الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على
أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين ،،،
يتساءل البعض عن
مشروعية رقية المرأة للنساء وتخصصهن في هذا
الأمر ، ولكي نقف على حقيقة ذلك
فلا بد من دراسة المسألة دراسة شرعية
علمية مستفيضة لكي نقف على الحق
فنتبعه 0
سئل فضيلة الشيخ
عبدالله
بن عبدالرحمن الجبرين عن حكم تخصص المرأة المسلمة في الرقية
الشرعية ؟
فأجاب – حفظه
الله -
: ( الرقية الشرعية هي العلاج بكتاب الله تعالى وبالأدعية
المأثورة في
السنة الصحيحة ، فمن حفظها وعرف تلك النصوص التي تستعمل في
الرقية فله
استعمالها ، ولا فرق بين الرجل والمرأة وقد كانت عائشة –
رضي الله عنها –
ترقي نبي الله صلى الله عليه وسلم لما مرض وتنفث بيده
رجاء بركتها ، ولا شك
أن الكثير من النساء المؤمنات قد يحفظن القرآن
والكثير من الأوراد وهي من
الصالحات القانتات الحافظات للغيب ، فلهن
عمل الرقية للنساء حتى لا تحتاج
المرأة إلى الذهاب للرجال لأجل الرقية
وكذا تلاقي المرأة محارمها ونساءها
وذلك موجود فيهن بكثرة والله أعلم )
( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع
والسحر والعين – ص 384 ) 0
ولي وقفات تأمل
قبل
أن أخلص لنتيجة بحث هذه المسألة :
1- إن طريق الرقية
الشرعية
شائك يحمل في طياته كثيرا من المخاطر والعقبات والمحاذير التي لا
تستطيع
المرأة بأي حال من الأحوال تحملها والصبر على أذاها ، فقد تتعرض
للإيذاء
في نفسها وأهلها ومالها وقد لا تطيق ذلك ويؤدي إلى كفرانها بنعم
ربها 0
2-
ضعف المرأة أمام
مغريات الحياة الكثيرة ومنها : المدح والعجب وحب
الظهور والسمعة وحب المال
ونحو ذلك من أمور كثيرة ، وهذا قد يؤدي إلى
فسادها وبعدها عن منهج الكتاب
والسنة 0
3- قد يؤدي بالمرأة
إلى
إهمال الاعتناء ببيتها وزوجها وأولادها ، وهذا قد يؤدي إلى محاذير
شرعية
كثيرة ، خاصة إذا علمنا من استقراء النصوص القرآنية والحديثية أن
زوجها
هو جنتها أو نارها 0
4- تعرض المرأة
للفتنة العظيمة خاصة ما يتعلق
بالمحاذير الشرعية التي تكتنف هذا الأمر ،
وأخطر تلك المحاذير هو تعرض
المرأة لبعض الحوارات مع الجن والشياطين ، وهذا
الأمر لا يجوز مطلقا من
الناحية الشرعية ، فالجن مكلفون وينطبق في حقهم ما
ينطبق على الإنس من
الأحكام الشرعية ، والمرأة عورة وصوتها عورة 0
ومن باب الأمانة
العلمية
غبعض أهل العلم يرى بأن صوت المرأة ليس بعورة كما نقل ذلك عن
اللجنة
الدائمة ، والعلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - ،
والشيخ
عبدالمحسن العباد - حفظه الله - 0
سئلت اللجن الدائمة
السؤال التالي :
هل يجوز للمرأة أن
تؤذن ، وهل يعتبر صوتها عورة
أو لا ؟؟؟
فأجابت : ( أولاً :
ليس على المرأة أن تؤذن على الصحيح من
أقوال العلماء؛ لأن ذلك لم يعهد
إسناده إليها ولا توليها إياه زمن
النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا في زمن
الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم
0
ثانيا
ً: ليس صوت المرأة عورة بإطلاق ،
فإن النساء كن يشتكين إلى النبي صلى
الله عليه وسلم ويسألنه عن شئون
الإسلام ، ويفعلن ذلك مع الخلفاء
الراشدين رضي الله عنهم وولاة الأمور
بعدهم ، ويسلمن على الأجانب
ويردون السلام ، ولم ينكر ذلك عليهن أحد من
أئمة الإسلام ، ولكن لا
يجوز لها أن تتكسر في الكلام ولا تخضع في القول ؛
لقوله تعالى : ( يا
نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن
بالقول فيطمع الذي
في قلبه مرض وقلن قولاً معروفا ) ( سورة الأحزاب -
ا؟لآية 32 ) ؛ لأن
ذلك يغري بها الرجال ويكون فتنة لهم كما دلت عليه الآية
المذكورة 0
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ) (
السؤال
الأول من الفتوى رقم (4522) - اللجنة الدائمة للبحوث العلمية
والإفتاء -
عبدالله بن قعود ، عبدالله بن غديان ، عبدالرزاق عفيفي ،
عبدالعزيز بن
عبدالله بن باز ) 0
سئل العلامة الشيخ
محمد بن صالح العثيمين - رحمه
الله - السؤال التالي :
هل صوت المرأة عورة
؟؟؟
فأحاب : ( من تأمل
نصوص
الكتاب والسنة وجدها تدل على أن صوت المرأة ليس بعورة ، بل بعضها على
ذلك
بأدنى نظر :
فمن ذلك قوله تعالى يخاطب نساء النبي
صلي الله عليه وسلم
فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ
مَرَضٌ
وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) . فإن النهي عن الخضوع بالقول ،
وإباحة
القول المعروف يدل على أن صوتها ليس بعورة إذ لو كان عورة لكان مطلق
القول منها منكراً ، ولم يكن منها قول معروف ، ولكان تخصيص النهي بالخضوع
عديم
الفائدة .
وأما
السنة فالأدلة على ذلك كثيرة ،
فالنساء اللاتي يأتين إلي النبي صلي
الله عليه وسلم يخاطبنه بحضور الرجال
ولا ينهاهن ، ولا يأمر الرجال
بالقيام ولو كان الصوت عورة لكان سماعه
منكراً ووجب أحد الأمرين ، لأن
النبي صلي الله عليه وسلم لا يقر منكر 0
وقد صرح فقهاؤنا الحنابلة بأن صوت
المرأة
ليس بعورة ، ( انظر شرح المنتهى - 3 / 11 ، وشرح الإقناع - 3 / 8 ط
مقبل
، وغاية المنتهى والفروع - 5 / 157 ) 0
وأما قول النبي صلي الله
عليه وسلم : "
إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال وليصفق النساء " .
فهذا مقيد في
الصلاة ، وظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن تكون مع الرجال
أو في بيت لا
يحضرها إلا النساء أو محارم ، والعلم عند الله تعالى ) (
فتاوى ورسائل
العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى – المجلد الثاني عشر
) 0
وقد سئل الشيخ
المحدث عبد المحسن العباد - حفظه الله تعالى -
السؤال التالي :
هل صوت المرأة عورة
، وإذا كان كذلك فهل هناك
دليل ؟؟؟
فأجاب : ( صوت
المرأة ليس بعورة باطلاق لأنه يمكن عند الحاجة
يستمع لصوت المراة مثل
الإستفتاء أو بيع أو شراء مع احتشام أو ما إلى
ذلك ، لا بأس به ، ولكن
المحذور هو الانتفاع بالصوت أو التلذذ بالصوت ،
وكونها هي تلين صوتها وتخضع
بالقول هذا الذي فيه المحذور ، أما مجرد
الصوت من حيث هو ليس بعورة ، لكن
إذا صار عن طريق كونها تلين صوتها
وتخضع به وكون الانسان يتلذذ به ، وكونه
يتمتع به ، هذا هو المحذور
وهذا هو الممنوع ) ( شرح سنن النسائي – كتاب
الطهارة – شريط رقم 74 –
دقيقة 61 ) 0
والبعض الآخر يرى
بأن صوت المرأة عورة كما نقل ذلك عن العلامة
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان 0
سئل الشيخ السؤال
التالي
: هل صوت المرأة عورة ؟؟؟
فأجاب - حفظه الله -
: ( الحمد لله ، نعم ؛
المرأة مأمورة بتجنب الفتنة ، فإذا كان يترتب على
سماع صوتها افتتان
الرجال بها ؛ فإنها تخفيه :ولذلك فإنها لا ترفع صوتها
بالتلبية، وإنما
تلبي سرًّا 0
وإذا كانت تصلي خلف الرجال وناب الإمام
شيء في الصلوات ؛
فإنها تصفق لتنبيهه ؛ قال صلى الله عليه وسلم : " إذا
نابكم شيء في
صلاتكم فلتسبح الرجال ، ولتصفق النساء " ( رواه أبو داود في "
سننه " (
1 / 246 ) ، وانظر : " صحيح البخاري " (1 / ص167 ) ، وكذلك ( 2 /
60 )
من نفس الصحيح ؛ رواه مسلم في "صحيحه - 1 / 318 ، ورواه الإمام أحمد
في
مسنده - 5 / 330 بنحوه ، ورواه غيرهما ) 0
وهي منهية من باب أولى عن
ترخيم صوتها
وتحسينه عند مخاطبتها الرجال لحاجة ؛ قال تعالى : ( فَلا
تَخْضَعْنَ
بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ
وَقُلْنَ قَوْلًا
مَّعْرُوفًا ) ( سورة الأحزاب الآية 32 ) 0
قال الإمام ابن كثير رحمه
الله : "
ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم ؛ أي : لا
تخاطب المرأة
الأجانب كما تخاطب زوجها " ( انظر " تفسير القرآن العظيم "
لابن كثير - 3 /
464) ( صالح بن فوزان الفوزان - فتوى رقم 17069 ) 0
والذي أراه
في
المسألة أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تعرض المرأة نفسها لمثل
تلك
الفتنة ومعلوم ضعفها وقلة حيلتها 0 والذي نعرفه ونعلمه من علماء
الأمة أنه
لا يجوز للمرأة أن تلقي الدروس والمحاضرات أمام الرجال أو
على مسامعهم ،
بعكس العلماء والدعاة الذين يقومون بإلقاء تلك الدروس
على مسامع النساء دون
أن يكون أدنى حرج في ذلك 0
5- سهولة انسياق
المرأة
وراء الجن والشياطين ووقوعها في الكفر أو الشرك أو المحاذير الشرعية
،
وهذه جبلة المرأة فالضعف هو الصفة الملازمة لها ولن تستطيع بأي حال أن
تقف
وتواجه الشيطان وتنتصر عليه 0
6- ضعف المرأة
وتعرضها لما تتعرض له
النساء من أحكام الحيض والنفاس ، وهذا يجعلها عرضة
لتسلط الشيطان
وإيذائه ، وقد يقود ذلك لتعرضها لإيذاء شديد تكون له عواقب
وخيمة لا
تستطيع الصبر عليها أو تحملها ، ولا يخفى علينا الحديث الثابت عن
ابن
عمر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما
رأيت
من ناقصات عقل ولا دين أغلب لذي لب منكن ، أما نقصان العقل فشهادة
امرأتين
بشهادة رجل ، وأما نقصان الدين ، فإن إحداكن تفطر رمضان ، وتقيم
أياما
لا تصلي ) ( متفق عليه ) 0
قال المباركفوري : (
قوله :" خطب الناس " وفي
حديث أبي سعيد عند الشيخين خرج رسول الله صلى
الله عليه وسلم في أضحى
أو فطر إلى المصلى ، فمر على النساء فقال : يا معشر
النساء تصدقن الخ "
ثم قال يا معشر النساء " أي جماعتهن والخطاب عام غلبت
لا الحاضرات على
الغيب قال أهل اللغة : المعشر هم الجماعة الذين أمرهم واحد
، أي
مشتركون ، وهو اسم يتناولهم كالإنس معشر والجن معشر والأنبياء معشر
والنساء
معشر ونحو ذلك وجمعه معاشر" تصدقن " أمر لهن أي أعطين الصدقة " ولم
ذاك " فقالت : كيف يكون ذاك ولأي شيء نكون أكثر أهل النار " لكثرة لعنكن "
اللعن هو الدعاء بالابعاد من رحمة الله تعالى " يعني وكفركن العشير " هذا
قول
بعض الرواة ، وفي حديث أبي سعيد "تكثرن اللعن وتكفرن العشير" 0 قال
النووي
: العشير بفتح العين وكسر الشين وهو في الأصل المعاشر مطلقا والمراد
الزوج انتهى 0 وكفران العشير جحد نعمته وإنكارها أو سترها بترك شكرها ،
واستعمال
الكفران في النعمة والكفر في الدين أكثر " من ناقصات عقل ودين "
أي ما
رأيت أحدا من ناقصات " أغلب لذوي الألباب " أي لذوي العقول والألباب
جمع
اللب ، وهو العقل الخالص من شوب الهوى ، وفيه مبالغة لأنه إذا كان ذو
اللب
والرأي مغلوبا فغيره أولى " منكن " متعلق بأغلب " وما نقصان عقلها
ودينها
" كأنه خفي عليها ذلك حتى سألت عنه " قال شهادة امرأتين منكن بشهادة
رجل " وفي حديث أبي سعيد : اليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟ قال
الحافظ
: أشار بقوله مثل نصف شهادة الرجل إلى قوله تعالى : ( فَرَجُلٌ
وَامْرَأَتَانِ
مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ ) ( سورة البقرة –
الآية 282 )
لأن الاستظهار بأخرى مؤذن بقلة ضبطها وهو مشعر بنقص عقلها "
ونقصان
دينكن الحيضة " بفتح الحاء " فتمكث إحداكن الثلاث والأربع " أي ثلاث
ليال مع أيامها وأربع ليال مع أيامها " لا تصلي " ولا تصوم وفي حديث أبي
سعيد
أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم قلن بلى قال : فذلك من نقصان دينها 0
قال
النووي : وأما وصفه صلى الله عليه وسلم النساء بنقصان الدين لتركهن
الصلاة
والصوم في زمن الحيض فقد يستشكل معناه وليس بمشكل بل هو ظاهر ، فإن
الدين
والإيمان والإسلام مشتركة في معنى واحد كما قدمنا في مواضع 0 وقد
قدمنا
أيضا في مواضع أن الطاعات تسمى إيمانا ودينا 0 وإذا اثبت هذا علمنا
أن
من كثرت عبادته زاد إيمانه ودينه ، ومن نقصت عبادته نقص دينه انتهى ) (
تحفة
الأحوذي – 7 / 300 ، 301 ) 0
وبعد هذه العجالة
فالأولى عدم تعرض المرأة
لمثل هذا الموقف بسبب الاعتبارات التي كنت قد
ذكرتها آنفا ، وتنصح
بعدم رقية النساء إلا في حالات الضرورة التي يحتم فيها
الواجب الشرعي
التدخل وإعانة المظلوم ، وتكتفي بفعل ذلك مع أهل بيتها
ومحارمها دون
التوسع والتفصيل ، وأتوجه بالنصح لكل من تفكر بهذا الأمر لأن
تتوجه
باستشارة أهل العلم والعلماء لتوجيهها الوجهة الصحيحة وفق ما تمليه
المصلحة
الشرعية ، دون أن تقدم على هذا الأمر بشكل اجتهادي ، والله تعالى
أعلم
0
قصة
واقعية : وهذه
القصة لامرأة طيبة صالحة أحسبها كذلك والله حسيبها ،
قررت الدخول في هذا
الأمر الشائك الصعب ، وبدأت تمارس الرقية مع بنات
جنسها ، إلى أن جاء اليوم
الذي دفعت فيه ثمن ذلك غاليا ، وكان الأولى
لها أن تستشير أهل العلم
والعلماء ليرشدوها إلى ما فيه خيرها ، وبدأت
رحلة العلاج ، ولم يقتصر
الإيذاء عليها فحسب بل تعدى ذلك إلى زوجها
وأولادها ، وبقيت فترة طويلة تحت
معاناة ذلك الأمر وتبعاته ، ولا أدري
بعد ذلك ما آلت إليه حالتها ، والله
تعالى أعلم 0
هذا ما تيسر لي
بخصوص
هذه المسألة ، سائلاً المولى عز وجل أن يوفقنا لما فيه خيرنا في
الدنيا
والآخرة ، والله تعالى أعلم 0
وآخر دعوانا أن
الحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
كتبه الشيخ / أبو
البراء
أسامة بن ياسين المعاني