قال
تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ
اللَّـهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا
يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ} [فاطر: 5].
أخية:
احذري الدنيا فإنها عدو متلون ناعمة الملمس، وفي باطنها السم الزعاف:
إذا امتحن الدنيا لبيبٌ تكشَّفت *** له عن عدو في ثياب
صديق
وقال آخر:
ومن يأمن
الدنيا يكن مثل قابض *** على الماء خانته فروج الأصابع
قال أبو العتاهية: "إن الشقي لمن غرته دنياه".
أُخية:
إن طالب الدنيا يعيش في ذلة، ومهانة، واستكانة، وحقارة؛ فطالب الدنيا
أسيرٌ لرغباته وشهواته، ونزواته.
كلما شبع من نزوة أتته أخرى وهكذا.
والنفس راغبة إذا رغبتها *** وإذا ترد إلى قليل تقنع
أصبح
عبدًا لنفسه التي رضخت لهذه الدنيا فأصبح من سبي العدو.
قال
الحكيم:
كفلت لطالب الدنيا
بهمٍّ *** طويل لا يؤول إلى انقطاع
وذلك في الحياة بغير عز *** وفقــر
لا يدل على اتساع
وشغل ليس يعقبه فراغ *** وسعي دائم من كل ساع
أخية:
تقول عائشة رضي الله عنها: "أن الشهر يأتي والشهر والشهران وما أوقد في
بيت آل محمد نارٌ"، وكانت حجراته في قمة التواضع.
حتى أن كثيرًا من
النساء ربما يستنكفن من بيوت في هذه الأزمنة، ربما تكون في ذلك الزمن
قصورًا.
وما ذاك إلا لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف حقيقة الدنيا
وأنها حجر عثرة على الطريق إلى الآخرة، فلذلك كان زاهدًا فيها.
أخية:
الدنيا جميلة ساحرة، تسحر القلوب والأبصار، وهذا من تمام الابتلاء
والاختبار.
«الدنيا حلوة خضرة، وإن الله تعالى
مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء»
[رواه مسلم].
التنافس المذموم
والتنافس المحمود على لذائذ هذه الدنيا التي لا تساوي جديًا أسكا ميتًا.
فوالله
للدنيا أهون على الله من هذا أي الجدي الأسك، بيد أن الغرور يعمي ويصم عن
حقيقتها الزائفة.
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ
بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ
وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا} [الكهف: 45]. هشيمُ تسفه الريح وكأن شيئًا لم يكن.
التنافس
العجيب فيما يخص المرأة المسلمة اليوم ما هو إلا دليل على أنها بلغت
مبلغًا عظيمًا في انغماسها في هذهالدنيا،
أخية هذه الدنيا مزينة في القلوب.
قال تعالى: {زُيِّنَ
لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ
وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ
الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا ۖ وَاللَّـهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14].
فمن
مستقل، ومستكثر.
فأما المستقل فهو
الذي أخذ حاجته التي تعينه إلى الآخرة ولم تكن حجر عثرة في طريقه.
وأما
المستكثر: فهو ذلك الذي انغمس، والتهى، ومن ثم ضل عن رحلته الحقيقية.
إن
الإسراف في تلبية الرغبات عن كثير من النساء، ما هو إلا مؤشرٌ على حب هذه
الدنيا، وبالمقابل الإحجام عن البذل والإِنفاق في سبيل الله، اللهث وراء كل
جديد، ومتابعة آخر صرخات (الموضة) أصبح ذلك سمة ظاهرة عند نساء المؤمنين،
واللاتي من المفترض أن يكن مثالًا للرزانة، والرجحان.
أخية تأملي
هذا الحديث العجيب يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما
الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالًا وعلمًا فهو يتقي ربه فيه ويصل به
رحمه، ويعلم لله فيه حقًا فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علمًا ولم
يرزقه مالًا فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان فهو
بنيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالًا ولم يرزقه علمًا يخبط في ماله
بغير علم، لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًا، فهو
بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا فهو يقول: لو أن لي
مالًا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فوزرهما سواء» [أخرجه الترمذي
وسنده صحيح].
أخيَّة أي الطريق ترغبين التوجه إليه.
فالسلامة في
الطريق الأول والثاني حيث جمعتهما النية الصادقة، وأما الثالث والرابع فهما
إلى الشقاء.
أُخيَّة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» [رواه مسلم].
ولا
تجتمع جنة الدنيا وجنة الآخرة، فمن أرخى الزمام عن شهواته في هذه الدنيا
ولم يراع تلك القيود الشرعية، فلا شك أنه سيهلك في الدنيا والآخرة.
ستهلكه الدنيا؛ إذ الدنيا كالنار في حقيقتها، وفي ظاهرها ضوء
وبريق يخطف أبصار تلك الفراشات المخدوعة، فتتسارع تلك الفراشات في التهافت
في هذه النار، كذلك كثير من الناس أمام هذه الدنيا؛ يتهافتون في أحضانها،
وليس هناك يقظة إلا على عتبات الآخرة، ولكن بعد فوات الأوان.
الموضوع : الدنيا متاع الغرور المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya