الإسلام سؤال
وجواب - فتوى 147094
عرض علي الذهاب إلى الكنيسة ، وأن يقرا علي الأب لاني
أعاني
من مشاكل لها علاقة بالسحر مع العلم بأنني ذهبت إلى الكثير من
المشايخ
؟
الجواب :
الحمد لله
ينبغي أن يعلم
أن الرقية هي من أنواع العلاج الشرعية ، غير أن لها شروطا
لنفعها ،
وشروطا لقبولها ، كما أن للأدوية الحسية شروطا تناسبها .
قَالَ ابن
التِّين رحمه الله :
" الرُّقَى بِالْمُعَوِّذَاتِ وَغَيْرهَا مِنْ
أَسْمَاء اللَّه هُوَ
الطِّبّ الرُّوحَانِيّ , إِذَا كَانَ عَلَى
لِسَان الْأَبْرَار مِنْ
الْخَلْق حَصَلَ الشِّفَاء بِإِذْنِ اللَّه
تَعَالَى , فَلَمَّا عَزَّ
هَذَا النَّوْع فَزِعَ النَّاس إِلَى
الطِّبّ الْجُسْمَانِيّ وَتِلْكَ
الرُّقَى الْمَنْهِيّ عَنْهَا الَّتِي
يَسْتَعْمِلهَا الْمُعَزِّم وَغَيْره
مِمَّنْ يَدَّعِي تَسْخِير
الْجِنّ لَهُ ، فَيَأْتِي بِأُمُورٍ
مُشْتَبِهَة مُرَكَّبَة مِنْ حَقٍّ
وَبَاطِل ، يَجْمَع إِلَى ذِكْر اللَّه
وَأَسْمَائِهِ مَا يَشُوبهُ
مِنْ ذِكْر الشَّيَاطِين ، وَالِاسْتِعَانَة
بِهِمْ وَالتَّعَوُّذ
بِمَرَدَتِهِمْ , وَيُقَال : إِنَّ الْحَيَّة
لِعَدَاوَتِهَا
لِلْإِنْسَانِ بِالطَّبْعِ تُصَادِق الشَّيَاطِين
لِكَوْنِهِمْ
أَعْدَاء بَنِي آدَم , فَإِذَا عَزَّمَ عَلَى الْحَيَّة
بِأَسْمَاءِ
الشَّيَاطِين أَجَابَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ مَكَانهَا , وَكَذَا
اللَّدِيغ
إِذَا رُقِيَ بِتِلْكَ الْأَسْمَاء سَالَتْ سَمُومهَا مِنْ بَدَن
الْإِنْسَان , فَلِذَلِكَ كُرِهَ مِنْ الرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ بِذِكْرِ
اللَّه
وَأَسْمَائِهِ خَاصَّة ، وَبِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ الَّذِي
يَعْرِف
مَعْنَاهُ لِيَكُونَ بَرِيئًا مِنْ الشِّرْك , وَعَلَى كَرَاهَة
الرُّقَى
بِغَيْرِ كِتَاب اللَّه عُلَمَاء الْأَمَة " .انتهى .
نقله الحافظ
ابن حجر في " فتح الباري " .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز الرُّقَى عِنْد اِجْتِمَاع
ثَلَاثَة
شُرُوط : أَنْ يَكُون بِكَلَامِ اللَّه تَعَالَى أَوْ
بِأَسْمَائِهِ
وَصِفَاته , وَبِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ أَوْ بِمَا يُعْرَف
مَعْنَاهُ
مِنْ غَيْره , وَأَنْ يَعْتَقِد أَنَّ الرُّقْيَة لَا تُؤْثَر
بِذَاتِهَا
بَلْ بِذَاتِ اللَّه تَعَالَى " انتهى . من " فتح الباري " .
والحاصل
أنه ليست كل رقية نافعة ، وليس كل ما نفع من الرقى مقبول شرعا ؛ بل
لا
بد من توفر الشروط السابق ذكرها فيها ، أيا كان الراقي .
وإذا كان
أهل العلم قد اشترطوا أن تكون الرقية باللسان العربي ، أو بما
يعرف ،
خشية أن يقع في كلام الراقي ما يكون شركا ، أو سببا من أسبابه ، من
غير
أن ينتبه المرقي ؛ فإن المشكلة تكون أعقد إذا كان الراقي من أهل الكتاب
، وهم أهل شرك ، والأصل فيهم أن يرقوا بما يوافق دينهم ، لا سيما إذا
كانوا
يرقون بلسان لا يعرفه المرقي ، ولا سيما ـ أيضا ـ إذا كان المرقي هو
الذي
ذهب إليهم في كنائسهم ، وبيعهم .
وهذا هو عمدة من منع من رقية أهل
الكتاب للمسلمين ، من أهل العلم .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
"
كان مالك يكره رقية أهل الكتاب وذلك - والله عز وجل أعلم - بأنه لا يدري
أيرقون
بكتاب الله تعالى أو بما يضاهي السحر من الرقى المكروهة " انتهى .
من "
الاستذكار " (9/376) .
وَقَالَ الْمَازِرِيّ رحمه الله :
"
اُخْتُلِفَ فِي اِسْتِرْقَاء أَهْل الْكِتَاب فَأَجَازَهَا قَوْم
وَكَرِهَهَا
مَالِك لِئَلَّا يَكُون مِمَّا بَدَّلُوهُ . وَأَجَابَ مَنْ
أَجَازَ
بِأَنَّ مِثْل هَذَا يَبْعُد أَنْ يَقُولُوهُ , وَهُوَ كَالطِّبِّ
سَوَاء
كَانَ غَيْر الْحَاذِق لَا يُحْسِن أَنْ يَقُول وَالْحَاذِق يَأْنَف
أَنْ يُبَدِّل حِرْصًا عَلَى اِسْتِمْرَار وَصْفه بِالْحِذْقِ لِتَرْوِيج
صِنَاعَته
. وَالْحَقّ أَنَّهُ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاص
وَالْأَحْوَال
" انتهى . من " فتح الباري " .
ولأجل ذلك المأخذ ، فإن من رخص في
رقى أهل الكتاب ، من أهل العلم ، قد شرط
فيه أن تكون الرقية بما يعرف
من كلام الله وذكره .
قال الربيع بن سليمان ، تلميذ الشافعي :
"
سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عن الرُّقْيَةِ ؟ فقال : لاَ بَأْسَ أَنْ يرقى
الرَّجُلُ
بِكِتَابِ اللَّهِ ، وما يَعْرِفُ من ذِكْرِ اللَّهِ .
قُلْت :
أيرقى أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُسْلِمِينَ ؟
فقال : نعم ؛ إذَا رَقُوا
بِمَا يُعْرَفُ من كِتَابِ اللَّهِ ، أو ذِكْرِ
اللَّهِ .
فَقُلْت
: وما الْحُجَّةُ في ذلك ؟
قال : غَيْرُ حُجَّةٍ ؛ فَأَمَّا
رِوَايَةُ صَاحِبِنَا وَصَاحِبِك ـ يعني :
الإمام مالكا رحمه الله ـ ؛
فإن مَالِكًا أخبرنا عن يحيى بن سَعِيدٍ عن
عَمْرَةَ بِنْتِ عبد الرحمن
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دخل على عَائِشَةَ وَهِيَ
تَشْتَكِي
وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا فقال أبو بَكْرٍ أرقيها بِكِتَابِ
اللَّهِ "
انتهى .
"الأم" للشافعي (7/228) .
ولا شك أن الأحوط للدين ،
والأبرأ للذمة البعد التام عن استرقاء أهل الكتاب
، لا سيما وقد علم
غشهم للمسلمين ، بل علم ـ أيضا ـ أنهم إما يستعينون
بالجن والشياطين في
علمهم ، بحيث تكون رقاهم هذه من جنس السحر ، أو يقربون
الصليب إلى
المريض ، ويستعينون بإخوانهم من الشياطين على ذلك ، على ما سبق
شيء منه
في كلام ابن التين رحمه الله .
وأمر الرقية ميسور إن شاء الله ،
كثير من يحسنه من المسلمين والصالحين ،
ولا أنفع من أن يرقي الإنسان
نفسه ، بكلام الله ، أو ما صح من أدعية النبي
صلى الله عليه وسلم .
ولذلك
أفتى علماء اللجنة الدائمة بمنع ذلك ، حيث سئلت :
علاج الصرع عندنا
في مصر هو الذهاب إلى الكنيسة خاصة كنيسة (ماري جرجس) ،
أو الذهاب إلى
السحرة والدجالين الذين ينتشرون في القرى ، وأحيانا يأتي
بفائدة ، فهل
هذا يجوز فعله ؟ مع العلم بأن الشخص المصروع إذا لم يسرعوا
بعلاجه
فإنه يهلك ويموت ؟
ثم ما العلاج الذي شرعه الله لهذا الداء ، حيث إن
لكل داء دواء إلا الهرم ؟
" .
فأجاب علماء اللجنة :
"
لا يجوز الذهاب إلى الكنيسة لعلاج الصرع ، ولا إلى السحرة ولا إلى
الدجالين
؛ أما طرق العلاج المباح فيعالج بالرقي المشروعة ، مثل قراءة
القرآن؛
كسورة (الفاتحة) و (قل هو الله أحد) و (المعوذتين) و (آية الكرسي) ،
وما ورد من الأذكار والأدعية الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
وبالله
التوفيق " انتهى .
"فتاوى اللجنة" (1/292-293) .
على أن
دخول الكنائس ممنوع أيضا ، سواء كان للرقية أو غيرها ، إذا كان ذلك
في
يوم عيد من أعيادهم ، أو كان في تلك الكنيسة صورة من صورهم .
روى
ابن أبي شيبة في المصنف (8/291) : لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ
أَتَاهُ
رَجُلٌ مِنَ الدَّهَّاقِينَ ، فَقَالَ : إِنِّي قَدْ صَنَعْت لَكَ
طَعَامًا
فَأُحِبَّ أَنْ تَجِيءَ ، فَيَرَى أَهْلُ عَمَلِي كَرَامَتِي
عَلَيْك ،
وَمَنْزِلَتِي عِنْدَكَ ، أَوْ كَمَا قَالَ ، فَقَالَ : إِنَّا
لاَ
نَدْخُلُ هَذِهِ الْكَنَائِسَ ، أَوْ قَالَ : هَذِهِ الْبِيَعَ ،
الَّتِي
فِيهَا هذه الصُّوَرُ.
والله أعلم .
(
كتب : عبد الملك ) ..
◄تجوز
الرقية بثلاثة شروط :
الأول : أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته .
الثاني
: أن تكون بالعربية أو بلغة مفهومة .
الثالث : أن يُعتقد أنها لا تؤثر
بذاتها ، بل بالله .
◄ قال ابن عبد البر
: ( كان مالك يكره رقية أهل
الكتاب ... ) ، والكراهة عند المتقدمين -
كمالك وغيره - معناها التحريم .
◄
قال الألباني رحمه الله في الصحيحة [6/1167] : ثم وقفت
على ما هو أنكر عندي من استرقاء امرأة ابن مسعود
باليهودي ، و هو ما
روى يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر
الصديق دخل على
عائشة و هي تشتكي ، و يهودية ترقيها ، فقال أبو بكر : "
ارقيها بكتاب
الله " . أخرجه مالك في " الموطأ " ( 3 / 121 ) و ابن أبي
شيبة ( 8 /
50 / 3663 ) و الخرائطي في " مكارم الأخلاق " ( 2 / 977 / 1105 )
و
البيهقي ( 9 / 349 ) من طرق عنه . قلت : و هذا إسناد رواته ثقات لكنه
منقطع
، فإن عمرة هذه لم تدرك أبا بكر رضي الله عنه ، فإنها ولدت بعد وفاته
بثلاث عشرة سنة . نعم في رواية للبيهقي من طريق محمد بن يوسف قال : ذكر
سفيان
عن
يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل أبو بكر و
عندها
يهودية .. إلخ . كذا قال : " عن عائشة " ، فوصله عنها ، و أظن أنه من
محمد بن يوسف ، و هو الفريابي . و هو ثقة فاضل ملازم لسفيان ، و هو الثوري
، و مع ذلك فقد تكلم ابن عدي و غيره في بعض حديثه عنه ، فأخشى أن يكون
وصله
لهذا الإسناد مما تكلموا فيه ، فيكون شاذا لمخالفته لتلك الطرق التي
أرسلته
، أو يكون الخطأ ممن دونه ، فإنهم دونه في الرواية . بعد هذا البيان
و
التحقيق لا أرى من الصواب قول ابن عبد البر في " التمهيد " ( 5 / 278 )
جازما
بنسبته إلى الصديق : " و قد جاء عن أبي بكر الصديق كراهية الرقية
بغير
كتاب الله ، و على ذلك العلماء ، و أباح لليهودية أن ترقي عائشة بكتاب
الله " ! ثم إنه من غير المعقول أن يطلب الصديق من يهودية أن ترقي عائشة ،
كما لا يعقل أن يطلب منها الدعاء لها ، و الرقية من الدعاء بلا شك ، فإن
الله
عز وجل يقول : *( و ما دعاء الكافرين إلا في ضلال )* . و يزداد الأمر
نكارة
إذا لوحظ أن المقصود بـ " كتاب الله " القرآن الكريم ، فإنها لا تؤمن
به و لا بأدعيته . و إن كان المقصود التوراة ، فذلك مما لا يصدر من الصديق
، لأنه يعلم يقينا أن اليهود قد حرفوا فيه ، و غيروا و بدلوا .
ا.هـ
والله
أعلم .
الموضوع : الذهاب إلى الكنيسة وطلب الرقية من الأب ؟ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya