فضيلة الشيخ عبد الرحمن
السحيم
السلام عليكم
و رحمة الله و بركاته
ينتشر على
ألسن الناس قولهم ( فلان ما يستاهل )
و هو لفظ يوجّه لكل من أُبتلي بمصيبة
أو فاجعة
مثلاً لو ظلمه شخص و أكل ماله قيل ( فلان ما يستاهل
)
و هكذا
يطلقونها على
الرجُل الذي ابتلاه الله بظُلمٍ بواسطة شخص آخر
و أيضاً يُقال
( فلانة ما تستاهل ) لو طُلقتْ مثلاً
أو حبسها والدها عنده حتى عنست
مثلاً
فما حُكم استخدام مثل هذه الألفاظ
و جزاكم الله عنا خيراً
الجواب :
وعليكم السلام
ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيراً .
سُئل الشيخ ابن
باز رحمه الله :
بعض الأشخاص عندما يعود أحد المرضى يقول له : ما تستاهل ، كأنه
بهذا يعترض على إرادة الله ، أو بعض الأشخاص عندما يسمع أن فلانا من الناس مريض
يقول : والله ما يستاهل ، نرجو من سماحة الشيخ بيان جواز قول هذه الكلمة من عدمه .
جزاكم الله خيرا .
فأجاب رحمه الله :
هذا اللفظ لا يجوز . لأنه اعتراض على الله سبحانه ، وهو سبحانه أعلم
بأحوال عباده ، وله الحكمة البالغة فيما يقضيه ويقدره على عباده من صحة ومرض ، ومن
غِنى وفَقر وغير ذلك . وإنما المشروع أن يقول : عافاه الله وشفاه الله ، ونحو ذلك
من الألفاظ الطيبة . اهـ .
وهذا يَدخل في قول
الإنسان : ليت هذا لم يَكن ، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : لأن يَعضّ أحدكم على
جمرة حتى تطفأ خير من أن يقول لأمر قضاه الله : ليت هذا لم يكن .
لما في هذا من الاعتراض على قضاء الله ، أو كون الإنسان
يَرى نفسه أرحم بهذا الإنسان ممن هو أرحم به مِن أمِّـه .
وقد يَقول قائل :
( فلان ما يستحقّ ) ( أو ما يستاهل ) ونحو ذلك ، وهو لا يَدري عما يُغلِق عليه بابه
، ولا يَدري ما عِنده من ذنوب ، فالناس ليس لهم إلا الظاهر !
ولذا لما قال أبو
الوازع لابن عمر : لا يزال الناس بِخَيرٍ ما أبقاك الله لهم . قال : فغضب ، وقال :
إني لأحسبك عراقيا ! وما يُدْرِيك ما يُغْلِق عليه ابن أمّك بابه ؟
فقد يكون
ما أصاب ذلك الشخص عقوبة لبعض ذنوبه ، وما عفا الله عنه أكثر . والناس لا يَعلمون
منه إلا ما ظَهَر لهم .
وقد يكون
رِفعة في درجاته ، كما في الحديث : " إذا سَبَقَتْ للعبدِ من الله مَنْزِلَة لم
يَبْلُغْهَا بِعَمَلِه ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ، ثم صَبَّرَه
حتى يُبَلِّغَه المنْزلة التي سَبَقَتْ له منه " رواه الإمام أحمد
.
وفيما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه
وسلم : " لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده حتى يَلْقَى
الله وما عليه من خطيئة " رواه الإمام أحمد والترمذي .
قال ابن القيم عن
الإنسان : ليس المراد أن يُعذَّب ولكن يُبْتَلَى لِـيُهَذَّب .
والله
تعالى أعلم .
المجيب
الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة
والإرشاد