فإذا تيقظ القلب وأفاق من غفلته، صار مضغة صالحة تصدر
أوامرها إلى الأعضاء فيصلح الجسد كما صلح القلب من قبل.
ومن بعد العلم يأتي العمل لأن زكاة العلم العمل به ولأن:
العلم يهتف بالعمل فإِن حَلَّ و إِلا ارتحل
أخي المتسابق: هذا علمك قد علمته، وهذا فهمك قد رشدته،
فأين البقية! حضر داود الطائي مجلس علم لأبي حنيفة فالتفت
إليه أبو حنيفة فقال: يا أبا سليمان، أما الأداة فقد أحكمناها، قال
داود: فأي شيء بقي؟ قال: «بقي العمل بهذا العلم يا أبا سليمان» 1.
وتستمر هذه المشغلة النفسية العنيفة مع داود فيرد على حفص بن
محمد حين يسأله عن مسألة: «هذه النفس أليس يجمع لها؟ فإذا
فني العمر في جمع الآلة فمتى يحارب؟ إن العلم آلة العمل فإذا
فني عمره فيه فمتى يعمل» 2.
(واعلم أن علمًا لا يبعدك اليوم عن المعاصي: ولا يحملك على
الطاعة لن يبعدك غدًا عن نار جهنم، وإذا لم تعمل اليوم، ولم
تتدارك الأيام الماضية فستقول غدًا يوم القيامة: "فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ
صَـٰلِحًا" [السجدة: 12]، فيقال: يا أحمق أنت من هناك تجيء) 3.
واعلم أن علمًا لا عمل بعده هو محض هراء وكذب على الله.
-كذب على الله: ادعاء الإيمان دون أن تفضحك علاماته من دموع
المخبتين، وتسبيح القائمين، وأنين المذنبين.
-كذب على الله: زعم رسوخ حب الرسول في القلب، وأنت تضيع
سُنَّته، وتفرط في ميراثه، وتسلك غير طريقه، وتنام والخطيب
يخطب على منبره.
-كذب على الله: أن تطنطن بالليل والنهار تسمعها أهل الحي:
إني أخاف الله، ثم لا تحمل جوانحك سوى القلب الميت.. فمحارمه
تنتهك على يديك، وحدوده تضيع بيديك، وصلواته تفرط فيها بيديك،
وبالجملة يراك حيث نهاك، ويفتقدك حيث أمرك.
فما أشد ظلمك يا كاذب، عفوًا، فما هذا بكلامي إنه كلام رب العزة
"فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ڪَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ"[الزمر: 32].
إن جرحتك خشونة كلامي ووجدت عليَّ فيه قلت لك: (ويحك
ما بينى وبينك عداوة، غير أني أقول الحق ولا أحابيك في دين
الله عز وجل، قد تربيتُ على خشونة كلام المشايخ، إن ظهر
مني إليك كلام فخذه من الله، فإنه هو الذي أنطقني به) 4.
من كتاب سباق نحو الجنان
للكاتب خالد أبو شادى
الموضوع : قلب دااائب بالعمل ..!! المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: أبوعلي