El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: الرؤيه الشرعيه للهلال والحسابات الفلكيه السبت 1 أكتوبر 2011 - 7:42 | |
| الرؤية الشرعية للهلال والحسابات الفلكية
سؤال : بالنسبة لثبوت الرؤية الشرعية للهلال ، هل يجوز اعتبار المعطيات العلمية مبطلة أو معززة لشهادة من يثبت برؤيته حلول شهر رمضان ؟
كأن يأتي مسلم ويقول بأنه شاهد الهلال في جهة من الفضاء في حين أن المعطيات الفلكية تنفي إمكانية ظهور الهلال في تلك الجهة ، وتقرر أن تولد الهلال يكون في جهة أخرى ، أي هل يجوز اعتبار الحسابات الفلكية من هذه الجهة قيدا على الشاهد لتعيين صدقه من كذبه ؟ فتعطل شهادته أو تعزز ، راجيا أن تسلط الإجابة الضوء على جوانب اعتبار شهادة الشاهد بهذا الخصوص ؟
الجواب :
الشهادة هي أصل البينات ، والبينات هي كل ما تبين به الدعوى ، وهي حجة المدعي التي يثبت بها دعواه ، وهي عمل من الأعمال التي جاء بها خطاب الشارع ، أي هي تكليف من التكاليـف الشرعية ، فلا بد أن يأتي دليل شرعي يدل على أنها من البينات ، وقد قام الدليل على أربعة أنواع هي : الشهادة والإقرار واليمين والمستندات الخطية المقطوع بها ، وما عداها فليس من البينات شرعا ، لأنه لم يأت أي دليل يدل على أنها من البينات .
وقد جاء دليل الشهادة في القرآن والحديث ، أما القرآن فقال تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء } وقال :{ وأشهدوا ذوي عدل منكم } وقـال : { وأشهدوا إذا تبايعتم } ، وأما الحديث فقال صلى الله عليه وسلم " شاهداك أو يمينه " ، وقال لأولياء رجل من الأنصار قُتِل في خيبر : " لكم شاهدان يشهدان على قتل صاحبكم ؟ " الحديث . والشهادة مشتقة من المشاهدة وهي المعاينة ، وقد سمي الأداء شهادة ؛ لأن المعاينة كانت سببا له ،
فالشهادة إنما تكون إذا كانت هناك معاينة أو ما هو مثلها كالسماع والحس وغير ذلك مما هو مثل المعاينة ، ولا تعتبر بينة إلا إذا كانت يقينية عند الشاهد ، لأنها برهان لإثبات الدعوى ، فلا يصح لأحد أن يشهد إلا بناء على علم ، أي بناء على يقين ، قال صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع " ،
فما جاء عن طريق إحدى الحواس وكان مقطوعا بتمييز المحسوس ، وكان ذلك عن علم أي عن يقين فيجوز للإنسان أن يشهد به ، وما لم يأت عن هذا الطريق لا تجوز الشهادة به . وقد جعل الشرع الأصل في المسلم أن تقبل شهادته ، لأن اعتناق الإسلام يجعل الأصل في معتنقه أن يكون عدلا ، فالمسلم عدل حتى عليه الفسق ، ورد شهادته خلاف الأصل ، وخلاف الأصل يحتاج إلى إثبات أي إلى حجة تثبته ، وهذه الحجة لا يصح أن تكون إلا نصا شرعيا ، لأن الرد حكم شرعي فيحتاج إلى دليل شرعي ، ولأن إثبات ما جعله الشرع أصلا يحتاج إلى نص شرعي يثبت خلاف الأصل ، ولذلك لا ترد الشهادة إلا بتهمة قال صلى الله عليه وسلم " لا شهادة لمتهم " ، فالمسلم إنما يكون حجة إذا ترجح جانب الصدق فيه ، لكن التهمة يعينها الشرع وليس العقل ، فلا ترد الشهادة إلا بتهمة قد جاء النص الشرعي بأن الشهادة تـرد بها ، وما لم يأت نص شرعي بالتهمة فلا ترد الشهادة ، والذين جاء النص الشرعي برد شهادتهم هم غير العدل والمحدود والخائن والخائنة وشهادة العدو على عدوه إذا كانت العداوة في أمر من أمور الدنيا ، وشهادة الخادم لمخدومه إذا كان ملازما للخدمة ، وشهادة الولد لوالده والوالد لولده والمرأة لزوجها والزوج لامرأته ، وما عدا هؤلاء تجوز شهادته إذ لم يرد نص على رد شهادتهم .
وعلى ذلك فإن الحاكم أو القاضي يقف في رد الشهادة عند حدود النصوص ولا يتعداها ، وقد جعل الشارع طلوع هلال رمضان سببا للصوم أي أمارة معرفة لوجود صوم رمضان ، فقد أخرج البخاري عن ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال : لا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له " وعنه أيضا " الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " وعنه أيضا : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له " وأخرج عن أبي هريرة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قــال : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غُبِّي عليكم فأكملوا عدة شعبان " فأوجب الصوم حين الرؤية في اليوم المُسْتَقْبَل ، وعلق الصوم برؤية الهلال فإن خفيت رؤيته أمر بإكمال العدة ثلاثين ، ولم يعلقه بتولد الهلال ولا تعرض له ، فالشارع نصب طلوع الهلال سببا للصوم ، فإذا لم يُرَ طالعا لم يحصل السبب الشرعي ، فلا يثبت الحكم بالحساب أو غيره ولو كان منضبطا أو قطعيا ، لأن الشارع لم ينصبه سببا فلم يجب به صوم ، ويؤكد هذا ما أخرجه البخاري عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا ، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين " ، والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها ، وظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا .
واكتفى الشارع في إثبات رؤية الهلال بشاهد مسلم واحد ، سواء هلال رمضان أو هلال شوال ، فعن ابن عباس أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " إني رأيت الهلال ، فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ قال : نعم ، قال : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم ، قال : فأَذِّنْ في الناس يا بلال أن يصوموا غدا " ، فإذا شهد شاهد بما لا يناقض الحس ولا النص القطعي ، وغلب على ظن الحاكم أو القاضي صدقه لكونه مسلما بالغا عاقلا ، وسالما من أسباب رد الشهادة شرعا وجب قبول شهادته والحكم بها ، لموافقتها أمر الشارع ولأن الحكم مبني على غلبة الظن لا على اليقين ، وإذا صحت شهادة الشاهد فلا تحتاج إلى ما يعززها ، ولا يجوز إبطالها إلا بما ترد به الشهادة شرعا ، ولا يلتفت إلى الحسابات الفلكية ولا إلى المعارف العلمية ، لأنها وأمثالها ليس لها دليل لا من الكتاب ولا من السنة ، فلا تعتبر من البينات ، لأنه لم يرد دليل يدل على اعتبارها بينة ، والعمل بها مخالف لما نصبه الشارع من سبب للصوم ، وللحكم الذي شرعه لإثبات السبب . الموضوع : الرؤيه الشرعيه للهلال والحسابات الفلكيه المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|