ويمكن
تقسيم مراحل استجابة الجسم عند التعرض للضغوط المختلفة إلى ثلاث مراحل،
وهي:
1. مرحلة الإنذار، وفيها يزداد معدل إفراز الهرمونات سالفة
الذكر.
2. مرحلة المقاومة، وفيها يحدث نفاد للطاقة المتولدة في
مرحلة الإنذار.
3. مرحلة التهالك والإجهاد، التي يمكن اعتبارها
نتاجا للضغوط المستمرة، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وغير
ذلك من الأمراض والمشاكل التي تنتج عن التعرض المستمر للضغوط.
كما يمكن تقسيم الضغوط
المختلفة بحسب مصادرها إلى: ضغوط داخلية (وهى الضغوط الناتجة عن سمات
الإنسان الشخصية) وضغوط خارجية (نتاج عوامل خارجية). وأيضا يمكن تقسيمها
بحسب استجابة الإنسان لها إلى: ضغوط بناءة (تدفع لمزيد من العمل والإنجاز)
وضغوط هدامة ومعوقة. وبحسب فترة التعرض يمكننا تقسيم الضغوط إلى: ضغوط
وقتية متقطعة وضغوط مستمرة مزمنة.
وللضغوط آثارها الجسدية
والعقلية والنفسية، وقائمة التأثيرات طويلة وممتدة ويصعب حصرها. فالآثار
الجسدية تنتج عن تأثر كافة أجهزة الجسم، وينتج عنها أمراض القلب وقرح
المعدة والقولون العصبي، بالإضافة لزيادة نسبة حدوث داء السكري ومضاعفاته،
كما تتأثر الخصوبة، ويتأثر جهاز المناعة محدثا ضعفا عاما في مناعة الجسم
وزيادة في معدل حدوث السرطانات المختلفة.
والتأثيرات النفسية تشمل
فيما تشمل الوسواس والفوبيا والاكتئاب واضطرابات النوم المختلفة، بينما تقع
اضطرابات الذاكرة تحت الاختلال في الوظائف العقلية.
كيف
نتعامل مع الضغوط؟
قد لا نستطيع في هذه العجالة أن نوضح كل الآثار السلبية
لبقاء الإنسان فترات طويلة تحت ضغوط مستمرة، ولكننا على الأقل نستطيع دق
ناقوس الخطر محذرين من آثار هذه الضغوط على صحة الإنسان الجسدية والنفسية
والعقلية، ومطالبين بالبحث الدءوب عن حل لهذه المشكلة التي تتفاقم كل يوم.
وبما أنه قد يكون من
المستحيل تغيير نمط وإيقاع الحياة المتسارع للغالبية العظمى ممن يعيشون في
مجتمعاتنا الآن، ومع التسليم بفشل الطب الرسمي بعقاقيره وكيماوياته في
التعامل مع هذه المعضلة
فقد اتجه العلم للبحث عن سبل جديدة للوقاية والتخفيف من
الآثار المدمرة للضغوط المزمنة مثل تدريبات الاسترخاء والتأمل والتخيل
واليوجا وفلسفتها؛ وخضعت هذه الطرق المختلفة للبحث العلمي المنضبط لتحديد
مدى فاعليتها وطريقة عملها.
والأبحاث المختلفة أكدت مدى فعالية هذه الوسائل في
التقليل من هذه الضغوط وفي علاج آثارها المختلفة؛ وبالتالي أصبحت هذه
الوسائل المختلفة تدرج في البرامج التي تستخدم للوقاية من الضغوط أو في
علاج آثارها السلبية على جسم الإنسان.
والنظرة المتأملة تكشف عن
تواجد هذه الوسائل بوفرة في عباداتنا المختلفة إذا أحسنا الفهم والأداء..
فهل يمكن أن يكون الحل في أن يجد كل منا لنفسه واحة يصنعها لنفسه ويفر
إليها من هجير صحراء الحياة؟.
ويثور التساؤل: ما هي هذه الواحات التي يمكننا أن
نقترحها نتيجة فهمنا لوسائل علاج الضغوط المستخدمة في الغرب؟ وما هي
الآليات التي تفعل بها فعلها السحري في تخفيف الضغوط؟.
واحة
الإيمان
من الملاحظ أن تأثيرات نفس الضغوط تختلف باختلاف الأشخاص
الذين يتعرضون لهذه الضغوط، ومن هنا يمكننا أن نستنتج أن تأثيرات الضغوط
لا تعتمد على حجمها ونوعيتها بقدر ما تعتمد على استقبال الإنسان لحجم
التهديد.
أي إن الاستجابة للضغوط لا يصنعها المثير ولكن تصنعها
الطريقة التي تم بها استقبال هذه الضغوط، فتفاعلنا مع الضغوط ينشط بناء على
استجابتنا العصبية وبناء على إدراكنا لحجم التهديد مقارنة بنظرتنا نحن
للعالم من حولنا ومقارنة بإدراكنا لحجم تحكمنا نحن في الظروف المحيطة بنا
ولقد أثبتت الدراسات انخفاض
مستوى الضغوط ومستوى الاستجابة لها عند من يشعرون بقدر أكبر من القدرة على
التحكم في الظروف المحيطة بهم.
إذا كان العلماء والدارسون
يعتبرون أن فلسفة اليوجا ونظرتها للعالم تعتبر من أهم المحاور التي تعطي
لليوجا قيمتها وفعاليتها في التعامل مع الضغوط بما تتيحه من إعادة اكتشاف
الإنسان لذاته ومعناه الإنساني وبما تمنحه له من شعور بالقوة العميقة
والتحكم، فهل نعيد نحن اكتشاف فلسفة الإسلام التي تعطي للإنسان قيمته
وقدرته المستمدة من كونه نفخة من روح الله؟!