El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: 𝛯𝛯𝛯ᚘتفسير: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمنᚘ𝛯𝛯𝛯 الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:31 | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله
من سورة النحل (97):
قوله تعالى :
-من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ،
ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة :
أنّ كل عامل سواء كان ذكرا أو أنثى عمل عملا صالحا فإنه - جل وعلا - يقسم ليحيينه حياة طيبة ، وليجزينه أجره بأحسن ما كان يعمل .
اعلم أولاً : أن القرآن العظيم دلّ على أنّ العمل الصالح هو ما استكمل ثلاثة أمور :
الأول : موافقته لما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - ;
لأنّ الله يقول :
-وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [ 59 \ 7 ] .
الثاني : أن يكون خالصا لله تعالى ;
لأنّ الله - جل وعلا - يقول :
-وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين [ 98 \ 5 ] ،
-قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه [ 39 \ 14 ، 15 ] .
الثالث : أن يكون مبنيا على أساس العقيدة الصحيحة ;
لأنّ الله يقول :
-من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن [ 16 \ 97 ] ،
فقيد ذلك بالإيمان ،
ومفهوم مخالفته أنّه لو كان غير مؤمن لما قبل منه ذلك العمل الصالح .
وقد أوضح - جل وعلا - هذا المفهوم في آيات كثيرة ،
كقوله في عمل غير المؤمن :
-وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا [ 25 \ 23 ] ،
وقوله :
-أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون [ 11 \ 16 ] ،
وقوله :
-أعمالهم كسراب بقيعة الآية [ 24 \ 39 ] ،
وقوله :
-أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف [ 14 \ 18 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
واختلف العلماء في المراد بالحياة الطيبة في هذه الآية الكريمة .
فقال قوم : لا تطيب الحياة إلا في الجنة ، فهذه الحياة الطيبة في الجنة ;
لأنّ الحياة الدنيا لا تخلو من المصائب والأكدار ، والأمراض والألام والأحزان ، ونحو ذلك .
وقد قال تعالى :
-وإنّ الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون [ 29 \ 64 ] ،
والمراد بالحيوان : الحياة .
وقال بعض العلماء : الحياة الطيبة في هذه الآية الكريمة في الدنيا ،
وذلك بأن يوفق الله عبده إلى ما يرضيه ، ويرزقه العافية والرزق الحلال ;
كما قال تعالى :
-ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار [ 2 \ 201 ] .
قال مقيده - عفا الله عنه - :
وفي الآية الكريمة قرينة تدل على أن المراد بالحياة الطيبة في الآية : حياته في الدنيا حياة طيبة ;
وتلك القرينة هي أننا لو قدّرنا أنّ المراد بالحياة الطيبة : حياته في الجنة
في قوله :
-فلنحيينه حياة طيبة [ 16 \ 97 ] ،
صار قوله :
-ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون [ 16 \ 97 ] ،
تكرارا معه ;
لأنّ تلك الحياة الطيبة هي أجر عملهم ،
بخلاف ما لو قدّرنا أنها في الحياة الدنيا ;
فإنه يصير المعنى : فلنحيينه في الدنيا حياة طيبة ، ولنجزينه في الآخرة بأحسن ما كان يعمل ، وهو واضح .
وهذا المعنى الذي دل عليه القرآن تؤيده السنة الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - .
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية الكريمة :
والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت .
وقد روي عن ابن عباس وجماعة : أنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب ،
وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : أنّه فسرها بالقناعة ،
وكذا قال ابن عباس وعكرمة ، ووهب بن منبه
- إلى أن قال -
وقال الضحاك : هي الرزق الحلال ، والعبادة في الدنيا .
وقال الضحاك أيضاً : هي العمل بالطاعة والانشراح بها .
والصحيح : أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله ;
كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن يزيد ، ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، حدثني شرحبيل بن شريك ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ،
عن عبد الله بن عمرو : أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
-" قد أفلح من أسلم ورزق كفافا ، وقنعه الله بما أتاه "
ورواه مسلم من حديث عبد الله بن يزيد المقري به .
وروى الترمذي والنسائي من حديث أبي هانئ . عن أبي علي الجنبي ،
عن فضالة بن عبيد : أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
-" قد أفلح من هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع به " ،
وقال الترمذي : هذا حديث صحيح .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا همام ، عن يحيى ، عن قتادة ،
عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
-" إنّ الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطى بها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة .
وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا " ، انفرد بإخراجه مسلم . اه من ابن كثير .
وهذه الأحاديث ظاهرة في ترجيح القول :
بأنّ الحياة الطيبة في الدنيا ;
لأنّ قوله - صلى الله عليه وسلم - :
-" أفلح "
يدل على ذلك ;
لأنّ من نال الفلاح نال حياة طيبة .
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - :
-" يعطى بها في الدنيا " ،
يدل على ذلك أيضا .
وابن كثير إنّما ساق الأحاديث المذكورة لينبه على أنها ترجح القول المذكور .
والعلم عند الله تعالى .
وقد تقرر في الأصول : أنّه إذا دار الكلام بين التوكيد والتأسيس رجّح حمله على التأسيس :
وإليه أشار في مراقي السعود جامعا له مع نظائر يجب فيها تقديم الراجح من الاحتمالين بقوله :
كذاك ما قابل ذا اعتلال من التأصل والاستقلال ** ومن تأسس عموم وبقا
الإفراد والإطلاق مما ينتقى ** كذاك ترتيب لإيجاب العمل بما له الرجحان مما يحتمل
ومعنى كلام صاحب المراقي : أنّه يقدّم محتمل اللفظ الراجح على المحتمل المرجوح ،
كالتأصّل ، فإنه يقدم على الزيادة :
نحو :
-ليس كمثله شيء [ 42 \ 11 ] ،
يحتمل كون الكاف زائدة .
ويحتمل أنّها غير زائدة .
والمراد بالمثل الذات ;
كقول العرب : مثلك لا يفعل هذا ،
يعنون أنت لا ينبغي لك أن تفعل هذا ،
فالمعنى : ليس كالله شيء .
ونظيره من إطلاق المثل وإرادة الذات :
-وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله [ 46 \ 10 ] ،
أي : على نفس القرآن لا شيء آخر مماثل له ،
وقوله :
-كمن مثله في الظلمات [ 6 \ 122 ] ،
أي : كمن هو في الظلمات .
وكالاستقلال ، فإنّه يقدم على الإضمار ;
كقوله تعالى :
-أن يقتلوا أو يصلبوا الآية [ 5 \ 33 ] ،
فكثير من العلماء يضمرون قيودا غير مذكورة
فيقولون : أن يقتلوا إذا قتلوا ، أو يصلبوا إذا قتلوا وأخذوا المال ، أو تقطع أيديهم وأرجلهم إذا أخذوا المال ولم يقتلوا . . إلخ .
فالمالكية يرجحون أنّ الإمام مخير بين المذكورات مطلقا ;
لأنّ استقلال اللفظ أرجح من إضمار قيود غير مذكورة ;
لأنّ الأصل عدمها حتى تثبت بدليل ; كما أشرنا إليه سابقا في ( المائدة )
وكذلك التأسيس يقدم على التأكيد وهو محل الشاهد ;
كقوله :
-فبأي آلاء ربكما تكذبان [ 55 \ 59 ، 61 ، 63 ، 65 ، 67 ، 69 ، 71 ، 73 ، 75 ] ، في ( سورة الرحمن ) ،
وقوله :
-ويل يومئذ للمكذبين [ 77 \ 19 ، 24 ، 28 ، 34 ، 37 ، 40 ، 45 ، 47 ، 49 ] ، ( في المرسلات ) .
قيل : تكرار اللفظ فيهما توكيد ،
وكونه تأسيساً أرجح لما ذكرنا .
فتحمل الآلاء في كل موضع على ما تقدم .
قيل : لفظ ذلك التكذيب فلا يتكرر منها لفظ .
وكذا يقال في ( سورة المرسلات ) فيحمل على المكذبين بما ذكر ، قيل كل لفظ إلخ .
فإذا علمت ذلك فاعلم - أنّا إن حملنا الحياة الطيبة في الآية على الحياة الدنيا كان ذلك تأسيسا .
وإن حملناها على حياة الجنة تكرر ذلك مع قوله بعده :
-ولنجزينهم أجرهم الآية [ 16 \ 97 ] ;
لأنّ حياة الجنة الطيبة هي أجرهم الذي يجزونه .
وقال أبو حيان في ( البحر ) :
والظاهر من قوله تعالى :
-فلنحيينه حياة طيبة [ 16 \ 97 ] ،
أنّ ذلك في الدنيا ;
وهو قول الجمهور .
ويدل عليه قوله :
-ولنجزينهم أجرهم [ 16 \ 97 ] ،
يعني في الآخرة .
والله أعلم
الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله أضواء البيان
.. الموضوع : 𝛯𝛯𝛯ᚘتفسير: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمنᚘ𝛯𝛯𝛯 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
واسلاماهالمراقبة العامة
تاريخ التسجيل : 23/06/2009
| |
أم شروقالمراقبة العامة
تاريخ التسجيل : 12/07/2011
| |