أمّا بعد أن يعي الطالب الاعمال
والمسؤوليات القيادية على مستوى الافراد والامم ويبدأ بالتفكير خصوصاً في
المرحلة الاعدادية والجامعية بمكانة كلّ أمّة وما جسدته من دور قيادي في
الماضي، وما هو المكان الطبيعي لكلّ أمّة في الحاضر والمستقبل . فإنّ أهم
الاسس والخطوط العريضة التي يجب أن يشاد عليها هيكل المنهج في كلّ أبوابه
وصنوف بحثه ومراحل دراسته، وبالطريقة المناسبة لوعي الطالب وإدراكه هي:
1
ـ العمل على ايجاد خط فكري عقائدي ملتزم يقوم على أساس العقيدة والمفهوم
الاسلامي في المجال القيادي . وذلك عن طريق تكوين ايديولوجية واضحة المعالم
تملا وعي الطالب ونشاطه الفكري .
2 ـ تنمية الروح القيادية عن طريق
تنمية روح الاستقلال الحضاري والقضاء على روح التقليد والتبعية، وذلك ببيان
الدور القيادي الذي قامت امتنا به في تأريخها البشري المشرق .
3 ـ
ايضاح التحديات التي تواجهها الامة الاسلامية، وتنمية روح المواجهة
بالاعتماد على النفس في دخول ميدان الحضارة كأمة قائدة مؤهلة للعطاء
والمشاركة .
4 ـ بيان الاسباب الحقيقية لتخلّف الامة الاسلامية وكبوتها
مقارنة مع تأريخ نكسات الامم وكيفية نهوضه . وقدرة الامة الحية ـ
الاسلامية ـ على تجاوز عقبات السقوط .
5 ـ العمل على ازاحة التشوية
القيادي لحضارتنا، واقتلاع اليأس والشعور بالنقص الذي دأب أعداء أمتنا على
ايجاده وزرعه في ذهن الجيل ونفسه .
6 ـ بيان مواطن القوة وامكانات
النهوض الكثيرة التي تتمتع بها أمتنا الإسلامية .
7 ـ القضاء على خرافة
تفوّق من تفوّق من الامم، وتخلّف من تخلّف الى الابد، بايضاح الخط البياني
لحركة التأريخ، وسير صعود الامم وهبوطه .
تلك أهم الافكار التي يجب
تأكيدها والاهتمام بها عند تخطيط المنهج ووضع أسسه العامة وأهدافه
النهائية، عندما يراد تخطيط منهج مدرسي للمجتمع الاسلامي الذي يأخذ على
عاتقه اعداد أجيال الامة، وتنقيح ذهنيتها على اساس من فلسفة الاسلام
التربوية .
ذلك لان الاسلام اراد للانسان المسلم أن يقوم بدور طليعي في
قيادة البشرية والسير بها في طريق الخير والمحبة والسلام، والوصول الى
مرضاة الله سبحانه، قال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف
وتنهون عن المنكر) وقال: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس
ويكون الرسول عليكم شهيداً) وقال: (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا
وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً) .
فمن هذه المفاهيم وغيرها
نجد أن الاسلام يريد ان يعد أمة قائدة رائدة في طريق الخير والحضارة
المدنية بما لديها من رسالة انسانية ومفاهيم خيرة ومنهج حياتي فلذلك كان من
الواجب على فلسفة التربية الاسلامية أن تواكب الخط الفكري العام والمفهوم
الشامل للاسلام، وتؤدي واجبها باعداد الاجيال وتربية أبناء الامة على هذا
الاساس
رأي علم النفس التربوي:
و للدكتور مصطفي ابو سعد
دكتور علم النفس التربوي و المدرب العالمي في البرمجة اللغوية العصبية و
المتخصص في المجال التربوي و الاسري حوار نافع في هذا الموضوع لاحدي
المجلات قال فيه انه من خلال الدراسات النفسية تبين لنا أن 90 % من شخصية
الطفل تتشكل في السنوات السبع الأولى،حيث تتشكل عند الطفل المفهوم الذاتي
الذي فيه التقبل والإدراك والقيم وهي أهم سنوات في عمر الإنسان على الإطلاق
.
و من الممكن تعليم الناس كيف ينظمون وقتهم ويتخذون القرارات
ويعتمدون على أنفسهم في سنوات متقدمة من العمر لكن تعليم إنسان تجاوز السبع
سنوات يحتاج إلى رغبة وليس من السهولة تشكيل رغبات داخلية، ونحتاج إلى
اتخاذ القرار أي أنه يريد التغيير ونحتاج إلى الفعل والمهارة والالتزام
والاستمرارية والطاقة والتوقع الإيجابي . لكن الطفل لديه كل هذه المقومات
في السبع سنوات الأولى، فلديه حب الفضول والاكتشاف، وكثرة الحركة تعبر عن
هذه الرغبة أنه يريد أن يتعلم أشياء كثيرة، ولديه القرار لأنه يريد أن
يعتمد على نفسه ويتعلم أشياء جديدة، وتوقعات الطفل كلها إيجابية .
إن
مهارة قوه الاستقلال و الاعتماد علي الذات تبدأ في السنتين الأوليتين من
عمر الطفل، فهو يريد أن يأكل بمفرده، وأن يلبس ملابسه دون مساعدة، وهذه
بدايات تشكيل مهارة، وهي الاعتماد على الذات . وأيضاً مهارة حل المشكلات،
فالطفل في هذا العمر يريد أن يحل مشكلته بنفسه، ويريد حل جميع المشكلات
التي تواجهه دون تردد وبأي وسيلة كانت ودون الاعتماد على الآخرين . وبعض
الآباء يخطئون حينما يركزون على أشياء يمكن تعلمها بعد السبع سنوات الأولى
مثل الحفظ، لا تشدد عليه كثيراً، اجعله يحفظ ما تيسر له من القرآن أو
الأحاديث والأدعية دون أن تركز عليه، لأن التركيز الأساسي يجب أن يكون على
تعلم المهارات، حيث يوجد الكثير من المهارات التي لا يمكن تعلمها إلا بهذه
السن، ومنها الجرأة والشجاعة والقدرة على اتخاذ القرار والثقة بالنفس
والصورة الإيجابية عن النفس والتقبل الذاتي، وهذه كلها من أقوى المهارات
التي تصنع القائد والإداري الناجح، لكن نحن لا نريد فقط إداريين، نريد قادة
وهذا هو المطلوب والأهم، لأن القائد هو من يرسم الأهداف ويضع الخطط
الاستراتيجية، أما المدير فهو يدير ويحقق أهداف مرسومة سلف .
أما
المرحلة العمرية من 7 إلى 18 سنة، ففيها تتشكل 10 % من شخصية الإنسان وهي
ليست قليلة، ففيها يمكن إعادة تشكيل شخصية الابن عن طريق الإقناع واللين
والتفاهم، ويمكن فيها كذلك تقويم شخصية الطفل بتعديل بعض الخصائص القابلة
للتعديل .
وهذا هو الشق الأول من بنيان شخصية الطفل وهو متى؟! .
أما الشق الثاني: وهو كيف؟ فهو كيف ينبغي أن أعلم ابني كيفية اتخاذ القرار؟
وكيف يؤمن بقيمة قوة اتخاذ القرار، والاستقلالية والاعتماد على الذات،
والأهم هو كيف أعلم ابني القيم، ومن الممكن أن أستغرق سنة كاملة في تعليم
ابني قيمة الوقت، وهذه بعض المفاهيم الهامة في قيمة الوقت: أهمية الوقت،
ماذا يعطيني الوقت، المحافظة على الوقت، سعادة احترام الوقت، أهمية احترام
وقت الآخرين، الوقت بالنسبة للمسلمين مهم جداً لأنه يدخل في عقيدة الإنسان
المسلم الناجح، الوقت كالسيف، الوقت جزء من حياتك إما يقودك إلى النجاح أو
إلى الفشل .
بعد القيم والمعتقدات التي يتم تعلمها في السنوات
الثلاث الأولى، ينتقل إلى السنوات الرابعة والخامسة، وفيها بناء الأحاسيس
والمشاعر، دع ابنك يحب الوقت، ويحترمه .
أعتقد أن السلوكيات السلبية
المنتشرة في عالمنا العربي هي بسبب المعتقدات، فيجب أن نؤمن أن الوقت ثمين
ويجب المحافظة عليه وعدم إضاعته، ثم يأتي دور السلوك وهو الدور الأسهل
والأبسط لأن الإنسان عندما يؤمن ويحب ويشعر بقيمة الوقت لن يضيعه في أي شيء
آخر تلقائياً، ويكون مبرمجاً على احترام الوقت وتنظيمه واستغلاله في خدمة
أهدافه وتحقيقها، لذا فالذين يدخلون دورات تنظيم الوقت، هم يأخذون جداول قد
لا تنفعهم لأنهم بالأساس لا يشعرون بقيمة الوقت .
وهذا المعنى العظيم
نفهمه من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فقد ظل عليه الصلاة والسلام مدة
(13) عاماً يبني القيم والمعتقدات والمشاعر وما كان يفرض على المسلمين
سلوكيات نهائياً، وحتى عندما فرضت عليهم الصلاة، كانوا يتعاملون بالربا
والخمر، ولم يكونوا مطالبين بدفع الزكاة، لأنه من الصعوبة أن تطالب الإنسان
بسلوك قبل أن تبني لديه القيم والمعتقدات، بعد فتح مكة قال النبي صلى الله
عليه وسلم لعائشة: "لولا أن قومك حديثي عهد بالإسلام لأمرت أن أهدم الكعبة
وأن أعيد بناءها مثل ما بناها إبراهيم" . أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
لذلك هناك القاعدة الأساسية: انتبه إلى أفكارك لأنها تتحول إلى
قيم، وقيمك تتحول إلى معتقدات، والمعتقدات تتحول إلى مشاعر حب وأحاسيس
والتي بدورها تتحول إلى سلوكيات تحدد مصيرك . إذاً الذي يحدد مصير الإنسان
في الواقع هي الأفكار .
فالفكرة إذا أعطيتها طاقة أصبحت قيمة، والقيمة
إذا فكرت بها وتبنيتها أصبحت معتقد، والمعتقدات تولد الحماس والمشاعر،
والمشاعر ينتج عنها سلوكيات .
و لكن يجد الأهل أنفسهم احيانا امام لغز
محير و هو كيف يوفقون بين القيم و المهارات المختلفه . مثال لذلك ان نعلم
الطفل قرأه كتاب بمفرده و في الوقت نفسه نعلمه مشاركه الاخرين و الاختلاط
بهم . الحل لذلك
هو التوازن، بين الانطواء والتقوقع من جهة، وبين
الشللية والجماعات، من جهة أخرى، فيجب على الطفل أن تكون لديه مهارات
اجتماعية للتواصل مع الآخرين وكذلك مهارات ووقت للتأمل الذاتي والقراءة
والتفكير والاسترخاء، وهذه من سمات الناجحين، أي أن تكون لديه لحظات اختلاء
مع الذات، دع ابنك لوحده دون إزعاج حتى ولو لبضع دقائق، وكذلك كان أعظم
القادة والعظماء وهم الرسل، فقد كان إبراهيم الخليل عليه السلام يتأمل في
النجوم يومياً، وموسى عليه السلام ذهب إلى جبل الطور وكان يتأمل، ومحمد صلى
الله عليه وسلم اختلى في غار حراء، وكان يقضي الليالي يتأمل وهناك نزل
عليه الوحي .
لكن من المهم إبعاد الطفل قدر المستطاع عن ألعاب
الكمبيوتر والسيغا والبلاي ستيشن، لأنها تعلم الطفل الاتكالية والسهولة في
الحياة، كل شيء بضغطة زر، وكذلك تؤصل العنف والإحباط الذاتي، لأن الطفل
يصنع لنفسه بطلاً بضغطة زر، فإما أن يقتل أو يفشل، لهذا فألعاب الكمبيوتر
أخطر من التلفزيون، لأنها تعلم الطفل العنف والإحباط والفشل . غير أن
الأطفال مصرون دائماً على ممارسة هذه الألعاب المثيرة!! والحل هو أن لا
أحرمهم من هذه الألعاب بتاتاً، لكن بحدود ضيقة وبأوقات محدودة وأنواع من
اللعبات معينة، ثم علينا أن ننمي الهوايات لدى الطفل مثل الرسم والفك
والتركيب والنادي العلمي أو التعامل مع الآخرين، وأن أهيئ لهم الصحبة
الصالحة التي تزيد من طموحهم ومناقشاتهم، ومنافسة أقرانهم .
وكذلك
علينا أن ننمي لدى الطفل قيمة الهدف الجماعي، يجب أن نعلم الطفل أننا كلنا
نحقق الهدف، ونكمل الدور الذي بدأه شخص آخر، وهي قيمة مهمة جداً لأنها إحدى
القيم الأساسية لدى الفتى القيادي، ويجب أن تكون لدينا لجان تهتم بتنشئة
الفتى القيادي، وفي الكويت بدائل كثيرة ولجان مهتمة بالفتى والفتاة
القيادية، وهي من الإبداعات التي نحمد الله عليها، فأشخاص مثل الدكتور طارق
السويدان في المركز القيادي لتدريب الفتيان والفتيات ولجنة الصحبة الصالحة
والنشء المسلم ومراكز الشباب والمراكز الكشفية والنادي العلمي والأندية
الرياضية كلها بدائل تتيح الفرصة المناسبة لبناء القادة ذوي الذكاء العاطفي
والبنية النفسية السليمة المبدعة .
اما عن مرحله اختيار الطفل لتخصصه
ومستقبله العملي فتكون من خلال تنمية المهارات والهوايات وهذا بعد سن 14-15
سنة، فيجب أن نساعده على اختيار تخصص يتناسب مع طبيعة شخصيته، لكن ليس من
الضرورة أن تكون مهنة للعمل به . مثلاً الشخصية الاجتماعية ذات العلاقات
العامة لا يمكن أن يعمل في مهنة تتطلب الانفرادية مثل العمل كصائغ برامج في
الكمبيوتر . ولدى الدكتور طارق السويدان دورة تخصصية هي صناعة كيف تختار
تخصصك، وهي من أقوى الدورات وأنفعه .
و هناك نقطه هامه يخطأ في فهمها
كثير من الاهل و هل ان الطفل ذو الذكاء العالي يجب ان يكون من ذوي الدرجات
العاليه في الدراسه و نقول انه فكر خاطئ . صحيح انه هناك علاقة بين الذكاء
العقلي والتحصيل الدراسي لكنهما لا يصنعان من الشخص إنساناً ناجحاً لذا فإن
الذكاء العاطفي يصنع منك القائد والزعيم، وهذا يتماشى مع النظرة
الإسلامية: (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)، وفي
الحديث: (وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله) وهذا هو الذكاء
العاطفي الوجداني، وهو أقوى من الذكاء العقلي . إن كثيراً من عباقرة
البشرية كانت لهم عقبات في التعلم مثل: آينشتاين ودافنشي وإديسون وروزفلت،
قد طردوا من المدرسة وقيل عنهم أغبياء، لكنهم كانوا أذكياء وعباقرة، ودرجة
ذكائهم تجاوزت 140 درجة، وهناك نوع من الصعوبات التي تواجه بعضاً من هؤلاء
مثل العسر القرائي ومعدل المصابين به 4-10 % .
والقراءة مهمة جداً،
وعلى الآباء أن يجهزوا غرفة تكون مكتبة للقراءة وبجو مناسب يساعد الطفل على
القراءة والتفكير .
اما عن دور المدرسة فهي أحد المبرمجين الأساسيين
للطفل وتعطيه معلومات عن الحياة وتشكل جزءاً من شخصية الطفل، وعلينا متابعة
أبنائنا في المدرسة من خلال سؤال المدرسة ومراجعتها ومراجعة الأخصائي
الاجتماعي وحضور مجالس الآباء، لكن يجب علينا أولاً أن نحصن أبناءنا عن
طريق المعتقدات والمبادئ، ولا نقدمهم للمدرسة كالوعاء الفارغ، وعلى كل منا
أن يتحمل مسؤوليته تجاه أبنائه .
الموضوع : كيف تربى اولادك ليكونوا قاده المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya