الاصلاح بين الناس في رمضان

الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
 
الاصلاح بين الناس في رمضان
المواضيع الجديدة منذ آخر زيارة لياستعراض مشاركاتكمواضيع لم يتم الرد عليهاأفضل مواضيع اليومافضل اعضاء اليومافضل 20 عضو
 
 الاصلاح بين الناس في رمضان Empty

شاطر | 
 

  الاصلاح بين الناس في رمضان

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
ام ابراهيم
نائب المدير

نائب المدير
ام ابراهيم


المشاركات :
1856


تاريخ التسجيل :
05/08/2011


الجنس :
انثى

البلد :
مصر

sms :
لااله الا الله

 الاصلاح بين الناس في رمضان Caaaoa11 الاصلاح بين الناس في رمضان Empty

 الاصلاح بين الناس في رمضان _
مُساهمةموضوع: الاصلاح بين الناس في رمضان    الاصلاح بين الناس في رمضان Emptyالسبت 20 أغسطس 2011 - 12:44 

الاصلاح بين الناس في رمضان

سنة الاختلاف


القران الكريم
يؤكد لنا حقيقة قانون الاختلاف إذا لا مجتمع بدون هذا القانون الاجتماعي
قال تعالى :{ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ
النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ
بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا
اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ
الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ
يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } (البقرة:213) قال تعالى:{ وَلَوْ
شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ
مُخْتَلِفِينَ}(هود:118) و قال تعالى:{ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ
بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}
(البقرة: من الآية213)
قال تعالى :{ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ
مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ
يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} (البقرة: من الآية253)
ويؤكد الشيخ طاهر ابن عاشور رحمة الله سنة الاختلاف فيقول: (( أنّ جعلهم
أمّة واحدة في الدّين منتفية ، أي منتف دوامها على الوحدة في الدّين وإنْ
كانوا قد وُجدوا في أوّل النشأة متّفقين فلم يلبثوا حتّى طرأ الاختلاف
بينَ ابنيْ آدم عليه السّلام لقوله تعالى : { كان النّاس أمّة واحدة } [
البقرة : 213 ] وقوله : { وما كان النّاس إلاّ أمّةً واحدةً فاختلفوا } في
سورة [ يونس : 19 ] ؛ فعلم أنّ الناس قد اختلفوا فيما مضى فلم يكونوا
أمّة واحدة ، ثم لا يدري هل يؤول أمرهم إلى الاتّفاق في الدّين فأعقب ذلك
بأنّ الاختلاف دائم بينهم لأنّه من مقتضى ما جُبِلت عليه العقول .)).(
عاشور, 7 / 215) .
وقد يؤرخ لهذا الاختلاف منذُ تلك اللحظة التي بدأ فيها الصراع بين ابني
ادم هابيل و قابيل قال تعالى :{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ
بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ
يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا
يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (المائدة:27)
(( تبدو هذه الحادثة بسيطة لكثير من الناس ، فيما هي ( ملحمة ) ، تحتشد و
تتراصف في تضاعيفها وأثناءها قيم كثيرة ذات صلةٍ جوهريّةٍ بخلق التاريخ
واجتراح الزمن الإنساني )) ( الحسن ، 1423 : 13 )
من هنا نرى بأن الاختلاف سُنة اجتماعية تضرب بإطنابها في عمق النفس
البشرية إذ قضى الله ذلك قال تعالى :{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ
النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} (هود:118)
من هنا اقتضى الأمر إرسال الرسل لإعادة الحمة بين المجتمع ورفع صور
الخلاف الذي قد يكون عقدي بين المؤمنين وغيرهم من ملل الكفر..ولا بد أن
نقف على حقيقة أن الاختلاف بين جماعات المجتمع البشري حقيقة قائمة بنص
القران قال تعالى :{ وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} (هود:118)
(( ولمّا أشعر الاختلاف بأنه اختلاف في الدّين ، وأنّ معناه العدول عن
الحق إلى الباطل ، لأنّ الحق لا يقبل التعدّد والاختلاف ، عُقّب عموم {
ولا يزالون مختلفين } باستثناء من ثبتوا على الدين الحق ولم يخالفوه بقوله
: { إلاّ من رحم ربك } ، أي فعصمهم من الاختلاف وأما تعقيبه بقوله : {
ولذلك خلقهم } فهو تأكيد بمضمون { ولا يزالون مختلفين } . والإشارة إلى
الاختلاف المأخوذ من قوله : { مختلفين } ، واللاّم للتعليل لأنّه لمّا
خلقهم على جِبِلّة قاضية باختلاف الآراء والنزعات وكان مريداً لمقتضى تلك
الجبلّة وعالماً به كما بيّناه آنفاً كان الاختلاف علّة غائية لخلقهم ،
والعلّة الغائية لا يلزمها القصر عليها بل يكفي أنها غاية الفعل ، وقد
تكون معها غايات كثيرة أخرى )) (ابن عاشور , 7 / 215).
ومن المعلوم بإن هذا الاختلاف قد يتأزم بين الجماعات البشرية ليصل إلى حد
الاقتتال وإراقة الدماء و إفساد الحياة البشرية والمادية ، قال تعالى :{
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ
بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ
مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} (البقرة: 253)

كما إن الصراع بين الإيمان والكفر بين حزب الله وحزب الشيطان قائم منذ
اللحظة الأولى قال تعالى :{ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ
نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا
يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ
الصَّاغِرِينَ } ( الأعراف :12)
وقال تعالى:{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ
لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا
اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ
اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج:40)
ويرى الإمام القرطبي أن الغاية من التدافع البشري هو تحقيق التفرغ
للعبودية لله تعالى، ((أي لولا ما شرعه الله تعالى للأنبياء والمؤمنين من
قتال الأعداء، لاستولى أهل الشرك وعطلوا ما بينته أرباب الديانات من مواضع
العبادات، ولكنه دفع بأن أوجب القتال ليتفرغ أهل الدين للعبادة. فالجهاد
أمر متقدم في الأمم، وبه صلحت الشرائع واجتمعت المتعبدات )) ( القرطبي ،
12 / 70).
إذا الاختلاف هو موضوع الهود: بين قطبي الإيمان والكفر ويظهر ذلك جليا في
جميع الحوارات التي دارة بين الرسل وقومهم قال تعالى :{ شَرَعَ لَكُمْ
مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا
الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا
تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي
إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} (الشورى:13)
وقال تعالى حكاية عن قوم هود :{ قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا
بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا
نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } (هود:53)
إن اتعالى: الذي عرضنا له ليس مجرد خلافا عقائدي بين الإيمان والكفر بل
يتعداه إلى خلاف شمولي على صعيد الأفكار والرؤى و السياسة والاقتصاد و
جميع جوانب الحياة الفردية والاجتماعية . قال تعالى :{ وَمِنَ النَّاسِ
مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ
مُنِيرٍ} (الحج:8)

وقال تعالى:{ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا
بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُواً} (الكهف:56)
إذن: الخلاف بين الناس أمر متوقع وذلك لاختلاف قدراتهم وفهومهم وثقافتهم وأهوائهم.
ويبقي ضمن المقبول ما دام أنه ناتج عن أسباب معقولة وليس نتيجة هوى أو
تعصب أعمي للرأي ومع التسليم بهذه الحقيقة فإن الخلاف في عمومه يقود إلى
الشر وإلي الفرقة ولهذا كان أحد مقاصد الشريعة السمحة الحرص على وحدة الصف
وعدم الأختلاف المذموم .
ولكن لأن الخلاف حقيقة واقعة ومن طبيعة البشر فقد وضع الاسلام ضوابط
للخلاف والتعامل مع المخالف وكيفية الوصول إلي الحق الذي ينبغي أن يكون
هدف الجميع.



كيف نتعامل مع الخلاف

- حسن الظن بالأعضاء وتغليب أخوة الإسلام على كل اعتبار
يقول الله تعالي (يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم..) الاية /سورة الحجرات . أية رقم 12
ويقول الله تعالي ( إنما المؤمنون إخوة …..) الأية /سورة الحجرات. أية رقم 10.
- حمل ما يصدر من الأعضاء أو ينسب إليهم على المحمل الحسن قدر الإمكان .
- إذا صدر ما لا يمكن حمله فيعتذر عنهم ولا يعدم قاصد
الخير والحق أن يجد لإخوانه من الأعذار ما يبقي صدره سليماً ونفسه رضية.
يقول الله تعالي ( قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين )سورية الأعراف /أية رقم 151
– اتهام النفس واستيقافها عند مواطن الخلاف والنظر وتحاشي
الإقدام على تخطئة الآخرين إلا بعد النظر العميق والأناة الطويلة.
يقول الله تعالي ( ومآ أبرىء نفسى إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم ) سورة يوسف / أية رقم 53
يقول الله تعالي ( ولا أقسم بالنفس اللوامة ) سورة القيامة / أية رقم 2
– رحابة الصدر في استقبال ما يصلك من انتقاد أو ملاحظات من الأخوان
واعتبار ذلك معونة يقدمها المستدرك لك وليس مقصود أخيك العيب أو التجريح.
يقول الله تعالي ( الذين ينفقون في السرآء والضرآء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) سورة آل عمرآن / أية 134
– البعد عن مسائل الشغب.
يقول الله تعالي ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) سورة الفرقان / أية رقم 63
_ الا التزام بأدب الإسلام في انتقاء أطايب الكلام وتجنب الكلمات الجارحة
والعبارات اللاذعة ذات اللمز والغمز والتعريض بالسفه والجهل.
يقول الله تعالي (ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ) سورة إبراهيم / أية رقم 23
يقول الله تعالي ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار ) سورة إبراهيم / أية رقم 25
يقول الله تعالي ( ويل لكل همز لمزة ) سورة الهمزة / أية رقم 1
إن مشكلتنا مع المفاهيم أننا نؤمن بها في سياقها النظري، ونقررها في
مواقف كثيرة، فإذا ما قربت الصورة النظرية التي كنا نقرر فيها مواقفنا على
رأي الشرع حتى صارت هي الصورة العملية في حياتنا، وعشنا الخلاف حقيقة
عملية واقعية من خلال ما نلقى من مواقف في حياتنا اليومية رمينا بذلك
المفهوم عرض الحائط ونسينا أصل المسألة الشرعي، وتاهت ألسنتنا في أعراض
المخالفين ترصد تاريخهم، وتبين عيوبهم، وترمي بفضائلهم لا تلوي عليها
عنقاً، وكل ذلك جلبة منا على الخلاف، ورفض معلن لصورته الواقعية، وإن كنا
نؤمن قبل ذلك بصورته المثالية النظرية .
- إن الواقع الذي نعيشه اليوم بات يقرّب الصور التي
نقرأها في حياة السابقين إلى صور عملية واقعية، نخوض فيها تجربة العمل
بالعلم، ونطبّق فيها العلم حياً على أرض الواقع، ولذلك نرى في صور كثيرة
تبدو اليوم أننا أمام صور تختلط فيها الأوراق، ونقف عاجزين عن تمثّل العلم
في حياتنا بصورة واقعية، وبتنا لجدة الخلاف العملي نعثر في التطبيق
مراراً .
إن كثيراً منا يقرر المسألة الفقهية في أحيان كثيرة في ذهنه ويحشد لها
الأدلة الكفيلة ببيان الحق فيها ويقرر عليها القواعد والأصول التي ترجع
إليها، ولما يأتي إلى التطبيق في أبسط صورة تختل الصورة من جديد، ويتضح
لذلك القائل أن المسألة أثناء تنزيلها للواقع اختلفت عن تأطيرها وتقريرها
في الظاهر وخذ مثل ذلك من يفتي الناس في مسألة من المسائل، ثم تقع له
المسألة عملياً يجد نفسه بحاجة إلى إعادة تأمل فيما قال أول وهلة وكل ذلك
يدلنا على الفرق الهائل بين المسألة المعرفية البحتة، وبين صورتها العملية
التطبيقية في أرض الواقع .
إنني أكتب هذه الأسطر وأنا أرى صوراً في الوقع مؤلمة تبدو وهي تحترق
تماماً أمام لغة الخلاف، وترمي بكل أصول العلم وآدابه عرض الحائط، وتقرّر
شعرت أو لم تشعر أن من حاول أن يقول برأيه في مسألة من المسائل مخالفة لما
عليه الواقع ولو كان لها أصل أو دليل أو وجه دلالة من دليل سيطال نسبه في
العلم، وتُتهم نيته، ويساء تاريخه، ويبحث عن أسباب قوله بما يجعله
مغموساً في التهمة حتى الثمالة وكل ذلك لمحاولة لإركاسه في التقليد الذي
ترعرع في رحابه، وعاش في أكنافه .
إنني أدرك أن واجب العلم يحتّم على صاحبه أن يقول الحق، ويأمر بالمعروف
وينهى عن المنكر، ويدافع كل قول دخيل على الحق لكن كل ذلك مقرون بروح
العلم، ولباس الأدب وإلا صار نزاع عوام على أرض !! ونشوب خلاف بين فريق
كرة في أرض ملعب !! وأعلم يقيناً أن ثمة أقوال بتنا نراها اليوم في الواقع
يزج بها، ويتحمس قائلها لنشرها، ويجلب لها من الدلائل كل ما يملك ربما
ليس رغبة في إظهار الحق، وإنما شهوة لنفس أو صولة لهوى مع الغفلة أن بعض
هذه المسائل مما يتفق العقلاء على أنها بواقعها الذي نراها فيه من تعظيم
شعائر الله تعالى لا يختلف في ذلك اثنان، ومع كل ذلك أدعو لمن آلمه التجهم
للحق بهذه الصورة المشينة ألا يستعدي على المخالف، ولا يتعرّض له بقول
مهما بلغ قوله، وأن يحاول بكل ما يملك من آلة العلم أن يوجه رده لقوله لا
يتعرض من ذلك القول لقائله مهما بلغ وللعلم صولة إذا ركض على الباطل بقوة
كتب عليه أن تموت روحه ومعناه ولو قرأته أجيال الأمة كلها .
- إن الخلاف فرصة للتدريب سعة الصدر، وقبول قول
المخالف مهما كان، وفرصة لتدريب النفس على الحوار، وفرصة كذلك للتعمّق في
فقه المسألة وفهم القضية ومعرفة وجه الدلالة فيها، وهل ترتكز على دليل
قاطع من كتاب أو سنة أو إجماع أو بنيت على دلالة ظنية ؟ وفرصة كذلك على
التركيز على ما نراه خطأ من قول المخالف وتجنّب التهجّم على الأشخاص مهما
كانت الدواعي والأسباب .
- وفرصة كذلك لتنزيل المفاهيم الكبرى في كتاب الله
تعالى على أرض الواقع كالعدل مع المخالف، وحسن الظن به، وحمل كلامه على
أحسن محامله، وتفعيل النصيحة بطرقها وآدابها وآلياتها كما جاءت عن النبي
صلى الله عليه وسلم في حديث : ( الدين النصيحة ) وفرصة على حمل النفس على
الصبر وأطرها عليه، وتهذيبها بمعانيه الكبار .
- إننا بحاجة كبيرة إلى إدراك أن قضية الخلاف لم تلد
اليوم بل ولدت من زمن ولادة الإنسان، وستظل ترافقه وتنمو معه مع مرور
الأيام، وإن كانت لم تنمو في بلد من البلاد بشكل صحيح ظاهر فإن الأيام
القادمة كفيلة بأنها ستشب على غير العادة، وستتوسع بقدر لم يكن معروفاً في
أزمان مضت، وعلينا ألا نقف في وجهها حتى تنمو، وإنما نفسح لها الطريق
ونتيح لها المكان، ونكون مع كل ذلك جاهزين ليس لحربها ونسفها والجلبة
عليها وتهويل آثارها، وإنما بالاستفادة منها، وقبولها بالقدر الذي يتبح
للعقل التفكير فيها بقوة وإعمال قوته في الوصول للحق بالطريق الصحيح .
إننا نحارب اليوم وبقوة قضية الخلاف لخوفنا أنها تميّع الحق، وتجعل له
أبوباً مشرعة يطل منها أصحاب الباطل في كل لحظة، ومع أن هذا صحيح من جهة
إلا أن عوائد الخير فيها كثيرة، ولو لم يكن فيها إلا تحرير العقل من
الحصار المفروض عليه لكان كافياً بالاحتفاء، على أن الحق أبلج من كل دعوى،
ويظل له طعماً زاكياً يدعو الناس للاغتراف منه، وله روحاً زكية تنفد إلى
قلوب الخلق فيعلق بها ويكوّن تاريخها المأمول ( فأما الزبد فيذهب جفاءً
وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) سورة الرعد . هذا والله يحفظكم
ويرعاكم منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام
.



مفهوم وحقيقة الإصلاح
قال تعالى " لاخير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو
إصلاح بين الناس" ". وقال تعالى " ان أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما
توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب .
فالإصلاح كلمة محببة إلى القلوب والعقول ويتطلع إليها كل من يحب التطوير
والرقي والتقدم وهي دعوة حقيقية لكل الناس إلى تحقيقها والعيش في ظلالها
وخلق الإرادة والتصميم والعمل الجاد والمستمر لولوج الإصلاح لكل بيت
ومؤسسة وحزب وليكون مصدر إصلاح للأفراد والمؤسسات بشكل عام .
يقول بعض المفسرين في تفسير في قول الله تعالى: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ
الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ
تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ (هود: من الآية 88). : الإصلاح هو
محاولات إنقاذ الإنسان وإخراجه من الظلمات إلى النور، وتبصيره بحقيقة
الحياة وحقيقة نفسه.
هذا العلاج للفرد والمجتمع والدولة، للصغير والكبير، للمتعلم والأميِّ،
لا يستغني عنه أحد، وإلا عاش في ظلام المادة، وهو بهذا المعنى الدقيق يعود
نفعه على الجميع وفائدته، وهو مهمة الرسل والأنبياء ومن جاء من بعدهم ممن
حمل رسالتهم، وأدَّى دورهم، وقاد الناس والمجتمعات في طريق الخير.
إن الإصلاح بهذا المعنى الدقيق وبهذا المفهوم الصحيح؛ إنما يفوِّت فقط
الكسب الخبيث، ويضيِّع الفرص غير الكريمة والتي لا تليق بالإنسان؛ لأن
الإسلام يقيم من كل مؤمن ميزانًا صحيحًا دقيقًا، يجعله لا يمدُّ يده ولا
يسعى إلا إلى الخير، ولا يحرص على المغالاة أو يحب نفسه ويعيش لها فقط، بل
يعيش لغيره كالمصباح الذي يضيء لغيره في الظلام، بينما هو يتحمَّل ثمن
هذه الإضاءة.
ما هو الإصلاح إذًا؟
هذا هو الأساس الذي نريد أن نكشف عنه، ونقول: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾
(الأعراف: من الآية 89)، يرى الذين لا يرَون الحياة إلا متعةً ومادةً
وطعامًا وشرابًا أنَّ الإصلاح غير ما ذكرنا؛ فهو عندهم: إنشاء الكباري،
ورصف الطرق، وتوسيع الميادين، وإنشاء المدارس والمصانع والمتاجر، وإقامة
المتنزّهات.
ونبادر بالقول حتى لا يظنَّ أحدٌ أننا لا نريد هذه الأشياء، بل نريدها
ونحرص عليها أكثر من حرص الماديِّين عليها، لكن لا نُسمِّيها إصلاحًا، بل
نسمِّيها باسمها الصحيح: ضرورات اجتماعية حيوية ضرورية، لا يستغني عنها
مجتمع؛ فالأولاد لا بد لهم من مدرسة أو معهد أو جامعة يتعلَّمون فيها،
وتكفيهم أساتذتها.
والمرضى لا بد لهم من مستشفيات تكفيهم، وتستعد دائمًا لاستقبالهم وعلاجهم
بأعظم الأطباء وأكثرهم خبرةً، ولا تُفرِّط أبدًا في إنقاذ أي مريض،
والناس في مسيرتهم يحتاجون إلى طرق مرصوفة معبَّدة يُنظّم عليها السير،
تكفيهم ولا تضيق بكثرتهم.
والإنسان يحتاج إلى المتنزّهات؛ بما فيها من خضرة وجمال وورد، والإسلام
يضمن لكل فردٍ في المجتمع البيت الذي يأويه، والعمل الذي يكفيه، والدابَّة
التي تحمله إلى عمله "اشتراك في المواصلات مثلاً"، فالكفالة في هذه
الأشياء التي ذكرناها ضروراتٌ حتمية لازمة للإنسان، أما أن تُسمَّى
إصلاحًا فهي المشكلة.
الإصلاح في تقديرنا أمرٌ أعلى من ذلك وأجلُّ.. مهمة الرسل والأنبياء كما ذكرنا، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور كما بيَّنَّا.
يقول العالم والمربي المرحوم الفاضل، البهي الخولي- رحمه الله-: "هناك
جماعاتٌ تظنُّ الإصلاح مدارسَ تُنشأ، وجامعاتٍ تُقام، وترعًا تُحفَر،
ومصحَّات تُبنَى، ومصارفَ تُدبِّر المال، ومصانع تسدُّ حاجة البلاد، إلى
آخر ما هنالك مما يدور على ألسنتهم، ويَشيع من أنديتهم وصحفهم، وليس هذا
من الإصلاح في شيء، إنما هو ضروراتٌ حيويةٌ يجب أن يسار إليها مع منطق
الحاجة الاجتماعية، أما أنها هي الإصلاح والإنقاذ فلا".
ثم يقول: "ماذا أغنى الاهتمام بالترع والجسور والمدارس والمصانع والمسارح
والصحف وغيرها في أوروبا وغيرها من الدول التي تدَّعي التمدُّن والرقي..
ماذا أغنى الاهتمام بهذا والروح مريض، والاتجاه القلبي فاسد؟، ماذا أغنى
ذلك غير الاضطرابات والقلاقل والمبادئ التي تقوم ثم تزول، والحروب التي
تنطفئ ثم تستعر إلى ما شاء الله" (راجع تذكرة الدعاة).
وكل مَن زار البلاد التي تزعم أنها متحضِّرة رأى بعينيه ماذا يدور في
المتنزهات، وماذا يُرتكب فيها من موبقات وفواحش علنًا؛ مما يندى له
الجبين؛ لأنها عودة إلى عصور التخلُّف والحيوانية الممقوتة، ولذلك اتجهت
الرسالات السماوية، وخاصةً الدين الخاتم إلى إصلاح الإنسان أولاً
واستقامته ورُقيِّه وأخلاقه، وأصبح بحق خليفة الله في الأرض، يصلح ولا
يفسد، ويصعد ولا يهبط.
هل زرت مكة أو المدينة حفظهما الله ورأيت الشوارع والمباني المتواضعة؟!
وهل سألت نفسك ماذا كانت هذه المباني منذ ألف وأربعمائة سنة يوم بُعث صلى
الله عليه وسلم؟ ولماذا لم يسارع المسلمون إلى بناء المتنزّهات وتعبيد
الطرق، قبل إصلاح الإنسان؟!
لقد رُبي الإنسان فصار أمينًا صادقًا راقيًا رحيمًا بغيره، ينفر من كل
الخطايا، ويبتعد عن الكذب، ويمشي على الأرض وقلبه موصول برب الأرض
والسماء، بل أصبح يعيش في هذه الدنيا والجنة والنار أمام نظره.
يسأل صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة، وهو حارثة، فيقول له: "كيف أصبحت
يا حارثة؟"، فيرد بإيمان وصدق: يا رسول الله، أصبحت مؤمنًا حقًّا، فيقول
له الرسول صلى الله عليه وسلم: "ويحك يا حارثة، انظر فإن لكل قولٍ حقيقةً،
فما حقيقة إيمانك؟"، قال: يا رسول الله، عزفت نفسي عن الدنيا، فأظمأت
نهاري، وأسهرت ليلي، ووالله لكأني أنظر إلى عرش ربي بارزًا، وإلى أهل
الجنة يتزاورون فيها، وأنظر إلى أهل النار يتصايحون فيها، قال: "يا حارثة،
قد عرفت فالزم" ثلاث مرات.
ذلك هو الإنسان الحقيقي الذي خلقه الله، وأسجد له ملائكته، لا الإنسان
الحيواني الذي يعتدي على غيره، ولا الذي انحطَّ فيهرِّب السموم ليهلك بها
قومه، ولا الذي تدنَّى فلا همَّ له إلا الكسب الخبيث، والتعامل بالربا
والغش والكذب.

ولقد أكد القران الكريم على ان الصالح ماكان متوافقا ومسايرا مع فطرة
البشر ومنسجما مع الوجدان والضمير والعقل .. وعكس ذلك فان الفاسد هو عكس
ماتقوله الآية الكريمة " فطرة الله التي فطر الناس عليها " فكل ماهو مخالف
لهذه الفطرة يعتبر انحراف وفساد ومن هنا فان القران الكريم يركز على
الإصلاح بجميع ابعادة وطرقه وبنوده بحيث يعتبر القران الكريم الكتاب
الوحيد الذي يتحدث عن الإصلاح باعتباره كتاب هداية وإصلاح .
وعلى صعيد الإصلاح الفردي تحدث القران الكريم بكل التفصيلات باعتبار هدف
الرسالات السماوية إصلاح الإنسان وتربيته حيث جاء في القران الكريم " ولقد
كرمنا بني آدم وحملناه في البر والبحر ورزقناه من الطيبات وفضلناه على
كثير ممن خلقنا تفضيلا" فليس غريبا ان يبدأ الإصلاح بخصوص الإنسان كفرد
وهذه ميزة الرسالات الإلهية عن بقية المناهج البشرية.
ومن اجل الإنسان أطلق الخالق عز وجل له العنان ان يفعل ما يشاء في الأرض
لرفاهيته وسعادته ولكن حذره من ان يستغل هذه الإمكانيات في الفساد أو
الإفساد "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وأدعوه خوفا وطمعا ان رحمت الله
قريب من المحسنين".
والإصلاح الفردي وفق النظرة القرآنية لا يمكن ان يتحقق إلا إذا جاهد
الفرد على القيام بامور تتمثل في تصحيح المعتقدات الفكرية، التي عادة ما
يقتبسها الأفراد من مجتمعاتهم من دون التدبر والتأمل في صحتها أو سقمها،
وإذا سئل ما هذه الأفكار "قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم
لمقتدون" ولكي يتم الإصلاح لابد من مراجعة هذه الأفكار من أي مصدر
أقتبسها، هل من مصدر سماوي حتى يسير على وفقها أم من مصدر بشري جائز الخطأ
والاشتباه وإزالة الترسبات النفسية، والأخلاقيات الدنيئة من الأحقاد
والضغائن والحسد والكبر والحرص وإعطاء حقوق الآخرين وإصلاح أخطائهم.
لذلك فان الإصلاح يرتكز على أمرين أساسيين الأول يقوم على وجود قوانين
ودساتير دقيقة وصائبة وشاملة لجميع نواحي الحياة البشرية بحيث يلبي جميع
حاجات الإنسان الفردية والاجتماعية والروحية والمادية والثاني وجود شخصيات
لها القدرة على تطبيق الدساتير بحذافيرها من دون المساومة عليها أو
الرضوخ للعلاقات الشخصية ا و الرضوخ لولاة الأمر والخروج عن القوانين
والأنظمة وبالتالي يطغى الفساد على كافة الأعمال الايجابية وتصبح سلبية
وبهذين الأمرين يتم الإصلاح في المجتمع وفق رؤى نيرة بعيدة عن المحاباة
وعن المصالح الشخصية أو التي تكون تحت تأثيرات سلطوية داخلية أو خارجية
ومن دونهما فكل إصلاح يراد تحقيقه في المجتمع فهو إصلاح ناقص أبتر إن لم
يكن في بعض الحالات يفسد أكثر مما يصلح، فالإصلاحات الاجتماعية التي تنادي
بها بعض المؤسسات أو الأحزاب السياسية ما هي إلا إصلاحات جزئية تشمل
جانبا معينا من جوانب المجتمع على أحسن حالاتها .
لذلك فان الإصلاح المنشود يجب ان يرتكز عل أسس محددة أولها الشمولية وعدم
الانتقائية الرامية إلى مصالح فئوية وشخصية وأهمية ان يكون الإصلاح قابل
للتنفيذ دون عقبات وبإرادة جماعية وتوافق مجتمعي يلبي حاجة الأكثرية
الشعبية الاردنية .
 الموضوع : الاصلاح بين الناس في رمضان  المصدر :منتديات تقى الإسلامية  الكاتب:  ام ابراهيم

 توقيع العضو/ه:ام ابراهيم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ام ابراهيم
نائب المدير

نائب المدير
ام ابراهيم


المشاركات :
1856


تاريخ التسجيل :
05/08/2011


الجنس :
انثى

البلد :
مصر

sms :
لااله الا الله

 الاصلاح بين الناس في رمضان Caaaoa11 الاصلاح بين الناس في رمضان Empty

 الاصلاح بين الناس في رمضان _
مُساهمةموضوع: رد: الاصلاح بين الناس في رمضان    الاصلاح بين الناس في رمضان Emptyالسبت 20 أغسطس 2011 - 12:45 

سياق ورود الإصلاح في القرآن
ورد مفهوم الإصلاح في حقل النزاع الأسري كما في قوله تعالي
)وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ
وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي
أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ
إِصْلاَحاً( (البقرة: 228).
فالإصلاح هنا ورد في حقل النزاع الأسري، والطلاق هنا آخر مراحل النزاع الأسري.
- ثم ورد مفهوم الإصلاح في حقل النزاع العشائري، كما ورد في قصة موسى عليه السلام في قوله تعالى:
)فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا
قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً
بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ
وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ( (القصص: 19).
فمفهوم الإصلاح والمصلحين ورد أيضاً في النزاع المستمر بين الإسرائيليين
وبين المصريين، وهذا الصراع يمكن نسميه صراع ديني، أو صراع عشائري, أو
صراع أيديولوجي, أو صراع سياسي.
- ثم ورد الصراع في صنف آخر, في مجال الحرب الأهلية المباشرة… كما في
الآية )وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا
الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ( (الحجرات: 9).
هذا أيضاً مفهوم الإصلاح، لكنه ورد في صراع ونزاع بين طائفة أو طائفتين
في مجتمع من المسلمين، ليس مثل الصراع بين موسى والمصريين. فإلى ماذا يشير
هذا؟
يشير إلى أن الإصلاح والحقل الذي يرد فيه مفهوم الإصلاح متصل بصلة ما
بمفهوم النزاع، كأنما مفهوم الإصلاح انفتح بنا على مسألة النزاع، وبهذه
الصورة نحن نقول إنه مفهوم مفتاحي، لأنه لا يقف وحده وإنما يقودك بصورة
مباشرة إلى حقل آخر.. وإلى مفاهيم أخرى, وطبعاً هذا يضطرنا بصورة مباشرة
إلى حقل آخر وإلى مفاهيم أخرى. ويضطرنا بالتالي إلى الحديث عن مفهوم
النزاع .. ما هو النزاع الذي نتحدث عنه والذي يرتبط بالإصلاح؟ ونلاحظ مرة
أخرى أن مفهوم النزاع ولفظ النزاع ورد أيضاً في مواضع كثيرة من القرآن
الكريم, وبعد استقرار لهذه الألفاظ في القرآن الكريم توصلت إلى تقسيم
النزاع إلى مستويين، هناك نزاع سلمي وودي.
اللغويون يقولون إن النزاع والمنازعة قد تكون في الأعيان، وقد تكون في
المعاني، وكلها لا تخرج من معنى المجاذبة – مجاذبة الشيء –. ورد لفظ
النزاع في النزاع السلمي في قوله تعالى: )فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم
بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى( (طه: 62)، هذه منازعة سلمية لأنهم
كانوا مجموعة واحدة من السحرة اختلفوا في بعض الأشياء، ولكن لفظ
)وَأَسَرُّوا النَّجْوَى( تشير إلى أن هذا نزاع سلمي بين فصيل واحد.
ويقول تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ
وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ
فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ
بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً(
(النساء: 59). هذا أيضاً مستوى من المستويات التي فيها احتكاك لكنه لم
يبلغ مستوى التأزم الأخير.
هذا هو المستوى الأول من مستويات النزاع، ولكن هناك مستوىً آخر من
مستويات النزاع الذي يتسم بالعنف، وقد يتحول إلى الاقتتال، وهو نزاع مدمر
وخطير، ولذلك ورد في القرآن في صيغة النهي. ونلاحظ في الألفاظ الأولى لم
يكن هناك نهي ولكن هناك تقرير، كأنما هو شيء يمكن حدوثه.
وصيغة النهي جاءت في قوله تعالى: )وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ
تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ
اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ( الأنفال46ا، وهذا نهي قاطع.
وفي أماكن أخرى أيضاً وردت بصيغة النهي في منازعة الرسول r)لِكُلِّ
أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي
الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ(
(الحج: 67). أي يوجد مستويان من مستويات النزاع, نزاع يمكن أن يحتمل, ونزاع
يمكن أن يكون عنيفاً مدمراً.
وفي القرآن ينفتح المفهوم الواحد فمثلاً تحدث القرآن أولاً عن الإصلاح،
ثم قادنا الإصلاح إلى مسألة النزاع, ثم فصل النزاع ولكن أدخل للنزاع
الغليظ والعنيف مفهوم آخر هو مفهوم الفتنة. وقد تابعت أيضاً للمرة الثالثة
مفهوم الفتنة، وقد ورد هذا المفهوم – لفظ فتنة - ستين مرة في القرآن
الكريم, صنفت هذه المستويات العديدة الى أربعة مستويات:
* فتنة يقصد بها الابتلاء العام, كما في قوله تعالى )كُلُّ نَفْسٍ
ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً
وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ( (الأنبياء: 35)، فالموت والخير والشر والخوف
والفقر والمرض هذه فتن عامة يجريها الله سبحانه وتعالى على العباد، وهي
ابتلاء عام يقدره الله سبحانه وتعالى كيفما شاء.
* فتنة يقصد بها الاعتداء الخارجي الذي يقع على المسلمين كما في قوله
تعالى: )وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن
تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ
كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً(
(النساء: 101). ووردت آيات كثيرة في هذا المعنى.
* فتنة يقصد بها النزاع النفسي الذي يجري في النفس الإنسانية
)وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ
اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ( الأنفال28.
والفتنة هنا تعني نزاع نفسي، وهي أن يكون للإنسان القيم الدينية، ولكن
لديه مصالح خاصة تتعلق بالأبناء أو نحو ذلك.. فلا يستطيع أن يستقيم على
هدى الدين فيميل أو تتجاذبه هذه الأهواء, فتسمى هذه فتنة نفسية أو حرب
داخلية..
والمثالين الأخيرين هما الأدخل في موضوعنا, فأنا لا أريد أن أتحدث عن
الفتنة بمعنى الابتلاء العام, ولا بمعنى الاعتداء الخارجي، وإنما أتحدث عن
الفتنة الداخلية التي يكون فيها نزاع بين مجموعتين من مجموعات المسلمين,
والفتنة الأخرى التي تكون فتنة نفسية. مع ملاحظة أن هذه المستويات الأربعة
غير مفصولة فصلاً نهائياً، إذ من الممكن أن الفتنة النفسية – الداخلية -
تتفاقم فتؤدي بصورة من الصور إلى الفتنة الأهلية.. وأيضاً من الممكن أن
تتفاقم الفتنة الأهلية فتؤدي إلى اعتداء خارجي بصورة من الصور. فالمستويات
الأربعة ليست منفصلة، ولكن ليس هنا هو المجال الذي يمكن لنا أن نفصل فيها
جميعاً، ولكن نكتفي بالفتنة بمعنى الصراع أو النزاع الداخلي الذي يسود
ويتفاقم حتى يتحول إلى حرب أهلية أو بينية مدمرة.
يتساءل البعض في قوله تعالى: )وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ
الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ( (الأنفال: 25) عن كيف فسرت هنا كلمة فتنة بمعنى حرب أهلية،
للإجابة على ذلك أقول: لكي نفهم المفهوم القرآني نحتاج إلى ثلاثة طرق:
* الاستخدام اللغوي المباشر: إلى الاشتقاقات – مادة فتن يفتن تعني:
امتحن، أو اختبر. امتحن الذهب التمحيص… وهذا مبلغ ما يرمي إليه اللغويون،
وهذا ليس كافياً.. فنعود إلى طريقة أخرى.
* السياق: ندرس ذلك من السياق الذي فيه لفظ فتنة من القرآن الكريم، فنقيس
المفهوم بالسياق القرآني أو السياق التاريخي فنجد أن الآية وردت في سورة
الأنفال )وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ
مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(
(الأنفال: 25). ونلاحظ أن سورة الأنفال هذه سورة خاصة كلها مترابطة ترابطا
شديداً.
وكلها نزلت بمناسبة النزاع الذي وقع بين المسلمين بسبب الغنائم التي
عثروا عليها بعد موقعة بدر, والسورة نزلت لمعالجة هذا النزاع )فَاتَّقُواْ
اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ
إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ( (الأنفال: 1) فبداية السورة تنبيه إلي النزاع
بين جماعة من المسلمين الذي كان سلمياً ولطيفا ً واستطاع الرسول صلى الله
عليه وسلم حل ذلك النزاع ولكن في الآية (25) من سورة الأنفال جاء تنبيه
شديد للصحابة بأن هذا النزاع في الغنائم إذا لم تتداركوه سيتحول إلى نزاع
مدمر لقواعد المجتمع نفسه.
روي عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: كنا نقرأ هذه الآية زماناً
فما كنا نحسب أنها نزلت فينا حتى إذا كانت موقعة الجمل أدركنا ذلك، لأنه
حضر موقعة بدر ومن الذين شاركوا مشاركة فاعلة في موقعة الجمل.
والسياق القرآني التاريخي يبين أن ورود كلمة فتنة في )وَاتَّقُواْ
فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً
وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ( (الأنفال: 25) هي إشارة
إلى الاقتتال والنزاع الذي وقع بين الصحابة منذ مقتل الخليفة عثمان رضي
الله عنه، أي الاقتتال الذي وقع بين علي من جهة وطلحة والزبير وعائشة من
جهة أخرى.
اذا اعتمدنا على رواية الزبير وعلى تأويله لهذه الآية، وإذا رجعنا إلى
سورة الأنفال نجدها تتحدث عن النزاع )يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ
الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ
بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ
قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً
وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ* أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ
حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ(
(الأنفال: 1-4).
 الموضوع : الاصلاح بين الناس في رمضان  المصدر :منتديات تقى الإسلامية  الكاتب:  ام ابراهيم

 توقيع العضو/ه:ام ابراهيم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ام ابراهيم
نائب المدير

نائب المدير
ام ابراهيم


المشاركات :
1856


تاريخ التسجيل :
05/08/2011


الجنس :
انثى

البلد :
مصر

sms :
لااله الا الله

 الاصلاح بين الناس في رمضان Caaaoa11 الاصلاح بين الناس في رمضان Empty

 الاصلاح بين الناس في رمضان _
مُساهمةموضوع: رد: الاصلاح بين الناس في رمضان    الاصلاح بين الناس في رمضان Emptyالسبت 20 أغسطس 2011 - 12:46 

فضل الإصلاح بين الناس

إن من هداية الله للمؤمنين ورحمته بهم أن وحدهم بالإسلام وجمع قلوبهم
بالإيمان فلمَّ شعثهم، وأزال عنهم الضغائن والأحقاد، وجعلهم أمة متعاونة
كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، يقول
الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10]، ويقول جل
وعلا: (واذكروا نعمة الله عليكم إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ
قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) [آل عمران:103]،
ويقول جل وعلا: (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ*
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً
مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ
إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال:62-63].
فما من سبيل يزيد في لحمة الأمة ويقرب بعضها من بعض إلا أرشد الإسلام
إليه إما وجوباً أو استحباباً، ولا سبيل يبعد الأمة بعضها عن بعض وينفر
القلوب إلا حذر ونهى عنه، أمر بالبر والصلة، أمر بإفشاء السلام، وعيادة
المريض، وإتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإجابة الداعي، وإبرار المقسم،
والنصيحة للمسلم، ونهى عن العقوق والقطيعة والسخرية واللمز والهمز والغيبة
والنميمة والقذف والبهتان وأنواع السباب والشتام، ومع هذه التحرزات التي
أرشد الإسلام إليها وربى الإسلام عليها إلا أن العبد في خضم هذه الحياة
ومخالطته للناس لا بد أن يكون هناك غضب وغفلة فربما اعتدى على الآخرين
بأقوال أو بأفعال فجاء الإسلام ليربأ الصدع ويقرب القلوب فأرشد إلى
الإصلاح بين الناس، والإصلاح بين الناس أمر مشروع أمر الله به في كتابه
فقال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ)
[الأنفال:1]، وقال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ
اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى
الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ
اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الحجرات:9] وأقسطوا إن الله يحب
المقسطين.
إن الإصلاح بين الناس عمل شريف، عمل فاضل، وثوابه عند الله عظيم .
· فالإصلاح بين الناس خيرَ ما يتناجى فيه المتناجون
قال تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ
بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ
ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً
عَظِيماً) [النساء:114]، فأنظر أخي إلى قوله: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ
نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ
بَيْنَ النَّاسِ) [النساء:114]، فهذا خير ما يتناجى فيه المتناجون ولذا
قال الله تعالى: (يأيها الذين آمنوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا
تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ
وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي
إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [المجادلة:9].
· ومن فضائل الإصلاح بين الناس أنه نفع متعدي أفضل من
الاشتغال بنوافل الصيام والصلاة والصدقة، لتعدي نفعه، وأن نفعه متعدي يقول
صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بما هو أفضل من درجة الصيام والصلاة
والصدقة"، قالوا بلى يا رسول الله، قال: "إصلاح ذات البين فإن فساد ذات
البين هي الحالقة"، ومن فضائله أنه عمل يرضي الله ورسوله، يقول صلى الله
عليه وسلم لأبي أيوب: "ألا أخبرك بعمل يرضي الله ورسوله"، قال نعم، قال:
"أصلح بين الناس إذا فسدوا وقارب بينهم إذا تباعدوا".
· ومن فضائله أن المصلح بين الناس قد تصدق على نفسه
وقابل نعم الله بشكرها، يقول صلى الله عليه وسلم: " يُصبح على كل سُلامى
من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة".
· ومن فضائل الإصلاح بين الناس أن النبي صلى الله عليه
وسلم أباح للمصلح الكذب مع أن الكذب من كبائر الذنوب لكن أباح للمصلح
الذي يقصد الخير أن يكذب توسلاً إلى جمع الكلمة وقطع دابر الفساد، تقول أم
كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينوي خيراً أو يقول خير".
· ومن فضائله أن المصلح لو احتاج إلى بذل مال في سبيل
إطفاء فتنة وتقارب القلوب لأُعطي من الزكاة مقدار ما دفع ولو كان غنياً
فإن الله يقول في الصدقة: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ
وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ) [التوبة:60]، قال العلماء رحمهم الله:
إن الغارم على قسمين: غارم لمصلحة نفسه كمن تحمل حقوق الناس لمصلحة نفسه
الخاصة فعجز وتعب عن ذلك من غير سرف ومن غير مغامرة فيعطى من الزكاة ما
يقضي به دينه، وكذلك من غرم لمصلحة الآخرين وهو الذي يصلح بين الناس فبذل
مالاً في سبيل ذلك فإنه يُعطى من الزكاة مقدار ما بذل ولو كان غنياً.
· الصلح بين الناس من القربات التي يؤجر عليها
الإنسان، وقد قال الله -تعالى-: ( لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن
نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ
إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ
اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (114) سورة النساء ، وقد نهى
الله الناس عن أن يجعلوا الله عرضة لأيمانهم بترك الإصلاح بين الناس، أي
يحلفون على الامتناع عن ذلك الإصلاح فقال: (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ
عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ
بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (224) سورة البقرة، وأمر الله
المسلمين بذلك فقال: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى
فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن
فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا
بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ( 9-10 )
سورة الحجرات.
· وبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- فضل الإصلاح بين
الناس فقال: (( كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس،
يعدل1 بين الناس صدقة))2. وإذا تعذر الإصلاح بين المتخاصمين إلا باللجوء
إلى الكذب بأن يقال لأحد المتخاصمين: إن فلاناً يقدرك ويثني عليك خيراًَ،
وإن ما حصل بينكما من نزغات الشيطان، وهو لا يريد إلا أن يقرب بينهما،
فهذا جائز، وهذا له أصل في الشرع فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-
أنه قال: ((ليس الكذَّاب الذي يُصلح بين الناس، فيَنْمِي3 خيراً، أو يقول
خيراً))4. وقد قال ابن شهاب الزهري -رحمه الله-: ( ولم أسمع يرخص في شيء
مما يقول الناس كذبٌ إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل
امرأته وحديث المرأة زوجها)5.
وقال ابن بابويه- رحمه الله-: (إن الله -تعالى- أحب الكذب في الإصلاح،
وأبغض الصدق في الإفساد)6. يقول ابن القيم -رحمه الله-: ( فالصلح الجائز
بين المسلمين هو الذي يعتمد فيه رضى الله -سبحانه- ورضى الخصمين، فهذا
أعدل الصلح وأحقه، وهو يعتمد العلم والعدل، فيكون المصلح عالماً بالوقائع،
عارفاً بالواجب، قاصداً للعدل، فدرجة هذا أفضل من درجة الصائم القائم)7.
وعن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت قال: كنت جالساً مع محمد بن كعب
القرظي، فأتاه رجل فقال له القوم: أين كنت؟ فقال: أصلحت بين قوم، فقال
محمد بن كعب: أصبت، لك مثل أجر المجاهدين، ثم قرأ: {لاَّ خَيْرَ فِي
كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ
أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء
مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (114) سورة النساء
.
وهناك آيات وأحاديث وآثار وأقوال لعلماء الإسلام تبين فضيلة الإصلاح بين
المتخاصمين، فعلى المسلم أن يكون سباقاًَ إلى مثل هذه الخيرات التي تكسبه
المنزلة الرفيعة عند الله -تعالى-.. فكم من مشاكل بين الناس خاصة في هذا
الزمن!! الذي كثر فيه التخاصم والتشاجر والاختلاف، نتيجة لضعف الإيمان،
وبُعد الناس عن عهد النبوة وعهد الخلافة الإسلامية الراشدة، التي كانت تجد
الحلول المناسبة للناس، وذلك بتطبيق شريعة الله التي تعالج كل المشاكل
التي تحصل بين البشر. أما اليوم وقد عمت البلوى بترك الشريعة واستبدالها
بالقوانين المستوردة التي عمت البلاد الإسلامية، والمماطلة في حل كثير من
القضايا، وفساد القضاء في تلك البلدان، فما على المسلم إلا أن يسارع بنفسه
لحل المشكلة بين إخوانه المسلمين. وليستشعر عظيم الأجر في ذلك، حتى يقدم
على ذلك بعزم وقوة وتصميم على الوصول إلى حل بين المتخاصمين؛ لأن المشاكل
إذا تركت بلا حلول فإنه يؤدي إلى تفاقم المصيبة وتعقيدها أكثر.




صفات المصلحين
أدعياء الإصلاح كثيرون، حتى أن المفسدين لا يستحون ولا يتحرجون من أن
يصفوا فسادهم وإفسادهم بالصلاح والإصلاح قال تعالى: }وإذا قيل لهم لا
تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون إلا أنهم هم المفسدون ولكن لا
يشعرون{ (البقرة: 11 – 12) ولكنّ المصلحين الحقيقيين ذوو صفات معينة
تؤهلهم لأداء هذه المهمة الخطيرة في المجتمع والأمة لذلك كان الأنبياء
عليه السلام هم أول من تصدّى لهذه المهمة وتحملوا في سبيل ذلك ألوان الأذى
والتهم والاستهزاء والقتل أحياناً أو محاولة ذلك كما حصل مع نبي الله
محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: }وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو
يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين{ (الأنفال: 30).
وعلى منهج الأنبياء قام الكثير من المصلحين علماء وغيرهم لمواجهة الواقع
الفاسد فأصلحوا ما استطاعوا، وقد دوّن التاريخ الكثير عن أفراد مصلحين
وحركات إصلاحية وتغييرية على المستويات كافة، فكرية وإجتماعية وسياسية،
ومن خلال الوقوف على سيرة ومسيرة هؤلاء يظهر لنا ما ينبغي أن يتصف به من
يتصدى لهذه المهام.
• أن يستشعر أنها عبادة يقوم بها استجابة لأمر الله ( وأصلحوا ذات بينكم )
[الأنفال :1]ومخلصا له وطلبا لمرضاته ( ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله
فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) [النساء: 114] ومحتسبا الأجر من الله إن الله لا
يضيع اجر المصلحين .
•أن يكون ذا خلق ودين محافظاً على نفسه من الوقوع في المحرمات أو
المجاهرة فيها تقياً متصفاً بالأخلاق الكريمة مبتعدا عن الأخلاق السيئة لا
يغتاب ولا ينم لأن الغيبة والنميمة إفساد والإفساد والإصلاح لا يجتمعان .

•أن يتصف بروح المبادرة والحرص على نشر الخير من تلقاء نفسه وعدم انتظار
دعوة للتوسط ، وليكن قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم حين علم بخصومة
بين أهالي قباء قال : ( اذهبوا بنا نصلح بينهم ) رواه البخاري.

•أن يتحلى بالحلم وسعة البال والصبر والتأني وعدم العجلة . لأنه سيدخل
بين أطراف متخاصمين والخصومة مظنة الظلم والاعتداء وطيش العقل وفلتان
اللسان وليعلم أن مهمته مرهقة فليوطن نفسه على التحمل وسعة الصدر ولين
الجانب ومقابلة الإساءة بالإحسان واحتمال ما يصدر من سفه وتطاول وترديد
كلام .

•أن يكون ذا علم شرعي عالم بما يحل ويحرم والشروط والأحكام خاصة في مجال الخصومة .

•أن يكون خبيرا في مجال النزاع عالما بالوقائع محيطا بالقضية وملابساتها
باحثا عن مسبباتها عارفا بطرق معالجة المشكلات ووضع الحلول والتسويات
العادلة المقترحة سواء كانت في مجال المشاكل الزوجية أو العقار أو الديون .

•أن يكون لطيفاً مع الناس وأن يحرص على استعمال الأسلوب الحسن والحكمة
والبصيرة. والبعد عن العبارات الجارحة حتى مع العصاة فالتوبيخ والتعيير
بالذنب مذموم والقصد من التلطف هو إصلاح العوج ، وسد الخلل ، وبيان الصواب
و القيام بواجب الإصلاح من غير أذى .

•أن يكون المصلح محايدا وهذه من أهم الصفات وأكثرها تأثيرا في عملية
الإصلاح لذا وجب أن يحرص على أن ينظر إليه الطرفان بوصفه شخص محايد لا
يميل مع أيهما حتى لو كان احدهما قريبا أو صديقا أو ذا علاقة معه وإذا
كانت لك علاقة مع احدهما فيجب أن يوضح من البداية أن هذه العلاقة لا دخل
لها ولا تأثير في هذا النزاع ويجب أن تسعى إلى ترسيخ هذا المفهوم لان
الميل يفقدك الفاعلية والقدرة على الإقناع والتأثير .ولقد قامت مجموعة من
علماء النفس بإجراء دراسة حول تأثير الوسيط المحايد في عملية الوساطة وكان
من بين النقاط التي تعرضت لها المجموعة ( ذلك الأثر الكبير الذي يمكن أن
يحدث إن نظر احد الأطراف إلى الوسيط بوصفه غير محايد ) .

•أن يتحرى العدل قال تعالى : ( فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله
يحب المقسطين ) [الحجرات: 9]وذلك لأن كثيرا من الناس لا يعتمد العدل في
الصلح بل يصلح صلحا جائرا ظالما فيصلح بين القادر المعتدي والخصم الضعيف
المظلوم بما يرضى به القادر صاحب الجاه ويكون له فيه الحظ ويكون الإغماض و
الحيف على الضعيف ويظن انه بهذا قد أصلح .

•المحافظة على أسرار المتخاصمين : فذلك من الأخلاق التي يجب على المصلح
أن يأخذ بها ، وألاّ يسمح لنفسه بالتفريط في شأنها أما إذا احتاج إلى
إفشاء شيء من ذلك لمن يعنيه الأمر ، أو لمن يمكن الإفادة من رأيه فذلك
داخل في الإصلاح ؛ يقول الإمام العالم الفضيل بن عياض في أهمية الستر :«
المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويفضح » .
· الإتصاف بصفات الصلاح:
جاء في قوله تعالى: }التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون
الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر{ (التوبة: 112) فعندما يحمل
البشر هذه المواصفات الموجودة في الآية الكريمة عندها يمكن القول أنهم
يمكن أن يحملوا راية الإصلاح وذكر صفة الآمرين بالمعروف والناهين عن
المنكر أخيراً تؤكد ذلك.
فمن يتصدى للإصلاح عليه أن يكون صالحاً في نفسه مطبقاً لما يقول ويدعو
إليه كما قال نبي الله شعيب عليه السلام: }وما أريد أن أخالفكم إلى ما
أنهاكم عنه...{ (هود: 88).
· المثابر والمقدام
فيجري المصلح أو الفئة المصلحة نحو الهدف بثبات ومثابرة لا يردعهما عن المضي في ذلك العقبات والمطامع
· أهل العلم والحكمة والدراية:
وخصوصاً في المجال ولا يكفي الإندفاع والرغبة في الإصلاح دون الاتصاف بالحكمة والعلم، لإختيار أسلوب العمل والوقت المناسب للتحرك
ونظرة فاحصة إلى أسلوب عمل المصلحين الربانيّين من الأنبياء والعلماء
تؤكد هذه الفكرة، وكيف أنهم صلوات الله عليهم كانوا لا يتخلون عن الإصلاح
في مختلف المجالات ولكنهم كانوا يبنون أمرهم على ما يناسب كل مرحلة.
· أن يحثهم على التنازل عن بعض حقوقهم، ابتغاء وجه الله واتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
عن البراء بن عازب قال: "لما صالح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أهل
الحديبية كتب علي بن أبي طالب بينهم كتابًا، فكتب: محمد رسول الله، فقال
المشركون: لا تكتب محمد رسول الله، لو كنت رسولاً لم نقاتلك، فقال لعلي:
"امحه"، فقال علي: ما أنا بالذي أمحاهُ، فمحاه رسول اللَّه صلى الله عليه
وسلم بيده وصالحهم على أن يدخل هو وأصحابه ثلاثة أيام، ولا يدخلوها إلا
حُلُبَّان السلاح، فسألوه: ما حُلُبَّان السلاح؟ فقال: القِراب بما فيه".
"البخاري: 2698".
تأمل أخي الكريم: كيف تنازل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن حقه من أجل الصلح.
عن كعب بن مالك أنه تقاضى من ابن أبي حدرد دينًا كان عليه في عهد رسول
اللَّه صلى الله عليه وسلم في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول
اللَّه صلى الله عليه وسلم في بيته، فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
إليهما حتى كشف سجف حجرته، فنادى كعب بن مالك، فقال: "يا كعب"، فقال: لبيك
يا رسول الله، فأشار بيده أن ضَع الشطر، فقال: قد فعلت يا رسول الله،
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "قم فاقضه". "البخاري: 2710، مسلم
1558".
أخي الكريم: مَن منا يفعل كما فعل كعب بن مالك؟ !
· خير الناس الذي يبدأ بالصلح
إن الإسلام هو دين المودة والتسامح، ولذا ينبغي للمسلم، الذي يحب الله
ورسوله ويحب الخير لنفسه ولإخوانه المسلمين أن يبادر بالصلح مع من خاصمه،
فيصل من قطعه ويعطي من حرمه ويعفو عمن ظلمه، وليعلم أن له منزلة عظيمة عند
الله تعالى، قال سبحانه: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن
فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم (34) وما يلقاها إلا الذين
صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم "فصلت: 34، 35".
عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل
لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال: يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا وخيرهما
الذي يبدأ بالسلام". "البخاري 6077، ومسلم 255").
· تأجيل الصلح يؤخر مغفرة الذنوب
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتحُ أبواب الجنة
يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا إلا رجلاً
كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين
حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا". "مسلم حديث 2565".,
والصلح المخالف للشرع مردود: يجب أن يكون الصلح بين المتخاصمين على أساس
كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعلى المتخاصمين أن يسلما لحكم
أهل الإصلاح طالما كان ذلك موافقًا للكتاب والسنة وإن خالف أهواءهم.
وأما إذا كان الصلح مخالفًا لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهو مردود على أصحابه وإن رضي به المتخاصمون.
عن عمرو بن عوف المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصلح جائز بين
المسلمين إلا صلحًا حَرَّم حلالاً أو أحلَّ حرامًا، والمسلمون على شروطهم
إلا شرطًا حرَّم حلالاً أو أحل حرامًا". "حديث صحيح: صحيح الترمذي حديث
1089".
· وعليه أيضا أن يتحرّى العدل ليحذر كل الحذر من الظلم " فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين " .
· لا تتعجل في حكمك وتريّث الأمر فالعجلة قد يُفسد فيها المصلح أكثر مما أصلح !!
· أن يختار الوقت المناسب للصلح بين المتخاصمين بمعنى
أنك لا تأتي للإصلاح حتى تبرد القضية ويخف حدة النزاع وينطفئ نار الغضب ثم
بعد ذلك تصلح بينهما .
· التلطّف في العبارة فتقول : يا أبا فلان أنت معروف
بكذا وكذا وتذكر محامده ومحاسن أعماله ويجوز لك التوسع في الكلام ولو كنت
كاذباً ثم تحذّره من فساد ذات البين وأنها هي الحارقة تحرق الدين ..
فالعداوة والبغضاء لا خير فيها والنبي عليه الصلاة والسلام قال " لا يحل
لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فيعرض هذا ويعرض هذا " ثم قال عليه السلام "
وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
 الموضوع : الاصلاح بين الناس في رمضان  المصدر :منتديات تقى الإسلامية  الكاتب:  ام ابراهيم

 توقيع العضو/ه:ام ابراهيم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ام ابراهيم
نائب المدير

نائب المدير
ام ابراهيم


المشاركات :
1856


تاريخ التسجيل :
05/08/2011


الجنس :
انثى

البلد :
مصر

sms :
لااله الا الله

 الاصلاح بين الناس في رمضان Caaaoa11 الاصلاح بين الناس في رمضان Empty

 الاصلاح بين الناس في رمضان _
مُساهمةموضوع: رد: الاصلاح بين الناس في رمضان    الاصلاح بين الناس في رمضان Emptyالسبت 20 أغسطس 2011 - 12:47 


قواعد في الإصلاح


· العلم المتيقن بوقوع الخصومة :
· لابد على الراغب في الإصلاح بين الخصوم أن يكون ذا علم متيقن بوقوع الخصومة .
· التصور العام للقضية :
· فلا بد للمصلح إذا أراد الدخول في قضية ما - أن يكون
على تصور عام لها ؛ إذ كيف يدخل في مجاهل ، ومفاوز لا يدرك غورها، ولا
يسبر مسالكها ؟ . فلا بد – إذاً - من تصور القضية ، ومعرفة أطرافها ،
وأحوال أصحابها ، وما يكتنفها من غموض ، وظروف ومن ثم ينظر في إمكانية
الدخول فيها وهي الخطوة التالية .
· النظر في إمكان الدخول في القضية :
· فإذا تصور المصلح القضية تصورا عاما نظر في إمكان
الدخول فيها ، وجدوى السعي في حلها . وقد يحتاج إلى الاستشارة والاستخارة ؛
فربما تكون القضية فوق طاقته ، وربما يكون دخوله فيها كعدمه ، بل ربما
لحقه ضرر دون أدنى فائدة . ومن هنا كان التحري ، والتروي ، وحسن النظر
متحتماً قبل الدخول في القضية .
· ألاّ تدخل في قضية بشرط النجاح :
· بل عليك - أيها المصلح - بذل الوسع ، واستنفاد
الطاقة ، ثم بعد ذلك وطّن نفسك على أن محاولاتك ربما لا تفلح ؛ فلا يكبر
عليك ذلك ، وأعلم بأنك مأجور مثاب ، وليس من شرط الإصلاح إدراك النجاح ،
وليكنْ شعارك ( إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا
تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ )
[هود: 88] .
· الدعاء وسؤال الله التوفيق :
· فمهما بلغ الإنسان من الكياسة والفطنة ، والسياسة ،
وحسن التصرف - فإنه لا يستغني عن توفيق الله ولطفه ، وإعانته ؛ فليلجأ
المصلح إلى ربه وليسأله التوفيق ، والتسديد , واللطف ، فإنه - عز وجل -
يجيب من دعاه ، ويعين من استعان به ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم )
[غافر: 60] .
· اختيار الوقت المناسب للصلح وعدم العجلة :
· يجب اختيار الوقت المناسب للصلح بين المتخاصمين حتى
يؤتي الصلح ثماره ويكون أوقع في النفوس وأحيانا يفضل أن لا تبدأ بالإصلاح
حتى تبرد القضية ويخف حدة النزاع وينطفئ نار الغضب ثم بعد ذلك تصلح بينهما
لكن إذا أبيت إلا التدخل فعليك بتهدئة النفوس وجبر الخواطر ونزع فتيل
الغضب أولا .
· التدرج في عرض الصلح :
· أن يكون الحديث والسعي على مراحل متدرجة وجرعات ،
تبدأ خفيفة ، ثم تكثف بعد ذلك ، فيستحسن التمهيد للموضوع ، وجس النبض ، ثم
المعاودة بعد مدة من الزمن ، ثم يكثف الجهد بعد ذلك ؛ ويتأكد التدرج في
القضايا المستعصية و الخصوم المتعنتين.
· الحذر من اليأس :
· فربما حاولت المحاولة الأولى ، وبذلت وسعك في معالجة
المشكلة فأخفقت ؛ فإن كنت قصير النَّفَس ، ضيق الصدر أيست من العلاج ،
وتركت المحاولة إلى غير رجعة . أما إذا أخذت بسياسة النفس الطويل ،
وتدرّجت في مراحل العلاج مرحلة مرحلة أوشكت أن تصل إلى مبتغاك .
· سلوك مسلك النجوى والمسارّة :
· إن من الخير في باب الإصلاح بين الناس أن يسلك به
المصلح مسلك النجوى والمسارّة فإن من الناس من يصر على أن تكون المبادرة
من خصمه وآخر يتأذى من نشر مشاكله أمام الناس ومن المعلوم أنه كلما ضاق
نطاق الخلاف كان من السهل القضاء عليه فلذلك تفضل النجوى في الإصلاح قال
تعالى ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين
الناس ) [النساء: 114] .
· الوضوح والصراحة :
· والمقصود بالصراحة ألاّ يساير أحداً من الخصمين على
باطل ، وألاّ يَعِدَ أحداً منهما وعداً وهو غير قادر على إنفاذه ، إلى غير
ذلك مما يستلزم الوضوح والصدق. وليس من شرط ذلك أن يشتد المصلح ، أو أن
يواجه الخصوم بما يكرهون بحجة أنه صريح ، بل يحرص على أن تكون صراحته
مغلفة بالأدب واللباقة ، وأن تكون كلماته خفيفة ؛ كما لا ينافي الصراحةَ
تنميةُ الخير, واستعمال المعاريض , والعبارات الواسعة التي تُصلح وتقرب
كما ستقرأ في النقطة التالية .
· جواز الكذب لأجل الإصلاح :
· أذن الشارع للمصلح بنوع من الكذب في العبارات وفي
الأمور التي توفق وتقرب وتخفف من شدة العداوة وتحببهم إلى بعض قال صلى
الله عليه وسلم ( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا
) رواه البخاري . ومن أمثلة ذلك أن يحاول المصلح تبرير أعمال كل من
المتخاصمين وأقوالهما بما يحقق التقارب ، ويزيل أسباب الشقاق والخلاف ،
وأحيانا ينفي بعض أقوالهما السيئة فيما بينهما ، وينسب إلى كل منهما من
الأقوال الحسنة في حق صاحبه مما لم يقله مثل أن يقول : فلان يسلم عليك
ويحبك ، وما يقول فيك إلا خيرا ونحو ذلك .
· أهمية مراعاة الخواطر وتهدئة النفوس :
· ويندرج تحت ذلك أمور كثيرة ، وربما كان بعضها صغيراً
، لكنه قد يغير مسار القضية تماماً ، فيدخل تحتَ ذلك تجنبُ بعضِ الكلمات
الجافية المثيرة ، واستعمالُ العبارات اللائقة الجميلة التي تبهج النفس ،
وتشرح الصدر .
· ويدخل في ذلك اللمسةُ الحانيةُ ، والبسمةُ الصادقة ،
ويدخل فيه استثارة النخوة ، وتحريك العاطفة ، بل قد يدخل فيه العتب
والغضب إذا كان ذلك في محله ، وممن يليق منه ذلك . ويدخل في ذلك مراعاة
العادات ، وفهم الطبائع والنفسيات . فهذه الأمور، وما جرى مجراها من جملة
ما يحتاجه المصلح .
· الرفع من قيمة المتخاصمين :
· وذلك بإنزالهم منازلهم ، ومناداتهم بأحب أسمائهم إليهم ، والحذر من انتقاصهم، أو الحطّ من أقدارهم .
· الحذر من الوقيعة بأحد الخصمين عند الآخر :
· حتى لو كان ذلك مجاملة ومسايرة لخصمه فهذا منافي لما
يجب على المصلح أن يتصف به وهو ضرب من الغيبة المحرمة , ولأنهما ربما
اصطلحا، فأخبر كل واحد منهما بما قلته في صاحبه ؛ فتحصل على الضرر من غير
ما فائدة ، وقديماً قيل :
· كم صاحبٍ عاديتَه في صاحبٍ............... فتصالحا وبقيتَ في الأعداء.
· في كل الخطوات عليك دائما بالوعظ والنصيحة وتذكير الخصوم بالعاقبة :
· فيحسن بالمصلح أن يُذكِّر الأطراف المتخاصمة
بالعاقبة ؛ فيذكرهم بعاقبة الخصومة , وما تجلبه من الشقاق , وتوارث
العداوات , واشتغال القلوب , وغفلتها عن مصالحها . ويذكرهم كذلك بالعاقبة
الحميدة للصلح في الدنيا والآخرة , ويسوق لهم الآثار الواردة في ذلك كقوله
تعالى - : ( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) [البقرة: 237]وكقوله
: ( وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ ) [آل عمران: 134] وكقوله : ( فَمَنْ
عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) [الشورى: 40] . ويسوق لهم
قصصاً لأناس عفوا , فحصل لهم من العز , والخير ما حصل ... فذلك يبعث
النفوس إلى الإقصار عن التمادي في الخصام . ولا بأس بالإطالة في النصح
والوعظ والإكثار من ذكر الآيات والأحاديث إذا دعت الحاجة .
· عليك بحسن الاستماع :
· لأن كلَّ طرف من الأطراف يزعم أنه على حق ، وأن
صاحبه على باطل ؛ فيحتاج كلُّ واحد منهما إلى مَنْ يَستمع إليه ، ويرفق به
، ويأخذ ويعطي معه . بل إن بعض الخصوم يكفيه أن يفرغ ما في نفسه من غيظ ،
أو كلام ؛ فيشعر بعد ذلك بالراحة ، ويكون مستعداً لما يُراد منه .
· أهمية تحديد المشكلة بدقة :
· فلا تعتمد إلا على الحقائق الثابتة لا على العواطف
والتخمينات والآراء والإشاعات أو المشاعر فهذه رغم أنها أشياء مؤثرة في
القضية إلا أنها تعتبر ثانوية للمشكلة في حد ذاتها وعرضه للإنكار والرفض
أما الحقائق فمن الصعب الجدل بشأنها.
· ضرورة معرفة الأسباب الحقيقية للخصام :
· يجب أن تضع في الحسبان دائما أن السبيل إلى الإصلاح
بين المتخاصمين وإنهائه تماما هو معرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى
نشوب الخصام فان استطعت أن تعرفها وتعالجها بشكل يرضي الطرفين كان ما بقي
سهل وتضمن بذلك أن يدوم الصلح بينهما أما إذا قمت فقط بوعظهم ونصحهم
والإلحاح عليهم بجاهك فقد يستجيبون لك حياءاً ويتصالحون صلحا صورياً ثم ما
يلبث أن يرجع الخصام مثل ما كان وأشد
· ومما يجدر التنبيه إليه أن أطراف النزاع قد يجدون
صعوبة في تقديم المعلومات أو إيضاح الأسباب الحقيقية التي ليست في صالحهم .
فعليك اكتشافها بنفسك واختبار المعلومات المقدمة لك بطريقتك .
· التنبه إلى المعوقات والصعوبات والاستعداد لها :
· لا يكن في ظنك أن سبيل الإصلاح بين الناس ممهد
ومتيسر لكل مصلح وأنه سيستجاب لك في كل ما تطلبه وتنصح به بل عليك أن تعود
نفسك وتوطنها على مواجهة الصعوبات والعقبات والمعوقات الكثيرة والتي منها
على سبيل مثال لا الحصر: تعنت الخصوم أو احدهما وعدم تنازلهم أو تقبلهم
للإصلاح أو عدم تجاوب الخصمين أو أحدهما في إبداء الأسباب الحقيقة للنزاع
أو ، أو عدم الحضور لمحاولة تقريب وجهات النظر بينهما • أو تدخل الأقارب
أو المعارف بين المتخاصمين بحسن أو بسوء نية ؛ أو محاولة الخداع والكذب
والخلط في الدعاوى •
· ضرورة الحياد والاستقلالية :
· في تعاملك مع الأطراف والتنبه إلى محاولات أطراف
الخصومة لجرك كي تنحاز إلى جانبه وتبني موقفه والدفاع عنه ؛ حافظ دائما
على استقلالك وابق محايدا وحافظ على مسافة واحدة معهم حتى لا تفقد قدرتك
على التأير والإقناع .
· التنبه إلى اختلاف أحوال الناس في تعاملهم عند النزاع والخصومة
· فمنهم المتعنت الصلب ومنهم اللين السهل ومنهم الصادق
ومنهم الكاذب ومنهم من يتأثر بالمواعظ والأحاديث وثواب الآخرة ومنهم من
تؤثر فيه المصالح الدنيوية أو المال أو الإكرام والتقدير وهكذا فيجب على
المصلح مراعاة ذلك ومعاملة كل خصم بما يؤثر فيه .
· عليكم بالمتابعة حتى النهاية :
· لحل النزاع ، وعدم تركه معلقا ، فتترك للشيطان الفرصة الذهبية ليعيد الخلاف والنزاع فتذهب الجهود سدى .
· وأخيرا قد تحتاج إلى تطبيق كل خطوة من خطوات السعي
في الإصلاح والى تجريب كل وسيلة وقد لا تحتاج إلا إلى نصيحة وكلمة طيبة
فقط كل ذلك يعتمد على توفيق الله ثم تقبل الخصوم واستعدادهم للصلح والى
طبيعة المشكلة .
· المحور التاسع: شروط الصلح بين الناس
· عن عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاً حرم حلالاً، أو
أحل حراماً. والمسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً"
رواه أهل السنن إلا النسائي.
· جمع في هذا الحديث الشريف بين أنواع الصلح والشروط –
صحيحها وفاسدها – بكلام يشمل من أنواع العلم وأفراده ما لا يحصى، بحد
واضح بيِّن. فأخبر أن الأصل في الصلح: أنه جائز لا بأس به، إلا إذا حرم
الحلال، أو أحل الحرام. وهذا كلم محيط، يدخل فيه جميع أقسام الصلح. والصلح
خير؛ لما فيه من حسم النزاع، وسلامة القلوب، وبراءة الذمم. فيدخل فيه:
الصلح في الأمور في الإقرار، بأن يقرَّ له بدين، أو عين، أو حق، فيصالحه
عنه ببعضه أو بغيره. وصلح الإنكار، بأن يدعي عليه حقًّا من دين، أو عين،
فينكر. ثم يتفقان على المصالحة على هذا بعين أو دين، أو منفعة أو إبراء،
أو غيره: فكل ذلك جائز. وكذلك الصلح عن الحقوق المجهولة، كأن يكون بين
اثنين معاملة طويلة، اشتبه فيها ثبوتُ الحق على أحدهما أو عليهما، أو
اشتبه مقداره، فيتصالحان على ما يتفقان عليه، ويتحريان العدل. وتمام ذلك:
أن يحل كل منهما الآخر، أو يكون بين اثنين مشاركة في ميراث أو وقف، أو
وصية أو مال آخر: من ديون، أو أعيان، ثم يتصالحان عن ذلك بما يريانه أقرب
إلى العدل والصواب. وكذلك يدخل في ذلك: المصالحة بين الزوجين في حق من
حقوق الزوجية: من نفقة أو كسوة أو مسكن أو غيرها، ماضية أو حاضرة، وإن
اقتضت الحال أن يغض أحدهما عن بعض حقه: لاستيفاء بقيته، أو لبقاء الزوجية،
أو لزوال الفضل، أو لغير ذلك من المقاصد، فكل ذلك حسن. كما قال تعالى في
حقهما: {فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}. وكذلك الصلح عن القصاص في النفوس، أو الأطراف بمال
يتفقان عليه، أو المعاوضة عن ديات النفوس والأطراف والجروح أو يصلح الحاكم
بين الخصوم بما تقتضيه الحال، متحرياً في ذلك مصلحتهما جميعاً. فكل هذا
داخل في قوله صلى الله عليه وسلم : "الصلح جائز بين المسلمين". فإن تضمن
الصلح تحريم الحلال، أو تحليل الحرام، فهوفاسد بنص هذا الحديث، كالصلح على
رق الأحرار، أو إباحة الفروج المحرمة، أو الصلح الذي فيه ظلم. ولهذا قيده
الله بقوله تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}. أو صلح اضطرار كالمكره، وكالمرأة
إذا عضلها زوجها ظلماً لتفتدي منه، وكالصلح على حق الغير بغير إذنه وما
أشبه ذلك، فهذا النوع صلح محرم غير صحيح. وأما الشروط: فأخبر في هذا
الحديث أن المسلمين على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً، وهذا
أصل كبير. فإن الشروط هي التي يشترطها أحد المتعاقدين على الآخر مما له
فيه حظ ومصلحة، فذلك جائز. وهو لازم إذا وافقه الآخر عليه، واعترف به.
وذلك مثل إذا اشترط المشتري في المبيع وصفاً مقصوداً، كشرط العبد كاتباً،
أو يحسن العمل الفلاني، أو الدابة هملاجة أو لبوناً، أو الجارح صيوداً، أو
الجارية بكراً أو جميلة أوفيها الوصف الفلاني المقصود. ومثل أن يشترط
المشتري: أن الثمن أو بعضه مؤجل بأجل مسمى، أو يبيع الشيء ويشترط البائع:
أن ينتفع به مدة معلومة، كما باع جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله
عنهما للنبي صلى الله عليه وسلم جمله، واشترط ظهره إلى المدينة. ومثل أن
يشترط سكنى البيت، أو الدكان مدة معلومة، أو يستعمل الإناء مدة معلومة،
وما أشبه ذلك. وكذلك شروط الرهن والضمان والكفالة هي من الشروط الصحيحة
اللازمة. ومثل الشروط التي يشترطها المتشاركان في مضاربة، أو شركة عنان،
أو وجوه أو أبدان، أو مساقاة، أو مزارعة: فكلها صحيحة، إلا شروطاً تحلل
الحرام، وعكسه، كالتي تعود إلى الجهالة والغرر. ومثل شروط الواقفين
والموصين في أوقافهم ووصاياهم من الشروط المقصودة: فكلها صحيحة، ما لم
تدخل في محرم. وكذلك الشروط بين الزوجين، كأن تشترط دارها أو بلدها، أو
نفقة معينة أو نحوها. فإن أحق الشروط أن يوفى به هذا النوع. (اهـ نقلا عن
كتاب بهجة قلوب الأبرار للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي).
· لذلك يجب أن تتعرف على الحالات التي يشرع الإصلاح فيها والحالات التي لا ينبغي الإصلاح فيها :
· حالات يشرع ويستحب السعي في الإصلاح فيها بين الناس :
· إذا كان المتخاصمون أقارباً أو جيران أو من ذوي الهيئات والفضل .
· إذا كانت الخصومة في أمر بسيط ولكن استفحل وتوسع مع طول الخصام وسعي أهل الشر والفساد .
· إذا أشكل الحق على القاضي ولم يتبين المصيب من المخطئ منها وتقاربت الحجتان .
· إذا كان صاحب الحق غنيا والذي عليه الحق ضعيفا معسرا فيتنازل الغني صلحا عن بعض حقه .
· إذا طال الخصام في أمر وانقطعت الاتصالات والعلاقات وكثر التشعيب فيه .
· إذا وقعت العداوة بين الأطراف وحدثت القطيعة وتجاهل كل طرف الآخر وهجره .
· إذا كانت الخصومة بين فئات كبيرة من الناس كالقبائل والعشائر وخشي من فصل القضاء تعاظم المشكلة .
· إذا علم أن القضاء أو الحكم القضائي بغير الإصلاح لا ينهي الإشكال ولا يعود بفائدة على الخصوم .
· حالات يمتنع فيها الإصلاح بين الخصوم :
· يحرم الصلح إذا كان في حق من حقوق الله أو مما لا
يجوز الاعتياض فيه كالحدود مثل الزنا واللواط والسرقة فإذا وقعت خصومة في
مثل هذه القضايا فلا يجوز الإصلاح فيها أو الشفاعة ولا يجوز التنازل لأنها
حق من حقوق الله ولا يملك احد إسقاط هذا الحق، أما حقوق العباد فهي تقبل
الصلح بالإسقاط أو المعاوضة عليها .
· وكذلك يمتنع الصلح إذا تبين أن احد الخصوم ظالم
ومعتد في خصومته وأن قصده الإضرار بالآخرين ونهب حقوقهم ؛ فعندئذ يحرم
السعي في الصلح إلا أن يراد نصحح وتخويف بالله فإن أبى فيجب أن يردع عن
فعله ويعاقب ؛ لأن الصلح تنازل من الطرفين وتجاوز عن بعض الحق فإذا أعطي
الظالم وتنازل له المظلوم عن بعض حقه وهو مبطل نكون قد أعنا الظالم على
المظلوم وكافأناه على ظلمه وكان في هذا الصلح سبيلا للتحايل لأخذ حقوق
الناس بغير وجه حق .
 الموضوع : الاصلاح بين الناس في رمضان  المصدر :منتديات تقى الإسلامية  الكاتب:  ام ابراهيم

 توقيع العضو/ه:ام ابراهيم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حاملة الدعوة
المدير العام

المدير العام
حاملة الدعوة


المشاركات :
911


تاريخ التسجيل :
17/02/2010


الجنس :
انثى

 الاصلاح بين الناس في رمضان Caaaoa11 الاصلاح بين الناس في رمضان Empty

 الاصلاح بين الناس في رمضان _
مُساهمةموضوع: رد: الاصلاح بين الناس في رمضان    الاصلاح بين الناس في رمضان Emptyالثلاثاء 23 أغسطس 2011 - 23:49 

 الاصلاح بين الناس في رمضان 20_217بارك الله فيك أختى
ونفع الله بك

 الاصلاح بين الناس في رمضان 16199633201582971184
 الموضوع : الاصلاح بين الناس في رمضان  المصدر :منتديات تقى الإسلامية  الكاتب:  حاملة الدعوة

 توقيع العضو/ه:حاملة الدعوة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 

الاصلاح بين الناس في رمضان

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

مواضيع مماثلة

+
(( تذكر جيداً: يمنع وضع صورذوات الأرواح ويمنع الردود الخارجة عن الشريعه ويمنعالاشهار باى وسيلة والله شهيد ))
صفحة 1 من اصل 1

تذكر قول الله تعالى :{{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }} سورة ق الآية 18


صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تقى الإسلامية :: .:: المنتديات العامة ::. :: ملتقى مواسم الخيرات  ::  شـــهــر رمـــــضــــان الــمـــبــارك  :: فتــاوى رمضـــان-