السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفي مجال الاقتصاد يتخذ الإسلام هدفًا ويحقق:
أ- استعمال المال في وظيفته الطبيعية التي خلقه
الله لها ((أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا))
[النساء:5]، فيضمن للاقتصاد النمو والاستقرار ووجود المناخ الملائم
للاستثمار.
(ب) ويعوق تراكم الثروة في
أيدي القلة من الناس ((كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ
مِنْكُمْ)) [الحشر:7].
(ج) ويمنع التعامل
بالربا والقمار، فيمنع أكل أموال الناس بالباطل ((فَلَكُمْ رُءُوسُ
أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)) [البقرة:279] وإذا
امتنع التعامل الظالم فسيتوجه المال ضرورة إلى التعامل الحلال ((وَأَحَلَّ
اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)) [البقرة:275]، ((لَا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ
تَرَاضٍ مِنْكُمْ)) [النساء:29]، فمقابل الربا البيع والتجارة وما في
حكمها.
وعند مقارنة هذا
النظام الاقتصادي بالنظام المقابل، أي النظام الرأسمالي السائد، يتبين أن
النظام الرأسمالي يتخذ هدفًا ويحقق:
(أ)
استعمال المال في غير وظيفته الطبيعية؛ فمثلاً قبل عشرين سنة لاحظ
الاقتصاديون أن عقود المخاطرةSpeculation تستأثر بنسبة 97% من تدفق النقود
بين البلدان، وفي العام المنصرم أظهرت الإحصاءات أن إجمالي عقود المخاطرة
بلغ 3000 تريليون دولار، أي 250 ضعف الناتج القومي الإجمالي لأغنى دولة على
الأرض. (الولايات المتحدة الأمريكية).
(ب)
تحول المال إلى أن يكون بين أيدي عدد قليل من البشر، وتظهر الإحصاءات، حتى
في السنين الأخيرة، أن الأغنياء يزيدون غنًى، والفقراء يزدادون فقرًا.
على
سبيل المثال تُظهر القائمة السنوية لفوربوس (مارس 2007) أن 946 من
البليونيرات في العالم يملكون 1.82 ترليون دولار، وبذلك تُعْتَبر هذه السنة
أغنى سنة في تاريخ البشرية، وبالمقارنة بلغت ديون العالم الثالث 1.2
ترليون دولار.
(ج) استخدام الربا أداة
أساسية في تبادل الأموال والمنافع.
ويلاحظ ترابط هذه الحلقات الثلاث
الشريرة، فالربا ما سهل عقود المخاطرة، وكان أداتها الرئيسة، وعقود الربا
والمخاطرة هي ما سمح بأن يكون المال دُولة بين الأغنياء.
ونتيجة كل ذلك
كما يقرر الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل "موريس آلية" ما يعانيه
العالم من عنت وبطالة واختلال في العدالة الاجتماعية.
لسنا في حاجة
للتدليل على أن معاناة البشرية الكبرى كانت دائمًا نتيجة اختلال المنهج في
العلاقات الدولية أو الاقتصاد.
يقول محمد أسد: (إن أفضلية ثقافةٍ أو
حضارةٍ على أخرى لا تقوم على ما لديها من المعرفة العلمية، (ولو أن هذا
الأمر مرغوب فيه)، بل على نشاطها الأخلاقي، وعلى مدى قدرتها على تفسير
وموازنة مختلف نواحي الحياة الإنسانية، وفي هذا الاتجاه فإن الإسلام يفوق
كل ثقافة أخرى، ولا يحتاج إلا أن نتّبع أحكامَه؛ لكي نحقق أقصى ما يمكن
للبشر تحقيقه). (لا تظهر إشارة إلى أن البشرية في حالتها الحاضرة تجاوزت
الإسلام، فلم تتمكن من إنتاج نظام أخلاقي خير مما تضمنه الإسلام، ولم تتمكن
من وضع الأخوّة البشرية على أساس عملي كما فعل الإسلام في معنى الأمة، ولم
تتمكن من إيجاد بنية اجتماعية تتناقص فيها الخلافات والخصومات بين أعضائها
إلى الحد الأدنى كما في شريعة الإسلام في تنظيمها المجتمع، ولم تتمكن من
إعلاء كرامة الإنسان وشعوره بالأمن ورجاءاته الأخروية –وأخيرًا وليس آخرًا
–سعادته). (لدينا كل الأسباب لنعتقد أن الإسلام قد دَّلت عليه كل الإنجازات
البشرية الصحيحة؛ لأنه قررها، وأشار إلى صحتها قبل تحققها بزمن طويل،
ومساويًا لذلك فقد دلَّت عليه أيضًا النواقص والأخطاء والعقبات التي صاحبت
التطور البشري؛ لأنه حذر منها بقوة ووضوح قبل أن يتبين البشر هذه الأخطاء
بزمن طويل، ولو صرفنا النظر عن الاعتقاد الديني للفرد فإن في وجهة النظر
الفكرية حافزًا لاتّباع هداية الإسلام العملية بكل ثقة).
كتب محمد أسد
العبارات السابقة قبل أكثر من سبعين سنة، وخلال هذه المدة ظل واقع الحياة
يكشف على الدوام عن وقائع تشهد لصحة العبارات السابقة ودقتها ومطابقتها
للواقع.
في كتابه Beyond peace كتب نكسون (الإسلام عقيدة قوية،
والعلمانية في الغرب لا تستطيع أن تغالبه، وكذلك العلمانية في العالم
الإسلامي: إن حقيقة أننا أقوى وأغنى دولة في التاريخ لا تكفي، العامل
الحاسم هو قوة الأفكار العظيمة).
إذا كانت العلمانية لا تستطيع أن تكون
نِدًّا للإسلام، فهل تستطيع ذلك الأديان المعاصرة؟!
الموضوع : إنتصار الإسلام المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya