El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: الصيام وتهذيب النفس ~ الأربعاء 9 يونيو 2010 - 17:18 | |
| الصيام وتهذيب النفس
ذهب المحققون من العلماء إلى أن لكل إنسان نفس واحدة ؛ وهذه النفس لها حلاات ثلاثة ، وكل حالة توصف بأوصاف مختلفة : فإذا سكنت لأمر ربها وأذعنت واستسلمت ، وجاهدت شهواتها ؛ كانت النفس المطمئنة ، قال الله تعالى: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ) ( الفجر: 27 ، 28 )؛ وإذا لم يتم سكونها ولكنها كانت مدافعة لشهواتها ورغباتها ، ومعترضة على ما لا يجوز من تلك الشهوات والرغبات ، صارت النفس اللوامة ؛ لأنها تلوم صاحبها عند تقصيره في عبادة ربه وخالقه - جل وعلا - ، قال الله تعالى : ( وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) (القيامة:2)؛ وإن تركت الاعتراض على الشهوات والرغبات ، وأطاعت لدواعي الشهوات ووساوس الشيطان ، فهي النفس الأمارة بالسوء ، قال الله تعالى : ( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ) (يوسف:53 ).
وقد امتحن الله - جل جلاله - الإنسان بهاتين النفسين : الأمارة واللوامة ، كما أكرمه بالمطمئنة ؛ فهي نفس واحدة تكون أمارة ثم لوامة ثم مطمئنة ، وهي غاية كمالها وصلاحها ؛ فهذه النفس التي أقسم الله تعالى بها فقال : ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) (الشمس: 7-10 ) ، أي أن الله - جل جلاله - بيّن لها طريقي الخير والشر ، ثم قضى الله بالفلاح لمن يزكي نفسه بطاعة الله ويطهرها من الرذائل والذنوب ، وبالخيبة والخسارة على من يخمدها ويضع منها ؛ بخذلانه إياها عن الهدى حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله - عزوجل - .
وصفوة القول أن النفس قابلة للتزكية وعكسها ، فبالإيمان والعمل الصالح تزكو النفس وتعلو وتطمئن ، وبعكس ذلك تخبث وتدس ويكون ذلك سبباً في خيبتها وفسادها ؛ عافانا الله.
وفي رمضان فرصة عظيمة لتهذيب النفس وتزكيتها ؛ فالإنسان - كما يقول الغزالي في الإحياء - رتبته فوق رتبة البهائم ، لقدرته بنور العقل على كسر شهواته ؛ ودون رتبة الملائكة ، لاستيلاء الشهوات عليه وكونه مبلتى بمجاهدتها ، فكلما انهمك في الشهوات انحط إلى اسفل سافلين ، والتحق بغمار البهائم ؛ وكلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليين والتحق بأفق الملائكة.
والملائكة مقربون من الله - عزوجل - ، والذي يقتدي بهم وتشبه بأخلاقهم يقرب من الله - عزوجل - كقربهم ، فإن الشبيه من القريب قريب، وليس القرب بالمكان بل بالصفات ؛ وإذا كان هذا سر الصوم عند أرباب الألباب وأصحاب القلوب ، فأي جدوى لتأخير أكلة وجمع أكلتين عند العشاء مع الانهماك في الشهوات الأخرى طول النهار؟ ولو كان لمثله جدوى ، فأي معنى لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( ربّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع) (1). والمعنى ليس المراد من الصيام أن يؤخر الإنسان وجبة غدائه إلى وجبة عشائه فيجمع بينهما في جبة واحدة ، ولكن المراد أن يتغلب الإنسان بصيامه على شهواته ، فيلتحق بأفق الملائكة.
والحق أن سبيل الإصلاح والتغيير يبدأ بالنفس ، لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد: 11) ؛ وأصل ذلك الرقي بها إلى أن تكون نفساً مطمئنة ، ساكنة لأمر ربها مستسلمة مذعنة ، مجتهدة في تحصيل محبته ، بامتثال أوامره والابتعاد عن نواهيه ، راجية خائفة ؛ راجية لما أعده لعباده أصحاب النفوس المطمئنة ؛ خائفة ألا يقبل منها ربها أعمالها ، خائفة من فوات فوزها ، خائفة مما اعده الله - جل جلاله - للذين يخالفون أمره.
والصيام يعين المسلم على هذا ، ويساعده على تجاوز الضعف البشري أمام هوى النفس ورغباتها ؛ فيعطي الصائم ثقة في نفسه أنه - بعون الله تعالى - قادر على ضبط زمام الهوى ، وكبح جماح النفس ، ليس في الامتناع عن المحرمات من أكل الحرام ، أو الزنا ، أو شرب المسكر والدخان والمخدرات ، أو قول الزور والظلم والفحش فقط ، بل الامتناع عن الحلال بقول المؤذن عند الفجر : ( الله أكبر ) وإلى أن يقول عند المغرب ( الله أكبر ) ، ليستقر في أعماق كل مسلم ومسلمة أنه مازال إنساناً يحمل فطرة نقية ، ونفساً تستطيع - بعون الله تعالى - أن تتغير وتزكو بطاعة ربها ؛ إنها تمسك عن بعض الحلال لأمر ربها ؛ فيجب أن تكون أبعد عن الحرام والشبهات لأمر ربها أيضاً ؛ وفي ذلك - بلا ريب - صلاحها وزكاتها .
وليس من نافلة القول - هاهنا - أن نقول أيضاً : إن للدعاء أثر عظيم في تزكية النفوس ؛ وإن لرمضان خصوصية بالدعاء ؛ وقد كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( اللهمّ آتِ نفسي تقواها ، وزكها أنت خيرُ من زكاها ، أنت وليّها ومولاها ) (2)
------------
1- جزء من حديث رواه أحمد : 2/ 373 ، والنسائي في الكبرى (3249 ) ، وابن ماجة (1690 ) ، والحاكم (1571 ) وصححه على شرط البخاري ؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ؛ وانظر إحياء علوم الدين : 1/ 279 ( دار الفكر ).
2- جزء من حديث رواه أحمد : 4/371 ، ومسلم (2722 ) وغيرهما عن زيد بن أرقم .
-----------
من كتاب : ( من وحي رمضان ) الموضوع : الصيام وتهذيب النفس ~ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
الجنه تنادينيالاشراف العام
تاريخ التسجيل : 16/05/2010
| موضوع: رد: الصيام وتهذيب النفس ~ الجمعة 24 يونيو 2011 - 1:53 | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم بلغنا رمضان واعنا على الصيام والقيام
جميل جدااا ما قدمتي اخيتي في ميزان حسناتك ان شاء الله الموضوع : الصيام وتهذيب النفس ~ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: الجنه تناديني توقيع العضو/ه:الجنه تناديني | |
|
|