El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: لا ترتدوا على أدباركم الجمعة 7 أغسطس 2009 - 9:49 | |
| لا ترتدوا على أدباركم
جزء من محاضرة الشيخ محمد صالح المنجد
الانحراف عن صراط الله المستقيم وجد في عهد أنبياء الله ورسله كما وجد في عصرنا هذا مع الفارق الكبير في صورته وعدد المنحرفين ...، وقد وجدت كثير من الأسباب المؤدية لهذا الانحراف؛ سواء كانت من الشخص نفسه، أو من فساد بداية الاستقامة، أو من الجو المحيط بهذا الشخص.
أقسام الفتور الذي يصيب الإنسان:
القسم الأول: منه ما يكون ضعفاً شديداً جداً يخرجه عن ملة الإسلام فيصبح مرتداً؛ وهو أسوء الأنواع. القسم الثاني: يخرج المسلم من دائرة الاستقامة -يكون مستقيماً ملتزماً بشرع الله- إلى دائرة الفسق، فيصبح فاسقاً فاجراً، لكن لا يزال في دائرة الإسلام. القسم الثالث: نوع أخف من النوعين السابقين بكثير وهو: الفتور الذي يصيب المسلم. وهذا الفتور إن كان المسلم في حالة فتوره لا يرتكب المعاصي، أي: هذا الفتور لا يؤدي به إلى ترك الواجبات وفعل المعاصي فإنه لا يزال بخير؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى). أي: إذا صار الفتور إلى درجة يلتقي بالمحرمات أو يترك الواجبات فهو على خطر، لكن لو فتر بشيء بسيط -لأن الإيمان يزيد وينقص- ونقص إيمانه قليلاً لكن لا يزال في دائرة الإسلام والإيمان والتقوى، ولم ينزل إلى دائرة الفسق، فهذا فتور مقبول؛ لأن الإنسان إيمانه يزيد وينقص، ولا يتوقع أننا كلنا نبقى في حالة إيمانية واحدة؛ لأننا ونحن في مجلس الذكر نختلف عندما نخرج -مثلاً- نشتري الأشياء من السوق، أنت فكر في نفسك، عندما تخرج مثلاً من هنا أو من أي مكان فيه حلقة ذكر ثم تدخل السوق تشتري أشياء والمناظر أمامك، هل تكون في نفس الحالة الإيمانية؟ لا.
النكوص الحاصل بين صفوف الملتزمين:
سوف نتكلم في هذا الدرس عن موضوع النكوص الذي ينزل الإنسان من دائرة التقوى إلى دائرة الفسق، والانحراف الذي يجعله يرتكب بعض المحرمات أو يترك بعض الواجبات. الآن الذي يدقق في الواقع يرى أن هناك بعض الأشخاص قد هداهم الله سبحانه وتعالى في فترة من الفترات وزمن من الأزمان، وبعد فترة من الزمن تغيرت أحوالهم، شخص كان مستقيماً ملتزماً بشرع الله، ثم تفاجئ بعد فترة من الزمن وقد تغير شكله، وترك المظهر الإسلامي، ووقع في بعض المحرمات، وهو تارك الآن لبعض الطاعات، تغيرت أحواله .. هذه الحالة موجودة، لكن هل أصبحت ظاهرة؟ هل هي منتشرة جداً بحيث أنك ترى يومياً أشخاصاً كثيرين جداً ينتقلون من معسكر الهداية إلى معسكر الفسق؟ نسأل الله ألا تكون الأحوال بهذه الصورة. وهناك أشياء تطمئن، وهي: أن الذين استقاموا على الدين أكثر من الذين نكصوا عنه، والذين دخلوا فيه أكثر من الذين خرجوا عنه، وهذه والحمد لله نعمة، وأنت ترى الآن أن الذين يدخلون في الدين أكثر من الذين يخرجون منه، وأن الذين يدخلون ويسلكون سبيل الاستقامة والالتزام أكثر من الذين ينحرفون، ولكن هذه المشكلة موجودة وهي من مشاكل الصحوة الإسلامية في هذا العصر.
من أسباب النكوص:
قد يتصور البعض أن موضوع النكوص هو فقط الردة عن الإسلام، أو ترك الواجبات، مثل: ترك الصلاة في المسجد، أو الوقوع في الزنا، أو الفواحش، تصوروا مثلاً هذا هو النكوص، ولكن بعض الناكصين قد يستمرون على التزامهم بمظهرهم الإسلامي، ويؤدون الشعائر، ولا يقترفون الفواحش، ولكنهم يتركون واجباً مهماً من الواجبات مثل الدعوة إلى الله.
ترك التواصي بالحق والصبر:
قد تجد من هو حاله حال نفسه فقط، لا ينفع المسلمين ولا يدعو إلى الله، ولا يؤثر في غيره، مع أن الدعوة إلى الله عز وجل واجبة، فلا يمكن أن نسمي هذا الشخص مستقيماً بمعنى الكلمة، وهناك حالات كثيرة لهذا النوع في المجتمع، أناس كثيرون ظاهرهم الطيبة والاستقامة، من المسجد إلى البيت، ولا يرتكب المنكرات أو الفواحش، ويعتبر نفسه أنه بخير، وأنه قد وصل إلى الدرجات العلى، لكنه في الحقيقة تارك لواجبات كثيرة، مثل: واجب الدعوة إلى الله، فلا نعتبر هذا الشخص مستقيماً بمعنى الكلمة؛ بل إنه مقصر، وقد ترك واجب التواصي بالحق والصبر إذا أعرض ورفض الأخوة في الله، فكيف يتواصى معه بالحق والصبر وهو الواجب الشرعي المذكور في القرآن؟!
التعلق بشخص ما من الناس:
وإذا جلسنا ندقق في أسباب النكوص والانتكاس في هذا القسم الذي نتحدث عنه فسنجدها كثيرة جداً، فبعضهم يدخل طريق الاستقامة من باب الارتياح العاطفي، والتعلق بالشخص الداعية الذي دعاه إلى الله، ويتقبل الأحكام الشرعية ويطبقها؛ لأنها خرجت من فلان الفلاني الذي يرتاح لشخصه لا لأنها أحكام الله التي قضى بها، إنه يطبق هذه الأحكام ويلتزم بها؛ لأنه يحب الشخص الذي دعاه إلى تطبيق هذه الأحكام، لا لأنه يحب الله الذي فرض هذه الأحكام، فيصبح هذا الداعية وسيطاً بينه وبين الله، فإذا ابتعد هذا الداعية أو سافر مثلاً أو حدث بينهما إشكال أو خلاف انقلب على عقبي
لالتزام.. والمصلحة:
أن يكون تدين بعض الناس ليس لله، فمثلاً: دخل طالب نشاطاً إسلامياً في مدرسة، واستقام في الظاهر، حتى يحصل على درجات من مدرس الدين أو غيره، هذا التدين ليس لله، فلذلك لو تخرج هذا الطالب من المدرسة فلا يتوقع له أن يستمر على عهده، ولو جاءت العطلة لربما تغير، ولو تغير مدرسه لربما تغير؛ لأن الشخص الذي كان ينتفع بتدينه من جراء التدين ذهب.
الانشغال عن الوعظ بما يقسي القلب:
ومن الأسباب التي تؤدي إلى السقوط: أن يكون الإنسان في بداية الالتزام في حالة ندم شديد على ما فعل في الماضي، فيبدأ الضمير يؤنبه، ويبدأ الرجل يحس بالحاجة إلى المواعظ والرقائق، فهو لا يزال يسمع المواعظ والرقائق الواحدة تلو الأخرى ويستشعر خشية الله في البداية، وبعد فترة من الزمن تبرد الأمور، وينشغل بأشياء أخرى عن الرقائق و المواعظ، وينسى خشية الله. دائماً في بداية دخول الناس في بداية التوبة تكون توبة حارة، ويكون الإقبال شديداً، وتكون العبادة عظيمة، وبعد فترة من الزمن تبرد هذه الأشياء، ويخف تأثر الإنسان بالمواعظ، وقد لا يسمع موعظة مطلقاً، ويقول: دع المواعظ لغيري ممن دخلوا في الطريق الآن، أنا أمري أعظم من سماع المواعظ؛ فيترك سماع المواعظ وينشغل بغيرها، فيضعف واعظ الله في قلبه. والرسول صلى الله عليه وسلم كان من منهجه أن يحافظ على المواعظ على أصحابه حتى لو تقدم بهم العمر في طريق الاستقامة، ولذلك يقول الصحابي: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون) بعد كم سنة وعظهم؟ لا يزال يعظهم، مضت عليهم سنوات في طريق الإسلام، لكن موعظة مهمة، وترقيق القلب مهم حتى في آخر لحظات الحيا
التزام.. والدافع الشخصي:
كذلك فإن التزام بعض الناس بالإسلام التزاماً غير مؤسس على تقوى من الله ورضوان، سرعان ما يزول، أو يكون بتأثير طاعة من الطاعات أو حدث من الأحداث، فهناك أناس يتغير واقعهم بعد الحج مثلاً، أو بعد العمرة في رمضان، يبكي في الحرم ويدعو، وفي الحج يشعر بتغيرات إيمانية كبيرة في نفسه، فيعود متغيراً، أو مثلاً بعد حادث سيارة، أو مرض خبيث نجا منه فيتغير الشخص، فهو تغير بعد طاعة واحدة أو بعد حادث من الأحداث، لم يستغل التأثر الحادث بعد هذا الحدث وبعد هذه العبادة في تنمية الإيمان في نفسه، وإنما جاءت هذه الدفعة من الإيمان فلا زالت تنقص شيئاً فشيئاً مع مرور الزمن وهو لا يستغل هذا الإيمان الحاصل في نفسه الذي جاء بعد حادث السيارة أو بعد الحج والعمرة، فضعف وضعف وضعف حتى سقط.
الابتعاد عن الجو الإيماني:
وكذلك من الأمور المسببة للنكوص على الأعقاب: أن يبتعد المسلم عن الوسط الطيب، وأحياناً يكون هذا الابتعاد لسوء معاملة قد لقيها من البعض، وقد يكون لسفر مثلاً في إجازة من الإجازات.. أو غيرها، فيذهب هذا الشخص إلى مكان لا يوجد فيه أصدقاء طيبين، ولا أناس مستقيمين، فيبقى في ذلك المكان وحيداً فريسة للذئاب البشرية التي تريد أن تجتاله عن طريق الله، فلا يلبث أن يرجع -إن رجع- بعد ذلك إلى موطنه الأول متغيراً منتكساً، وتقع هذه الحالة كثيراً بين الناس الذين يسافرون إلى الخارج لقضاء العطلة، قد يزور أقرباءً له فسقة ويعيش شهوراً في جوٍ من التفسخ والتحلل والاختلاط الذي يؤثر على إيمانه، فيجعل الرجل يترك الطاعات، والمرأة تترك الحجاب وغيره، ويعود هذا إلى مكانه منتكساً بعد أن كان مستقيماً. وأحياناً يكون انتقاله من منطقة سكنية إلى منطقة أخرى لا يلقى فيها مستقيمين كما كان حاله في سكنه الأول، يكون سبباً مباشراً من الأسباب التي تجعله ينحرف عن الطريق المستقيم.
الأمراض القلبية:
كذلك إحساس المرء أنه كامل، وأنه ليس بحاجة إلى غيره، ولا يحتاج إلى توجيه، ولا يقبل النصيحة من أحد، هذه النفسية لا تلبث أن تؤدي إلى سقوط صاحبها.
التوسع في الرخص والمباحات:
ومن الأسباب كذلك: التساهل واتباع الرخص واحتقار الصغائر، وهذه المسألة خطيرة تتسع وتمتد، فمرة يسبل إزاره ويقول: هناك من كره الإسبال ولم يحرمه، ومرة يأخذ من لحيته ويقول: هناك من أجاز ذلك، ومرة يسمع إلى الموسيقى والغناء ويقول: هناك من كرهها ولم يحرمها أو أجاز الموسيقى الهادئة وحرم الموسيقى الغربية الصاخبة، ويتساهل بعضهم في الجلوس مع النساء الأجنبيات والاختلاط، وهذا التساهل واحتقار الذنب يؤدي تدريجياً إلى تراكم الذنوب والانتقال من الذنب الصغير إلى الذنب الأكبر منه حتى يحدث الانتكاس والعياذ بالله!
ضغط الأهل والأقارب:
ومن الأسباب التي تؤدي إلى السقوط والانتكاس: ضغط الأهل والأقارب، فبعض الأهل والأقارب من الفسقة الفجرة يهاجمون وينتقدون، وقد يصل الأمر إلى الضرب والمحاربة والمقاطعة، وإن المقاطعة تؤثر تأثيراً شديداً خصوصاً في قطاع النساء، فإن الرجل إذا قوطع قد يذهب إلى أصحابه ويخرج من بيته، ولكن المرأة المسكينة ماذا تفعل إذا قاطعها أهلها وبقيت وحيدة؟ فالضغط النفسي الذي يسبب الطوق الذي فرضه أولئك من الحصار عليها إذا ما اعتصمت بالله ولم تصبر، فإنها قد تعود وتسقط نتيجة لهذا الظرف النفسي الشديد الذي تواجهه. والحبس وقطع المصروف، والحرمان من العطية والهبات، أو الطرد من البيت، هذه أمور يفعلها بعض أولي القرابة اضطهاداً للمستقيمين من أبنائهم في البيوت
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا وإياكم. اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك. اللهم إنا نعوذ بك من الزيغ والزلل والفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم واجعل باطننا صالحاً، وأصلح ظواهرنا، اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأصلحنا ظاهراً وباطناً، واجعلنا من المستقيمين على شرعك. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
الموضوع : لا ترتدوا على أدباركم المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
تاريخ التسجيل : 22/07/2009
| |
ام هلالالمدير العام
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
| موضوع: رد: لا ترتدوا على أدباركم الخميس 10 ديسمبر 2009 - 20:01 | |
| |
|