الصحـــابة وإتباع الرســول حديثنا في هذا الموضوع عن الصحابة رضوان الله عليهم، وكيف كانوا يتبعون سُنة رسول الله ؟ وكيف كانوا يتعاملون مع هذه السُنة سُنة الرسول ؟ الحقيقة إن نظرة الصحابة إلى السنة كانت نظرة فريدة حقا، وتعظيم الصحابة للسُنة كان بدرجة لا يتخيلها إلا من درس حياة الصحابة بعمق، ودرس كل نقطة من نقاط حياة الصحابة م وأرضاهم. ثم تفاوتت بعد ذلك نظرة اللاحقين إلى السُنة الذين جاءوا بعد الصحابة، فاختلفت نظرتهم للسنة، فمنهم من عظمها، ولكن كشيء نظري جميل، تاريخ رائع لإنسان عظيم، لكن يأخذ منها، ويترك كيفما شاء, ومن الناس من اعتقد أنها شيء من الكماليات قد يجمل، ولكن ليس ضروريا, ومن الناس من اعتقد أن السُنة كانت أشياء خاصة برسول الله ، وليست لعموم الأمة، فإذا تكلمت معه عن عمل للرسول ، أو قول له توضح له معاملة الرسول في أمر من الأمور، فيرد بأنه رسول، أما أنا فلست برسول, ومن الناس من تطاول على السنة، وطعن فيها، وألقى بالشبهات، واتبع المتشابه، وأعرض عن المحكم، فلذلك نجد تفاوتًا كبيرًا في تلقي معنى السُّنة في الأجيال التي لحقت برسول الله . لذلك نريد أن نوضح نظرة الصحابة للسُّنة، كيف كانوا ينظرون إلى السُنة؟ لأن هذه هي النظرة الصحيحة التي نتمنى منها معرفة التعامل مع السُنة النبوية المطهرة المشرفة. فارتباط الصحابة بالسنة كان سببًا مباشرا لوصول الصحابة إلى رضا الله عز وجل، وإلى حب الله عز وجل، فحب الله عز وجل لك، ومغفرة ذنوبك مرهون باتباع الرسول ، ولقد صرح بذلك الله عز وجل في كتابه فقال:
فحياة الرسول كانت التفسير العملي للقرآن الكريم، كانت التطبيق الواقعي لما أراده الله عز وجل من العباد، كانت التطبيق الواقعي لما أراده الله عز وجل من العبادة، كل صغيرة، وكبيرة في حياة الرسول كانت لهدف، كانت مقصودة، وكانت محسوبة، وكانت متابعة بالوحي، تستطيع أن تقول بمنتهى الاطمئنان أن كل أفعال رسول الله كانت متابعة بالوحي الكريم من الله عز وجل، أعمال الرسول قد تكون بأمر من الله عز وجل, وقد يفعلها النبي ، ثم ينزل الوحي إما بالتأكيد على هذا الفعل، وإما بتعديله إلى شيء آخر. فإذن كل نقطة من نقاط حياة رسول الله كانت متابعة بالوحي، ولا يحدث هذا الأمر إلا لرسول الله فقط، والأنبياء، فلا ينبغي أن يُقَلد إنسانًا تقليدًا مطلقًا إلا الرسول الله ؛ لأن كل إنسان غير الرسول قد يصيب ويخطئ، فكل إنسان يصيب ويخطئ، وكل إنسان يؤخذ من كلامه ومن أفعاله ويُرَد، كل إنسان إلا المعصوم . الصحابة كانوا يفقهون ذلك جيدا، وظهر ذلك في كثير من أفعالهم، أو قل ظهر ذلك في كل أفعالهم، كما سنرى إن شاء الله.
تعامل الصحــــــابة مع السُّــــنة
كيف كان الصحابة م وأرضاهم يتعاملون مع السُنة ويتبعون الرسول ؟ كيف كان حرصهم على أن يعرفوا كل نقطة في حياة الرسول ؟ كم نالهم من التعب من أجل ألا تتركهم سُنة من سنن الرسول ؟ روى البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب وأرضاه قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد- هذا الجار هو عتبان بن مالك- وكنا نتناوب النزول على رسول الله ، ينزل يوما، وأنزل يوما، فإذا نزلت جئت بخبر ذلك اليوم من الوحي، وإذا نزل فعل مثل ذلك. فالقضية تهمه وتشغل باله، فحياته لم تقف، بل يعمل، ويتاجر، ويتزوج، لكنه حريص كل الحرص أن يعرف كل نقطة في حياة الرسول . إن من يسمع عن قصة سيدنا عمر، أو يسمع عن تاريخ الرسول يظن أن سيدنا عمر ليله ونهاره مع الرسول ، لا يتركه لحظة من لحظات حياته، ولكن الأمر على عكس ذلك، فكانت لهم حياتهم الخاصة، ولكن في نفس الوقت كان حريصًا على معرفة كل شيء في حياة الرسول .