بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛
ما أعظم شأن المرأة في الإسلام وما أكبر قدرها وهذا الكلام ليس فقط لشرف
الانضمام إلى ركب الطائعين ومنهاج السالكين، بل لعظم قدرها في حد ذاتها
عند ربها ومليكها، ولعلنا نتناول هذا الكلام بأمثلة من المنقول والمعقول
ليتضح السبيل وعلى الله التكلان، إنه حسبنا ونعم الوكيل.
لطالما تعلقت قلوب الناس بالبحث عن الجواهر المكنونات والتنقيب عن اللؤلؤ والمرجان في
البحار والأنهار والمحيطات، فخاضوا في سبيل ذلك
أوعر المسالك، وعرّضوا أنفسهم في سبيل نيلها للمهالك
وللعاقل هنا وقفة، إذ ما قيمة هذا اللؤلؤ الذي يستحق كل هذا الجهد؟! بل
وقد يكون اقتحام الموت دونه ماله عنه بد، فلاشكَّ إذن أن قيمته غالية
جدُّ غالية، فلم يكن في متناول الأيدي
الرخيصة التي لا تستحقه، وكان لابد أن يعيش في هنائه في الصدف تحت البحار
بعيدا عن أيد اللاهين العابثين.
وقد يتعجب من يقارن هذا الجوهر النفيس بتلك الوردة الفواحة، التي سرعان
ما تمضي عليها ساعات وأيام حتى تذبل بكثرة المساس، وتدنس بعد ذلك تحت
الأقدام وتداس،
ومما لا شك فيه أن للوردة تأثير غير عادي على نفوس البشر، لجمالها وريحها
وألوانها، ولكنها أخطأت -إن صح التعبير- إذ أظهرت زينتها لمن لا يستحقها
فكان جزاؤها أن عُوقِبت بالذبول، وزال عنها ما كان عندها من شرف وحبور،
فداست عليها الأقدام، وتبدلت بها الأحوال، وأهانها من
كان بالأمس يتمتع بشذاها، وأذلها الذي طالما
أسعدته بمرآها، فيا لضياع الخير فيمن لا يستحقه، ويا لشقاوة من
يصرف جهده لمن لا يحمده.
وهنا يتبين غبن هذه الوردة المسكينة..
فشتان شتان إذن بين تلك اللؤلؤة المحجوبة عن الأعين، فهي محفوظة مصونة،
غــــــــــــالية الأثمان، فضلا أن تقع
في مواطئ الأقدام، وبين تلك الزهرة التي فاح شذاها فعم الأقطار، وسحرت
بجمالها الأنظار، ثم صارت بعد ذلك مبتذلةً، فهذا يمزقها، وذاك يقطفها
ويدنسها.
ولعمر الله ما أبلغ تشبيه المرأة عندنا باللؤلؤ
المصون، بل قل هي الملكة ذات الهيبة والكلام المسموع ..وليس هذا من باب
المبالغة، فلقد شهد القاصي والدني بعظم مكانة المرأة في الإسلام، وكم هي
منتشرة قصص من أسلمن من الغرب من النساء، لما رأين من قيمة للمرأة ومن
إكرام ولي أمرها لها، وسعي أبنائها لإرضائها، ولعل من أجمل ما قيل في هذا
المقام، كلام تلك العجوز البريطانية التي ساق الشيخ محمد العريفي قصتها في
أحد دروسه، والتي لما رأت مكانة الأم في الإسلام اغرورقت عيناها بالدموع وليس الذي يجري من العين ماؤها، ولكنها روح تذوب
فتقطر، ثم صرخت..إن المرأة عندكم ملكة،
اي وربي صدقت، هي عندنا أغلى من الملكة.
ولعل الناظر بعين الظلم والجور يظن أن الإسلام جاء لقمع حرية المرأة
وأصَّلُوا نظريتهم لأناس ينتسبون للإسلام ظاهرا..ظلموا المرأة وأهانوها
وحققوا نموذجا حيا للجاهلية الأولى، فضَلُّوا وأضَلُّوا وذاك أن البعض
اتخذهم كمراجع للدين ..ولا جرم أن إساءتهم للدين أعظم الإساءات، وجورهم
أعظم الجور.
فالمرأة في الإسلام بخلاف ذلك كله، هي ملكة، ملكة بحق، محفوظ حقها، مصان
عرضها، بل من قتل في سبيل الله لأجل حمايتها فهو شهيد بإذن الله،
فأخبرني بربك أي مكانة للمرأة عند مليكها تجعل
الموت في سبيل الله لحمايتها شهادة وما أدراك ما الشهادة،
زوجها يكد ويتعب في سبيل إطعامها وكسوتها بل قد يكسب الحسنات الوافرات
بلقمة يضعها في فمها
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم(( وإنك مهما أنفقت من
نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك ))
فأخبرني بربك، أي شأن هو شأنها عند مليكها،
ليجعل وضع اللقمة في فمها من أعظم القربات!
ويحرم ابنها من الجنـــــــــــة بكلمة أف يقولها بنية العقوق إن لم يتب
الله عليه، وعليه أن يكون بين يديها كما يكون العبد بين يدي سيده، غاضا
صوته خافضا جناحه، مطيعا لها ومحبا ومكرما..
فسحقا لدعاة التحرر-زعما- كيف
خفيت عنهم هذه الأشياء، وعميت أبصارهم عن رؤية هذه الفضائل، ملكة عند زوجها، عند ابنها،
شهيد من يذود عنها بدمه،
بل وملكة في بيت أبيها،
ألم يقل حبيبي صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له
جاريتان فأحسن تربيتهما وإعالتهما حتى تكبرا كانتا له وجاء من النار))
فأخبرني بربك أي شأن هو شأن تلك المرأة عند
رب العزة..حتى يجعل أجر تربيتها والعناية بها، الجنـــة
ثم فلننظر خبر هذه الغالية في القرآن، وعظم شأنها فيه قال ربي عز وجل:((وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف ))
وقال عز وجل:(( وَمَتِّعُوهُنَّ
عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَـدَرُهُ مَتَاعًا بِالمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُحْسِنِينَ))
وقال عز وجل وعلا: (( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْــثُ
سَكَنْتُــمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ))
فهذا الكلام بشرى لكل من ضاقت بها الدنيا، وأكثر عليها أدعياء التحرر
العتاب، وعابوا عليها قوتها والتزامها وأغروها بدنياهم الفانية التي هي
والله كالثعلب يبدي ابتسامته الزائفة وما إن يتمكن من فريسته حتى ينقض
عليها بدون رحمة ولا شفقة..هذا الكلام بشرى لهن والله، وكيف لها وهو من رب
العزة من خالقها ومليكها ومن إذا تمسكت بدينها حماها ورعاها وشرفها
وآواها؛؛
أما ما ورد من كلام حبيبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((حُبِّبَّ إِلَيَّ مِن دُنيَاكُمُ الطِّيبُ وَالنِّسَاءُ،
وَجُعِلَتْ قَرَّة عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ))
فوالله ما عرفت المرأة تكريما أعظم من هذا، رسول
الله بحد ذاته يقول حبب إلي النساء! فأي شرف حازته النساء، وأي
فضل وأي مكانة، فبشرى لهن والله أن حببن لرسول الله ..والله
إن هذا لأعظم فضل وأكبر تشريف
أنتِ غالية أيتها المرأة وربي، هلََّا افتخرت بدينك وإسلامك؟!، هلََّا
تشرفت بحجابك ونقابك؟!، هلََّا نبذت أفكار أولئك الذئاب؟! هلَّا أعلنتيها
أنا مسلمة يكفيني فخرا أن للدين انتسابي وليخسأ كل متنطع كذاب!
إن أولئك الذين يزعمون التحضر هم من أهانوا المرأة قديما، فلا يخدعنك حسن
كلامهم اليوم، وتصوريهم له بأنه الشرف والمكانة..هو وربي أقصى الذل والمهانة
فانظر- رعاك الله- إلى فعل أسلافهم قبل مدة من الزمان، فقد عقد
الفرنسيون في عام 586م مؤتمراً للبحث: هل تعد المرأة
إنساناً أم غير إنسان؟ !
وهل لها روح أم ليست لها روح؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روح حيوانية أم
روح إنسانية؟
وإذا كانت روحاً إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟
وأخيراً" قرروا أنَّها إنسان ، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب".
وأصدر البرلمان الإنجليزي قراراً في عصر هنري الثامن ملك إنجلترا
يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب (العهد الجديد) أي الإنجيل(المحرف)؛ لأنَّها
تعتبر نجسة
وعند ولادة المرأة تقول الكنيسة دعهن يتألمن
وهيا نساعد الرب فى الانتقام منهن
فهل ستتغير نظرتهن بمرور الزمن؟ لا وربي ولكن هي طبيعة الأجداد ملتصقة
بهن، فالمرأة عندهم اليوم مصدر لإشباع الغرائز ثم يقذف بها في الكبر في
بيوت العجائز..المرأة عندهم للإشهارات والإعلانات ...المرأة عندهم
ذليـــلة
وهم يريدون أن يمرروا لنا هذا السم إلى بناتنا، بنشر موضاتهم، والتشهير
بأفكارهم وتوشيه الحجاب، ومحاربة الفضيلة
فبربك أي شرف حازته أختنا المتبرجة التي تسير في الطرقات إلا أنها صارت
سلعة تتجول،كل الأنظار متجهة إليها تريد أن تنهشها نهشا...أيُّ شرف في هذا وأي مكانة؟ أيُّ
شرف لها لما تصير نظرة الناس لها تقتصر في إشباع شهوتها نيل بغتها من
جسدها؟
هذا والله عين الحمق والمهانة
أيتها الأخت المسلمة، أنت ملكة بحيائك وحجابك وترفعك عن الدنايا، ما أعظم
شأنك بجلبابك الساتر، تعلوك المهابة، وتعظمين في الأعين، حتى في أعين من
يعادونك..
أما ما تطمع إليه نفسك من متاع الدنيا الزائل فغايته أنه زائل وتذهب
اللذات وتبقى الحسرات والتبعات و:((اتَّقوا يَوُمًا
تُرجَعون فِيهِ إِلَى اللهِ ثًمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسِ مَا كَسَبَتْ
وهمْ لا يُظْلَمُونَ))
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الموضوع : المرأة عندنا ملكـة .. المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya