قنديل الصيادعضـــو نشــط
تاريخ التسجيل : 21/12/2011
| موضوع: الحب الأعظم .. “حب الله” كيف نمتلكه ونعيش في معيته؟ الجمعة 23 ديسمبر 2011 - 21:51 | |
|
الحب الأعظم .. “حب الله” كيف نمتلكه ونعيش في معيته؟ “حب الله” هو أعظم حب في الوجود، ليس قبله حب أو بعده حب، به تعالج أمراض القلوب وتنتهي نزعات النفس، وبه أيضاً ينقذ المجتمع مما يعج به من ويلات مهلكة للنفس والإيمان. حب الله.. سلعة نادرة يستأثر بها أصحاب القلوب المؤمنة النقية من المسلمين، فالمسلم إذا ما تحرى حب الله ومرضاته في كل قول أو فعل أو عمل يقوم به في دنياه فاز وأجزل الله تبارك وتعالى له العطاء والبركة في العمر، والسعة في الرزق، والسعادة في الدنيا والآخرة. لكن كثيرا ما يجهل الناس مفهوم “حب الله”، فما معنى حب الله الكريم؟ وكيف نحب الله؟ ونكشف عن علامات حب الله لعبده الذي أحبه وأخلص له، “لها أون لاين” في سياق السطور التالية تستضيف الداعية الإسلامي وأستاذ الشريعة بجامعة الأقصى بغزة د. عبد السميع العرابيد ليجيب على تلك التساؤلات وأكثر.
- كثيراً ما يخطئ البشر في فهم حب الله؛ فما هو المقصود بحب الله؟ أرشدنا الله سبحانه وتعالى في كتابه، أن حب الله تعالى دينٌ ندين به إلى ربنا سبحانه وتعالى، وتُبيّن سورة آل عمران معنى الحب لله والمقصود به بقول الله تبارك وتعالى: “قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ”، وكذلك في سورة التوبة حين قال جل وعلا: “قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ”، فحب الله يكون في تحري واتباع منهاجه، والإيمان بما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم من عقيدة، والعمل بمقتضى هذه العقيدة وتطبيق العبادات والمعاملات والآداب التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها، وأن يكون حب الله تعالى مقدم على كل حب في الدنيا لأب أو أم أو ابن، وذلك بطاعته وتطبيق منهاجه والتحلي بالأخلاق، فبمقدار تطبيقنا لشرع الله تعالى، يزداد حبنا وتعلق قلوبنا به جل وعلا. كما وأرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى حب الله تعالى فقال: “ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار”متفق عليه.
- كيف تتعلق قلوبنا بالله ونكون فعلاً متأكدين أننا نؤدي واجبات حب الله؟ أرشدنا علماؤنا فقالوا: لا بد للإنسان المؤمن أن يتعلق بالله تعالى كما يتعلق الطفل الصغير بأمه، فلا يرى غيره ولا ينظر إلا إليه، إذا أراد شيئاً عليه أن يهرع إلى الله تعالى بالدعاء، نعم إنما تتعلق قلوبنا بالله تعالى باستشعار وجوده ورحمته لنا في أي محنة نتعرض لها، سواء في مرض عضوي أو نفسي، فالدعاء يقرب العبد إلى ربه، فعلينا أن نهرع لحاجاتنا إلى الله تعالى حينها الله تعالى لا يمكن أن يرد يدين ارتفعتا له بالدعاء، سواء استجاب الآن أم لم يستجب أو ادخرها له إلى يوم القيامة، ولِيعلم العبد أن الله سبحانه وتعالى لا يرد الدعاء صفراً بحسب ما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن الله حي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين”رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
ثم أرشدنا الله تعالى في سورة الإسراء حين قال: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا”، الإنسان لابد أن يلجأ إلى الله تعالى في السراء والضراء، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:”عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرّاء شكر؛ فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر؛ فكان خيراً له”رواه مسلم، فالإنسان المؤمن لابد أن يتعلق قلبه بالله تعالى في سعادته وفي شقاوته، وسبيلنا للتعلق بالله تعالى اتباع نهج رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام في الدعاء والاستغفار والتسبيح والتهليل والإكثار من النوافل والطاعات فهي أقصر الطرق بين العبد وربه.
- هناك القريبون من الله تعالى المستأنسون بذكره، وآخرون على الرغم من تدينهم وأدائهم الطاعات والفروض إلا أنك لا تستشعر قربهم من الله تعالى؛ ما الأسباب في ذلك؟ المستأنس بالله هو الرطب لسانه بذكره آناء الليل وأطراف النهار، والذي يتقرب إلى الله تعالى بالطاعات خالصةً لوجهه الكريم، فأولئك سيماهم في وجوههم، يشرقون نوراً وإيماناً، ويبدون أكثر اطمئناناً لقضاء الله وقدره لأنهم أحسنوا الظن بالله تعالى، ولعل الحديث القدسي يحقق لأولئك تقربهم من الله حيث قال النبي – صلى الله عليه وسلم- : يقول الله تعالى:“أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة” رواه البخاري.
فالعبد المستأنس بالله تعالى يحافظ على الفرائض ويتحرى النوافل مثل الصيام في غير رمضان، وكافة الطاعات ولسانه يكون رطباً بذكر الله، ولعل ذلك لا يأتي إلا من خلال الإكثار من ذكر الله تعالى وفق قول الله تعالى في سورة الأعراف: “إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ“، فحين يكثر الإنسان من ذكر الله تعالى، الله تعالى يذكره ويحبه وإن أحبه الله تعالى كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي يتكلم به، وهذا الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى ذلك إلا بعد أن باع نفسه لله تعالى نفسه وماله ووقته وكل شيء وفق قول الله تعالى: “إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ”سورة التوبة، فالإنسان لا بد أن يبذل نفسه في الطاعات والقربات إلى الله تعالى.
- كيف نعرف أن الله يحبنا ونستشعر حب الله لنا؟ جواب ذلك سؤال أحد الصالحين قال: أنا أعلم متى يذكرني ربي، فقالوا له: متى؟ فقال: حينما أذكر الله تعالى الله يذكرني، ونعلم أن الله يحب الإنسان إذا ما بقيَّ الإنسان في كنف الله سبحانه وتعالى في السراء والضراء ويرضى بقضاء الله وقدره فلا شك أن ذلك دليل على المحبة، أيضاً حب الله نراه في وجوه من أحبهم، فتجد وجوههم ضاحكة مستبشرة، نفوسهم مطمئنة وقلوبهم عامرة بالخير يصدق فيهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:”رواه البخاري. والطعم الطيب هي النفس الخيرة، والريح السمعة الطيبة، الله إذا أحب عبداً ابتلاه، وحينما يجد هذا الإنسان البلاء والابتلاء فيصبر، فهذا دليل على محبة الله سبحانه وتعالى وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن سأل هذا السؤال:”قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه”، والابتلاء يُخرج الإنسان تقياً نقياً من كل شائبة أو كل ذنب، الابتلاءات المحن. وكذلك من علامات حب الله تعالى للعبد أن يلقي الله سبحانه وتعالى لهذا العبد الثناء الحسن والقبول في الأرض، وأن يُكثر هذا العبد من النوافل بحيث يوفق الله العبد للإكثار من النوافل، وأن يوفق العبد للطاعة، وأن يثبت عليها وأن ينتقل من طاعة إلى طاعة، ومن خير إلى خير. - يعتقد كثير من الناس أن من أصيب بنعمة من الله تعالى كالغني في المال، والحسب والمنصب هو مقرب ومحبوب لدى الله بينما ذلك المصاب بابتلاءات حتى وإن كان مؤمناً فينظرون إلى ما به غضب وسخط من الله؛ بماذا تفسر ذلك؟ ليس المال والنعم دليل على حب الله سبحانه تعالى ويبين ذلك قول الله تعالى: “وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا” ..إلى آخر الآيات في سورة الكهف، حيث بيّن الله سبحانه وتعالى أن القضية ليس بكثرة المال والولد كما بيَّنت الآيات في نهاية القصة بأن الإنسان بمقدار رضى الله سبحانه وتعالى عليه ورضا نفسه عن الله، فالسعادة ليست بالمليارات المالية، وإنما بالرضا بقضاء الله وقدره، ولو كان المال دليلا على الرضا لكان الله راضياً على أمريكا مثلاً التي هي أغني دولة.
- كلمة توجهها لفتياتنا وشبابنا من تعلقت قلوبهم بالهوى والعشق للطرف الآخر، كيف نوجههم إلى حب الله تعالى؟ لعل ذلك يكون بأساس التربية من قبل الأب والأم، فلو أنشأ الغلام والطفل على حب الله تعالى لترعرع فيه، لكن حينما الأب يفسق أو يكذب أو لا يصلى فلا بد للابن أن يقلد أباه، في أحيان أخرى يكون الأب رجل طيب ولكن الابن غير مطيع أو عاصي، وهنا لا بد على الأب أن يقوم بدوره الذي علمه إياه الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام بأن تكون أبوته أبوة إرشاد وليس أبوة طواغيت، أن يرعاه رعاية إدارية توجيهية خاصة في ظل الوسائل الكثيرة التي تضل الأبناء في هذا العصر كالفضائيات والإنترنت وغيرها، مطلوب من الآباء أن نوجه الأبناء الوجهة السليمة، و على المعلمين في المدارس والجامعات ألا يقتصر دورهم على أداء الدرس العلمي فقط، بل يتعداه إلى التوجيه والإرشاد، وبيان خطر أمر التعلق المحرم بين الفتاة والشباب؛ لنحافظ على عفة المجتمع وطهارته.
- ما مدى العلاقة بين حب الله تعالى وحب الرسول صلى الله عليه وسلم؟ حب الله تعالى وحب الرسول صلى الله عليه وسلم هما مكملان لبعضهما البعض، فلا يجوز أبداً أن نحب الله تعالى ولا نحب رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، والله تعالى أمرنا بحبهما فقال:”قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين”سورة التوبة، حيث قرن الله تعالى حبه بحب نبيه صلى الله عليه وسلم، وبالتالي لا يمكن أن ينفك حب الله عن حب رسوله لدى الإنسان.
- بعض الناس إذا أرادت أن تثبت صدقها في أمر ما حلفت بابنها أو صحتها، على اعتبار أن ذلك أغلي ما تملك وهناك من الناس يطمئن لهذا الحلف أكثر مما يطمئن للحلف بالله العظيم والعياذ بالله ..هل يمس ذلك بحبنا لله الكريم؟ لا شك أن تلك المعاملات أو الأفعال تصب في المفهوم الخاطئ لعبادة حب الله تعالى، فالقسم من باب التعظيم لا ينبغي أن يكون إلا له سبحانه وتعالى، ومن عظم أحدا غير الله فقد أشرك وفقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم( مَنْ حَلَفَ بغيرِ الله فقد أشرك) رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني، ولنجعل ممارساتنا لطاعة وعبادة حب الله فعلية، علينا أن نغرس حب الله تعالى وحب نبيه صلى الله عليه وسلم في نفوس أطفالنا منذ نعومة أظافرهم؛ لينشأوا على طاعته وتعظيمه، فإذا ما تعرضوا لأي موقف استشعروا عظمة الله سبحانه وتعالى وأيقنوا أن الاستعانة والتعظيم والقسم لا يكون لغير الله تعالى؛ لأن لا عظيم سواه، وقد بينت الآية 109 من سورة التوبة ذلك في قوله سبحانه وتعالى: “أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” سورة التوبة. مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ”[center] الموضوع : الحب الأعظم .. “حب الله” كيف نمتلكه ونعيش في معيته؟ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: قنديل الصياد توقيع العضو/ه:قنديل الصياد | |
|
|