السؤال : هناك مسلسل عن نبي الله يوسف عليه السلام وحياته ، أرجو بيان الحكم الشرعي في هذا الأمر .
الجواب :
الحمد لله
أنتج
الرافضة مسلسلاً يحكي قصة يوسف عليه السلام وما جرى له في صغره وشبابه
وكهولته ، ولم يكفهم ما في دينهم من تحريف وكذب حتى جعلوا ذلك فيما أظهروه
من حياة يوسف عليه السلام وزمانه ، فجعلوا حياة يوسف في زمن الفراعنة وليس
الأمر كذلك ، وجعلوا الفراعنة موحدين وليس الأمر كذلك ، وحرَّفوا النص
القرآني فجعلوا إخوة يوسف هم الذين باعوا أخاهم يوسف وليس الأمر كذلك ،
وسوَّقوا لمبدأ الولاية ! من خلال ذلك المسلسل ، في أشياء أخرى كثيرة تدل
على خبثهم ومكرهم .
وتمثيل شخصية نبي أو صحابي ، أمر منكر ، وفيه
مخالفات ومفاسد كثيرة ، وها نحن نرى الآن مفسدة عظيمة وهي تعلق المشاهد
بشخصية الممثل ، والخلط بين ذلك وبين المحبة الشرعية للنبي ، وما ذاك إلا
بسبب حركات وكلمات ذلك الممثل الذي تجرأ ليمثِّل دور ذلك النبي الجليل ،
وبسبب ضعف الإيمان عند المشاهد ، حتى إنه ليتعرض للفتن بنفسه ويمشي إليها
برجليه .
سئل علماء اللجنة الدائمة عن :
حكم تمثيل الأنبياء
عليهم الصلاة والسلام والصحابة والتابعين رضي الله عنهم ؟ وعن تمثيل
الأنبياء وأتباعهم من جانب ، والكفار من جانب آخر ؟ .
فأجابوا :
أولاً :
إن
المشاهد في التمثيليات التي تقام ، والمعهود فيها : طابع اللهو ، وزخرفة
القول ، والتصنع في الحركات ، ونحو ذلك مما يلفت النظر ، ويستميل نفوس
الحاضرين ، ويستولي على مشاعرهم ، ولو أدى ذلك إلى لي في كلام من يمثله ،
أو تحريف له ، أو زيادة فيه ، وهذا مما لا يليق في نفسه ، فضلا عن أنه يقع
تمثيلا من شخص ، أو جماعة للأنبياء وصحابتهم وأتباعهم فيما يصدر عنهم من
أقوال في الدعوة والبلاغ ، وما يقومون به من عبادة وجهاد أداء للواجب ونصرة
للإسلام .
ثانياً :
إن الذين يشتغلون بالتمثيل يغلب عليهم
عدم تحري الصدق ، وعدم التحلي بالأخلاق الإسلامية الفاضلة ، وفيهم جرأة على
المجازفة ، وعدم مبالاة بالانزلاق إلى ما لا يليق ، ما دام في ذلك تحقيق
لغرضه من استهواء الناس وكسب للمادة ومظهر نجاح في نظر السواد الأعظم من
المتفرجين ، فإذا قاموا بتمثيل الصحابة ونحوهم أفضى ذلك إلى السخرية
والاستهزاء بهم ، والنيل من كرامتهم ، والحط من قدرهم ، وقضى على مالهم من
هيبة ووقار في نفوس المسلمين.
ثالثا:
إذا قدِّر أن التمثيلية
لجانبين ، جانب الكافرين كفرعون وأبي جهل ومن على شاكلتهما ، وجانب
المؤمنين كموسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام وأتباعهم : فإن من يمثِّل
الكافرين سيقوم مقامهم ويتكلم بألسنتهم ، فينطق بكلمات الكفر ويوجه السباب
والشتائم للأنبياء ويرميهم بالكذب والسحر والجنون ... إلخ ، ويسفه أحلام
الأنبياء وأتباعهم ويبهتهم بكل ما تسوله له نفسه من الشر والبهتان ، مما
جرى من فرعون وأبي جهل وأضرابهما مع الأنبياء وأتباعهم ، لا على وجه
الحكاية عنهم ، بل على وجه النطق بما نطقوا به من الكفر والضلال ، هذا إذا
لم يزيدوا من عند أنفسهم ما يكسب الموقف بشاعة ، ويزيده نكراً وبهتاناً ،
وإلا كانت جريمة التمثيل أشد ، وبلاؤها أعظم وذلك مما يؤدي إلى ما لا تحمد
عقباه من الكفر وفساد المجتمع ونقيصة الأنبياء والصالحين .
رابعاً :
دعوى أن هذا العرض التمثيلي لما جرى بين المسلمين والكافرين طريق من طرق
البلاغ الناجح ، والدعوة المؤثرة ، والاعتبار بالتاريخ : دعوى يردها الواقع
، وعلى تقدير صحتها ، فشرها يطغى على خيرها ، ومفسدتها تربو على مصلحتها ،
وما كان كذلك يجب منعه والقضاء على التفكير فيه .
خامساً : وسائل
البلاغ والدعوة إلى الإسلام ونشره بين الناس كثيرة ، وقد رسمها الأنبياء
لأممهم وآتت ثمارها يانعة ؛ نصرة للإسلام ، وعزة للمسلمين ، وقد أثبت ذلك
واقع التاريخ فلنسلك ذلك الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، ولنكتف بذلك عما هو إلى اللعب ،
وإشباع الرغبة والهوى أقرب منه إلى الجد وعلو الهمة، ولله الأمر كله من قبل
ومن بعد وهو أحكم الحاكمين .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 3 / 268 – 270 ) .
وللأهمية ينظر قرار مجمع الفقه الإسلامي في حكم تمثيل الأنبياء والصحابة في جواب السؤال رقم (163107).
وينظر جواب السؤال رقم (125535) في حكم مشاهدة المسلسلات .
الإسلام سؤال وجواب
الموضوع : حكم تجسيد الأنبياء فى المسلسلات المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: أبوعلي