نماذج:
1-
ما هو أثر قوله تعالى: }مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى[3]{ سورة
الضحى. على نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما قال المشركون: [ ودع
محمد … ] ؟
2-
وما هو أثر قول الله عز وجل: }لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ
أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ[103]{ سورة النحل . لما
ادعى كفار قريش أن محمداً صلى الله عليه وسلم إنما يعلمه بشر، وأنه يأخذ
القرآن عن نجار رومي بمكة ؟
3- وما هو أثر قول الله عز وجل: }أَلَا فِي
الْفِتْنَةِ سَقَطُوا [49]{ سورة التوبة. في نفوس المؤمنين لما قال
المنافق: }ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي...[49]{ سورة التوبة؟ أليس تثبيتاً
على تثبيت، وربطاً على القلوب المؤمنة، ورداً على الشبهات، وإسكاتاً لأهل
الباطل .. ؟ بلى وربي .
ومن العجب أن الله يعد المؤمنين في رجوعهم
من الحديبية بغنائم كثيرة يأخذونها- وهي غنائم خيبر - وأنه سيعجلها لهم،
وأنهم سينطلقون إليها دون غيرهم، وأن المنافقين سيطلبون مرافقتهم، وأن
المسلمين سيقولون:لن تتبعونا، وأنهم سيصرون يريدون أن يبدلوا كلام الله،
وأنهم سيقولون للمؤمنين: بل تحسدوننا، وأن الله أجابهم بقوله: } بَلْ
كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا[15]{ سورة الفتح ثم يحدث هذا كله
أمام المؤمنين مرحلة بمرحلة وخطوة بخطوة وكلمة بكلمة ... ومن هنا نستطيع أن
ندرك الفرق بين: الذين ربطوا حياتهم بالقرآن، وأقبلوا عليه تلاوة وحفظاً
وتفسيراً وتدبراً، ومنه ينطلقون، وإليه يفيئون، وبين من جعلوا كلام البشر
جل همهم، وشغلهم الشاغل ... ويا ليت الذين يطلبون العلم يجعلون للقرآن،
وتفسيره نصيباً كبيراً من طلبهم .
ثانياً:التزام شرع الله والعمل الصالح: قال
الله تعالى: } يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ
الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ
الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ[27]{ سورة إبراهيم .قال
قتادة:' أما الحياة الدنيا: فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، وفي الآخرة: في
القبر '. وقال سبحانه: } وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ
لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا[66]{ سورة النساء أي: على
الحق، وهذا بيّن، وإلا فهل نتوقع ثباتاً من الكسالى القاعدين عن الأعمال
الصالحة إذا أطلت الفتنة برأسها وادلهم الخطب ؟! ولكن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم صراطاً مستقيما؛ ولذلك كان صلى الله عليه
وسلم يثابر على الأعمال الصالحة، وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل . وكان
أصحابه إذا عملوا عملاً أثبتوه . وكانت عائشة رضي الله عنها إذا عملت العمل
لزمته .
وكان
صلى الله عليه وسلم يقول: [ مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ
رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ] رواه
الترمذي والنسائي وابن ماجه، وهو في صحيح النسائي . أي: السنن الرواتب .
وفي الحديث القدسي: [وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ
بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ]رواه البخاري.
ثالثاً: تدبر قصص الأنبياء ودراستها
للتأسي والعمل: والدليل على ذلك قوله تعالى: }وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ
مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي
هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ[120] { سورة هود.
فما نزلت تلك الآيات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم للتلهي والتفكه،
وإنما لغرض عظيم هو: تثبيت فؤاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفئدة
المؤمنين معه .
نماذج للتأسي:
إبراهيم عليه السلام : فلو تأملت قول الله :
}قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا ءَالِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
فَاعِلِينَ[68]قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى
إِبْرَاهِيمَ[69]وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ
[70] { سورة الأنبياء . قال ابن عباس: [ كَانَ آخِرَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ
حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ] رواه
البخاري. ألا تشعر بمعنى من معاني الثبات أمام الطغيان والعذاب، يدخل نفسك،
وأنت تتأمل هذه القصة ؟
موسى عليه السلام: لو تدبرت قول الله عز وجل
في قصة موسى: } فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى
إِنَّا لَمُدْرَكُونَ[61]قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ[62]
{ سورة لشعراء . ألا تحس بمعنى آخر من معاني الثبات عند ملاحقة الطالبين،
والثبات في لحظات الشدة وسط صرخات اليائسين وأنت تتدبر هذه القصة ؟
سحرة فرعون: لو استعرضت قصة سحرة
فرعون، ذلك المثل العجيب للثلة التي ثبتت على الحق بعدما تبين، ألا ترى أن
معنى عظيماً من معاني الثبات يستقر في النفس أمام تهديدات الظالم وهو يقول:
}قَالَ ءَامَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ
لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ
أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي
جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا
وَأَبْقَى[71] {سورة طه . ثبات القلة المؤمنة الذي لا يشوبه أدنى تراجع وهم
يقولون: }قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ
وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا[72]إِنَّا ءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا
خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ
وَأَبْقَى[73]{ سورة طه ... وهكذا: قصة المؤمن في سورة يس، ومؤمن آل
فرعون، وأصحاب الأخدود، وغيرها: يكاد الثبات يكون أعظم دروسها قاطبة .
الموضوع : وسائل الثبات على دين الله المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya