والترغيب هو الحث على فعل الخير وعلى أداء الطاعات والاستقامة على أمر الله تعالى، وهو المسلك الذي اتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بداية دعوته وكان يتلو على المدعوين آيات قرآنية فيها وعد من الله بالجنة وترغيب فيها تأمرهم بطاعة الله وتذكرهم بنعمة التي لا تحصى وهو الخالق من عدم والمطعم من جوع والكاسي من العرى.
قال تعالى:
( قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ(75)أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ(76)فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ(77)الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِي(78)وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي(79)وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِي(80)وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ(81)وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)(الشعراء/75-82).
ورغم أن هذه الدعوة من نبي الله إبراهيم عليه السلام إلا أنها تتفق ومنهج الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في دعوته.
فالترغيب إذن هو كل ما يشوق المدعو إلى الاستجابة وقبول الحق والثبات عليه.
في حين أن الترهيب هو عكس ذلك تماما ويعنى كل ما يخيف ويحذر المدعو من عدم الاستجابة أو رفض الحق أو عدم الثبات عليه بعد قبوله.
فكما تقاد النفس البشرية عن طريق الرغبة فإنها تقاد عن طريق الرهبة لتكف عن الرذيلة وتندفع إلى الفضيلة خوفا من مغبة التراخي أو التفريط.
والترهيب لا يكون دائما بالتخويف فقط بل بإبراز المعاصي وما فيها من فساد قال تعالى:
( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا)(23/الإسراء).
وبالأسلوب نفسه حرم الله تعالى شرب الخمر بقوله:
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالانصَابُ وَالازْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)90(إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ)(المائدة/90-91).
ومن وسائل الترهيب أيضا بيان الداعية خطر المعصية على المدعو نفسه وعلى إيمانه وبيان ضررها الذريع في جسمه أو على أهله وولده ومكانته.
قال تعالى:
( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)(الشورى/30)
ومن فضل الله تعالى ورحمته بعباده أن أرجا العذاب الأكبر للآخرة حتى تكون فسحة يهتدي فيها الضال ويستغلها للتوبة خوفا من العذاب العظيم يوم القيامة.
قال تعالى:
( قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(الزمر/13).
ولكن قد يحل العذاب على العصاة في الدنيا وقد تساءلت أم المؤمنين زينب بنت جحش وقالت: أنهلك وفينا الصالحون(أي في الدنيا) قال صلى الله عليه وسلم نعم إذا كثر الخبث.
ذلك هو الأسلوب الذي استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في مراحل دعوته يرغب في الجنة ونعيمها الخالد ويرهبهم من النار وعذابها الدائم مستعينا بالقرآن الكريم وما فيه من تبشير بالجنة وتحذير من النار وهو النهج الذي التزم به صلى الله عليه وسلم في دعوته حيث رغب المدعوين في نيل مرضاة الله ورحمته وجزيل ثوابه في الآخرة وفي الآن نفسه رهبهم وخوفهم من غضب الله وشديد عقابه.
ومن الآيات الدالة على ذلك قوله الله تعالى:
( يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(9)وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(التغابن/90-10).
وقال جل وعلا:
( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)(12/محمد).
وإيمان بالوعد والوعيد اللذين بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الترغيب والترهيب تعرض في سبيل الدعوة والإسلام- كثير من المدعوين إلى التعذيب والاضطهاد أمثال بلال بن رباح وخباب بن الأرت وآل ياسر..
وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على آل ياسر وهم يعذبون وهو عاجز عن رفع الأذى عنهم ولكنه كان يبشرهم بالجنة ويرغبهم فيها بقوله عليه السلام:
"صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة" (أخرجه ابن هشام في السيرة ص319)
وفي المقابل توعد صلى الله عليه وسلم أتباعه ومدعويه وأمرهم بخمس أمره الله بهن للمحافظة على كيان الجماعة المسلمة ومواصلة الدعوة مسيرتها فقال عليه السلام:
"وأنا آمركم بخمس الله تعالى أمرني بهن: السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة فإن من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع رقبة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو في جهنم.(الترمذي).
وبهذا الأسلوب الدعوى كسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنصارا عديدين من مكة وخارجها.
الموضوع : الدعوة بالترغيب والترهيب المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya