم تضيّع روكفيللر الفرصة وقامت بالاستيلاء على هذه الغنيمة الإعلانية
الثمينة النتمثلة بمجلة Time، إضافة إلى شقيقاتها مجلة Fortune ومجلة Life وبنت لها مبنى مكلفاً مؤلفاً من 14 طابقاً بحيث يكون مخصصاً لهذه الصحف في مركز روكفلر Rockefeller Center وأطلقت عليه اسم مبنى Time & Life.
وكان روكفيللر مشاركاً أيضاًَ في ملكية المجلة المنافسة لمجلة Time وهي Newsweek والتي تمّ تأسيسها في أوائل أيام الشراكة الجديدة بين روكفيللر، وفنسنت أستور Vincent Astor، وعائلة هاريمان Harriman،
وأعضاء آخرين وأصدقاء لعائلة روكفيللر. بالإضافة إلى كل ما أصبح يملكه،
فقد دهش روكفيللر من السهولة التي يمكن بها شراء من يدعون أنفسهم بـ
"المثقفين" و"المتعلّمين" و"الأكاديميين"و "المفكرين" !. وفي الواقع، فقد
تحوّلوا ليصبحوا أحد أهمِّ استثماراته المالية.
وبتأسيس ودعم "هيئاته التعليمية" في داخل البلاد
وخارجها، لم يحقق روكفيللر السيطرة على الحكومات والسياسات فقط وإنّما
السيطرة على المثقفين والعلماء والأكاديميين، مبتدءاً بـ "القوة الطبية" Medical Power، هذه المنظمة التي تنتج كهنة الدين الجديد والذين يعتبرون من أبرز رجال الطبِّ الحديث اليوم.
هناك حقيقة وجب معرفتها جيداً: لم يحصل أي من خصوم
نظام روكفيللر التعليمي على أي جائزة من جوائز نوبل أو بلتزار أو غيرها
من جوائز عالمية. هنري لوسي Henry Luce المؤسس الرسمي والمحرر لمجلة Time،
والمعتمد حالياً على إعلانات روكفيللر، حظي بمركز مرموق بسبب تملقه.
وقد كان أبن روكفيللر مسؤولاً عن مذبحة ليدلو وشريكاً مطيعاً في معظم
أعمال والده الدنيئة. على أية حال، في عام 1956، وضع هنري لوسي صورة
روكفيللر الابن على غلاف مجلة الـ Time بعنوان "الرجل الطيب"، وقد تضمنت عبارات تملّق مثل:
".. لأن حياة روكفيللر الابن مُفعم بالنشاطات
الاجتماعية البنّاءة فقد صُنِّف كبطل أمريكي حقيقي، تماماً مثل أي ضابط
يحقق نصراً للجيش الأمريكي أو أي سياسي يحقق نصراً في المجال
الدبلوماسي..".
من الواضح، أنَّ هيئة تحرير المجلة لم تكن تملك
الخيار لتغيير لهجتها حتى بعد رحيل روكفيللر الابن وكذلك المتملّق لوسي،
لأنّها بقيت معتمدة على إعلانات روكفيللر.
وهكذا، فعندما توفي أحد أبناء روكفيللر الابن وهو نيلسون. أي. روكفيللر Nilson. A. Rockefeller
عام 1979 الذي كان أحد أبرز الصقور المنظرين لحرب فيتنام والحروب
الأخرى التي خاضتها أمريكا – والذي كان مسؤولاً شخصياً عن مجزرة سجن
أتيكا – وقد كتبت عنه الـ Time في نعيها له، ودون سخرية:
".. لقد كان يؤدي واجبه في خدمة بلاده والرفع من شأنها.."
ربما كان البروفيسور بيتر سينغر Peter Singer يعرف كلّ هذا عندما أخبر القضاة في إيطاليا أنَّ مؤسسة روكفيللر هي مشروع إنساني يهدف إلى الأعمال الخيرية.
أحد أهمِّ أعمالهم كانت تقوم بتمويل البروفيسور سينغر Singer
الذي هو أحد أهمِّ المدافعين عن الحيوان، حيث صرّح أن تشريح الحيوانات
وإقامة الاختبارات عليها ضروري للتقدّم الطبي، وقد رفض لمدّة عشرين
عاماً أن يعترف بأنَّ معظم الأطباء يخالفونه الرأي تماماً.
أصبحنا الآن نستوعب الحقيقة وراء تبني المثقفين
والمفكرين وتمويلهم. إنّها لا تعني دائماً أموالاً نقديّة فوريّة، بل
الأكثر أهميّة هو فوائدها طويلة الأمد وتدوم عبر أجيال طويلة .. الفائدة هي
تكريس ثقافة معيّنة يمكنها أن تدرّ اموال طائلو على مرّ الأجيال.
منذ عدّة عقود انتقلت الموسوعة البريطانية من
أكسفورد إلى شيكاغو لأنّ روكفيللر قام بشرائها لإضفاء المزيد من البريق على
جامعة شيكاغو ومدرستها الطبيّة، التي بدأ إمبراطوريته التعليمية منها.
بيتر سينغر Peter Singer–
أهمّ المدافعين عن الحيوان – والذي ترك الباب مفتوحاً للتشريح
والاختبار الطبّي على الحيوان وبالتالي تكريس الاحتيال الطبي المربح،
حصل على ملايين الدولارات كشكر على الانتشار العالمي الواسع لشركة
روكفيللر، وصانعي وسائل الإعلام الذين لا يستطيعون الوقوف في وجهها
فتماشوا معها.
من المقالة الموجودة في الـ Time نعرف أيضاً أنّ والدة سينغر Singer كانت طبيبة بحيث يمكننا القول أنَّ سينغر قد رضع جميع خرافات (مزاعم) روكفيللر عن تشريح الحيوان مع حليب أمّه.
الموضوع : الطب العلمانى المفروض بالإكراه والإجبار والقسر على البشر// تقرير فلكنسر الشهير ؛؛؛ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya