إن
الله تبارك وتعالى مدح العلم فى آيات كثيرة من كتابه الكريم وبيَّن أن
العلماء لهم فضلٌ على غيرهم، وأنهم مصابيح هذه الأمة قال تبارك وتعالى:
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر28] وقال
أيضًا: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ
وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ} [آل عمران18] وقال صلى الله
عليه وسلم : "مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي
الدِّينِ"(1) وقال أيضًا: "إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ
الْأَنْبِيَاءِ"(2).
ولما كان العلم والعلماء بهذه المنزلة العالية
الرفيعة من ديننا, دأب اليهود والنصارى على وضع الخطط التى من شأنها صرف
المسلمين عن دينهم وعلمائهم.
وفى البلاد التى استعمروها وضعوا
الأبحاث والتقارير التى تحلل المسلمين وتعاملاتهم مع غيرهم فوجدوا أن
المسلمين يتميزون بصفات منها:
1- أنهم متمسكون بالقرآن الكريم؛ لأنه
كلام الله وشريعته إليهم، يتأثرون به ويتلونه آناء الليل وأطراف النهار.
2-
متمسكون ببعضهم البعض لا فرق بين أبيض وأسود ولا فرق بين غنى وفقير وأن
الكريم فى ملتهم هو المتقي: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ
أَتْقَاكُمْ} [الحجرات13].
3- متمسكون بالعلماء الذين يقرءون القرآن
ويفهمونه ويتدبرونه ويعلمونه للأمة؛ لتسير بخطى ثابتة نحو التقدم والرقي:
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة11].
وقد وضعوا الخطط للقضاء على هذه
الثلاث:
أما الأولى فلم يستطيعوا إليها سبيلاً، وقد حاولوا مرات كثيرة
محو القرآن من الصدور وحرقه وتحريفه وتشويه معالمه، يقول جلادستون(3): (إنه
ما دام هذا الكتاب –يعني القرآن- باقيًا في أيدي المسلمين فلن يستقر لنا
قرار في تلك البلاد) والحمد لله باءت محاولتهم بالفشل؛ لأن الله تعالى تكفل
بحفظ كتابه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ
لَحَافِظُونَ} [الحجر9].
أما الثانية فقاموا بعمل حواجز وحدود وهمية
تفصل المسلمين بعضهم عن بعض وتجعلهم يقتتلون فيما بينهم(4)، كما قاموا ببث
بعض الأفكار التى من شأنها أن تفرق المسلمين، وتحولت هذه الأفكار إلى مناهج
تُدرس مثل الوطنية والقومية, والله يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ} [الحجرات10], وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يحكم من المدينة
أكثر من ثنتين وعشرين دولة, ويقول الشاعر:
بالشام أهلى وبغداد الهوى
وأنا *** بالرقمتين وبالفسطاط إخوانى(5)
وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ
*** عددت ذاك الحمى من صُلب أوطانى
وأما الثالثة فقد قاموا
بحملة مسعورة مستترة استعملت فيها كل أفانين الدعاية والإشاعة وأساليب علم
النفس والاجتماع؛ لتشويه سمعة العلماء حتى تكرههم الأمة وترفض الائتمار
بأمرهم أو التأثر بعلمهم وتكاتفت جهود الصليبية واليهودية ومن تبعهما
للإجهاز على سمعة علماء الشريعة فى قلوب أبناء الإمة، ولم يأبه العلماء
لهذه الحملة فى بادئ الأمر ولا عامتها ولكنها على مر السنين آتت أكلها
الهدامة، وأفاقت الأمة الإسلامية على جيل جديد له نظرة جديدة، جيل آمن بأن
العلماء غير صالحين لقيادة ركب الحياة.
قوم رجعيون, جامدون,
متخلفون, متعفنون, رجال دين يشبهون كهنوت النصارى, أصبح هذا الجيل يرفض
تمامًا فكرة العلماء والانصياع لهم كما أراد أعداء الإسلام له, وتكاتف مع
أعدائنا للوصول إلى هذه الغاية وسائل إعلامنا التي أظهرت العلماء والصالحين
في أشكال منفرة، وهذه بعض مظاهرها:
الموضوع : عَوْدَةُ ثِقَةِ المُسْلِمِينَ في العُلَمَاءِ والصَّالِحِيْنَ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya