الحمد لله رب
العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن
الزواج بين العيدين في شوال أو بعده مشروع ، وليس بمحرم , كما أنه مشروع
في أي وقت ، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم في شوال ، ولذلك استحب بعض
الفقهاء الزواج في شوال .
والتشاؤم بالزواج بين العيدين لا يجوز للمسلم
، وهو ذنب تجب التوبة منه ، وقد يكون ما يحدث لمن يتزوج في هذه الفترة من
مكروه وهو متشائم ؛ بسبب تشاؤمه, مع العلم أنه لا يجوز التشاؤم بشكل عام ,
لأن الطيرة والتشاؤم من الشرك والعياذ بالله فقد جاء في الحديث عن ابن
مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الطيرة شرك الطيرة
شرك ) . [ رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وقال : حسن صحيح ورواه
الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من
ردتـه الطيرة عن حاجته فقد أشرك ) . قالوا : فما كفارة ذلك ؟ قال : ( أن
تقول : اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك ) . [ رواه
أحمد وابن السني وإسناد ابن السني صحيح ] .
وجاء في حديث أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال
: ( لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ ) . [ رواه
البخاري ، والتطيّر هو التشاؤم ] .
وهذه عادة جاهلية ترد على بطلانها
السيدة عائشة رضي الله عنها بهذا الحديث , فقد كانوا يتطيرون أي يتشاءمون
من شهر شوال , ولذلك كانت الجاهلية تكره التزويج فيه لما فيه من معنى
الإشالة والرفع، إلى أن جاء الإسلام بهدم ذلك , قالت عائشة رضي الله عنها
فيما ثبت في صحيح مسلم (1423 ) : " تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في
شوال ، وبنى بي في شوال ، فأي نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى
عنده مني ؟ قال : وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال " .
قال
النووي في ( شرح صحيح مسلم 9/209 ) : " فيه استحباب التزويج والتزوج
والدخول في شوال ، وقد نص أصحابنا على استحبابه ، واستدلوا بهذا الحديث ،
وقصدت عائشة بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه ، وما يتخيله بعض العوام
اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال ، وهذا باطل لا أصل له ،
وهـو من آثار الجاهلية ، كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الإشالة
والرفع ".
وجاء في ( سنن الدارقطني 3/283 ) : " عن عبد الله بن أبي بكر
بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم
أم سلمة في شوال وجمعها في شوال وقال : ( إن شئت أن أسبع عندك وأسبع ثم
صواحباتك وإلا فثلاثتك ثم أدور عليك في ليلتك ) قالت : بل ثلث لي يا رسول
الله " .
قال في ( تحفة الأحوذي 4/182 ) : " وقال ملا علي القاري في (
المرقاة ) : قيل إنما قالت هذا رداً على أهل الجاهلية فإنهم كانوا لا يرون
يُمناً في التزوج والعرس في أشهر الحج .
وقال العلامة ابن القيم
الجوزية في ( مفتاح دار السعادة ) : " وقد كانت عائشة أم المؤمنين رضي الله
عنها تستحب أن تتزوج المرأة أو يبنى بها في شوال وتقول : ( ما تزوجني رسول
الله إلا في شوال ، فأي نسائه كان أحظى عنده مني ) مع تطير الناس بالنكاح
في شوال ، وهذا فعل أولى العزم والقوة من المؤمنين الذين صح توكلهم على
الله ، واطمأنت قلوبهم إلى ربهم ، ووثقوا به، وعلموا أن ما شاء الله كان
وما لم يشأ لم يكن ، وأنهم لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم , عالمون أنه لا
طير إلا طيره ، ولا خير إلا خيره ، ولا إله غيره ، ألا له الخلق والأمر
تبارك الله رب العالمين " .
الخلاصة :
ومهما يكن من شيء فلا ينبغي
التشاؤم بالعقد في أي يوم ولا في أي شهر، لا في شوال ولا في المحرّم ولا في
صفر ولا في غير ذلك ، حيث لم يرد نصٌّ يمنع الزواج في أي وقت من الأوقات
ما عدا الإحرام في الحج والعمرة .
إن الشهور والأيام كلها – في نظر
الإسلام – ترحب بالزواج لأنه شعيرة من شعائر الدين وسنة من سنن رسوله
الكريم صلى الله عليه وسلم ومن تزوج فقد أحرز شطر دينه وطوبى لمن أحرز شطر
الدين , ثم فليتق الله في الشطر الآخر.
وبهذا يتبين أنه يجوز الزواج
والدخول في شهر شوال وذي القعدة وذي الحجة والمحرم ولا حرج في ذلك ، ولا
يجوز التشاؤم من الزواج في هذه الأشهر .
والله تعالى أعلم
المجلس
الإسلامي للإفتاء
الموضوع : فتاوى: ما رأي الشرع في الزواج بين العيدين ؟ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya