| منتديات تقى الإسلامية :: .:: المنتديات الشرعية ::. :: ملتقيات علوم الغاية :: القرآن الكريم | شاطر | | | | مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة | |
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:32 | |
| تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا وحبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم. نعيش في هذا البحث إن شاء الله تعالى مع أعظم دستور للمعاملات عرفه الإنسان . حيث الأداب الربانية الرفيعة والأخلاق التي إن طبقناها لأصبحنا خير أمة أخرجت للناس. ويعتمد هذا البحث على كتاب الله ( القرآن العظيم ) وكتب التفسير المعتمدة مثل الطبري وابن كثير والأحاديث الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح كالبخاري ومسلم . والمراجع العلمية التي أهتمت بهذا الجانب وهي كثيرة . . والله الموفق إلى صالح الأعمال. الجزء الأول بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -1 الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ -2 الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -3 مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ -4 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ -5 اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ -6 صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ-7 **** نلاحظ هنا كيف بدأ القرآن العظيم بصفة الرحمة لله عز وجل ليدلك أن الإسلام كله رحمة . قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ -107 الأنبياء الرحمن الرحيم
الاسمان مشتقان من الرحمة , الرحمة التامة وهي إفاضة الخير على العباد. والرحمة العامة تعم جميع الخلائق , فإن رحمة الله تامة عامة ومن رحمة تعالى أن أنعم علينا بالإيجاد ثم بالهداية للإيمان ثم بأسباب السعادة في الدنيا ثم السعادة في الأخرة قال رسول الله : إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق : إن رحمتي سبقت غضبي ، فهو مكتوب عنده فوق العرش . الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7554 خلاصة الدرجة: صحيح وقال رسول الله : إن لله مائة رحمة . أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام . فبها يتعاطفون . وبها يتراحمون . وبها تعطف الوحش على ولدها . وأخر الله تسعا وتسعين رحمة . يرحم بها عباده يوم القيامة الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2752 خلاصة الدرجة: صحيح
وقال رسول الله : الراحمون يرحمهم الله ، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: ابن دقيق العيد - المصدر: الاقتراح - الصفحة أو الرقم: 127 خلاصة الدرجة: صحيح فيجب أن نتخلق بهذا الخلق ألا وهو الرحمة , فالراحمون يرحمهم الرحمن . ***** خلق الاستقامة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ندرك من الآية مدى قيمة الاستقامة على طريق الحق , فالطريق المستقيم هو أقرب الطرق الى الهدف أما الطرق المعوجة فلا تؤدي إلى شئ إلا الهلاك - والطريق المستقيم هو طريق المؤمنين الذين أنعم الله عليهم في الدنيا والاخرة صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ. ***** ومع أنوار سورة البقرة نلاحظ فضيلة التقوى من أولها , وكيف تؤدي التقوى بصاحبها إلى الفلاح في الدنيا والجنات في الاخرة , فالتقوى هي خوف من الله تعالى في القلب ينعكس على كل جوارح الإنسان فيكون عبدا ربانيا , لايعصي الله ولا يعصي رسول الله قال تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم -1 ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ -2 الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ -3 وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ -4 أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ-5 أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة, المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلم العظيم, والحق المبين. والهدى: ما تحصل به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة. والتقوى اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه, بامتثال أوامره, واجتناب النواهي, فاهتدوا به, وانتفعوا غاية الانتفاع. والهداية نوعان: هداية البيان, وهداية التوفيق. فالمتقون حصلت لهم الهدايتان, فإقامة الصلاة, إقامتها ظاهرا, بإتمام أركانها, وواجباتها, وشروطها. وإقامتها باطنا بإقامة روحها, وهو حضور القلب فيها, وتدبر ما يقوله ويفعله منها، فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ – 45 العنكبوت وكثيرا ما يجمع الله تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن, لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود, وسعيه في نفع الخلق، فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول, فلا يفرقون بين أحد منهم. أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وحصر الفلاح فيهم؛ لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم, وفي نهاية الربع الأول بشرى للمؤمنين الذين يعملون الصالحات , بكل ما تعنيه كلمة الإصلاح , سواء للدنيا أو للآخرة. قال تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - 25 **** وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:48 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الحادي عشر ( 3 ) و بعض أيات من سورة يونس قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا.. مبدأ الهداية و الرحمة للمؤمنين وأسباب السعادة قد يظن البعض أن الإيمان يضيق على الناس و يعيش مكتئبا مهموما , وهذا تصور خاطئ تماما . وقد حرص أعداء الإسلام على ترويج الصور الكئيبة عن المسلمين وإظهار حالتهم على أسوء مايكون وذلك لتنفير الناس من الدخول في دين الله . وفي واقع الأمر لو عرف الناس مدى السعادة التي يحياها المؤمن الحق لتنافسوا في الدخول في الإسلام أمما وشعوبا . قال تعالى : مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ -97 النحل وقال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ -21 الروم فحياة المؤمن كلها مودة ورحمة على من حوله بينه وبين أهله وبينه وبين أهل بلدته وبينه وبين العالم أجمع , فالمؤمن مكلف بتبليغ رسالة الله تعالى للعالم , وبالتالي فهو محب لمن يدعوه . بينما غير المؤمن يعيش حياة تعيسة كلها القلق والخوف والضياع بين الملذات الفانية والتمزق النفسي الذي يؤدي به إلى الإنتحار أو العيادات النفسية. فهو مبغض لنفسه ولمن حوله ولا تحركه إلا المنافع المادية إن ضعفت أمامه غدر بك . قال تعالى: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ – 31 الحج ونستمع إلى آيات سورة يونس وأسباب السعادة للبشر يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ - 57 قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ - 58 يقول تعالى - مرغبًا للخلق في الإقبال على هذا الكتاب العظيم، بذكر أوصافه الحسنة الضرورية للعباد فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ أي: تعظكم، وتنذركم عن الأعمال الموجبة لسخط الله، المقتضية لعقابه وتحذركم عنها ببيان آثارها ومفاسدها. ﴿وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾ وهو هذا القرآن، شفاء لما في الصدور من أمراض الشهوات الصادة عن الانقياد للشرع وأمراض الشبهات، القادحة في العلم اليقيني، فإن ما فيه من المواعظ والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة. وكذلك ما فيه من البراهين والأدلة التي صرفها الله غاية التصريف، وبينها أحسن بيان ليصل بالقلب إلى أعلى درجات اليقين. وإذا صح القلب من مرضه، ورفل بأثواب العافية، تبعته الجوارح كلها، فإنها تصلح بصلاحه، وتفسد بفساده. ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ فالهدى هو العلم بالحق والعمل به. والرحمة هي ما يحصل من الخير والإحسان، والثواب العاجل والآجل، لمن اهتدى به، فالهدى أجل الوسائل، والرحمة أكمل المقاصد والرغائب، ولكن لا يهتدي به، ولا يكون رحمة إلا في حق المؤمنين. وإذا حصل الهدى، وحلت الرحمة الناشئة عنه، حصلت السعادة والفلاح، والربح والنجاح، والفرح والسرور. ولذلك أمر تعالى بالفرح بذلك فقال: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ﴾ الذي هو القرآن، الذي هو أعظم نعمة ومنة، وفضل تفضل الله به على عباده ﴿وَبِرَحْمَتِهِ﴾ الدين والإيمان، وعبادة الله ومحبته ومعرفته. ﴿فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ من متاع الدنيا ولذاتها. فنعمة الدين المتصلة بسعادة الدارين، لا نسبة بينها، وبين جميع ما في الدنيا، مما هو مضمحل زائل عن قريب. وإنما أمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته، لأن ذلك مما يوجب انبساط النفس ونشاطها، وشكرها لله تعالى، وقوتها، وشدة الرغبة في العلم والإيمان الداعي للازدياد منهما، وهذا فرح محمود، بخلاف الفرح بشهوات الدنيا ولذاتها، أو الفرح بالباطل، فإن هذا مذموم كما قال تعالى, عن قوم قارون له: ﴿لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ القصص 76 . وكما قال تعالى في الذين فرحوا بما عندهم من الباطل المناقض لما جاءت به الرسل: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾ غافر 83 ******** مبدأ الولاية لله تعالى أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ - 62 الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ – 63 لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ - 64 يخبر تعالى عن أوليائه وأحبائه، ويذكر أعمالهم وأوصافهم، وثوابهم فقال: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ فيما يستقبلونه مما أمامهم من المخاوف والأهوال. ﴿وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ على ما أسلفوا، لأنهم لم يسلفوا إلا صالح الأعمال، وإذا كانوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ثبت لهم الأمن والسعادة، والخير الكثير الذي لا يعلمه إلا الله تعالى. ثم ذكر وصفهم فقال: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وصدقوا إيمانهم، باستعمال التقوى، بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي. فكل من كان مؤمنًا تقيًا كان لله تعالى وليًا، و ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ أما البشارة في الدنيا، فهي: الثناء الحسن، والمودة في قلوب المؤمنين، والرؤيا الصالحة، وما يراه العبد من لطف الله به وتيسيره لأحسن الأعمال والأخلاق، وصرفه عن مساوئ الأخلاق. وأما في الآخرة، فأولها البشارة عند قبض أرواحهم، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلا تَخَافُوا ولا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾30 فصلت وفي القبر ما يبشر به من رضا الله تعالى والنعيم المقيم. وفي الآخرة تمام البشرى بدخول جنات النعيم، والنجاة من العذاب الأليم. ﴿لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ بل ما وعد الله فهو حق، لا يمكن تغييره ولا تبديله . ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ لأنه اشتمل على النجاة من كل محذور، والظفر بكل مطلوب محبوب، وحصر الفوز فيه، لأنه لا فوز لغير أهل الإيمان والتقوى. والحاصل أن البشرى شاملة لكل خير وثواب، رتبه الله في الدنيا والآخرة، على الإيمان والتقوى، ولهذا أطلق ذلك، فلم يقيده. ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم في الآخرة من عقاب الله, ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا وأخلاق هؤلاء الأولياء, أنهم الذين صدَّقوا الله واتبعوا رسوله وما جاء به من عند الله, وكانوا يتقون الله بامتثال أوامره, واجتناب معاصيه ****** وإلى الجزء التالي إن شاء الله الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:49 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثاني عشر (1) و بعض أيات من سورة هود هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا.. مبدأ عمارة الأرض في جميع ميادين الحياة جاء الإسلام لإزاحة الجهل والتخلف سواء في العقائد أو المعاملات , وأنار للإنسان الطريق المستقيم لقيام حضارة على هذا الكوكب مبنية على العلم والإيمان. وبهذا المفهوم الواضح قامت الحضارة الإسلامية التي هي أساس الحضارة الحديثة في الجانب المادي , ولإسباب عديدة تسلم شعلة الحضارة المادية أخرون. فالحضارة على الأرض لابد أن تبلغ ذروتها هذا تقدير الله تعالى. قال تعالى : حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ -24 يونس ولكن على المسلمين إدراك حقيقة في غاية الأهمية وهي أنهم مطالبون بالإمساك بشعلة الحضارة كما فعل أسلافنا وذلك ليكونوا منارة وهداية للبشرية لإنقاذها من الكفر والشرك والإحاد , فالحضارة في الإسلام وسيلة للتقرب من الخالق تبارك وتعالى , ووسيلة لفهم آيات الله تعالى في الكون . قال تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ – 53 فصلت وبناءا على ذلك يكون البحث العلمي واجب إيماني للنهوض بشعوبنا في شتى مجالات الحياة دون الإعتماد الكلي على الإستيراد ممن يسيئون إلى الإسلام والمسلمين وينظرون إليهم على أنهم شعوب متخلفة , وكلنا قرأنا ما ورد في الصحافة, عما يحدث في سويسرا وهولندا من حذر لبناء المأذن أربعة مساجد فقط في سويسرا لها مآذن (رويترز)
أعلن حزب الحرية اليميني الهولندي أنه سيطالب الحكومة بإجراء استفتاء على حظر بناء مآذن للمساجد على غرار الاستفتاء الذي أجرته سويسرا، ودعا إلى حظر القرآن الكريم أيضا..
وكنا ننظر إليهم سابقا – أيام العصر الذهبي للدولة الإسلامية – على أنهم شعوب متخلفة ولكن لم نسئ إليهم بل كانت دور العلم في الدولة الإسلامية مفتوحة للجميع وجميع مؤلفات علماء الإسلام في متناول الجميع , وهذا هو الفرق بين أن نكون متحضرين فنساعد العالم . وبين أن نكون غير ذلك تضيع ثرواتنا في الإستيراد لكل متطلبات الحياة . فهيا لعمارة أوطاننا بالعلم والإيمان لتتحقق لنا السيادة والكرامة بين الأمم. ونستمع إلى كلام ربنا
وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ -61 ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ﴾ أي: خلقكم فيها ﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ أي: استخلفكم فيها وطلب منكم إعمارها، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، ومكنكم في الأرض، تبنون، وتغرسون، وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون مصالحها، فكما أنه لا شريك له في جميع ذلك، فلا تشركوا به في عبادته. ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ مما صدر منكم، من الكفر، والشرك، والمعاصي, وأقلعوا عنها، ﴿ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ أي: ارجعوا إليه بالتوبة النصوح، والإنابة، ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾ أي: قريب ممن دعاه دعاء مسألة، أو دعاء عبادة، يجيبه بإعطائه سؤله، وقبول عبادته، وإثابته عليها، أجل الثواب، واعلم أن قربه تعالى نوعان: عام، وخاص، فالقرب العام: قربه بعلمه، من جميع الخلق، وهو المذكور في قوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ والقرب الخاص: قربه من عابديه، وسائليه، ومحبيه، وهو المذكور في قوله تعالى ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ وفي هذه الآية، وفي قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ وهذا النوع، قرب يقتضي إلطافه تعالى، وإجابته لدعواتهم، وتحقيقه لمراداتهم، ولهذا يقرن، باسمه "القريب" اسمه "المجيب"
إن غيرنا من الأمم المتحضرة التزمت بعمارة الأرض , وكان أولى بالمسلمين أن يهتموا به حتى يطبقوا أخلاقيات الإسلام بكل جوانبها فنحن أمة متحضرة , وإن الواقع الإيماني يفرض علينا ذلك . قال تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ -190ال عمران هذه أول مبادئ الإكتشافت العلمية , التأمل والتدبر فيما حولنا من قوانين وضعها الله تعالى في الكون مثل قانون الجاذبية إلى غير ذلك من قوانين قامت عليها كل الصناعات الحديثة. قال تعالى: .. قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ – 9 الزمر ******* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:49 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثاني عشر (2) بعض آيات من خواتم سورة هود وترسيخ مبدأ الاستقامة فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ - 112 وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ -113 الاستقامة هي سلوك ما شرعه الله من الشرائع، واعتقاد ما أخبر الله به من العقائد الصحيحة، ولا نزيغ عن ذلك يمنة ولا يسرة، والدوام على ذلك، ولا نطغى بأن نتجاوز ما حده الله لنا من الاستقامة. وفي الحديث الشريف, أن معاذ بن جبل أراد سفرا فقال يا رسول الله أوصني, قال اعبد الله ولا تشرك به شيئا قال زدني يا رسول الله قال إذا أسأت فأحسن قال زدني قال: استقم ولتحسن خلقك . الراوي: معاذ بن جبل المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: الأمالي المطلقة - الصفحة أو الرقم: 132 خلاصة الدرجة: حسن وقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول : اتق الله فينا ، فإنما نحن بك ، فإن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا . الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2407 خلاصة الدرجة: حسن عن سفيان بن عبدالله الثقفي قال , قلت يارسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك, قال: قل آمنت بالله ثم استقم . الراوي: سفيان بن عبدالله الثقفي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4395 خلاصة الدرجة: صحيح والاستقامة تشمل جميع جوانب الحياة , وبقدر تحقق الاستقامة في أي مجتمع بقدر ازدهاره حضاريا , فالاستقامة تعني عدم الإنحراف عن الحق , والانحراف والفساد في أي مجتمع يقضي عليه حتما . ولذلك أمرنا المولى جل جلاله بالاستقامة في أول سورة في القرآن العظيم . اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - 6 صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ - 7 فالطريق المستقيم هو الطريق الواضح الموصل إلى الله, وإلى جنته, وهو معرفة الحق والعمل به, فامرنا أن ندعوه دائما في جميع صلواتنا اهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط. فالهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام, وترك ما سواه من الأديان, والهداية في الصراط, تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا. فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته, لضرورته إلى ذلك. وهذا الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . وقوله: ﴿إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ أي: لا يخفى عليه من أعمالكم شيء, وسيجازيكم عليها، ففيه ترغيب لسلوك الاستقامة، وترهيب من ضدها، ولهذا حذرهم عن الميل إلى من تعدى الاستقامة فقال: ﴿وَلا تَرْكَنُوا﴾ أي: لا تميلوا ﴿إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ فإنكم، إذا ملتم إليهم، ووافقتموهم على ظلمهم، أو رضيتم ما هم عليه من الظلم ﴿فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ إن فعلتم ذلك ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ يمنعونكم من عذاب الله، ولا يحصلون لكم شيئا، من ثواب الله. ﴿ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ﴾ أي: لا يدفع عنكم العذاب إذا مسكم، ففي هذه الآية: التحذير من الركون إلى كل ظالم، والمراد بالركون، الميل والانضمام إليه بظلمه وموافقته على ذلك، والرضا بما هو عليه من الظلم. وإذا كان هذا الوعيد في الركون إلى الظلمة، فكيف حال الظلمة بأنفسهم؟!! نسأل الله العافية من الظلم. وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ - 114 وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ - 115 يأمر تعالى بإقامة الصلاة كاملة ﴿طَرَفَيِ النَّهَارِ﴾ أي: أوله وآخره، ويدخل في هذا، صلاة الفجر، وصلاتا الظهر والعصر،﴿وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾ ويدخل في ذلك، صلاة المغرب والعشاء، ويتناول ذلك قيام الليل، فإنها مما تزلف العبد، وتقربه إلى الله تعالى. ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ أي: فهذه الصلوات الخمس، وما ألحق بها من التطوعات من أكبر الحسنات، وهي: مع أنها حسنات تقرب إلى الله، وتوجب الثواب، فإنها تذهب السيئات وتمحوها، والمراد بذلك: الصغائر، كما قيدتها الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل قوله: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر"، قال تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا﴾ 31 النساء ذلك و لعل الإشارة، لكل ما تقدم، من لزوم الاستقامة على الصراط المستقيم، وعدم مجاوزته وتعديه، وعدم الركون إلى الذين ظلموا، والأمر بإقامة الصلاة، وبيان أن الحسنات يذهبن السيئات، الجميع ﴿ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ يفهمون بها ما أمرهم الله به، ونهاهم عنه، ويمتثلون لتلك الأوامر الحسنة المثمرة للخيرات، الدافعة للشرور والسيئات، ولكن تلك الأمور، تحتاج إلى مجاهدة النفس، والصبر عليها، ولهذا قال:﴿وَاصْبِرْ﴾ أي: احبس نفسك على طاعة الله، وعن معصيته، وإلزامها لذلك، واستمر ولا تضجر. ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ بل يتقبل الله عنهم أحسن الذي عملوا، ويجزيهم أجرهم، بأحسن ما كانوا يعملون، وفي هذا ترغيب عظيم، للزوم الصبر، بتشويق النفس الضعيفة إلى ثواب الله، كلما ونت وفترت. وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ . ****** وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:50 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثالث عشر (1) مع بعض ايات من سورة يوسف مبدأ العفو والتسامح عند المقدرة نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ - 3 ومع قصة يوسف و إخوته الذين تأمروا عليه وهو صغير .. ووضعوه في البئر حيث الهلاك. قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ - 10 ولكن الله تعالى أنجاه من هذه المؤامرة .. وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ - 19 وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ - 20 وتربى يوسف في بيت العزيز في مصر , وتعرض إلى أشد الفتن ولكنه كان أمينا ولم يقع في الحرام , بل فضل السجن على الوقوع في الفاحشة. قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ - 33 فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - 34 ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ -35 وتمر الأحداث ويرى ملك مصر رؤيا منامية لا يستطيع أحد تفسيرها , وتذكر ساقي الملك قدرة يوسف في تفسير الرؤيا , فلما أراد الله تعالى أن يخرج يوسف من السجن، أرى الله الملك هذه الرؤيا العجيبة، الذي تأويلها يتناول جميع الأمة، ليكون تأويلها على يد يوسف، فيظهر من فضله، ويبين من علمه ما يكون له رفعة في الدارين، ومن التقادير المناسبة أن الملك الذي ترجع إليه أمور الرعية هو الذي رآها، لارتباط مصالحها به. وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ - 43 قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأحْلامِ بِعَالِمِينَ - 44 وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِي – 45 يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ - 46 قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ - 47 ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ - 48 ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ - 49 وتتعرض المنطقه الى سنوات من الشدة ولولا فضل الله على يوسف بأن فسر رؤيا الملك بالعمل الجاد في الزراعة سبع سنين وتخزين كميات كبيرة تكفي لفترات الجدب القادمة لحدثت كارثة ومجاعة لا يعلمها إلا الله , ولكن فضل الله عظيم. ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ أي: بعد السبع الشداد ﴿عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ أي: فيه تكثر الأمطار والسيول، وتكثر الغلات، وتزيد على أقواتهم، حتى إنهم يعصرون العنب ونحوه زيادة على أكلهم، ولعل استدلاله على وجود هذا العام الخصب، مع أنه غير مصرح به في رؤيا الملك، لأنه فهم من التقدير بالسبع الشداد، أن العام الذي يليها يزول به شدتها،.ومن المعلوم أنه لا يزول الجدب المستمر سبع سنين متواليات، إلا بعام مخصب جدا، وإلا لما كان للتقدير فائدة، فلما رجع الرسول إلى الملك والناس، وأخبرهم بتأويل يوسف للرؤيا، عجبوا من ذلك، وفرحوا بها أشد الفرح. وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ -54 قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ - 55 وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ - 56 ولأجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ -57 فبالتقوى تترك الأمور المحرمة من كبائر الذنوب وصغائرها، وبالإيمان التام يحصل تصديق القلب، بما أمر الله بالتصديق به، وتتبعه أعمال القلوب وأعمال الجوارح، من الواجبات والمستحبات. ويصبح يوسف وزيرا للمالية... ويأتي أخوة يوسف إلى مصر في طلب الإمداد بالقمح .. فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ -88 وكان في إمكان يوسف أن ينتقم لما حدث له ولكن أخلاق المؤمن لا تعرف الحقد والانتقام , قال تعالى: والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين – ال عمران 134 قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ - 89 قَالُوا أَئِنَّكَ لأنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ - 90 قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ - 91 قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ – 92 **** وكذلك عفا نبينا صلى الله عليه وسلم عفوا عاما عن الذين أسأوا إليه وإلى المسلمين... فى فتح مكة حيث قال لاهل قريش الذين قاتلوه وأذوه . , لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين . ولجأت صناديد قريش وعظماؤها إلى الكعبة ، يعني دخلوا فيها ، قال : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طاف بالبيت فجعل يمر بتلك الأصنام ويطعنها بسية القوس ويقول : جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا . حتى إذا فرغ وصلى جاء فأخذ بعضادتي الباب ، ثم قال : يا معشر قريش ما تقولون ؟ قالوا : نقول : ابن أخ وابن عم رحيم كريم . ثم أعاد عليهم القول : ما تقولون ؟ قالوا : مثل ذلك قال : فإني أقول كما قال أخي يوسف : لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، فخرجوا فبايعوه على الإسلام المصدر: الأحكام الصغرى - الصفحة أو الرقم: 558 خلاصة الدرجة: [أشار في المقدمة أنه صحيح الإسناد] وبهذا يتأكد للعالمين سماحة الإسلام , وعلى البشرية اليوم أن يتعرفوا إلى مبادئ الإسلام التي إن طبقت لعم التراحم والحب بين الناس جميعا . قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ -108 ***** و إلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:50 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثالث عشر (2) وبعض آيات من سورة الرعد إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ **** مبدأ تغير النفس والعمل الجاد إن أكثر ما يضيع الإنسان والمجتمعات الأماني الفارغة دون عمل ودون الهمة والنشاط والسعي لطلب ما يسعده في الدنيا والأخرة . قال تعالى في سورة النساء : لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا -123 وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا -124 أي: لَيْسَ الأمر والنجاة والتزكية بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ . والأماني: أحاديث النفس المجردة عن العمل، وهذا عامّ في كل أمر، فكيف بأمر الإيمان والسعادة الأبدية ؟! فإن أماني أهل الكتاب قد أخبر الله بها أنهم قالوا: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ - سورة البقرة -111 وكذلك أدخل الله في ذلك من ينتسب إلى الإسلام لكمال العدل والإنصاف، فإن مجرد الانتساب إلى أي دين كان، لا يفيد شيئا إن لم يأت الإنسان ببرهان على صحة دعواه، فالأعمال تصدق الدعوى أو تكذبها . وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا دخل في ذلك سائر الأعمال القلبية والبدنية ، صغير أو كبير، ذكر أو أنثى. والإيمان شرط لجميع الأعمال، لا تكون صالحة ولا تقبل ولا يترتب عليها الثواب ولا يندفع بها العقاب إلا بالإيمان. فالأعمال بدون الإيمان كأغصان شجرة قطع أصلها وكبناء بني على موج الماء، فالإيمان هو الأصل والأساس والقاعدة التي يبنى عليه كل شيء، وهذا القيد ينبغي التفطن له في كل عمل أطلق، فإنه مقيد به. والعمل ضرورة لصدق الإنسان على ما يعتقده , ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني . الراوي : شداد بن أوس - المحدث : السفاريني الحنبلي – المصدر : شرح كتاب الشهاب - الصفحة أو الرقم - 289 خلاصة الدرجة : إسناده صحيح وهذا تكريم لبني البشر إذ جعلهم مختارين بين سلوك طريق الإيمان أو سلوك طرق الشر. ولقد شملتنا العناية الإلهية منذ كنا في بطون الأمهات لا حول لنا ولا قوة إلى أن خرجنا إلى الدنيا ضعافا رضع , فوهب الله تعالى لنا نعم لا تعد ولا تحصى . وعلم الإنسان مالم يعلم , وأرسل له الرسل صلوات ربي وسلامه عليهم لإرشاده للطريق المستقيم حتى يسعد في الدنيا والأخرة . ومع بعض آيات من سورة الرعد. اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ – 8 عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ - 9 سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ - 10 لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ – 11 يخبر تعالى بعموم علمه وسعة اطلاعه وإحاطته بكل شيء فقال: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى من بني آدم وغيرهم، وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ أي: تنقص مما فيها إما أن يهلك الحمل أو يتضاءل أو يضمحل وَمَا تَزْدَادُ الأرحام وتكبر الأجنة التي فيها، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ لا يتقدم عليه ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص إلا بما تقتضيه حكمته وعلمه. فإنه عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ في ذاته وأسمائه وصفاته الْمُتَعَالِ على جميع خلقه بذاته وقدرته وقهره. سَوَاءٌ مِنْكُمْ في علمه وسمعه وبصره. مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ أي: مستقر بمكان خفي فيه، وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ أي: داخل سربه في النهار والسرب هو ما يختفي فيه الإنسان إما جوف بيته أو غار أو مغارة أو نحو ذلك. لَه أي: للإنسان مُعَقِّبَاتٌ من الملائكة يتعاقبون في الليل والنهار. مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي: يحفظون بدنه وروحه من كل من يريده بسوء، ويحفظون عليه أعماله، وهم ملازمون له دائما، فكما أن علم الله محيط به، فالله قد أرسل هؤلاء الحفظة على العباد، بحيث لا تخفى أحوالهم ولا أعمالهم، ولا ينسى منها شيء، إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ من النعمة والإحسان ورغد العيش بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية، أو من شكر نعم الله إلى البطر بها فيسلبهم الله عند ذلك إياها. وكذلك إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا أي: عذابا وشدة وأمرا يكرهونه، فإن إرادته لا بد أن تنفذ فيهم. فـإنه لا مَرَدَّ لَهُ ولا أحد يمنعهم منه، وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ يتولى أمورهم فيجلب لهم المحبوب، ويدفع عنهم المكروه، فليحذروا من الإقامة على ما يكره الله خشية أن يحل بهم من العقاب ما لا يرد عن القوم المجرمين. وقد ورد في سورة الأنفال تأكيد ذلك المعنى , ومثالا حيا لمن كذبوا رسالة ربهم وماذا كان مصيرهم. ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - 53 كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ - 54 ذَلِكَ العذاب الذي أوقعه اللّه بالأمم المكذبين وأزال عنهم ما هم فيه من النعم والنعيم، بسبب ذنوبهم وتغييرهم ما بأنفسهم،فإن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم من نعم الدين والدنيا، بل يبقيها ويزيدهم منها، إن ازدادوا له شكرا. حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ من الطاعة إلى المعصية فيكفروا نعمة اللّه ويبدلوها كفرا، فيسلبهم إياها ويغيرها عليهم كما غيروا ما بأنفسهم. وللّه الحكمة في ذلك والعدل والإحسان إلى عباده، حيث لم يعاقبهم إلا بظلمهم، وحيث جذب قلوب أوليائه إليه، بما يذيق العباد من النكال إذا خالفوا أمره. وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يسمع جميع ما نطق به الناطقون، سواء من أسر القول ومن جهر به،ويعلم ما تنطوي عليه الضمائر، وتخفيه السرائر، فيجري على عباده من الأقدار ما اقتضاه علمه وجرت به مشيئته. كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ أي: فرعون وقومه وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ حين جاءتهم فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ كل بحسب جرمه. وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ من المهلكين المعذبين كَانُوا ظَالِمِينَ لأنفسهم، ساعين في هلاكها، لم يظلمهم اللّه، ولا أخذهم بغير جرم اقترفوه،فليحذر المخاطبون أن يشابهوهم في الظلم، فيحل اللّه بهم من عقابه ما أحل بأولئك الفاسقين. ***** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:51 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثالث عشر (3) وبعض آيات من سورة الرعد الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ **** القلوب المطمئنة مع اليقين بالله مالك الكون, الرزاق, المهيمن, العليم, البصير بعباده, المدافع عن المؤمنين , يعيش المؤمن حياة مطمئنة بذكر الله تعالى مع كلام الله تلاوة وتدبرا. فإن الفزع والخوف من المجهول ليس من أخلاق المؤمنين . وبهذه الطمئنينة ترى المؤمن في حالة سلام مع النفس وسلام مع من حوله , لا ينظر لما في أيدي الناس , كلها أعراض زائلة , .. لا يزاحم ولا يتدافع كما يفعل بعض الناس , يكاد الفرد أن يقتل أخاه من شدة التدافع في أمور تافهة ومحسومة , فلا يأخذ الإنسان إلا ما كتب له. ولكنها عدم الطمئنينة . فالمؤمن مفتاح للخير, كما ورد في الحديث الشريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من الناس ناسا مفاتيحا للخير مغاليقا للشر ، و من الناس مفاتيحا للشر مغاليقا للخير. فطوبى لمن جعل الله مفتاح الخير على يديه ، و ويل لمن جعل مفتاح الشر على يديه . الراوي: أنس بن مالك - المصدر: تخريج كتاب السنة - الألباني - الصفحة أو الرقم: 297 خلاصة الدرجة: حسن فالمؤمن الذاكر يرى بنور الله , محب الخير للبشر , مكلف بنشر رسالة الله تعالى إليهم . رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ - 37 لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ -38 النور هل أدركنا قيمة الذكر في حياة المؤمن ؟ وأن دوام الذكر مع القرآن العظيم ينعكس على الأخلاق والمعاملات , ليعم الخير والسعادة على المؤمن وعلى من حوله في الدنيا وفي الأخرة النعيم المقيم فضلا من الله ورحمة. الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ -28 الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ -29 ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ أي: يزول قلقها واضطرابها، وتحضرها أفراحها ولذاتها. ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ أي: حقيق بها وحريٌّ أن لا تطمئن لشيء سوى ذكره، فإنه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها، والأنس به ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذكرها له، هذا على القول بأن ذكر الله، ذكر العبد لربه، من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك. وقيل: إن المراد بذكر الله كتابه الذي أنزله ذكرى للمؤمنين، فعلى هذا معنى طمأنينة القلوب بذكر الله: أنها حين تعرف معاني القرآن وأحكامه تطمئن لها، فإنها تدل على الحق المبين المؤيد بالأدلة والبراهين، وبذلك تطمئن القلوب، فإنها لا تطمئن القلوب إلا باليقين والعلم، وذلك في كتاب الله، مضمون على أتم الوجوه وأكملها، وأما ما سواه من الكتب التي لا ترجع إليه فلا تطمئن بها، بل لا تزال قلقة من تعارض الأدلة وتضاد الأحكام. ﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ﴾ -82 النساء. وهذا إنما يعرفه من خبر كتاب الله وتدبره، وتدبر غيره من أنواع العلوم، فإنه يجد بينها وبينه فرقا عظيما. ثم قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي: آمنوا بقلوبهم بالله وملائكته، وكتبه ورسله واليوم الآخر، وصدقوا هذا الإيمان بالأعمال الصالحة، أعمال القلوب كمحبة الله وخشيته ورجائه، وأعمال الجوارح كالصلاة ونحوها، ﴿طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ أي: لهم حالة طيبة ومرجع حسن. وذلك بما ينالون من رضوان الله وكرامته في الدنيا والآخرة، وأن لهم كمال الراحة وتمام الطمأنينة، ومن جملة ذلك شجرة طوبى التي في الجنة، التي يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها، كما وردت بها الأحاديث الصحيحة. طوبى شجرة في الجنة ، مسيرة مائة عام ، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها . الراوي: أبو سعيد الخدري - المصدر: صحيح الجامع - الألباني - الصفحة أو الرقم: 3918 خلاصة الدرجة: حسن ******* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:51 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثالث عشر (4) وبعض آيات من سورة أبراهيم كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ***** تطالعنا سورة إبراهيم بمقاصد الرسالة الالهية . إخراج الناس من ظلمات الكفر والشرك والإلحاد وجميع المعتقدات الباطلة . وكذلك إخراجهم من ظلمات الجهل والتخلف وسوء الأخلاق والفقر والصراعات الدموية البغيضة على تفاهات , الخروج من كل تلك الظلمات إلى نور التوحيد والهداية والعلم والأخلاق الفاضلة وآداب المعاملات بين البشر والرحمة. قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ – 107 الأنبياء فالذين أمنوا ، قبلوا هذه الرحمة، وشكروها، وقاموا بها، وغيرهم كفرها، وبدلوا نعمة الله كفرا، وأبوا رحمة الله ونعمته . ****** الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ – 1 اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ - 2 الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ - 3 يخبر تعالى أنه أنزل كتابه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لنفع الخلق، ليخرج الناس من ظلمات الجهل والكفر والأخلاق السيئة وأنواع المعاصي إلى نور العلم والإيمان والأخلاق الحسنة، وقوله: ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ أي: لا يحصل منهم المراد المحبوب لله، إلا بإرادة من الله وعونة، ففيه حث للعباد على الاستعانة بربهم. ثم فسر النور الذي يهديهم إليه هذا الكتاب فقال: ﴿إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ أي: الموصل إليه وإلى دار كرامته، المشتمل على العلم بالحق والعمل به، وفي ذكر ﴿العزيز الحميد﴾ بعد ذكر الصراط الموصل إليه إشارة إلى أن من سلكه فهو عزيز بعز الله قوي ولو لم يكن له أنصار إلا الله، محمود في أموره، حسن العاقبة. وليدل ذلك على أن صراط الله من أكبر الأدلة على ما لله من صفات الكمال، ونعوت الجلال، وأنه كما أن له ملك السماوات والأرض خلقا ورزقا وتدبيرا، فله الحكم على عباده بأحكامه الدينية، لأنهم ملكه، ولا يتركهم سدى. فلما بيَّن الدليل والبرهان توعد من كفر وكذب، فقال: ﴿وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ ثم وصفهم بأنهم ﴿الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ﴾ فرضوا بها واطمأنوا، وغفلوا عن الدار الآخرة. ﴿وَيَصُدُّونَ﴾ الناس ﴿عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الذي بينه في كتبه وعلى ألسنة رسله، فهؤلاء قد نابذوا مولاهم بالمعاداة والمحاربة، ﴿وَيَبْغُونَهَا﴾ أي: سبيل الله ﴿عِوَجًا﴾ أي: يحرصون على تهجينها وتقبيحها، للتنفير عنها، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. ﴿أُولَئِكَ﴾ الذين ذكر وصفهم ﴿فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ لأنهم ضلوا وأضلوا، وشاقوا الله ورسوله وحاربوهما، فأي ضلال أبعد من هذا؟" وأما أهل الإيمان فبعكس هؤلاء يؤمنون بالله وآياته، ويستحبون الآخرة على الدنيا ويدعون إلى سبيل الله الحق ويبينون فضلها لأنها سبب السعادة في الدنيا والأخرة. ****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:52 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثالث عشر (5) وبعض آيات من سورة أبراهيم الكلمة الطيبة أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ – 24 تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ -25 وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ -26 يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء - 27 يقول تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَة﴾ " وهي شهادة أن لا إله إلا الله، وفروعها ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ وهي النخلة مصداقا للحديث الشريف , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تدرون ما الشجرة الطيبة ؟ قال : ابن عمر : فأردت أن أقول : هي النخلة ، فمنعني مكان عمر ، فقالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النخلة الراوي: عبد الله بن عمر المحدث: ابن جرير الطبري - المصدر: تفسير الطبري - الصفحة أو الرقم: 8/1/258 خلاصة الدرجة: صحيح ﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾ في الأرض ﴿وَفَرْعُهَا﴾ منتشر ﴿فِي السَّمَاءِ﴾ وهي كثيرة النفع دائما، ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا﴾ أي: ثمرتها ﴿كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ فكذلك شجرة الإيمان ، أصلها ثابت في قلب المؤمن، علما واعتقادا. وفرعها من الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق المرضية، والآداب الحسنة في السماء دائما يصعد إلى الله منه من الأعمال والأقوال التي تخرجها شجرة الإيمان ما ينتفع به المؤمن وينفع غيره، ولأهمية الكلمة في الإسلام يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ، لا يلقي لها بالا ، يرفع الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ، لا يلقي لها بالا ، يهوي بها في جهنم . الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6478 خلاصة الدرجة: [صحيح] ومثال على ذلك واقعة حدثت أيام النبي صلى الله عليه وسلم , عطس شاب من الأنصار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فقال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه حتى يرضى ربنا وبعدما يرضى من أمر الدنيا والآخرة فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من القائل الكلمة قال فسكت الشاب ثم قال من القائل الكلمة فإنه لم يقل بأسا فقال يا رسول الله أنا قلتها لم أرد بها إلا خيرا قال ما تناهت دون عرش الرحمن تبارك وتعالى . الراوي: عامر بن ربيعة المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 774 وفي حديث أخر قال نبينا صلوات ربي وسلامه عليه : كل سلامى من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع فيه الشمس ، يعدل بين الاثنين صدقة ، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها ، أو يرفع عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة ، ويميط الأذى عن الطريق صدقة . الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2989 خلاصة الدرجة: [صحيح] والشاهد من الحديث : والكلمة الطيبة صدقة. ﴿وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ فإن في ضرب الأمثال تقريبا للمعاني المعقولة من الأمثال المحسوسة، ويتبين المعنى الذي أراده الله غاية البيان، ويتضح غاية الوضوح، وهذا من رحمته وحسن تعليمه. فلله أتم الحمد وأكمله وأعمه، فهذه صفة كلمة التوحيد وثباتها، في قلب المؤمن. ثم ذكر ضدها وهي كلمة الكفر وفروعها فقال: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ المأكل والمطعم وهي: شجرة الحنظل ونحوها، ﴿اجْتُثَّتْ﴾ هذه الشجرة ﴿مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ﴾ أي: من ثبوت فلا عروق تمسكها، ولا ثمرة صالحة، تنتجها، بل إن وجد فيها ثمرة، فهي ثمرة خبيثة، كذلك كلمة الكفر والمعاصي، ليس لها ثبوت نافع في القلب، ولا تثمر إلا كل قول خبيث وعمل خبيث يستضر به صاحبه، ولا ينتفع، فلا يصعد إلى الله منه عمل صالح ولا ينفع نفسه، ولا ينتفع به غيره. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يرى بها بأسا فيهوي بها في نار جهنم سبعين خريفا الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3221 خلاصة الدرجة: صحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد ليقول الكلمة لا يقولها إلا ليضحك بها الناس يهوي بها أبعد مما بين السماء والأرض . الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 4/381 خلاصة الدرجة: ( حسن ) هل أدركنا إهمية الكلمة في الإسلام ؟ إن بعض وسائل الإعلام الهابطة تستهين بالكلام , وليل نهار تؤذي أسماعنا بخبيث الكلام . فهل بعد هذا التوضيح ستواصل بث القبيح من الكلام الفاحش والمخل بالآداب ؟ وهل يعرف العالم أن الإسلام يهتم بمجرد الكلمة وأن لها قواعد وأداب ؟ نسأل الله تعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الدنيا والاخرة . ****** وإلي الجزء التالي إن شاء الله الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:52 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الرابع عشر ( 1 ) بعض آيات من سورة الحجر إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ - 9 إن من دواعي فخر أمة الإسلام أن دستورها باقي ببقاء الله له , لم يحرف ولم يزاد فيه أو ينقص منه , وهذه الخاصية لم تكن إلا في القرآن العظيم كلام الله للبشرية لإخراجهم من الظلمات إلى النور. فالقرآن العظيم فيه ذكرى لكل شيء من المسائل والدلائل الواضحة، وفيه يتذكر من أراد التذكر، ﴿وإنا له لحافظون﴾ أي: في حال إنزاله وبعد إنزاله، ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كل شيطان رجيم، وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله صلى الله عليه وسلم ، واستودعه في قلوب أمته مع تمام تدوينه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها والزيادة والنقص، ومعانيه من التبديل، فلا يحرف محرف معنى من معانيه إلا وقيض الله له من يبين الحق المبين، وهذا من أعظم آيات الله ونعمه على عباده المؤمنين، ومن حفظه أن الله يحفظ أهله من أعدائهم، ولا يسلط عليهم عدوا يجتاحهم. ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) -8 سورة المنافقون فبقدر تمسكنا بهذا الدستور في جميع معاملاتنا وأخلاقنا وتأدبنا بآدابه بقدر عزتنا وكرمتنا في الدنيا والأخرة , ومن فضل الله على البشرية أن حفظ لهم هذا القرآن على مدى الزمان إلى أن يشاء الله تعالى. وقد اشتمال القرآن العظيم على منهاج تطبيقي في المعاملات الإنسانية , وبيان الفرائض والعبادات التي تقربنا الى الله تعالى كتاب وضع مبادئ القيم الرفيعة والأخلاق العالية وجميع المعاملات والآداب. كتاب أتى بشريعة صالحة لكل زمان ومكان. كتاب أتى بأخبار الرسل السابقين والأمم السابقة. كتاب بين بداية خلق الإنسان ونشئة الكون. كتاب به أخبار الدار الأخرة, كتاب به معجزات علمية تم اكتشافها حديثا وسوف تستمر إلى يوم القيامة , إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ جاء في الحديث: عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستكون فتنة . قلت : فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال : كتاب الله, فيه نبأ ما قبلكم, و خبر ما بعدكم, و حكم ما بينكم, هو بالفصل ليس بالهزل, من تركه من جبار قصمه الله, و من ابتغى الهدى في غيره أضله الله, وهو حبل الله المتين, وهو الذكر الحكيم, وهو الصراط المستقيم, وهو الذي لا تزيغ به الأهواء, و لا تلتبس به الألسن, و لا يخلق على كثرة الرد, و لا تنقضي عجائبه, من قال به صدق, ومن عمل به أجر, ومن حكم به عدل, ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: ابن تيمية - المصدر: حقوق آل البيت - الصفحة أو الرقم: 22 خلاصة الدرجة: مشهور فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) المرسلات ******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:53 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الرابع عشر ( 2 ) بعض آيات من سورة الحجر قد يتسائل إنسان عن سبب إعراض بعض الناس عن أخلاق الإسلام الفاضلة وآدابه والمعاملات الحضارية التي وردت ؟ هناك أسباب عديدة منها النفس الأمارة بالسوء وإتباع الأهواء الباطلة والتربية إلى غير ذلك من عوامل, ولكن الذي يحرك كل هذه العومل السلبية شياطين الإنس أو الجن , ولكن الإنسان يمكن دفع أذى شياطين الإنس والجن بكل سهوله حيث أنها ليست عوامل إجبار وقهر , فالإنسان بما وضع الله تعالى فيه من إدراك وحرية إختيار يميز بين الخير والشر , قادر على تجنب طرق الشيطان واتباع الطريق المستقيم . والدليل على ذلك ما أورده الله تعالى لنا عنه خطاب إبليس يوم القيامة للذين اتبعوه:
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ -22 سورة إبراهيم أما في الدنيا فإن الله تعالى هدانا لطرق الدفاع عن أنفسنا من الشيطان الرجيم. قال تعالى:
وَإِمَّا يَنـزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - 200 إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ - 201 وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ - 202 الأعراف وقال تعالى:
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ - 98 إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ - 99 إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ – 100 النحل ورد في الحديث الشريف استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس ، وأحدهما يسب صاحبه ، مغضبا قد احمر وجهه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعلم كلمة ، لو قالها لذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) . فقالوا للرجل : ألا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : إني لست بمجنون . الراوي: سليمان بن صرد المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6115 خلاصة الدرجة: [صحيح] وقال تعالى:
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - 36 فصلت
*******
ونعود إلى سورة الحجر و موقف إبليس من أمر السجود لأبينا أدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لكي ندر مدى العداوة من الشياطين للإنسان. وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ -28 فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ -29 فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ -30 إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ -31 ***** نعيش اليوم مع بيان تكريم الله تعالى للإنسان من بداية نشئته حيث أمر الله تعالى الملائكة للسجود لأدم فسجدوا إلا إبليس إستكبر وأبى . ومن تلك اللحظة يتبين لنا مدى العداوة من إبليس للإنسان , ومع وضوح تلك الحقيقة إلا أن كثيرا من الناس يقع فريسة للشيطان بطاعته في معصية الله تعالى وترك مبادئ الأخلاق الفاضلة التي جاءت في كتاب الله تبارك وتعالى, قال تعالى : أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ – 60 وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ – 61 وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ – 62 يس أي لا تطيعوه؟ وهذا التوبيخ، يدخل فيه التوبيخ عن جميع أنواع الكفر والمعاصي، لأنها كلها طاعة للشيطان وعبادة له، ******* وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ -26 وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ -27 وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ -28 فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ -29 فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ -30 إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ -31 قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ -32 قَالَ لَمْ أَكُنْ لأسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ -33 قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ -34 وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ -35 قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ -36 قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ -37 إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ -38 قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ -39 إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ -40 قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ -41 إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ – 42 وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ -43 لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ -44 يذكر تعالى نعمته وإحسانه على أبينا آدم عليه السلام، وما جرى من عدوه إبليس، وفي ضمن ذلك التحذير لنا من شره وفتنته فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ﴾ أي آدم عليه السلام ﴿مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ أي: من طين قد يبس بعد ما خمر حتى صار له صلصلة وصوت، كصوت الفخار، والحمأ المسنون: الطين المتغير لونه وريحه من طول مكثه. ﴿وَالْجَانَّ﴾ وهو: أبو الجن أي: إبليس ﴿خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ﴾ خلق آدم ﴿مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ أي: من النار الشديدة الحرارة، فلما أراد الله خلق آدم قال للملائكة: ﴿إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ﴾ جسدا تاما ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ فامتثلوا أمر ربهم. ﴿فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ تأكيد بعد تأكيد ليدل على أنه لم يتخلف منهم أحد، وذلك تعظيما لأمر الله وإكراما لآدم حيث علم ما لم يعلموا. ﴿إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ وهذه أول عداوته لآدم وذريته، قال الله: ﴿يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُنْ لأسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ فاستكبر على أمر الله وأبدى العداوة لآدم وذريته وأعجب بعنصره، وقال: أنا خير من آدم. ﴿قَالَ﴾ الله معاقبا له على كفره واستكباره ﴿فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ أي: مطرود مبعد من كل خير، ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ﴾ أي: الذم والعيب، والبعد عن رحمة الله، ﴿إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ ففيها وما أشبهها دليل على أنه سيستمر على كفره وبعده من الخير. ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي﴾ أي: أمهلني ﴿إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ وليس إجابة الله لدعائه كرامة في حقه وإنما ذلك امتحان وابتلاء من الله له وللعباد ليتبين الصادق الذي يطيع مولاه دون عدوه ممن ليس كذلك، ولذلك حذرنا منه غاية التحذير، وشرح لنا ما يريده منا. ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأرْضِ﴾ أي: أزين لهم الدنيا وأدعوهم إلى إيثارها على الأخرى، حتى يكونوا منقادين لكل معصية. ﴿وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ أي: أصدهم كلهم عن الصراط المستقيم، ﴿إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ أي: الذين أخلصتهم واجتبيتهم لإخلاصهم، وإيمانهم وتوكلهم. قال الله تعالى: ﴿هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ أي: معتدل موصل إليَّ وإلى دار كرامتي. ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ تميلهم به إلى ما تشاء من أنواع الضلالات، بسبب عبوديتهم لربهم وانقيادهم لأوامره أعانهم الله وعصمهم من الشيطان. ﴿إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ﴾ فرضي بولايتك وطاعتك بدلا من طاعة الرحمن، ﴿مِنَ الْغَاوِينَ﴾ والغاوي: ضد الراشد فهو الذي عرف الحق وتركه، والضال: الذي تركه من غير علم منه به. ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ أي: إبليس وجنوده، ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ﴾ كل باب أسفل من الآخر، ﴿لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ﴾ أي: من أتباع إبليس ﴿جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ بحسب أعمالهم. قال الله تعالى: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ﴾ سورة اشعراء ولما ذكر تعالى ما أعد لأعدائه أتباع إبليس من النكال والعذاب الشديد ذكر ما أعد لأوليائه من الفضل العظيم والنعيم المقيم فقال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ -45 ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ -46 وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ -47 لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ -48 ******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:54 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الرابع عشر ( 3 ) بعض آيات من سورة الحجر قانون الفطرة وعقوبات المخالفين لها موضوع اليوم عن الفطرة التي خلقها الله تعالى للإنسان ووضع لها قوانين للحفاظ على الحياة والقيم والأخلاق. والفطرة تحرك الكائن الحي نحو بقاءه وإصلاحه , وكلنا رأينا الطفل يلتقم سدي أمه دون أن يتعلم ذلك من بشر , تلك هي الفطرة . وإذا لم تأكل لفترة طويلة ينبهك الم الجوع إلى ذلك فتتناول الغذاء اللازم للحفاظ على الجسم من الهلاك , تلك هي الفطرة . وللحفاظ على النوع على ظهر الأرض شرع الله للبشرالزواج , وشدد العقاب على أي علاقة غير الزواج وذلك حفاظا للفطرة السليمة التي تحافظ على بقاء الإنسان . وهكذا نجد أن الفطرة التي خلقها الله تعالى تؤدي إلى الإصلاح والبقاء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . وبعض الناس يخالف أمر الفطرة ويظن أنه يسعد نفسه , فمن يشرب الخمر وهي ضارة للصحة ومغيبة للعقل , فهو مخالف للفطرة . وكثيرا ما نسمع وخاصة في الغرب بقوانين لحماية الشواذ أي الخارجين على الفطرة . ويعلم الجميع أن هذا الشذوذ كان سببا لأخطر أمراض العصر , مرض فقد المناعة – الإيدز. فقد جاءت شريعة الله تعالى لحماية الإنسان من الوقوع في مثل هذه الجرائم التي تحطم الكيان الإنساني جسدا وروحا . ومع نموذج واضح لما حدث لشواذ البشر حتى يكونوا عبرة لمن تسول له نفسه الخروج عن الفطرة الطاهرة التي خلقها الله تعالى. قوم لوط وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ – 67 قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ – 68 وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ – 69 قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ – 70 قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ – 71 لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ – 72 فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ – 73 فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ – 74 إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ – 75 وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ -76 إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ -77 وتبدأ القصة بذهاب الملائكة إلى نبي الله لوط عليه السلام لتخبره بهلاك القرية الأثمة التي خالفت الفطرة وبدلوها بالشذوذ . وعلم القوم بمقدم ضيوف إلى لوط فجاءوا حتى وصلوا إلى بيته فجعلوا يعالجون لوطا على أضيافه، ولوط يستعيذ منهم ويقول: ﴿إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُون وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُون﴾ أي: راقبوا الله تعالى . وإن كان ليس فيكم خوف من الله فلا تفضحون في أضيافي، وتنتهكوا منهم الأمر الشنيع. فـ ﴿قَالُوا﴾ له جوابا عن قوله ولا تخزون : ﴿أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ أن تضيفهم فنحن قد أنذرناك، فـ ﴿قَالَ﴾ لهم لوط من شدة الأمر الذي أصابه: ﴿هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾ فلم يبالوا بقوله. ولهذا قال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ وهذه السكرة هي سكرة محبة الفاحشة التي لا يبالون معها بلوم. فلما بينت له الرسل حالهم، زال عن لوط ما كان يجده من الضيق والكرب، فامتثل أمر ربه وسرى بأهله ليلا فنجوا، وأما أهل القرية ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ﴾ أي: وقت شروق الشمس حين كانت العقوبة عليهم أشد، ﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا﴾ أي: قلبنا عليهم مدينتهم، ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ﴾ لضرب كل شاذ من هذا البلد. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ أي: المتأملين المتفكرين، الذين لهم فكر وروية وفراسة، يفهمون بها ما أريد بذلك، من أن من تجرأ على معاصي الله، خصوصا هذه الفاحشة العظيمة، فأن الله سيعاقبهم بأشنع العقوبات، كما تجرأوا على أشنع السيئات. ﴿وَإِنَّهَا﴾ أي: مدينة قوم لوط ﴿لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ للسالكين، يعرفه كل من تردد في تلك الديار ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ وفي هذه القصة من العبر: فهي دليل واضح على عقاب من تجرأوا على مخالفة الفطرة , ولهذه وضعت الشريعة عقوبة شديدة لمرتكبي تلك الجريمة المنكرة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به . الراوي: - المحدث: الإمام أحمد - المصدر: تنقيح تحقيق التعليق - الصفحة أو الرقم: 3/302 خلاصة حكم المحدث: صحيح وهكذا نجد مبادئ الإسلام في جميع المعاملات مبنية على الفطرة السليمة الطاهرة وهي دعوة جميع الأنبياء , وما يحدث الأن من الإعتراف للشواذ ماهو إلا نذير شؤم على المجتمعات التي تسمح بهذا الفجور. ونقول لهم وما قوم لوط منكم ببعيد . وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ -76 إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ -77 ******* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:54 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الرابع عشر ( 4 ) بعض آيات من سورة الحجر مبدأ الصفح الجميل وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ – 85 إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ - 86 ولعل هذا الوصف للعفو لم نجده إلا في القرآن العظيم , فهو الصفح الحسن الذي قد سلم من الحقد والأذى القولي والفعلي، دون الصفح الذي ليس بجميل، وهو الصفح في غير محله، فلا يصفح حيث اقتضى المقام العقوبة، كعقوبة المعتدين الظالمين الذين لا ينفع فيهم إلا العقوبة، لكي تكون رادعة لغيرهم ولا تتكرر. فإن المؤمن منشغل بإمور أعظم من الرد على أحقاد نفسية أو مكائد شيطانية للوقيعة بين الإخوة في النسب أو الأخوة في العقيدة أو أبناء الوطن الواحد , فالصفح الجميل يزيل كل هذه الأحقاد بل ينقلب إلي حب ومودة , وهذا الذي نهدف إليه حتى نتفرغ لإبلاغ رسالة ربنا إلى العالمين بكل هذا الصفح الجميل الذي يفوت على الشيطان مكائده للصد عن سبيل الله , قال تعالى في سورة فصلت: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ - 34 وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ - 35 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا . وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله. الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2588 خلاصة حكم المحدث: صحيح فإن الإهتمام بأمر الأخرة من الرجاء في عفو الله تعالى , يتطلب منا الإخلاص والعمل الكثير لنكون أهلا للعفو . وكذلك الخوف من عذاب الأخرة يتطلب منا الإخلاص والعمل الكثير لنكون أهلا للنجاة . هل أدركنا قيمة الصفح الجميل ؟ حتى الإهتمام بإمور الدنيا يتطلب منا ذلك الصفح الجميل , ولذلك نلاحظ أن الآية تصدرت بالنظر في خلق السماوات والأرض , إن واقعنا الذي نلاحظه الأن الإهتمام بصغائر الأمور ولذلك نقع فريسة التناحر والأحقاد والتمزق في جسد الأمة الواحدة وينتهي بنا الأمر إلى التخلف , فلا وقت للتناحر والاختلاف والتربص بما تفوه به الناس وإشاعة البغضاء بين الأمة الواحدة . فالحق واضح الدلالة ولكن المجادلة بغير الحق صفة الضعفاء , ولذلك ترك الجدال ولو كنت على حق من الصفح الجميل , لأن الحق راسخ في النفس البشرية ولكنها المكابرة العمياء. قال تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ -99 الأعراف هذه الآية جامعة لحسن الخلق مع الناس، وما ينبغي في معاملتهم، فالذي ينبغي أن يعامل به الناس، أن يأخذ العفو، أي: ما سمحت به أنفسهم، وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق، فلا يكلفهم ما لا تسمح به طبائعهم، بل يشكر من كل أحد ما قابله به، من قول وفعل جميل أو ما هو دون ذلك، ويتجاوز عن تقصيرهم ويغض طرفه عن نقصهم، ولا يتكبر على الصغير لصغره، ولا ناقص العقل لنقصه، ولا الفقير لفقره، بل يعامل الجميع باللطف والمقابلة بما تقتضيه الحال وتنشرح له صدورهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه. الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: النووي - المصدر: تحقيق رياض الصالحين - الصفحة أو الرقم: 264 خلاصة حكم المحدث: صحيح ونختم بهذه الواقعة التي رواها البخاري في صحيحه : قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ، فنزل على بن أخيه الحر بن قيس بن حصن ، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر ، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته ، كهولا كانوا أو شبانا ، فقال عيينة لابن أخيه : يا ابن أخي ، هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه ؟ قال : سأستأذن لك عليه ، قال ابن عباس : فاستأذن لعيينة ، فلما دخل قال : يا ابن الخطاب ، والله ما تعطينا الجزل ، ولا تحكم بيننا بالعدل ، فغضب عمر حتى هم بأن يقع به ، فقال الحر : يا أمير المؤمنين ، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين . وإن هذا من الجاهلين ، فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه ، وكان وقافا عند كتاب الله . الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7286 خلاصة حكم المحدث: صحيح وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ – 85 إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ - 86 ****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:55 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء الرابع عشر (5) ومع بعض آيات من سورة النحل قد يظن إنسان أن الدين في وادي والعلوم والحضارة في وادي أخر, قد يكون هذا الأمر في الديانات الوثنية أو الديانات المحرفة . أما في الإسلام فالدين هو رسالة الله تعالى للبشر لإخراجهم من ظلام الجهل إلى نور العلم والحضارة الحقيقية القائمة على الأخلاق والمبادئ التي تحقق السعادة في الدنيا والأخرة. وهذا الكلام ليس كلام إنشائي بل بالدليل القاطع من القرآن العظيم , وأليكم بعض العلوم التي تضمنتها الآيات في صدر سورة النحل. 1 - علوم السماوات والارض خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خلق الله السموات والأرض بالحق; ليستدِل بهما العباد على عظمة خالقهما, وأنه وحده المستحق للعبادة, تنزَّه -سبحانه- وتعاظم عن شركهم. 2 - العلوم الإنسانية ( علم الأجنة ) من طب وتشريح . خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4) وقال تعالى في سورة المؤمنون : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ -12 ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ – 13 ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ – 14 سبحان الله وصف دقيق لمراحل تخليق الجنين أسلم الكثير من العلماء لما سمعوا بهذه الآيات وقالوا أنها تمثل أعلى ما وصل إليه العلم الحديث. 3 - علوم الأنعام التي نأكلها وننتفع بها. وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) والأنعامَ من الإبل والبقر والغنم خلقها الله لكم -أيها الناس- وجعل في أصوافها وأوبارها الدفء, ومنافع أُخر في ألبانها وجلودها وركوبها, ومنها ما تأكلون. ولكم فيها زينة تُدْخل السرور عليكم عندما تَرُدُّونها إلى منازلها في المساء, وعندما تُخْرجونها للمرعى في الصباح. وقال تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ - 66 4 - علوم وسائل النقل وكيف أشار الله تعالى إلي كل ما نعلمه , وما لا نعلمه من وسائل قديمة وحديثة ومستجدة لا نعرفها . وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)
وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) وخلق لكم الخيل والبغال والحمير; لكي تركبوها, ولتكون جمَالا لكم ومنظرًا حسنًا; ويخلق لكم من وسائل الركوب وغيرها ما لا عِلْمَ لكم به; لتزدادوا إيمانًا به وشكرا له. فهذا بيان لكل مكتشف في وسائل النقل , فعلى الإنسان تطوير صناعة المواصلات , و على العلماء إستخدام الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية في تسير تلك المركبات بدلا من التلوث البيئي الذي نعاني منه . وعلى الله بيان الطريق المستقيم لِهدايتكم, وهو الإسلام, ومن الطرق ما هو مائل لا يُوصل إلى الهداية, وهو كل ما خالف الإسلام من الملل والنحل. ولو شاء الله هدايتكم لهداكم جميعًا للإيمان. 5 - علوم المياه والزراعة هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) هو الذي أنزل لكم من السحاب مطرًا, فجعل لكم منه ماءً تشربونه, وأخرج لكم به شجرًا تَرْعَوْن فيه دوابّكم, ويعود عليكم دَرُّها ونفْعُها. يُخرج لكم من الأرض بهذا الماء الواحد الزروع المختلفة, ويُخرج به الزيتون والنخيل والأعناب, ويُخرج به كل أنواع الثمار والفواكه. إن في ذلك الإخراج لدلالةً واضحة لقوم يتأملون, فيعتبرون. 6 - علوم الفلك والفضاء وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) وسخَّر لكم الليل لراحتكم, والنهار لمعاشكم, وسخَّر لكم الشمس ضياء, والقمر نورًا ولمعرفة السنين والحساب, وغير ذلك من المنافع, والنجوم في السماء مذللات لكم بأمر الله لمعرفة الأوقات, والاهتداء بها في الظلمات. إن في ذلك التسخير لَدلائلَ واضحةً لقوم يعقلون ويتعاملون مع هذه الظواهر الكونية بكل ما أتاهم الله تعالى من علم , فيعرفون عظمة الخالق سبحانه , وينعمون من جراء ما يستفيدون منه كالطاقة الشمسية وغيرها. 7 - علوم الثروات الباطنة في الأرض من معادن وبترول وغيرها. وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) تلفتنا الآيات للتنقيب عن المعادن وجميع الثروات التي سخرها الله تعالى لنا في باطن الأرض. وسخَّر ما خلقه لكم في الأرض من الدوابِّ والثمار والمعادن, وغير ذلك مما تختلف ألوانه ومنافعه. إن في ذلك الخَلْق واختلاف الألوان والمنافع لَعبرةً لقوم يتعظون, ويعلمون أنَّ في تسخير هذه الأشياء علاماتٍ على وحدانية الله تعالى وإفراده بالعبادة. 8 - علوم البحار وما يخرج منها, والسفن والمركبات والغواصات وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) تلفتنا الآيات إلى قيمة الثروة السمكية التي لو استغلت على حق لم ترى جائع على وجه الأرض. فهي ثروة مجانية في البحار والأنهار ولكن علينا الهمة والسعي لكي نحصل عليها . وهو الذي سخَّر لكم البحر; لتأكلوا مما تصطادون من سمكه لحمًا طريًا, وتستخرجوا منه زينة تَلْبَسونها كاللؤلؤ والمرجان, وترى السفن العظيمة تشق وجه الماء تذهب وتجيء, وتركبونها; لتطلبوا رزق الله بالتجارة والربح فيها, ولعلكم تشكرون لله تعالى على عظيم إنعامه عليكم, فلا تعبدون غيره 9 - علوم البيئة التي تبحث في طبيعة الأرض والجبال والسهول والوديان والانهار والمسالك والطرق. وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وللمزيد للتعرف على تفاصيل هذه العلوم , علينا بالإعجاز العلمي. وأرسى في الأرض جبالا تثبتها حتى لا تميل بكم, وجعل فيها أنهارًا; لتشربوا منها, وجعل فيها طرقًا; لتهتدوا بها في الوصول إلى الأماكن التي تقصدونها. 10 – علوم الفلك و النجوم ومواقعها العظيمة , التي تحدد معالم الاتجاهات في الليل وفي الصحاري الواسعة والمحيطات المائية الكبيرة. وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) وجعل في الأرض معالم تستدلُّون بها على الطرق نهارًا, كما جعل النجوم للاهتداء بها ليلا. وأيضا للمزيد من المعلومات علينا بالبحث العلمي. هل أدركنا شمول رسالة الله تعالى للحياة كلها ؟ وهل يستطيع مكابر بعد هذه الأدلة أن ينحي الدين عن الحياة الواقعية ؟ ثم يطرح ربنا على البشرية هذا السؤال أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17)
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) ********* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:55 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء الرابع عشر (6) ومع بعض آيات من سورة النحل مبادئ العدل والإحسان والوفاء بالعهود وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) أن المبادئ التي جاءت في القرآن العظيم شملت جميع مناحي الحياة. وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ فهو مبين فيه أتم تبيين بألفاظ واضحة ومعان جلية ، وأدلة متنوعة لتستقر في القلوب فتثمر من الخير والبر بحسب ثبوتها في القلب، وحتى إنه تعالى يجمع في اللفظ القليل الواضح معاني كثيرة يكون اللفظ لها كالقاعدة والأساس . فلما كان هذا القرآن تبيانا لكل شيء صار حجة الله على العباد كلهم. فانقطعت به حجة الظالمين وانتفع به المسلمون فصار هدى لهم يهتدون به إلى أمر دينهم ودنياهم، ورحمة ينالون به كل خير في الدنيا والآخرة. فالهدى ما نالوه به من علم نافع وعمل صالح. والرحمة ما ترتب على ذلك من ثواب الدنيا والآخرة، كصلاح القلب وبره وطمأنينته، وتمام العقل الذي لا يتم إلا بتربيته على معانيه التي هي أجل المعاني وأعلاها، والأعمال الكريمة والأخلاق الفاضلة، والرزق الواسع والنصر على الأعداء بالقول والفعل ونيل رضا الله تعالى وكرامته العظيمة التي لا يعلم ما فيها من النعيم المقيم إلا الرب الرحيم. ****** إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) فالعدل الذي أمر الله به يشمل العدل في حقه وفي حق عباده ، فالعدل في ذلك أداء الحقوق كاملة , بأن يؤدي العبد ما أوجب الله عليه من الحقوق المالية كالزكاة والحقوق البدنية كالصلاة , و الحقوق المركبة منهما كالحج . ومعاملة الخلق بالعدل التام ، فيؤدي كل وال ما عليه تحت ولايته. والعدل هو ما فرضه الله عليهم في كتابه، وعلى لسان رسوله، وأمرهم بسلوكه. ومن العدل في المعاملات أن تعاملهم في عقود البيع والشراء وسائر المعاوضات، بإيفاء جميع ما عليك فلا تبخس لهم حقا ولا تغشهم ولا تخدعهم وتظلمهم. فالعدل واجب، والإحسان فضيلة تقدم للناس بالمال والبدن والعلم، وغير ذلك من أنواع النفع حتى إنه يدخل فيه الإحسان إلى الحيوان البهيم المأكول وغيره. وخص الله إيتاء ذي القربى - وإن كان داخلا في العموم- لتأكد حقهم وتعين صلتهم وبرهم، والحرص على ذلك. ويدخل في ذلك جميع الأقارب قريبهم وبعيدهم لكن كل ما كان أقرب كان أحق بالبر. وقوله: ﴿وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ﴾ وهو كل ذنب عظيم استفحشته الشرائع والفطر كالشرك بالله والقتل بغير حق والزنا والسرقة والعجب والكبر واحتقار الخلق وغير ذلك من الفواحش. ويدخل في المنكر كل ذنب ومعصية متعلق بحق الله تعالى. وبالبغي كل عدوان على الخلق في الدماء والأموال والأعراض. فصارت هذه الآية جامعة لجميع المأمورات والمنهيات لم يبق شيء إلا دخل فيها، فهذه قاعدة ترجع إليها سائر الجزئيات، فكل مسألة مشتملة على عدل أو إحسان أو إيتاء ذي القربى فهي مما أمر الله به. وكل مسألة مشتملة على فحشاء أو منكر أو بغي فهي مما نهى الله عنه. وبهذه الآيات يعلم حسن ما أمر الله به وقبح ما نهى عنه . فتبارك من جعل في كلامه الهدى والشفاء والنور والفرقان بين جميع الأشياء. ولهذا قال: ﴿يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ أي: بما بينه لكم في كتابه بأمركم بما فيه غاية صلاحكم ونهيكم عما فيه مضرتكم. ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ ما يعظكم به فتفهمونه وتعقلونه، فإنكم إذا تذكرتموه وعقلتموه عملتم بمقتضاه فسعدتم سعادة لا شقاوة معها في الدنيا والآخرة. ولما أمر الله تعالى بما هو واجب في أصل الشرع أمر بوفاء ما أوجبه العبد على نفسه فقال تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) ********* وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:56 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء الخامس عشر (1) ومع بعض آيات من سورة الإسراء سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ - 1 تطالعنا السورة بمعجزة الإسراء , من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى. إن أفواج الحجيج قبل إحتلال القدس كانوا يذهبون الى زيارة المسجد الأقصى بعد أداء فريضة الحج , إعمالا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجد الحرام ، ومسجد الأقصى ، ومسجدي هذا الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1995 وليس من المتصور إن ينقطع المسلمون في أنحاء المعمورة عن زيارة المسجد الأقصى ؟ فكان يجب ان يكون هناك طريق من الأردن الى المسجد الأقصى تقوم على حمايته قوات إسلامية لتيسير وصول وفود الحجيج. ****** إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا - 9 نعيش مع هذه الآيات ومع هداية القرآن ودستور الأخلاق الدائم. مبدأ أدب الحوار مع الوالدين والإحسان إليهما والدعاء لهما. وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا -23 وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا -24 رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا -25 لما نهى تعالى عن الشرك به أمر بالتوحيد فقال: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ ﴾ قضاء دينيا وأمر أمرا شرعيا ﴿ أَنْ لا تَعْبُدُوا ﴾ أحدا من أهل الأرض والسماوات الأحياء والأموات. ﴿ إِلا إِيَّاهُ ﴾ لأنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي له كل صفة كمال، وله من تلك الصفة أعظمها على وجه لا يشبهه أحد من خلقه، وهو المنعم بالنعم الظاهرة والباطنة الدافع لجميع النقم الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور فهو المتفرد بذلك كله وغيره ليس له من ذلك شيء. ثم ذكر بعد حقه القيام بحق الوالدين فقال: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ أي: أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان القولي والفعلي لأنهما سبب وجود العبد ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه والقرب ما يقتضي تأكد الحق ووجوب البر. ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا ﴾ أي: إذا وصلا إلى هذا السن الذي تضعف فيه قواهما ويحتاجان من اللطف والإحسان ما هو معروف. ﴿ فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ وهذا أدنى مراتب الأذى نبه به على ما سواه، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية. ﴿ وَلا تَنْهَرْهُمَا ﴾ أي: تزجرهما وتتكلم لهما كلاما خشنا، ﴿ وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا ﴾ بلفظ يحبانه وتأدب وتلطف بكلام لين حسن يلذ على قلوبهما وتطمئن به نفوسهما، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والعوائد والأزمان. ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ أي: تواضع لهما ذلا لهما ورحمة واحتسابا للأجر لا لأجل الخوف منهما أو الرجاء لما لهما، ونحو ذلك من المقاصد التي لا يؤجر عليها العبد. ﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا ﴾ أي: ادع لهما بالرحمة أحياء وأمواتا، جزاء على تربيتهما إياك صغيرا. وفهم من هذا أنه كلما ازدادت التربية ازداد الحق، وكذلك من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه تربية صالحة غير الأبوين فإن له على من رباه حق التربية. ******* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:56 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء الخامس عشر (2) ومع بعض آيات من سورة الإسراء عشنا في اللقاء السابق مع أدب الحوار مع الوالدين, واستكمالا لمبادئ البر والرحمة من القرآن العظيم نعيش تلك اللحظات المباركة. مبادئ البر بالفقراء وبذل العطاء لهم وخاصة الأقارب إهتمت شريعة الإسلام بالتكافل بين أفراد المجتمع بحيث لا يكون هناك فقيرا معدما أبدا في الدولة الإسلامية , ففرضت الزكاة على الأموال إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول. لتوزع على الفقراء والمساكين ووجوه الخير الأخرى كما حددتها الآية 60 من سورة التوبة. وتأكيدا لمبدأ التكافل الإجتماعي بينت الآيات في سورة الإسراء ضوابط الإنفاق بحيث نبتعد عن البخل وعن التبذير , فكلا الأمرين مذموم في الإسلام , وكثيرا ما نلاحظ في بعض المجتمعات وجود فقراء تحت خط الفقر , وبجانبهم أغنياء فوق حد الغنى يقومون بتبذير أموالهم في ملذات وتفاهات ويحرمون الفقراء من حقهم الذي شرعه الله من أموال الزكاة والصدقات. وإن في واقع الأمر قد يكون الفقراء سببا في هذا الغنى الفاحش للأغنياء, فالعمال الذين يعملون لدى الأغنياء مقابل رواتب لا تكفيهم ويعانون من الفقر , بينما الأغنياء يزدادون ثروات طائلة نظير هذه العماله الفقيره , وكذلك العاملون في مجال الزراعة والصيد إلى أخره , ولذلك كله قد أمرنا الله تعالى أن نعطي الحقوق لهؤلاء الفقراء وسماها حقا لأنه لا يوجد فقير معدم إلا وقد منعه أخاه الغني حقه , بكل صور المنع المتمثلة في منع الزكاة أو قلة الأجر وما إلى ذلك , مع التبذير في ترف الحياة التي لا طائل من ورائها إلا الشقاء. ونستمع إلى كلام ربنا تبارك وتعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا -26 إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا -27 وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا -28 وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا -29 إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا -30 يقول تعالى: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ﴾ من البر والإكرام الواجب والمسنون وذلك الحق يتفاوت بتفاوت الأحوال والأقارب والحاجة وعدمها والأزمنة. ﴿ وَالْمِسْكِينَ ﴾ آته حقه من الزكاة ومن غيرها لتزول مسكنته ﴿ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾ وهو الغريب المنقطع به عن بلده، فيعطي الجميع من المال على وجه لا يضر المعطي ولا يكون زائدا على المقدار اللائق فإن ذلك تبذير قد نهى الله عنه وأخبر : ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ﴾ لأن الشيطان لا يدعو إلا إلى كل خصلة ذميمة فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك فإذا عصاه، دعاه إلى الإسراف والتبذير. والله تعالى إنما يأمر بأعدل الأمور وأقسطها ويمدح عليه، كما في قوله عن عباد الرحمن الأبرار : ﴿ والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ﴾الفرقان67 وقال هنا : كناية عن شدة الإمساك والبخل . ﴿ وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ﴾ ﴿ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ﴾ . فتنفق فيما لا ينبغي، أو زيادة على ما ينبغي. ﴿ فَتَقْعُدَ ﴾ إن فعلت ذلك ﴿ مَلُومًا ﴾ أي: تلام على ما فعلت ﴿ مَحْسُورًا ﴾ أي: حاسر اليد فارغها فلا بقي ما في يدك من المال . وهذا الأمر بإيتاء ذي القربى مع القدرة والغنى، فأما مع العدم أو تعسر النفقة الحاضرة فأمر تعالى أن يردوا ردا جميلا فقال : ﴿ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا ﴾ أي: تعرض عن إعطائهم إلى وقت آخر ترجو فيه من الله تيسير الأمر. ﴿ فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا ﴾ أي: لطيفا برفق ووعد بالجميل عند سنوح الفرصة واعتذار بعدم الإمكان في الوقت الحاضر لينقلبوا عنك مطمئنة خواطرهم كما قال تعالى: ﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ﴾ سورة البقرة وهذا أيضا من لطف الله تعالى بالعباد أمرهم بانتظار الرحمة والرزق منه لأن انتظار ذلك عبادة، ولهذا ينبغي للإنسان أن يفعل ما يقدر عليه من الخير وينوي فعل ما لم يقدر عليه ليثاب على ذلك ولعل الله ييسر له بسبب رجائه. ثم أخبر تعالى أنه يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدره ويضيقه على من يشاء حكمة منه، ﴿ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ . فيجزيهم على ما يعلمه صالحا لهم ويهديهم بلطفه وكرمه وهكذا نفهم مبادئ الإسلام , إيمان بالقلب وإذعان كامل لشريعة الله تعالى التى أرسلها رحمة للعالمين في كافة مناحي الحياة . ******* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:57 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الخامس عشر (3) ومع بعض آيات من سورة الإسراء
وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا -31
***** عشنا في اللقاءين السابقين مع أدب الحوار مع الوالدين ومبادئ البر بالفقراء وبذل العطاء لهم وخاصة الأقارب. واستكمالا لمبادئ القرآن العظيم نعيش تلك اللحظات المباركة. مع حقوق الطفل في الإسلام و التي سبقت كل قوانين العالم, بل نرى الأن وفي ظل الحضارة الحديثة بيع الأطفال علنا جهارا نهارا في بعض البلدان الإفريقية وذلك بسب الفقر. وتتنوع المجتمعات الإنسانية من حيث العناية بالثروة البشرية. فهناك بلدان إهتمت بالثروة البشرية وجعلتها سببا في التنمية والبناء . وهناك بلدان تعاني من نقص السكان كما هو الحال في بعض البلدان الأوربية ولكنها تهتم بالعناية بالإنسان من حيث الصحة والتعليم بمستويات عالية . أما البلدان التي تعاني من التكدس السكاني والمعانة من عدم توفير الخدمات اللازمة من مرافق ومدارس ومستشفيات , فهذا لا يرجع لكثرة النسل ولكن يرجع لعدم إستغلال هذه الثروة البشرية وتوظيفها في مشاريع عملاقة مثل إنشاء المدن الجديدة واستصلاح الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية وإنشاء اساطيل للصيد , وتشيد مصانع تستوعب هذه العمالة البشرية المتوفرة. كما تقوم بعض البلدان الأسيوية بتدريب الأيدي العاملة وتصديرها للبلاد الغنية لتعود بثروات طائلة وبذلك تعتبر الثروة البشرية موردا هاما لمن يحسن إستخدامها . ****** وقد إهتمت شريعة الإسلام بالإنسان من قبل أن يولد وذلك بالإختيار الجيد سواء من ناحية الأب أو الأم . جاء في الحديث الشريف , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1614 خلاصة حكم المحدث: حسن
وجاء في الحديث الشريف , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك . الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5090 خلاصة حكم المحدث: [صحيح] وبعد الأختيار السليم لكلا الزوجين , أهتم الإسلام بالطفل حال إرضاعه , قال تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ....233 سورة البقرة ثم العناية بتعليمه والإهتمام بالرياضة مثل السباحة والرماية وركوب الخيل إلى غير ذلك. علموا بنيكم السباحة والرمي ... المحدث: الزرقاني - المصدر: مختصر المقاصد - الصفحة أو الرقم: 658
وأمرنا الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالعدل بين الأبناء , ورد أن صحابيا سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية ، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله ، قال : ( أعطيت سائر ولدك مثل هذا ) . قال : لا ، قال : فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم . قال : فرجع فرد عطيته . الراوي: النعمان بن بشير المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2587 خلاصة الدرجة: صحيح
وقبل كل شئ ينشأ في رحاب الصلة بالله تعالى, حيث يؤمر الطفل بالصلاة في عمر سبع سنوات., لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع . الراوي: جد عمرو بن شعيب المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 495
وعلى رأس العناية بالطفل تحريم قتل الأولاد
وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا -31 وهذا من رحمته بعباده حيث كان أرحم بهم من والديهم، فسبحان الله الرحيم بنا, فنهى الوالدين أن يقتلوا أولادهم خوفا من الفقر والإملاق وتكفل برزق الجميع. وأخبر أن قتلهم كان خطأ كبيرا أي: من أعظم كبائر الذنوب لزوال الرحمة من القلب والعقوق العظيم والتجرؤ على قتل الأطفال الذين لم يجر منهم ذنب ولا معصية. وكان تحريم قتل الأولاد هنا الخوف من الفقر واحتمال وقوعه مع كثرة الأولاد , وجاء التحريم في سورة الأنعام سابقا في حالة الفقر الفعلي للأبوين . وبذلك يكون التحريم في كل الحالات سواء الفقر الفعلي أو الخوف من وقوعه. وَلا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ..151 الأنعام أي: بسبب الفقر وضيقكم من رزقهم، كما كان ذلك موجودا في الجاهلية القاسية الظالمة. فقد تكفل الله تعالى برزق الجميع، فلستم الذين ترزقون أولادكم، بل ولا أنفسكم، فقد أمرنا الله تعالى بعدم قتلهم بسبب الفقر , فإن الذي خلقنا هو الذي يرزقنا وإياهم , والذي يتصور غير ذلك ليس بمؤمن.
وورد في الحديث الشريف:
بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط ، فقال : ( أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا أولادكم ، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ، ولا تعصوني في معروف ، فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فأخذ به في الدنيا فهو له كفارة وطهور ، ومن ستره الله فذلك إلى الله : إن شاء عذبه وإن شاء غفر له الراوي: عبادة بن الصامت المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7468 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس : ( تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا أولادكم ، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ، ولا تعصوا في معروف ، فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله ، فأمره إلى الله : إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه ) . فبايعناه على ذلك . الراوي: عبادة بن الصامت المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7213 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم الراوي: جابر بن عبدالله الأنصاري المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1532
وبهذا ندرك عناية الإسلام بالطفل الذي هو بهجة الحاضر ورجل المستقبل . وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) النحل
******* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:57 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الخامس عشر (4) ومع بعض آيات من سورة الإسراء عشنا في اللقاءات السابقة مع البر بالوالدين وجعلها مقترنة بعقيدة التوحيد . وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا -23 وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا -24 رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا -25 ثم مبادئ البر بالفقراء وبذل العطاء لهم وخاصة الأقارب. وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا -26 إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا -27 وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا -28 وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا -29 إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا –30 ثم تحريم قتل الأطفال . وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا –31 ****** واستكمالا لمبادئ القرآن العظيم نعيش تلك اللحظات المباركة , حيث طهارة المجتمع من الفاحشة وانهيار الأخلاق. إن أي بناء سليم يتكون من لبنات سليمة . وإن أي جسم سليم يتكون من خلاية حية سليمة , أما إذا كانت اللبنات هشة أو ضعيفة إنهار البناء فكما أن الخلية هي اللبنة في تكوين جسم الإنسان كذلك الأسرة هي اللبنة في تكوين المجتمعات البشرية , فإن صلحت الأسر صلح المجتمع وإذا انهارت الأسر إنهارت المجتمعات , ولذلك جاء التحريم الشديد لأي علاقة غير الزواج في تكوين الأسر في المجتمع الإسلامي المبني على العفة والطهارة وصلة الأرحام بين الأسر والتألف بين أفرادها .. ومازلنا مع آيات سورة الإسراء التي تعتبر دستورا في المعاملات والأداب . قال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً -32 والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه فإن: " من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه " خصوصا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه. ووصف الله الزنى وقبحه بأنه ﴿كَانَ فَاحِشَةً﴾ أي: إثما يستفحش في الشرع والعقل والفطر, لتضمنه التجريء على الحرمة في حق الله وحق المرأة وحق أهلها أو زوجها وإفساد الفراش واختلاط الأنساب وغير ذلك من المفاسد. وقوله: ﴿وَسَاءَ سَبِيلا﴾ أي: بئس السبيل سبيل من تجرأ على هذا الذنب العظيم. ******* وقد ورد في الحديث الشريف : أن فتى شابا أتى النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فقال : يا رسول الله إئذن لي بالزنا ؟ فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا : مه مه ؟ فقال : أدنه فدنا منه قريبا قال : فجلس . قال : أتحبه لأمك قال : لا والله ، جعلني الله فداءك قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال : أفتحبه لابنتك ؟ قل : لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداءك قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال : أفتحبه لأختك ؟ قل : لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداءك قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم . قال : أفتحبه لعمتك ؟ قل : لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداءك قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم . قال : أفتحبه لخالتك ؟ قل : لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداءك قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم . قال فوضع يده عليه وقال : اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء . الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 501 خلاصة حكم المحدث: صحيح ****** ومما لا شك فيه أن إذاعة الفاحشة يؤدي إلى ضياع الأخلاق عند الشباب ومن ثم الضعف الذي يؤدي إلى إنهيار المجتمع والقضاء عليه. ولقد دأبت بعض وسائل الإعلام على نشر الفاحشة وخاصة الأفلام السينمائية , ونذكرهم بقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ في الدنيا و الأخرة وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ 19 النور وكل هذا من رحمة الله بعباده المؤمنين، وصيانة أعراضهم، كما صان دماءهم وأموالهم، هل أدركنا قيمة الأداب و الأخلاق في الإسلام ؟ وأنها تؤدي إلى صلاح وقوة المجتمع وتماسكه, وأن إشاعة الفاحشة تؤدي إنهيار المجتمعات عاجلا أم أجلا.
******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:58 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء الخامس عشر (5) ومع بعض آيات من سورة الإسراء وما زلنا مع الدستور الإلهي الذي يأخذ بأيد البشر إلى أرقى الأخلاق والمبادئ وحماية النفس الإنسانية من الإعتداء عليها . وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا -33 حرمة قتل النفس إلا بالقانون في جرائم القصاص وهذا شامل لكل نفس ﴿ حَرَّمَ اللَّهُ ﴾ قتلها من صغير وكبير وذكر وأنثى ومسلم وكافر غير محارب. ﴿ إِلا بِالْحَقِّ ﴾ كالنفس بالنفس والزاني المحصن والتارك لدينه المفارق للجماعة والباغي في حال بغيه إذا لم يندفع إلا بالقتل. ﴿ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا ﴾ أي: بغير حق ﴿ فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ ﴾ وهو أقرب ورثته من ناحية العصب, ﴿ سُلْطَانًا ﴾ أي: حجة ظاهرة على القصاص من القاتل، ما يسمى اليوم بالأدلة الجنائية , تتقدم بها النيابة العامة إلى المحكمة الجنائية وذلك حين تجتمع الشروط الموجبة للقصاص كالقتل كالعمد . ونجد هنا توجيه للقاضي ﴿ فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾ والإسراف مجاوزة الحد إما أن يمثل بالقاتل أو يقتله بغير ما قتل به أو يقتل غير القاتل. وطبقا للشريعة الإسلامية السمحة يمكن لولي الدم أن يسقط عقوبة القصاص مقابل الدية أو بغيرها , وتطبق عقوبة أخرى مثل الحبس . والنهي عن القتل ورد كثيرا في القرآن العظيم ذلك لشناعة هذا الجرم, وقد وضعت له أشد العقوبات في الدنيا وفي الأخرة, قال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا - 93 النساء وهنا وعيد القاتل عمدا، وعيدا ترجف له القلوب وتنصدع له الأفئدة، وتنزعج منه أولو العقول. فلم يرد في أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد، بل ولا مثله، ألا وهو الإخبار بأن جزاءه جهنم، أي: فهذا الذنب العظيم قد انتهض وحده أن يجازى صاحبه بجهنم، بما فيها من العذاب العظيم، والخزي المهين، وسخط الجبار، وفوات الفوز والفلاح، وحصول الخيبة والخسار. فعياذًا بالله من كل سبب يبعد عن رحمته. ***** وقد جاء في الحديث الشرف , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا تواجه المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول في النار " قيل : يا رسول الله ! هذا القاتل . فما بال المقتول ؟ قال " إنه قد أراد قتل صاحبه " . الراوي: الأحنف بن قيس المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2888 خلاصة حكم المحدث: صحيح و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا. الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7070 خلاصة حكم المحدث: صحيح وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح ، فإنه لا يدري ، لعل الشيطان ينزغ في يده ، فيقع في حفرة من النار الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7072 خلاصة حكم المحدث: صحيح هل أدركنا كيف يحافظ الإسلام على حياة الإنسان ؟ أين هذا وما يشاع اليوم من أن الإسلام دين عنف ودماء ؟ إن الإسلام هو الضمانة الحقيقية للأمن والأمان إذا طبق. وصدق الله العظيم إذ قال : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ – 107 الأنبياء ****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:58 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء الخامس عشر (6) ومع بعض آيات من سورة الإسراء وما زلنا مع الدستور الإلهي الذي يأخذ بأيد البشر إلى أرقى الأخلاق والمبادئ وحماية النفس الإنسانية من الإعتداء عليها , وحماية الأموال , والوفاء بالعهود والمواثيق . والدقة في المعملات التجارية من بيع وشراء. وكلنا يعلم أن كتب الفقه تناولت هذه المعاملات بشئ كبير من التفصيلات ووضع التعريفات والشروط لها. وحسبنا هنا أن نشير إليها ونعلم علم اليقين أن القرآن العظيم وهو مصدر كل هذه التشريعات والقوانين لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ووضع لها أساسا. ويقوم رجال الشريعة والقانون وخاصة في البلدان الإسلامية بوضع تقنينات ونصوصا قانونية مصدرها القرآن العظيم والحديث الصحيح , فإن العدالة المطلقة في شريعة الله سبحانة , أما القوانين الوضعية وإن كانت تبتغي العدل إلا أنها لن ترقى إلى شريعة الله تعالى . وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ – 49 أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ -50 المائدة ***** ونعود لبقية آيات سورة الإسراء وقد سبق أن إشتملت سورة الأعراف على تأكيد تلك المبادئ الهامة من الآيات 151 الى 153 إشتملت تلك الآيات على كثير من المبادئ الهامة في حياة الإنسان عبر العصور المختلفة , ولأن هناك ضرورات ثابتة في حياة البشر لا تتغير بتغير الزمان أو المكان فكان لابد لها من تلك المبادئ الثابتة التي تنظمها وتضع لها الضوابط حتي تستقيم المجتمعات ضمن منظومة تشريعية متكاملة لحقوق الفرد والمجتمع . أهم المبادئ التي نحاول أن نلتمسها من الآيات الكريمة والتي تكلمنا عنها في اللقاءات السابقة عن حرية الإرادة بالتوجه لله الحق وحده بالعبادة ,والإحسان إلى الأباء ,وحقوق الطفل .وتحريم الفواحش , وتحريم قتل النفس. واليوم نتكلم بعون الله تعالى عن صيانة مال اليتيم ,والوفاء بالعهد ,والوفاء في الكيل والميزان. وأهمية العلم والتخصص فيما يتناوله الإنسان , ثم نختم بخلق التواضع. وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً -34 وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً -35 المحافظة على أموال اليتيم والوفاء بالعهد وأمانة المعاملات في البيع والشراء. وهذا من لطفه ورحمته تعالى باليتيم الذي فقد والده وهو صغير غير عارف بمصلحة نفسه ولا قائم بها, فأمر الله تعالى أولياءه بحفظه وحفظ ماله وإصلاحه وأن لا يقربوه ﴿ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ من التجارة فيه وعدم تعريضه للأخطار، والحرص على تنميته، وذلك ممتد إلى أن ﴿ يَبْلُغَ ﴾ اليتيم ﴿ أَشُدَّهُ ﴾ أي: بلوغه وعقله ورشده، فإذا بلغ أشده زالت عنه الولاية وصار ولي نفسه ودفع إليه ماله. كما قال تعالى: ﴿ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ﴾-6 النساء﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ﴾ الذي عاهدتم الله عليه والذي عاهدتم الخلق عليه. ﴿ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا ﴾ أي: مسئولين عن الوفاء به وعدمه، فإن وفيتم فلكم الثواب الجزيل وإن لم تفوا فعليكم الإثم العظيم. والوفاء بالعهد صفة الأنبياء. أخبر أبو سفيان : أن هرقل قال له : سألتك ماذا يأمركم ؟ فزعمت : أنه أمركم بالصلاة ، والصدق ، والعفاف ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، قال : وهذه صفة نبي . الراوي: أبو سفيان بن حرب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2681 خلاصة حكم المحدث: [صحيح] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسن العهد من الإيمان . الراوي: - المحدث: الزرقاني - المصدر: مختصر المقاصد - الصفحة أو الرقم: 381 خلاصة حكم المحدث: صحيح وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما نقض قوم العهد قط إلا كان القتل بينهم ، و ما ظهرت فاحشة في قوم قط إلا سلط الله عز وجل عليهم الموت ، و لا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر . الراوي: بريدة بن الحصيب الأسلمي المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 107 خلاصة حكم المحدث: صحيح على شرط مسلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس بخمس . قيل يا رسول الله , ما خمس بخمس قال : ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم ، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم ( الفقر ، و لا ظهرت فيهم الفاحشة ، إلا فشا فيهم ) الموت ، و لا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر ، و لا طففوا المكيال إلا حبس عنهم النبات ، و أخذوا بالسنين الراوي: عبدالله بن عباس - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 765 خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان . الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6095 خلاصة حكم المحدث: [صحيح] وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً -35 وهذا أمر بالعدل وإيفاء المكاييل والموازين بالقسط من غير بخس ولا نقص. ويؤخذ من عموم المعنى النهي عن كل غش في ثمن أو مثمن أو معقود عليه والأمر بالنصح والصدق في المعاملة. ﴿ ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ من عدمه ﴿ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا ﴾ أي: أحسن عاقبة به يسلم العبد من التبعات وبه تنزل البركة. ****** وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً -36 أمانة العلم أي: ولا تتبع ما ليس لك به علم، بل تثبت في كل ما تقوله وتفعله، فلا تظن ذلك يذهب لا لك ولا عليك، ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ﴾ فحقيق بالعبد الذي يعرف أنه مسئول عما قاله وفعله وعما استعمل به جوارحه التي خلقها الله لعبادته أن يعد للسؤال جوابا، وذلك لا يكون إلا باستعمالها بعبودية الله وإخلاص الدين له وكفها عما يكرهه الله تعالى. ***** خلق التواضع وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً -37 كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا -38 يقول تعالى: ﴿ وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا ﴾ أي: كبرا وتيها وبطرا متكبرا على الحق ومتعاظما على الخلق. ﴿ إِنَّكَ ﴾ في فعلك ذلك ﴿ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا ﴾ في تكبرك بل تكون حقيرا عند الله ومحتقرا عند الخلق مبغوضا ممقوتا قد اكتسبت أشر الأخلاق واكتسيت أرذلها من غير إدراك لبعض ما تروم. ﴿ كُلُّ ذَلِكَ ﴾ المذكور الذي نهى الله عنه فيما تقدم من قوله: ﴿ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَر َ﴾ والنهي عن عقوق الوالدين وما عطف على ذلك ﴿ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ﴾ أي: كل ذلك يسوء العاملين ويضرهم والله تعالى يكرهه ويأباه. ****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:59 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء الخامس عشر (7) ومع بعض آيات من سورة الإسراء وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً - 70 إن الاسلام أول من نادى بحقوق الإنسان , وكانت كرامة الانسان منحة من الله وفضل ولعل من قرأ وثيقة حقوق الإنسان يدرك أنها أتت متأخرة , فقد سبقتها رسالة الله تعالى منذ 1431 سنة , فالإسلام أول من قرر حرية العقيدة ( لا إكراه في الدين ) وحرية الإرادة بالتوجه لله الحق وحده بالعبادة , الإحسان إلى الأباء , حقوق الطفل وعدم قتلهم من الفقر, تحريم الفواحش , تحريم قتل النفس , صيانة مال اليتيم , صيانة المال بالوفاء في الكيل والميزان , العدل في القول , الوفاء بعهد الله تعالى. وجميع الحقوق تشمل الرجال والنساء على السواء في الإسلام. قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ -151
وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ -152
وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ -153الأعراف ****** وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وهذا من كرمه عليهم وإحسانه الذي لا يقادر قدره حيث كرم بني آدم بجميع وجوه الإكرام، فكرمهم بالعلم والعقل وإرسال الرسل وإنزال الكتب، وجعل منهم الأولياء والأصفياء وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة. ﴿ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرّ ِ﴾ بجميع وسائل النقل سواء التي تسير على الأرض أو التي تسير جوا مثل الطائرات . قال تعالى في سورة الجاثية: اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ - 12 وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ - 13 يخبر تعالى بفضله على عباده وإحسانه إليهم بتسخير البحر لسير المراكب والسفن بأمره وتيسيره، ﴿ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ﴾ بأنواع التجارات والمكاسب، ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ الله تعالى فإنكم إذا شكرتموه زادكم من نعمه وأثابكم على شكركم أجرا جزيلا. ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ﴾ أي: من فضله وإحسانه، وهذا شامل لأجرام السماوات والأرض ولما أودع الله فيهما من قوانين تعينكم على التنقل عبر الفضاء بالمركبات الفضائية أو في جو الأرض بواسطة الطائرات وغير ذلك مما هو معد لصالح بني آدم . فهذا يوجب عليهم أن يبذلوا غاية جهدهم في شكر نعمته وأن تتغلغل أفكارهم في تدبر آياته وحكمه ولهذا قال: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ وجملة ذلك أن خلقها وتدبيرها وتسخيرها دال على نفوذ مشيئة الله وكمال قدرته، وما فيها من الإحكام والإتقان وبديع الصنعة وحسن الخلقة دال على كمال حكمته وعلمه، وما فيها من السعة والعظمة والكثرة دال على سعة ملكه وسلطانه، فهو سبحانه كرم بني أدم بنعمة العقل وما أودعه فيه من تفاعلات وفهم ومدركات ليقوم بالتصنيع والإبتكار والتطوير المستمر لإنجازات سابقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. قال تعالى: ﴿والله خلقكم وما تعملون﴾ - 96 إبراهيم وإن كثير من المخلوقات تدلك على ذلك فإذا نظرت إلى النحل كيف يقوم ببناء الخلية بناءا هندسيا غاية الدقة وكيف يقوم بإمتصاص رحيق الأزهار وكيف يخرج من بطونه شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ؟ في أي الكليات درس هذا ؟ ومن علمه هذا؟ بل قل من أوضع فيه هذا البرنامج الذي لا يتخلف عبر العصور؟ وكذلك إذا نظرت إلى الحرير الطبيعي ..! تخرجه دودة الحرير وتتغذى على ورق التوت ..! في أي مصنع أخرجت هذا الحرير الطبيعي وكيف يتكون ؟ وإذا عدنا إلى الإنسان نجده نزل من بطن أمه لا يعلم شئ ..! قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ - 78 النحل أي: هو المنفرد بهذه النعم حيث ﴿ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ﴾ ولا تقدرون على شيء ثم إنه ﴿ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ ﴾ خص هذه الأعضاء الثلاثة، لشرفها وفضلها ولأنها مفتاح لكل علم ، فلا وصل للعبد علم إلا من أحد هذه الأبواب الثلاثة وإلا فسائر الأعضاء والقوى الظاهرة والباطنة هو الذي أعطاهم إياها، وجعل ينميها فيهم شيئا فشيئا إلى أن يصل كل أحد إلى الحالة اللائقة به، وذلك لأجل أن يشكروا الله، باستعمال ما أعطاهم من هذه الجوارح في طاعة الله تعالى . هل أدركنا مدى تكريم الله تعالى للإنسان؟ وكل ذلك دال على أنه وحده المعبود الذي لا تنبغي العبادة والذل والمحبة إلا له وأن رسله صادقون فيما جاءوا به، فهذه أدلة عقلية واضحة لا تقبل ريبا ولا شكا. وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴿وَالْبَحْرِ﴾ في السفن والمراكب والغواصات وذلك بالقوانين التي أودعها الله تعالى للطفو والإبحار عبر الأمواج المائية والرياح . ﴿ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ من المآكل والمشارب والملابس . فما من طيب تتعلق به حوائجهم إلا وقد أكرمهم الله به ويسره لهم غاية التيسير. ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا ﴾ بما خصهم به من المناقب وفضلهم به من الفضائل التي ليست لغيرهم من أنواع المخلوقات. وهذا التكريم الآلهي لبني البشر يدلك على مدى أهمية رسالة الله تعالى التي توضحه وتبينه للناس حتى يعلم الجميع أنهم متساون في التكريم على ظهر الأرض , وعليهم التوجه بقلوبهم إلى خالقهم حتى يديم عليهم نعمة التكريم في الدنيا والأخرة . فالبعد عن منهج الله في العدل يلحق الضرر بالبشرية حيث يطغى بعضهم على بعض ويأكل القوي الضعيف, ويستعبد السادة العبيد. وقد حدث ذلك عبر العصور المختلفة إلى أن جاء الإسلام ينير للبشر طريق الحرية والكرمة, ***** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 1:59 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء الخامس عشر (8) ومع بعض آيات من سورة الكهف إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا - 30 والأمر بالعمل الصالح ورد كثيرا في القرآن العظيم مما يدل على أهميته.. فالإسلام عقيدة وشريعة , فدائما نلاحظ إقتران الإيمان بالعمل الصالح وذلك عبر آيات القرآن من أوله إلى أخره. فالبعمل الصالح تنهض الأمم والشعوب وتقوى, فلا توجد على ظهر الأرض أمة تنهض بالعمل الصالح ثم تجدها متخلفة أو فقيرة أو محتلة أو ضعيفة ...أما الشعوب المتكاسلة عن العمل فسرعان ما ينخر فيها الضعف ويطمع في ثرواتها الطامعون ويسعى في غزوها الغاصبون...! وقد أدرك ذلك المسلمون الأوئل فكانوا خير أمة أخرجت للناس. وإليكم هذا النموذج .. في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة ، فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري ، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله ، فقال عبد الرحمن : بارك الله لك في أهلك ومالك ، دلني على السوق ، فربح ..... الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3937 خلاصة حكم المحدث: صحيح وورد أيضا , أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال أما في بيتك شيء قال بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء, قال: ائتني بهما فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال من يشتري هذين ؟ قال رجل أنا آخذهما بدرهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثة قال رجل أنا آخذهما بدرهمين . فأعطهما إياه وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري وقال اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فائتني به فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ثم قال اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما, ففعل فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خيرا لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاث لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع . الراوي: أنس المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 2/45 و من هذه الأحاديث ندرك كيف فهم المسلمون قيمة العمل في الإسلام , والأمر بالعمل الصالح قد وجهه الله تعالى لرسله صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين.. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ – 51 المؤمنون الأعمال الصالحة، التي هي صلاح في جميع الأزمنة، قد اتفقت عليها الأنبياء والشرائع، أولا – في العقيدة كالأمر بتوحيد الله، وإخلاص الدين له، ومحبته، وخوفه، ورجائه، والبر، والصدق، والوفاء بالعهد، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، والإحسان إلى الضعفاء والمساكين واليتامى، والحنو والإحسان إلى الخلق، ثانيا - الأعمال الصالحة لمجالات الحياة المختلفة من تصنيع وتشيد للبناء والمدن والطرق والعمل في مجال الزراعة والصيد وإنشاء المصانع لتصنيع كل مايلزم الإنسان في حياته اليومية... قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ - 10 أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ – 11 سبأ أي: ولقد مننا على عبدنا ورسولنا, داود عليه الصلاة والسلام, وآتيناه فضلا من العلم النافع, والعمل الصالح, والنعم الدينية والدنيوية، ومن نعمه عليه, ما خصه به من أمره تعالى الجمادات, كالجبال والحيوانات, من الطيور, أن تُؤَوِّب معه, وتُرَجِّع التسبيح بحمد ربها. ومن فضله عليه, أن ألان له الحديد, ليعمل الدروع السابغات, وعلمه تعالى كيفية صنعته, بأن يقدره في السرد, أي: يقدره حلقا, ويصنعه كذلك, ثم يدخل بعضها ببعض. قال تعالى: وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ – 80 الأنبياء وقال تعالى: يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ – 13 سبأ الشكر: تصور النعمة وإظهارها، ويضاده الكفر، وهو: نسيان النعمة، وسترها، وقيل: أصله من عين شكرى، أي: ممتلئة، فالشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه. والشكر ثلاثة أضرب:شكر القلب، وهو تصور النعمة.وشكر اللسان، وهو الثناء على المنعم.وشكر سائر الجوارح، وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقه بالبذل والعطاء والمساعدة . وقد تفضل الله تعالى على سائر البشر بأن علمهم مالم يكونوا يعلموا.. قال تعالى : اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ -3 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ -4 عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ – 5 العلق ***** والعمل الصالح كما يفيد في الدنيا فهو يفيد في الأخرة, قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ – 82 سورة البقرة ويجب أن يدرك الأنسان أن جميع أعماله مراقبة , فالدنيا دار إختبار لأعمال الإنسان. قال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ – 110 سورة البقرة ***** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 2:00 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء الخامس عشر (9) ومع بعض آيات من سورة الكهف من المبادئ الهامة في الإسلام الإجتهاد في تحصيل العلم , وقد ورد في نهاية الجزء الذي معنا قصة الإصرار والتصميم على طلب التعلم , وذلك من نبي الله موسى عليه السلام. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال: قام موسى النبي خطيبا في بني إسرائيل فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا أعلم ، فعتب الله عليه ، إذ لم يرد العلم إليه ، فأوحى الله إليه : إن عبدا من عبادي بمجمع البحرين ، هو أعلم منك . قال : يا رب ، وكيف به ؟ فقيل له : احمل حوتا في مكتل ، فإذا فقدته فهو ثم ، ***** وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا -60 فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا – 61 فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا – 62 قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا – 63 قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا – 64 فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا – 65 قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا – 66 قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا – 67 وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا – 68 قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا – 69 قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا - 70 ******* ونستفيد من هذه القصة الهامة مدى الحرص على طلب العلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غدا لعلم يتعلمه فتح الله له به طريقا إلى الجنة وفرشت له الملائكة أكنافها ، وصلت عليه ملائكة السماء وحيتان البحر ، وللعالم من الفضل على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، والعلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ بالعلم أخذ بحظ وافر ، وموت العالم مصيبة لا تجبر ، وثلمة لا تسد ، ونجم طمس ، وموت قبيلة أيسر من موت عالم . الراوي: أبو الدرداء المحدث: ابن القيم - المصدر: مفتاح دار السعادة - الصفحة أو الرقم: 1/254 خلاصة حكم المحدث: حسن فقد كانت بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم المصدر الرئيسي للعلم والعلماء , قال تعالى: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ -152 فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي ولا تَكْفُرُونِ – 153 سورة البقرة ولقد كان المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جامعة علمية تخرج منها خير أمة , وخيرة العلماء , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره . الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 187 خلاصة حكم المحدث: صحيح ولم يأتي الأمر في طلب الزيادة إلا في طلب العلم , قال تعالى: ...وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا – 114 طه فإن العلماء أشد الناس خشية لله تعالى وذلك لإدراكهم ومشاهدتهم لآيات الله في النفس والأفاق. قال تعالى في سورة فاطر: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا, وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ -27 َمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ, إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ - 28 ****** بالعلم والبحث العلمي الجاد تنهض الأمم , وبهذا الأسلوب الراقي في الأخلاق تعلم علماؤنا, فملكوا العالم وأشاعوا نور المعرفة على سائر الأرض التي كانت مفتاحا لكل العلوم التي نراها الأن. ****** وإلى الجزء التالي إن شاء الله الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 2:01 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء السادس عشر (1) وهذا الجزء يتضمن أواخر سورة الكهف وسورة مريم وسورة طه. ومن مبادئ المعاملات والأداب التي نحاول أن نتخلق بها من هذا الجزء الزاخر بالمعطيات الكثيرة , كيفية التعامل مع جميع البشر ومن مواقع مختلفة. فالآيات الكريمة تجيب عن أسئلة هامة...! أولها كيف يتعامل القائد مع الرعية ؟ ثانيا كيف يتعامل الأبن المؤمن مع أبيه غير المؤمن ؟ ثالثا كيفية تعامل الأب المؤمن مع أهل بيته ؟ ورابعا كيفية تعامل الداعية -إلى دين الله- مع الملوك والزعماء ؟ وبعون من الله تعالى نحاول أن نتدبر هذه الآداب والأخلاق عسى أن نتخلق بها فننعم بها في الدنيا ونكون من الفائزين إن شاء الله في الأخرة. ***** أولا كيف يتعامل القائد مع الرعية ؟ والنموذج الذي نراه في الآيات التالية لقائد قوي جاب مشارق الأرض ومغربها ودافع عن الضعفاء وحقق العدل بين الرعية, ( ذو القرنين ) قال تعالى عنه في أوخر سورة الكهف: إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا – 84 فَأَتْبَعَ سَبَبًا - 85 حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا – 86 قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا – 87 وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا – 88 ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ﴾ أي: ملكه الله تعالى، ومكنه من النفوذ في أقطار الأرض، وانقيادهم له. ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾ أي: أعطاه الله من الأسباب الموصلة للمهام التي يبتغيها، ما به يستعين على فتح البلدان، وسهولة الوصول إلى أقاصي العمران، وعمل بتلك الأسباب التي أعطاه الله إياها، أي: استعملها على وجهها. حتى إذا بلغ مغرب الشمس، أي أقصى مكان للأرض من جهة الغرب ,وجد أقواما ﴿قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾ أي: إما أن تعذبهم بما أقترفوه من أثام ، وإما أن تحسن إليهم، فخير بين الأمرين، لأن الظاهر أنهم كفار أو فساق، أو فيهم شيء من ذلك، لأنهم لو كانوا مؤمنين غير فساق، لم يرخص في تعذيبهم، فكان عند ذي القرنين من السياسة الشرعية ما استحق به المدح والثناء، لتوفيق الله له لذلك، فقال: سأجعلهم قسمين: ﴿أَمَّا مَنْ ظَلَمَ﴾ بالكفر ﴿فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا﴾ أي: تحصل له العقوبتان، عقوبة الدنيا، وعقوبة الآخرة. ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى﴾ أي: فله الجنة والحالة الحسنة عند الله جزاء يوم القيامة، ﴿وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ أي: وسنحسن إليه، ونلطف له بالقول، ونيسر له المعاملة، وهذا يدل على كونه من الملوك الصالحين الأولياء، العادلين العالمين، حيث وافق مرضاة الله في معاملة كل فرد، بما يليق بحاله. أولا- بردع الظالم حتى لا يتجرأ الناس على الظلم , و يسود الأمن والأمان بين الناس.. ثانيا- مكافئة الصالحين حتى نشجع غيرهم على الإصلاح , ليعم الرخاء بإذن الله , وهذا ما فعله ذو القرنين. ***** ثالثا - الدفاع عن المظلومين و مساعدتهم في إنشاء دفاعاتهم ضد المعتدين والمفسدين في الارض حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا -93 قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا – 94 قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا – 95 آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا – 96 فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا – 97 ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ ﴾ قال المفسرون: ذهب متوجها من المشرق، قاصدا للشمال، فوصل إلى ما بين السدين، وهما سدان، كانا سلاسل جبال معروفين في ذلك الزمان، سدا بين يأجوج ومأجوج وبين الناس، وجد من دون السدين قوما، لا يكادون يفقهون قولا، وقد أعطى الله ذا القرنين من الأسباب العلمية، ما فقه به ألسنة أولئك القوم وفقههم، وراجعهم، وراجعوه، فاشتكوا إليه ضرر يأجوج ومأجوج، وهما أمتان عظيمتان من بني آدم.... فقالوا: ﴿إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ﴾ بالقتل وأخذ الأموال وغير ذلك. ﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا﴾ أي جعلا ﴿عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ ودل ذلك على عدم اقتدارهم بأنفسهم على بنيان السد، وعرفوا اقتدار ذي القرنين عليه، فبذلوا له أجرة، ليفعل ذلك، فلم يكن ذو القرنين ذا طمع، ولا رغبة في الدنيا، ولا تاركا لإصلاح أحوال الرعية، بل كان قصده الإصلاح، فلذلك أجاب طلبتهم لما فيها من المصلحة، ولم يأخذ منهم أجر، وشكر ربه على تمكينه واقتداره، فقال لهم: ﴿مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ أي: مما تبذلون لي وتعطوني، وإنما أطلب منكم أن تعينوني بقوة منكم بأيديكم ﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ أي: مانعا من عبورهم عليكم. ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ أي: قطع الحديد، فأعطوه ذلك. ﴿حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ﴾ أي: الجبلين اللذين بني بينهما السد ﴿قَالَ انْفُخُوا﴾ النار أي: أوقدوها إيقادا عظيما، واستعملوا لها المنافيخ لتشتد، فتذيب النحاس، فلما ذاب النحاس، الذي يريد أن يلصقه بين زبر الحديد ﴿قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ أي: نحاسا مذابا، فأفرغ عليه القطر، فاستحكم السد استحكاما هائلا، وامتنع من وراءه من الناس، من ضرر يأجوج ومأجوج. ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ أي: فما لهم استطاعة، ولا قدرة على الصعود عليه لارتفاعه، ولا على نقبه لإحكامه وقوته. **** وقد ود في الحديث الشريف نماذج كثير في تطبيق العدل , أن امرأة من بني مخزوم سرقت ، فقالوا : من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فلم يجترئ أحد أن يكلمه ، فكلمه أسامة بن زيد ، فقال : إن بني إسرائيل كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه. وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه ، لو كانت فاطمة لقطعت يدها. الراوي: عائشة المحدث: البخاري المصدر: صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 3733 خلاصة حكم المحدث: صحيح وأنظروا كيف كان حال العرب في الجاهلية , وكيف أصبح حالهم بعد عدل الإسلام ...! ويتجلى ذلك في قول جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة : أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار يأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ، و أمرنا بالصلاة والزكاة والصيام . ***** إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا - 58 النساء ***** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة الأربعاء 6 يوليو 2011 - 2:01 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء السادس عشر (2) عشنا في اللقاء السابق في كيفية تعامل القائد مع الرعية ؟ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا – 86 قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا – 87 وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا – 88 وإن شاء الله تعالى نستكمل اليوم مبادئ التعامل مع البشر من مواقع مختلفة وكيفية تعامل الأبن المؤمن مع أبيه غير المؤمن ؟ قال تعالى في سورة مريم : وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا -41 إِذْ قَالَ لأبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا – 42 يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا -43 يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا – 44 يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا – 45 قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا – 46 قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا – 47 ومع هذا النموذج الرائع والأدب الرفيع في المخاطبة نتعلم..! ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ جمع الله له بين الصديقية والنبوة. فالصديق: كثير الصدق، فهو الصادق في أقواله وأفعاله وأحواله، المصدق بكل ما أمر بالتصديق به،. وذلك يستلزم العلم العظيم الواصل إلى القلب ، المؤثر فيه ، الموجب لليقين ، والعمل الصالح الكامل،. وإبراهيم عليه السلام، هو أفضل الأنبياء كلهم بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي جعل الله في ذريته النبوة والكتاب، وهو الذي دعا الخلق إلى الله، وصبر على ما ناله من العذاب العظيم، فدعا القريب والبعيد، واجتهد في دعوة أبيه، مهما أمكنه، وذكر الله مراجعته إياه ، فقال : ﴿ إِذْ قَالَ لأبِيهِ ﴾ مهجنا له عبادة الأوثان: ﴿ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ﴾ أي: لم تعبد أصناما، ناقصة في ذاتها ، وفي أفعالها، فلا تسمع، ولا تبصر، ولا تملك لعابدها نفعا ولا ضرا، بل لا تملك لأنفسها شيئا من النفع ، ولا تقدر على شيء من الدفع ، فهذا برهان جلي دال على أن عبادة الناقص في ذاته وأفعاله مستقبح عقلا وشرعا. ودل أيضا أن الذي يجب أن نتوجه إليه بالعبادة من له الكمال والقدرة، وهو الله تعالى. ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ ﴾ أي: يا أبت لا تحقرني وتقول: إني ابنك، وإن عندك ما ليس عندي، بل قد أعطاني الله من العلم ما لم يعطك، والمقصود من هذا قوله: ﴿ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ﴾ أي: مستقيما معتدلا، وهو: عبادة الله وحده لا شريك له، وطاعته في جميع الأحوال،. وفي هذا من لطف الخطاب ولينه ، ما لا يخفى ، فإنه لم يقل: " يا أبت أنا عالم، وأنت جاهل " أو " ليس عندك من العلم شيء " وإنما أتى بصيغة تقتضي أن عندي وعندك علما، وأن الذي وصل إلي لم يصل إليك ولم يأتك، فينبغي لك أن تتبع الحجة وتنقاد لها.....!! ﴿ يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ﴾ لأن من عبد غير الله، فقد عبد الشيطان، كما قال تعالى: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾يس.. ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا ﴾ فمن اتبع خطواته، فقد اتخذه وليا وكان عاصيا لله بمنزلة الشيطان. فإن المعاصي تمنع العبد من رحمة الله ، وتغلق عليه أبوابها ، كما أن الطاعة أكبر الأسباب لنيل رحمته ، ولهذا قال: ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ ﴾ أي: بسبب إصرارك على الكفر، وتماديك في الطغيان ﴿ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴾ أي: في الدنيا والآخرة، فتنزل بمنازله الذميمة، وترتع في مراتعه الوخيمة . فتدرج الخليل عليه السلام بدعوة أبيه، بالأسهل فالأسهل، فأخبره بعلمه، وأن ذلك موجب لاتباعك إياي، وأنك إن أطعتني، اهتديت إلى صراط مستقيم . ثم نهاه عن عبادة الشيطان، وأخبره بما فيها من المضار. ثم حذره عقاب الله ونقمته إن أقام على حاله، وأنه يكون وليا للشيطان. فقال له الأب: ﴿ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ﴾ التي هي من الحجر والأصنام، ولام إبراهيم عن رغبته عنها، وهذا من الجهل المفرط، والكفر الوخيم، وقال : ﴿ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ ﴾ أي: عن شتم آلهتي، ودعوتي إلى عبادة لله ﴿ لأرْجُمَنَّكَ ﴾ أي: قتلا بالحجارة. ﴿ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴾ أي: لا تكلمني زمانا طويلا،. فأجابه الخليل جواب عباد الرحمن عند خطاب الجاهلين، ولم يشتمه، بل صبر، ولم يقابل أباه بما يكره، وقال: ﴿ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴾ أي: لا أزال أدعو الله لك بالهداية والمغفرة، بأن يهديك للإسلام، الذي تحصل به المغفرة، ﴿ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴾ أي: رحيما رءوفا بحالي، معتنيا بي، فلم يزل يستغفر الله له رجاء أن يهديه الله، فلما تبين له أنه عدو لله، وأنه لا يفيد فيه شيئا، ترك الاستغفار له، وتبرأ منه. وقد أمرنا الله باتباع ملة إبراهيم، وسلوك طريقه في الدعوة إلى الله، بطريق العلم والحكمة واللين والسهولة، والانتقال من مرتبة إلى مرتبة والصبر على ذلك، وعدم السآمة منه، والصبر على ما ينال الداعي من أذى الخلق بالقول والفعل، ومقابلة ذلك بالصفح والعفو، بل بالإحسان القولي والفعلي. ونلاحظ في الأيات السابقة كيف تعامل " نبي الله إبراهيم " مع أبيه المشرك , بكل أدب وأخلاق ودون عقوق, لعل الشباب في هذه الأيام يعي هذا السلوك الرفيع في المعاملات والآداب.. وخاصة مع الأباء , قال تعالى في سورة لقمان : ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا ﴾ لأن حق اللّه، مقدم على حق كل أحد، و "لا طاعة لمخلوق، في معصية الخالق" ولم يقل: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فعقهما " بل قال : ﴿ فَلا تُطِعْهُمَا ﴾ أي: بالشرك ، وأما برهما، فاستمر عليه، ولهذا قال: ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ أي: صحبة إحسان إليهما بالمعروف، وأما اتباعهما وهما بحالة الكفر والمعاصي، فلا تتبعهما. ﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ وهم المؤمنون باللّه، وملائكته وكتبه، ورسله، المستسلمون لربهم، المنيبون إليه. ****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى الموضوع : مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
| | | | مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
مواضيع مماثلة | |
| |
| |
| (( تذكر جيداً: يمنع وضع صورذوات الأرواح ويمنع الردود الخارجة عن الشريعه ويمنعالاشهار باى وسيلة والله شهيد )) | صفحة 2 من اصل 6 | انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4, 5, 6 | | تذكر قول الله تعالى :{{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }} سورة ق الآية 18 |
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|
|