يقول راجي عفو ربه العلي ومؤمل لطفه الخفي والجلي : أبو محمد رضا بن أحمد
الصمدي :
الحمد لله الذي أنعم على أوليائه بالفهم ، وأفاض عليهم صنوف العلم ، فجعلوا العلم
والفهم عدتهم في العمل والسعي ، وأصلي واسلم على سيد السائرين في طريق الآخرين ،
وقائد المشمرين فيس سبيل جنة الرضوان ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين : وبعد :
استمعت إلى قصيدة يا من يدعي الفهم بأداء الشيخ العفاسي ، فوقعت على معاني عميقة
وألفاظ دقيقة ، فأحببت أن يعم النفع بها، خاصة لمن استمع إليها ممن قلت بضاعته في
اللغة وأسرارها، فكان هذا الشرح المختصر الذي يزيح الستار عن جلي معانيها وبعض
خفي مراميها ، ولم أطل الوقوف على عميق المعاني وأسرار المباني خشية الإملال
وفرار من فرار الراغبين في الإقلال ، وأسأل الله تعالى صحة القصد وجميل النية ،
وعظيم النفع لمن قرأ القصيدة وتدبرها وفهمها وعمل بما فيها .
أَلا مَنْ يَدَّعِيْ الفَهْمْ إِلَى كَمْ يَا
أَخَا الوَهْمْ
***
تُعَبِّيْ الذَّنْبَ وَالـَّذمّْ
وُتُخْطِيْ الخَطَـأَ الجَمّْ
الشرح :
ألا للتنبيه ...
من يدعي الفهم : أي الذكاء والحذق والقدرة على معالجة الأمور .
إلى كم يا أخا الوهم : استفهام إنكاري مَنْبَعُهُ الشفقة والحرص على النصح ،
والمراد : إلى متى ذهولك عن الحقائق ، وانخداعك في نفسك . ونسب المنصوح للوهم
وجعله أخا له تأكيدا على أنه غارق في الخدعة لاهٍ عن المكيدة .
تُعَبِّي : مِنْ عَبَّ الماء أي شربه أو تتابع في شربه ، وهو استعارة ، كأن
إتيانه الذنب بعد الذنب سهل كشرب الماء ، أو أنه متتابع في ذنبه كتتابع الشارب
للماء وهو مُستلذ لا يُنَغِّصُ عليه مُكدر ، أو يكون من عَبْوِ المتاع أي
تَعْبِيَتُه أي جَمْعُه ، أي أنه سادر في وهمه يجمع المعاصي ، ذنبا بعد ذنب ،
كأنه يجمع أمتعته في هذه الدنيا ظانا أنه بذلك سينال خلودا أو يحصّل أمانا ...
والذنب والذم مترادفان ، والمقصود بهما المعصية مطلقا ، سواء كانا حراما كبيرة أو
صغيرة ، أو أن الذنب هو الحرام ، والذم هو المكروه .
وقوله : تخطي الخطأ الجم أي الكثير الوافر ، فلا يتقلل منه بل يكثر ويستكثر .
أَمَا بَانَ لَكَ العَيْبْ أَمَا أَنْذَرَكَ
الشَّيْبْ
***
وَمَا فِيْ نُصْحِهِ رَيْبْ وَلا
سَمْعُكَ قَدْ صَمّْ
الشرح :
أما ظهرت لك عيوب نفسك بعد ، أما رأيت في بياض شعرك نذيرا بقرب أجلك، أما كان فيه
نصحا بدنو الموت وأنه لا ريب فيه ، وما إِخَالُ سمعك قد صُمّ حتى تَذْهَلَ عن كل
هذه النُّذُر وتنسى كل هذه المواعظ .
أَمَا نَادَى بِكَ المَوْتْ أَمَا أَسْمَعَكَ
الصَّوْتْ
***
أَمَا تَخْشَى مِنَ الفَوْتْ
فَتَحْتَاطَ وَتَهْتَــمّْ
الشرح :
أما ناداك الموت في كل وقت ترى فيه إخوانك وخِلانك يموتون ، أما أَسْمَعَكَ صوتُ
الوَعْظِ وَعْظَه ، أما تخشى من فوات الفُرَص ، وزوال العمر ، أما يجعلك هذا كله
تحتاط لنفسك وتهتم لأمرك ؟؟؟
فَكَمْ تَسْدَرُ في السَّهْوْ وَتَخْتَالُ مِنَ
الزَّهْـوْ
***
وَتَنْصَبُّ إِلَى اللَّهْـوْ كَأَنَّ
المَوْتَ مَا عَمّْ
الشرح :
السَّدَر بفتحات ، مِن سَدِرَ كفَرِحَ
يَسْدَر وهو الذي لا يهتم ولا يبالي ما صنع ، والمقصود أنه يتعمد السهو والنسيان
ولا يبالي هل قصّر أم لم يقصر .
والزَّهْو : على وزن العفو ، هو المنظر الحسن ، أي يعتريك الفخر ويظهر عليك
الخيلاء من المنظر الحسن الذي تباري به غيرك وتنافس به سواك .
وقوله تنصبّ إلى اللهو : استعارة تفيد انكبابه على الملذات وجريانه إليها كجريان
الماء وانصبابه من عل .
قوله : كأن الموت ما عم ، أي كأنه لم ير للموت أثرا بين الناس ، أو لم يبصر له
نموذجا في قريب أو بعيد .
وَحَتَّـامَ تَجَافِيْـكْ وَإِبْطَاءُ
تَلافِيْـكْ
***
طِبَاعَاً جَمَّعْتْ فِيْكْ عُيُوْبَاً
شَمْلُهَا انْضَمّْ
الشرح :
حَتَّامَ ، مَنْحُوْتٌ مِن : حَتَّى مَتَى .. والتجافي البعد ، أو النفور ،
والإبطاء في التلافي يعني التواني في تلافي العيب والنقص وإصلاح ما فسد وسد ما
انخرم وبناء ما انهدم ، والمقصود التوبة والإنابة وإصلاح عيوب النفس وما أتت من
الذنوب والمعاصي .
وقوله : طباعا جمعت فيك عيوبا شملها انضم ، بيان لأصل الداء ، وأنه الطبع ، وهو
السبب في نشوء العيوب ، والحصيف من بادر إلى طبعه فهذبه بقانون الشرع ، فإن
الطَّبْعَ يَغْلِبُ التَّطَبُّع ، ولكنه لا يغلب التَّشَرُّع أي التنسك والالتزام
بآداب الشريعة ، فمن سَاسَ نفسه بالشرع انقادت له طباعه فانصلحت له عيوبه.، من
تمادى في ترك طباعه ولم يبال بترويض قلبه وانصياعه تجمعت عليه النواقص واشتدت
عليه العيوب وانضم بعضها إلى بعض حتى يصعب الإصلاح ويعسر التلافي وتضيع فرصة
الإنابة والرجوع .
إَذَا أَسْخَطْتَ مَوْلاكْ فَمَا تَقْلَقُ مِنْ
ذَاكْ
***
وَإِنْ أَخْفَقْتَ مَسْعَاكْ
تَلَظَّيْتَ مِنَ الهَـمّْ
الشرح :
يصف مسلك الإنسان ، وأنه لا ينصف ربه من نفسه ، فإذا أسخط ربه ما قلق ولا خاف،
ولا جزع ولا هلع ، ولكنه إن أخفق في أمر من أمور الدنيا وفشل في تجارة من
تجاراتها ، وخسر شيئا من زينتها نزل عليه الهم وأصابه من صنوف الغم ما يجعله
يتلظى كالنار ويغلي كالحميم وهذا دليل على خلو القلب من التقوى ومخافة ا لرحمن .
تُعَاصِيْ النَّاصِحَ البَرّْ وَتَعْتَاصُ
وَتَـزْوَرّْ
***
وَتَنْقَادُ لِمَنْ غَــرّْ وَمَنْ
مَانَ وَمَنْ نَمّْ
الشرح :
تُعَاصِي ، اي تعصيه المرة بعد المرة ، فالناصح البر هو الشفيق المخلص الذي يناصح
المرة بعد المرة ، ولكنه يجد الصدود بعد الصدود ، وصاغه على المفاعلة لأن الناصح
يعصيه بعدم كف النصح ، وذاك يعصيه بعدم الامتثال ، وتعتاص من اعتاص عليه الأمر أي
اشتد ، والمقصود اشتداد أمر النصيحة عليه ، وتَزْوَرّ أي تهرَب وتَرُوغ .وتنقاد
لمن غَرّ أي تتبع من يخدعك وتلين لمن يخذلك وتصدق من يكذبك ...
ومان أي كذب ، والنَّمُّ هو نقل الحديث إفسادا أو تزيينه بالكذب أو الإغراء بفعل
الشيء وفيه ضرر .
وَتَسْعَى في هَوَى النَّفْسْ وَتَحْتَالُ عَلَى
الفَلْسْ
***
وَتَنْسَى ظُلْـمَةَ الرَّمْسْ وَلا
تَذْكُــرُ مَا ثَمّْ
الشرح :
تسعى في هوى النفس أي تمشي في رضاها ، وتبذل في مناها ، ولا تتجشم مخالفتها ولا
تجرؤ على مناجزتها ...
وتحتال على الفلس : أي تناور بالحيل في نوال المال ، وتخادع بالمكائد في الحصول
على المأمول .
وتنسى ظلمة الرَّمْس : أي تنسى القبر وظلمته ، واللحد ووحشته ... فالرمس على وزن
الأمس هو القبر ...
ولا تذكر ما ثَمّ .. أي لا تحاول تذكر ما ينتظر هناك في القبر من أهوال وفظائع ..
ثَمَّ : هناك .
وَلَوْ لاحَظَكَ الحَظّْ لََمَا طَاحَ بِكَ
اللَّحْظْ
***
وَلا كُنْتَ إِذَا الوَعْظْ جَلا
الأَحْزَانَ تَغْتَمّْ
الشرح :
الحظ هو النصيب والمقدور ، والمراد به هنا عناية الله تعالى ، وطاح أي أذهب وأفسد
، واللحظ هو النظر والمقصود به الالتفات إلى الدنيا عن الآخرة .. والمعنى : لو
أدركتك عناية الله ونالك الحظ من توفيقه لما ذهبت بك الدنيا مذاهبها وأطاحت بك في
أوديتها ولما كنت غليظ القلب إذا سمعت الوعظ والنصح اغتممت وحزنت مع أن الجدير أن
يذهب الوعظُ بهمك ويُجْلِي النصحُ حزنَك لما فيه من خير لك في الدين والدنيا ،
ولكنك غارق في شئون نفسك لاه عن نفعها في الحال والمآل .
سَتُذْرِيْ الدَّمَّ لا دَمْعْ إِذَا عَايَنْتَ
لا جَمْعْ
***
يَقِيْ فِيْ عَرْصَةِ الجَمْعْ وَلا
خَالَ وَلا عَـمّْ
الشرح :
تُذْرِيْ أي تُسْقِطُ ، والمعنى أنك ستبكي دما لا دمعا إذا عاينت وشاهدت في عرصات
يوم القيامة حقائق الأمور وعلمت أنه لا جَمْعَ يحميك ولا عُصْبَة تَقِيْك ولا
قبيلة تؤويك ، فلا خال ولا عم، ولا أب ولا أم ، ولا أخ ولا صديق ، بل ما ثَمَّ
إلا عملك الذي قدمته بين يديك ...
كَأَنِّيْ بِكَ تَنْحَــطّْ إِلَى اللَّحْدِ
وَتَنْغَـطْ
***
وَقَدْ أَسْـلَمَكَ الرَّهْطْ إِلَى
أَضْيَقَ مِنْ سَـمْ
الشرح :
كأني بك : عبارة يراد بها تمثيل ما سيحدث في المآل ، وتنحط تسقط من عل ، وتنغط :
تغطس في مكان عميق حتى يعلوك هذا المكان ، والمعنى أنك عند الموت سيضعونك في قبرك
من مكانهم العالي فتنزل إلى مكان سافل منحط ، وتغطس وتنغط فيه كما يغطس الغاطس في
الماء ، ويسلمك رهطك وأهلك إلى مكان حفرة ضيقة كأنها أصغر من سم أي ثقب صغير ...
والسم الثقب ويقرأ فتح السين وبالضم والكسر أيضا .
هُنَاكَ الجِسْمُ مَمْدُوْدْ لِيَسْـتَأْكِلَهُ
الدُّوْدْ
***
إِلَى أَنْ يَنْخَرَ العُوْدْ
وَيُمْسِيْ العَظْمُ قَدْ رَمّْ
الشرح :
هناك أي في القبر الجسم ممدود معروض ليأكله الدود ، فلا يزال ينال الدود من الدم
واللحم حتى يصل إلى العظم فينخر فيه حتى يصل إلى النخاع فيصير رميما ...
وَمِـنْ بَعْدُ فَلا بُدّْ مِنَ العَرْضِ إِذَا
اعْتُدْ
***
صِـرَاطٌ جِسْرُهُ مُدّْ عَلَى النَّارِ
لِمَــنْ أَمّْ
الشرح :
وبعد دخول القبر وبعث الأجساد لا بد من عرض الأعمال والحساب والميزان ، ثم المرور
على الجسر الممدود على النار ، فيمر عليه كل الخلق فإما ناج أو مخدوش مسلم أو
مطروح واقع هالك ... لمن أمّ : لمن قصد ..
فَكَمْ مِنْ مُرْشِدٍ ضَلّْْ وَمِنْ ذِيْ
عِــزَّةٍ ذَلّْْ
***
وَكَمْ مِنْ عَـالِمٍ زَلّْ وَقَالَ :
الخَطْبُ قَدْ طَمّْ
الشرح :
كم للتكثير ، أي كم من مرشد في الدنيا إلى الخيرات ودال على الهدى ضل طريقه يوم
القيامة ، وكم من عزيز علا مقامه وسمت منزلته ذل يوم القيامة وانحط ، وكم من عالم
بصير زلت به قدمه على الصراط أو زل عمله عند العرض فعاين المصائب والعظائم وقال
بلسان الحال والمقال : إن الخطب عظيم والأمر شديد . طم الخطب : عظم واشتدت ومنه
قوله تعالى : ( فإذا جاءت الطامة الكبرى ) .
فَبَـادِرْ أَيُّهَا الغُمْرْ لِمَنْ يَحْلُوْ
بِهِ المُـرّْ
***
فَقَدْ كَادَ يَهِيْ العُمْرْ وَمَا
أَقْلَعْتَ عَنْ ذَمّْ
الشرح :
فبادر أيها المغتر بالدنيا ، ومن قصرت به خبرته وتجربته إلى ربك الذي يرزقك
إيمانا تحلو به حياتك المرة ، وتنسى بقربه شقاء الدنيا ، فقد اقترب العمر من
الفناء ودنى وقت الوفاء ومع ذلك لم تقلع عن الذنوب وما يجلب الذم والتقريع .
الغُمر بضم الغين وقد تفتح هو من لم يجرب الأمور .
من يحلو به المر : هو ما يعطيه الرب لعبده إذا عاين لذة الطاعة ، والمر هو شقاء
الدنيا وعذابها .
ويهي العمر : يفنى وينقضي ويقل ويضعف ، مِنْ وَهَى الأمرُ أي ضَعُفَ .
وَلا تَرْكَنْ إِلَى الدَّهْرْ وَإِنْ لانَ
وَإِنْ سَـرّْ
***
فُتُلْفَى كَمَنْ اغْتَـرّْ بِأَفْعَى
تَنْفُثُ السَّمّْ
الشرح :
لا تركن إلى الزمان وتطمئن للخلود فيه ، وإن ضحكت لك الحوادث والخطوب ولانت لك
الحياة وسرت بك الدنيا ، وإلا صرت كذاك المغرور الذي مضى عمره يجمع المال وما
تزكّى حتى إذا غرق في غروره جاءه الموت في لذته وسروره وأدخل في قبر فتلقاه حية
رقطاء تنفث السم وتتوعده بالعذاب وتتهدده بالويل والثبور .
والسم : هو ذاك القاتل المعروف ، وهو بفتح السين ، وقيل بضمها وكسرها .
وَخَفِّضْ مِنْ تَرَاقِيْكْ فَإِنَّ المَوْتَ
لاقِيْكْ
***
وَسَـارٍ فِيْ تَرَاقِيْكْ وَمَا
يَنْكُـلُ إِنْ هَمّْ
الشرح :
تَطَامَنْ في سيرك وسعيك ، ولا تمش في الأرض مرحا ، وسر في الأرض هونا ، ولا تكن
من الذين يريدون رقيا وعلوا في الأرض وفسادا ، فإن الموت لا بد أن يلقاك في زمن
من الأزمان، وقد يكون في زمان طلب الرقي والعلو ، فإذا ما جاءك سرى في جسدك حتى
يبلغ بك التراقي ، جمع ترقوة بفتح التاء ( ولا تضم ) وتسكين الراء وضم القاف وفتح
الواو هو العُظيم بين ثغرة النحر والعاتق ، يعني أن الموت إن جاء حل في أرجاء
الجسد وما يتراجع إن بدأ في الحلول والنزول .
التراقي الأولى هي منازل الدنيا ومعالي درجاتها ، والثانية جميع ترقوة العظيم
المذكور .
ما ينكل : ما يتراجع ، إن هم : إن بدأ وحَلَّ .
وَجَانِبْ صَعَرَ الخَدّْ إِذَا سَاعَدَكَ
الجَدّْ
***
وَزُمَّ اللَّفْظَ إِنْ نَدّْ فَمَا
أَسْعَدَ مَنْ زَمّْ
الشرح :
صَعَر الخَدّ هو لَيُّ الصَّفْحِ والإِعْرَاضُ بالكَشْحِ وثَنْيُ العِطْف معان
مترادفة ، والمقصود أن يلوي وجهه تكبرا واختيالا على من افتقر وقل متاعه من الناس
، يقول : لا تتكبر ولا تختل إذا ساعدتك المقادير فكنت غنيا قادرا واسعا ، بل الزم
جناب التذلل للمساكين ، وحافظ على كلماتك أن تند وتنفلت ، فإن أسعد الناس من ملك
لسانه .
ساعدك الجد : ساعدك الحظ والقدر في نوال الغنم والغنى .
زُمَّ : من الزمام ، أي كن قائدا حافظا للسانك .
إنْ نَدَّ : إن شرد وتمرد ، من ند البعير إذا شرد .
ما أسعد من زَمّ : أسلوب مدح ..
وَنَفِّسْ عَنْ أَخِيْ البَثّْ وَصَدِّقْهُ إِذَا
نَثَّ
***
وَرُمَّ العَمَــلَ الرَّثّْ فَقَدْ
أَفْلَحَ مَنْ رَمّْ
الشرح :
ونفس الكرب وفرج الهم عمن يبث إليك همه وغمه وكربه ، وصدق أخاك إذا بث إليك خبره
ولا تتهرب منه أو تلح عليه في استيثاق صدقه .
وكمل العمل الناقص وزينه بجميل الخصال فإن فلاح الإنسان بجمال الأعمال وكمال
الأفعال.
نَفِّس : فَرِّج ..
أخو البث : أخوك الذي يبث إليك همومه .
صدقه إذا نَثَّ : اقْبَلْ خبره إذا بثه إليك .
ورُمَّ : أكمل وجمل .
العمل الرَّثّ : الناقص البالي الذي لا زينه فيه ، منه الثوب الرث .
وَرِشْ مَنْ رِيْشُهُ انْحَصّْ بِمَا عَمَّ وَمَا
خَـصّْ
***
وَلاتَأْسَ عَلَى النَّقْـصْ
وَلاتَحْرِصْ عَلَى اللَّمّْ
الشرح :
رِشْ : أمر ، من الرياش أو اللباس ، أي أَلْبِسْ ، ومَن ريشه انحص أي من افتقر
وساء حاله ، وريشُه انحص يعني حُلق شعره كناية عن عدم وجود ما يستره . والحَصّ
حلْق الشعر ، وانحص شعره أو ريشه : انحلق .
بما عم وما خص أي بكل ما تستطيع من عون ومساعدة ، سواء من مالك وعونك الخاص أو
بما تستدعيه من مساعدة عموم الناس .
ولا تأس على الفقر والمسكنة ، ولا تحزن من قلة المتاع في الدنيا ، ولا تكن حريصا
على جمع حطامها ولم فتاتها فهي لم تخلق للخلود ولا للجمع واللم .
وَعَادِ الخُلُقَ الرَّذْلْ وَعَوِّدْ كَفَّكَ
البَذْلْ
***
وَلا تَسْتَمِعِ العَذْلْ وَنَزِّهْهَا
عَنِ الضَّمّْ
الشرح :
كن عدوا للأخلاق الرذيلة ، وتعود الكرم والبذل ، ولا تسمع لمن يلومك في الكرم
وطِيب الأَرْيَحِيَّة وكثرة البذل ، ونَزِّهْ نفسك عن الشح وكن بعيدا عن صفة
البخلاء وهي ضم اليد إلى العنق كما قال تعالى : ( ولا تجعل يدك مضمومة إلى عنقك
ولاتبسطها كل البسط ) ...
وَزَوِّدْ نَفْسَكَ الخَيْرْ وَدَعْ مَا يَعْقُبُ
الضَّيْرْ
***
وَهَيِّءْ مَرْكَبَ السَّيْرْ وَخَفْ
مِنْ لُجَّةِ اليَّمّْ
الشرح :
زود نفسك ما يجعلها صاحبة غنيمة في الآخرة ، وذلك بالإكثار من الطاعات وفعل
الطيبات ، واترك ودع ما يئول بك إلى عاقبة الضرر والخسران ، وهيء مركبا قويا
لسيرك في طريق الآخرية ، واخش من اللُّجَج والأمواج العالية وهي الفتن من شهوات
وشبهات فإنها تذهب بالأعمال
الطيبات والباقيات الصالحات .
بِذَا أُوْصِيْكَ يَاصَاحْ وَقَدْ بُحْتُ كَمَنْ
بَاحَ
***
فَطُوْبَى لِفَـتَىً رَاحْ
بِآدَابِــــيَ يَأْتَمّْ
الشرح :
بما سبق من وصايا أنصحك يا صاحبي ، وقد بحت لك بالنصح الشفيق كما باح لك عدوك
بالإغراء الذميم ، فالفلاح والنجاح للفتى الذي يأخذ بنصحي الشفيق وآدابي ووصايا
ويقصدها حفظا وفهما ودعوة ... وراح : يراح راحة أخذته للمعروف خفة وأريحية ...
كتبه أبو محمد رضا أحمد صمدي
صبيحة الثلاثاء الخامس من ذي الحجة 1424هـ
|
شرح قصيدة يا من يدعي الفهم |
|
رضا أحمد صمدي
|