موضوع: مقدمة في علم أسباب ورود الحديث (2) الجمعة 23 ديسمبر 2011 - 1:52
التعريف بهذا العلم:
هو علم يُبحث فيه عن الأسباب الباعثة على ذكرِ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لهذا الحديث ابتداءً, وهذا السبب قد يكون سؤالاً, وقد يكون حادثة, وقد يكون قصة, فيقول النبي- صلى الله عليه وسلم- الحديث بسببه أو بسببها.
التصانيف في هذا العلم:
هذا العلم من علوم الحديث النبوي الشريف، وقد صنف فيه العلماء لما وقفوا على أهمية المعرفة بأسباب نزول القرآن الكريم في فهم مراد الله تعالى من الآيات القرآنية المرتبطة بأسباب نزولها، فشرع بعض العلماء من أهل الحديث في تصنيف كتبٍ تحوي أسباب ورود الحديث محاكاةً لما دوِّن في أسباب نزول القرآن الكريم، ملتزمين منهجًا يقارب المنهج الذين انتهجه علماء التفسير وعلوم القرآن في تدوين أسبابِ نزولِ آيات القرآن الكريم.
وكان هذا العلم أولَ ما صُنِّفَ فيه يُذكر ضمن أنواع علوم الحديث كصنيع الإمام سراج الدين البلقيني في كتابه: (محاسن الاصطلاح) حيث قال: "النوع التاسعُ والستون: معرفةُ أسباب الحديث"، ثم صُنِّفت فيه كتبٌ مستقلة، منها الموجود ومنها المفقود، ومن أشهر الموجود المطبوع: كتاب: (اللمع في أسباب الحديث) للحافظ السيوطي ت911هـ، وكتاب: (البيان والتعريف في أسباب الحديث الشريف) لابن حمزة الحسيني ت1120هـ.
كيفية إدراك هذا العلم:
هذا، ولابد في إدراك أسباب النزول وأسباب الورود من الاعتماد على رواية الصحابي أو التابعي؛ فلا يحل القول في أسباب نزول آي الكتاب ورود أحاديث الرسول الكريم إلا بالرواية والسماع عمَّن شاهدوا التنزيل وعايشوا الوقائع والأحداث، ووقفوا على الأسباب؛ إذ لا مجال للعقل المجرد في الوقوف عليها. ولهذا كان لابد من جريان قوانين الرواية على ما يُروى من أسباب لنزول القرآن أو لورود الأحاديث، من جهة التوثيق للروايات، ومن جهة التأليف بين مُختَلِفِها بالطرق العلمية المعروفة لدى علماء الحديث.
وهنا ينبغي التنبه إلى أن الأمر الذي أخبر الصحابي أنه الباعث على نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم بألفاظ الحديث - هو الذي يُطلق عليه سبب الورود. أما ذكر الصحابي للحديث فيما بعد ليستدل به في مناسبة من المناسبات فانه لا يسمى سبب ورود وإنما يسمى "سبب ذِكر" ولا يعتبر سببًا للورود, وفرقٌ بين الأمرين.
أقسام الأحاديث بالنسبة إلى أسباب الورود:
تنقسم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث سبب الورود إلى قسمين:
الأول: ماله سبب قيل لأجله واقتضى وروده، والثاني: ما لا سببَ له، وإنما قيل ابتداءً. ومن أمثلة القسم الثاني وهو ما سيق ابتداء بلا سبب ظاهر: ما رواه البخاري ومسلم في (صحيحيهما) عن أَبى هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «كلمتان خفيفتان على اللِّسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إِلى الرَّحمن سبحان اللَّه وبحمده سبحان اللَّه العظيم».
وأما القسم الأول مما سيق لسبب استدعى نُطق رسول الله تعالى به فهو موضوع بحثنا، ومن خلال بعض الأمثلة والنماذج التطبيقية نلقي الضوء على أسباب ورود أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليزداد بيانُها لدى القارئ الكريم.[center]