توسعات
الحرم المكي عبر العصور
(1) عصر الرسول صلى الله عليه وسلم :
بعد
أن فتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة أزال ما كان على الكعبة من أصنام،
وكان يكسوها ويطيـبـها، ولكنه لم يقم بعمل تعديل على عمارة الكعبة وما
حولها كما لم يرجع الكعبة إلى سابق عهدها في أيام سيدنا إبراهيم عليه
السلام خشية من الفتنة؛ لأن قومه كانوا حديثي عهد بالإسلام، لكن كانت أهم
الأحداث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم هو توجيه القبلة بأمر من الله
إلى المسجد الحرام.
يقول تعالى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي
السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ
شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا
وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (البقرة: الآية 144).
(2) ظل المسجد الحرام
على حاله طوال خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- دون تغيير.
(3)
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وفي العام السّابع الهجري:
استشعر مدى الحاجة لهذه التوسعة حين رأى الزّيادات المطّردة في عدد
الحُجّاج الذين يفدون للطّواف حول الكعبة المشرّفة سنويًّا، وعجز المطاف عن
استيعاب تلك الزّيادات، فقام بشراء البيوت المجاورة للمسجد، ووسّع بها
ساحة المطاف وجعل لها أبوابًا يدخل الحجّاج والمعتمرون منها للطّواف حول
الكعبة المشرفة.
(4) في زمن، عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كثر
الناس فوسع المسجد، وكانت هذه الزيادة سنة ست وعشرين للهجرة، كما بنى -رضي
الله عنه- للمسجد أروقةً؛ فكان ذو النورين أول من بنى أروقة للمسجد الحرام.
(5)
في عهد عبد الله بن الزّبير عام 64 هـ أجريت زيادة كبيرة على المسجد طالت
جهاته الشّرقية والجنوبيّة والشّمالية، كما قام بسقف المسجد ودعمه بأعمدة
من الرّخام، وبذل أموالًا طائلةً في شراء بعض البيوت المحيطة به، التي ضمّ
أرضها لساحة المسجد، وقد بلغت التّوسعة التي أجراها نحو 4050 مترًا
مسطّحًا.
(6) في عهد عبد الملك بن مروان وتحديدًا في سنة 75 هـ أجرى
الخليفة الأمويّ عبد الملك بن مروان عمارةً في المسجد الحرام دون أن يحدث
أيّ زيادة في مساحته، لكنه قام برفع جدران الحرم، وسقفه بالسّاج، ووضع على
رأس كلّ أسطوانة خمسين مثقالًا من الذّهب.
(7) في عهد ابنه الوليد
بن عبد الملك تم لأول مرة نقل أساطين الرخام (أعمدة الرخام) من مصر والشام
إلى مكة على العجل، وزاد في مساحة المسجد الحرام من الجهة الشرقية رواقًا
دائرًا على حافتـه، وقد بلغت هذه التوسعة نحو 2300 متر مربع، وكان الوليد
بن عبد الملك هو أول من آزر المسجد بالرخام من داخله، كما أهدى إلى الكعبة
المشرفة هلالين وسريرا من ذهب.
(:lol!: في عهد الخليفة المنصور زاد الخليفة المنصور في مساحة المسجد
الحرام، وأصلح في عمارته، وقد تمثّلت هذه الزّيادة في إقامة رواق واحد
ينفذ على صحن المسجد الحرام، كما بنى الخليفة المنصور مئذنة في ركن المسجد
الشمالي الغربي عُرفت باسم "مئذنة بني سهم".
أما عن شكلها فقد كان
الجزء الأسفل مكعبًا، أما الجزء العلوي فهو أسطواني يعلوه خوذة المئـذنة،
وبهذه الزّيادة التي بلغت نحو 4700 متر مربع، التي انتهت عام 140 هـ؛ وبذلك
تكون مساحة المسجد بلغت ضعف ما كانت عليه في المرحلة السّابقة عنها.
(9)
أعقب الخليفة محمد المهـدي العبّاسي العمارة السابقة بعمارتين كبيرتين:
الأولى جرت عام 160 هـ، وأكمل بها عمارة أبيه الخليفة أبو جعفر المنصور؛
حيث وسّع المسجد الحرام من الموضع الذي انتهى إليه والده في الجانب
الغربيّ، كما وسَّعه من أعلاه ومن الجانب اليماني. وقد بلغت هذه الزيادة
7950 مترا مسطحًا.
أما العمارة الثّانية: فقد جرت بعد أن قدم المهدي
للحج عام 164هـ، وساءه أن يرى العمارة الأولى التي أمر بإجرائها لم تجعل
المسجد مربعًا وتتوسّطه الكعبة المشرفّة، فأمر المهندسين بتدارك الأمر
وإجراء التعديلات والتوسيعات اللازمة، واشترى الدور المجاورة، وأنفق أموالا
طائلة حتى تحقّق له ما أراد، وانتهت هذه العمارة في عهد ابنه موسى الهادي
بعد أن توفاه الله.
وقد بلغت هذه الزيادة نحو 2360 مترًا مربعًا،
وكان عدد الأعمدة وقتها أربعمائة وأربعة وثلاثين عمودا، وكان عدد الأبواب
في المسجد أربعة وعشرين بابًا، وأصبح للمسجد أربع مآذن في أركانه الأربعة.
(10)
في عهد المعتضد بالله تم إضافة دار النّدوة إلى المسجد الحرام ودُعِّم هذا
الجزء بأساطين وطاقات وأروقة مسقّفة بالساج المزخرف، وأُوصلت بالمسجد
الحرام عن طريق اثني عشر بابا فُتحت في حائط المسجد. وبلغت هذه الزّيادة
1250 مترًا مربعا.
(11) في عام 306هـ أجرى المقتدر بالله العبّاسي
زيادة أخرى بلغت 850 مترًا مربعًا؛ حيث كانت هناك ساحة تقع بين بابين من
أبواب المسجد الحرام: أحدهما يسمّى باب "الخياطين" أو باب "الحزوة"،
والثاني يسمّى باب "جمح"، وكانت أمام هذه السّاحة داران لزبيدة أمّ الخليفة
الأمين. وقد ضمت تلك المساحات جميعها للمسجد الحرام.
(12) في سنة
803هـ شبّ حريق كبير في المسجد الحرام دمّر الجانب الغربيّ منه، وأصاب
أيضًا الجانب الشّمالي الذي استمرّ الحريق فيه إلى أن أتى على سقوف المسجد
وأعمدته الرّخامية، ووصل إلى أسطوانتين هدمهما السّيل العظيم الذي داهمهما،
وأسقط ما عليهما من الأعمدة والسّقوف.
وحين علم السّلطان أبو
السّعادات زين الدّين فرج برقوق بذلك قام بإصلاح ما أتلفه الحريق، وأعاد
بناء المسجد الحرام إلى ما كان عليه، دون إضافة أيّ زيادات على مساحته.
(13)
في سنة 815هـ قام قاضي مكّة جمال الدّين محمد بن عبد الله بن ظهيرة بتعمير
أجزاء من المسجد وإصلاح سقفه.
(14) في سنة 825 هـ أجرى الأمير زين
الديّن برسباي عمارة كبيرة للمسجد الحرام بعد أن أصاب التّلف والتّشقّق
جدرانه وأعمدته وأبوابه وسقفه، وقام بتشييد عشرات العقود وتجديد الأبواب
والسّقوف في مبنى المسجد.
(15) في سنة 882 هـ بنى السلطان قايتباي
سلطان مصر أوّل مدرسة تدرس فيها المذاهب الأربعة، واشترى بعض الدّور
المحيطة به، وأقام فيها مجمّعًا كبيرًا يشرف على المسجد الحرام والمسعى
واشترى مكتبًا ومنارةً.
(16) في الفترة الواقعة ما بين 981 - 984 هـ
أجرى السّلطان سليم عمارةً شاملةً للمسجد بعد أن أصاب الخراب بعض أروقته
وبرزت رؤوس أخشاب سقوفه، فاستبدلت بالسقوف الخشبيّة القباب التي أقيمت على
دعامات قويّة من الحجر وأساطين الرّخام.
وقد توفّي السّلطان سليم
قبل إتمام تلك العمارة، فتولّى ابنه السّلطان مراد خان الرّابع إتمامها.
وكانت هذه العمارة بمثابة تجديد كامل للمسجد منذ عمارة الخليفة المهدي
العبّاسي التي انتهت عام 164 هـ .
(17) تزايد أعداد المسلمين حيث
اتسعت خلال الفترة رقعة العالم الإسلامي لتشمل بلادًا وشعوبًا جديدة في
أفريقيا وآسيا، فضلا عن التطور الهائل الذي شهده العصر الحديث في وسائل
المواصلات التي اختصرت المسافات وقاربت ما بين البلدان، كل ذلك أدى إلى
مضاعفة أعداد حجاج بيت الله الحرام؛ وهو ما أظهر مدى الحاجة إلى توسعة
المسجد الحرام لاستيعاب المصلين.
(18) في عهد الملك سعود -رحمه
الله- تمت توسعة شاملة لبيت الله الحرام وعمارته في ثلاث مراحل شملت إزالة
المنشآت السكنية والتجارية التي كانت مجاورة للمسعى، وكذلك إزالة المباني
التي كانت قريبة من المروة، وإنشاء طابق علوي للمسعى بارتفاع تسعة أمتار مع
إقامة حائط طولي ذي اتجاهين، وتخصيص مسار مزدوج يستخدمه العجزة الذين
يستعينون بالكراسي المتحركة في سعيهم مع إقامة حاجز في وسط المسعى يقسمه
إلى قسمين لتيسير عملية السعي.
كما أنشئ للحرم 16 بابًا في الجهة
الشرقية (ناحية المسعى)، كما تمّ إنشاء درج ذي مسارين لكلّ من الصّفا
والمروة؛ خصّص أحدهما للصّعود والآخر للهبوط. كما أنشئ مجرى بعرض خمسة
أمتار وارتفاع يتراوح ما بين أربعة وستة أمتار لتحويل مجرى السّيل الذي كان
يخترق المسعى ويتسرّب إلى داخل الحرم، كما تم توسعة منطقة المطاف على
النّحو الذي هو عليه الآن، كما أقيمت السّلالم الحاليّة لبئر زمزم.
وكان
المطاف بشكله البيضاويّ يبدو وكأنّه عنق زجاجة؛ الأمر الذي كان سببًا في
تزاحم الطّائفين حول الكعبة المشرّفة. وقد زال هذا الوضع بعد إجراء توسعة
المطاف.
كذلك جرت وفق هذه التّوسعة إزالة قبّة زمزم التي كان
يستخدمها المؤذّنون الذين أنشئ لهم مبنى خاص على حدود المطاف إضافة لبعض
التطويرات العديدة، وأصبحت مساحة مسطحات المسجد الحرام بعد هذه التوسعة
193000 متر مربع بعد أن كانت 29127 مترًا مربعًا؛ أي بزيادة قدرها 131041
مترًا مربعًا.
وأصبح الحرم المكي يتسع لحوالي 400000 مصلٍ، وشملت
هذه التوسعة ترميم الكعبة المشرفة وتوسعة المطاف وتجديد مقام إبراهيم -عليه
السلام-.
(19) في عهد الملك فيصل -رحمه الله- تم الإبقاء على
البناء العثماني القديم، وتم عمل تصاميم العمارة الجديدة بأفضل أساليب
الدمج التي تحقق الانسجام بين القديم والجديد. وما زال البناء الحالي يجمع
بين التراث والمعاصرة.
الموضوع : المسجد الحرام المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya