ابراهيم كمالعـضـو برونزي
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
| موضوع: السلف والسلفية الخميس 17 يونيو 2010 - 0:06 | |
| السلف والسلفية
وبيان صحة الوصف وجواز الانتساب والاعتزاء إليه والرد على ما أنكر ذلك لم يكن هذا الوصف مجرد لقب أو اسم أو ظهر صدفة على ألسنة الناس. لم يكن كذلك ولكنه نشأ عن أساس ثابت كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها لقد نشأ الاسم عن سلوك عميق لما كان عليه الصحابة ومن بعدهم بإحسان فاستحقوا هذا الاسم نتيجة عمل واقتداء والتزام بكتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.
ولا ريب أن من اتصف بهذا الوصف يستحق أن ينتسب إلى السلفية أو سلف هذه الأمة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان.
ولا اعتبار لنبز أصحاب الأهواء والبدع وتزهيدهم عن هذه الفرقة الناجية ومن أراد أن يقف على الحق فليقرأ سيرة هذه الجماعة وليقف على البلاء الذي تحملوه في سبيل الدفاع عنها لتبقى جوهرة مكنونة صافية نقية.
وفي تاريخ الإمام أحمد بن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية ومن جاء بعدهم من تلامذتهم وأتباعهم إلى يومنا الحاضر خير شاهد على استحقاق هؤلاء لهذا الاسم السلفية وعلى غبطة الانتساب إليهم الذي هو في النهاية انتساب إلى الإسلام الذي رضيه الله تعالى.
وقد ظهر من كلام الشيخ أبي زهرة في كتابه تاريخ المذاهب الإسلامية والدكتور مصطفى الشكعة في كتابه "إسلام بلا مذاهب" أن السلفيين هم الذين أطلقوا على أنفسهم هذا الاسم في القرن الرابع ثم تجدد ظهوره على يد الشيخ ابن تيمية في القرن السابع الهجري ثم جدده الشيخ محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر للهجرة وقد أخطأ الحقيقة كما أخطأها الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه "السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي".
حيث رد وبعنف على القول بأن السلفية لقب لفئة من الناس واعتبره خطأً وبدعة طارئة على المسلمين بزعمه وقد ظهر خطأه من تسمية كتابه هذا وقد ذهب إلى أن الاقتداء بالسلف ليس معناه اتباع آرائهم وأقوالهم ومواقفهم التي اتخذوها وسلوك طريقتهم وإنما يكون بالرجوع إلى ما احتكموا إليه من قواعد تفسير النصوص وتأويلها وأصول الاجتهاد والنظر في المبادئ والأحكام(94) وهذا حكم قاصر وغير صحيح فإن السلفية ليست فترة زمنية ثم إن تفسيره الاقتداء بالصحابة بهذا التفسير لا يعتبر إتباعاً حقيقياً فإذا لم نتبعهم في آرائهم وفي أقوالهم وفي مواقفهم التي ورثوها عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي سلوكهم وطريقتهم في العبادات وفي المعاملات إذا لم نتبعهم في هذا كما يرى البوطي فماذا بقي لهم من فضل الصحبة والتلقي من النبع الصافي قبل أن تعكره مختلف الآراء والمذاهب والفرق.
وأما ما يراه من إتباعهم يكون في الرجوع إلى ما احتكموا إليه عند الاختلاف فهذا أيضاً لا يمنع الاقتداء بهم وتقديم آرائهم على آراء من جاء بعدهم.
على أن القواعد التي أشار إليها البوطي وأن الشافعي رحمه الله عملها حيث وضع قواعد أصول الفقه لم تكن قد بينت في الزمن الذي كان قبله فماذا يحكم عليهم البوطي(95) ولو أنه سلم بما اتفق عليه السلف لكان خيراً وأشد تثبيتاً ولأغناه ذلك عن تكلف القواعد والشروط وموقف العقل بالنسبة للنصوص في أخبار الآحاد وأخبار التواتر التي شغلته فإنها كلها مبنية على الاستحسان والاجتهاد على طريقة المتكلمين.
والخلاصة من كل ما سبق أن مذهب السلف والانتساب إليه أمر لا غبار ولا اعتراض عليه وأنه لا يحق لأحد الانتساب إليه إلا إذا كان متبعاً قولاً وفعلاً ظاهراً وباطناً كما كان عليه الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان وأما من حاد عنهم إلى كلام الفلاسفة وعلماء الكلام الباطل وإلى إتباع العقل دون الالتفات إلى النص فهو ليس على طريقتهم وإن انتسب إليهم لأنه انتساب غير حقيقي.
3- الفرقة الناجية
الفرقة في اللغة اسم يطلق على الطائفة أو الجماعة من الناس :
والناجية وصف لتلك الفرقة بالنجاة دون أن يكون له تعلق بالزمن والمقصود بهم هم أهل الحق ممن تمسكوا بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على مدى الأزمان ولا عبرة بدعاوى المنحرفين أنهم هم تلك الفرقة الناجية.
ووصفهم بالناجية لعله أخذ من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه"(96) أو لأن المتمسك بالوحيين سبيله النجاة أو لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا تزال طائفة ... الحديث" ولا ريب أن من تمسك بكتاب الله وسنة نبيه أنه من الناجين بتوفيق الله له ينجو من الضلالة والفتن وينجو إذا ما مات على ذلك من عذاب الله وغضبه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تركتكم على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك"(97) .
وهذا الاسم – الفرقة الناجية – يشمل كل من اتصف بالعقيدة الصحيحة التي كان عليها الصحابة ومن استن بسنتهم واهتدى بهديهم وربما أخذت التسمية أيضاً من حديث افتراق الأمة حيث أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الفرق كلها هالكة إلا واحدة هي الناجية(98) وهم الصحابة ومن تمسك بهديهم وهذا الوصف لا ينطبق إلا على السلف الذين اتبعوا الصحابة بإحسان.
ويجب أن نلاحظ أن السلف حين تسموا بهذه التسمية لا يقصدون من ورائها الشهادة لأنفسهم بالجنة ولا تزكية أنفسهم وإنما المقصود بها إظهار ما هم عليه من التمسك بكتاب الله وسنة رسوله الكريم وهما مصدر النجاة ولا يمنع أن تكون التسمية من باب التفاؤل أو من باب إظهار البراءة من المخالفين كما يرى البعض ولا مانع من ملاحظة كل ذلك.
4- تسميتهم أهل الحديث(99) والسنة
كثير من العلماء يطلق هذه التسمية على السلف أهل السنة كشيخ الإسلام وغيره من رجال العلم.
وإذا أطلقوا في تسميتهم فقالوا أهل الحديث والسنة فإنهم لا يريدون التقسيم إنما هما عندهم بمعنى واحد فالسنة هي الحديث والحديث هو السنة حسب ما يظهر من صنيع المحدثين من السلف.
ولكن ينبغي الانتباه إلى أن بعض علماء السلف قد يطلق تسمية أهل السنة احترازاً عن غيرهم من أهل البدع فتكون السنة عامة والحديث أخص ويظهر الافتراق في أبواب الاعتقاد عند هذا الاستعمال.
وعلى هذا فهناك فرق بين مصطلح أهل السنة وأهل الحديث وإن عبر بأحدهما عن الآخر في أبواب الاعتقاد لما بينهما من التقارب في الغالب وإلا فقد يكون المرء من أهل السنة وليس من أهل الحديث من الناحية الصناعية أي ليس بمحدث وقد يكون من أهل الحديث صناعة وليس هو من أهل السنة فقد يكون مبتدعاً (100).
ولاشك في أن هذه التسمية شرف عظيم لرجال العقيدة الصحيحة الحاملين لواء علم الحديث المنتسبين إليه.
5 – أهل الأثر
أطلقت الأثرية أو أهل الأثر على أهل السنة والجماعة والمراد بهم كل من تمسك بنصوص الكتاب والسنة ويريدون بالأثر ما أثر عن الله تعالى وعن نبيه صلى الله عليه وسلم من تلك النصوص.
وواضح أنهم لا يريدون به ما أصبح معروفاً عند بعض العلماء من تقسيماتهم للحديث إلى أقسام ومنها المأثور أو الأثر وهو ما وقف على الصحابي ولم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإن السلف لا ينطبق عليهم هذا الاصطلاح إذ هم من أحرص الناس على التمسك بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ورفع إليه. وإنما يقصدون بالأثر الحديث عموماً فأهل الأثر أي أهل الحديث الملتزمون بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما ورد عن السلف من الصحابة ومن بعدهم من التابعين لهم بإحسان من آثارهم الصحيحة لأن رد الآثار الصحيحة إنما هو من سمة أهل البدع المتنطعين في دينهم الذين لا يقبلون إلا ما يوافق أهواءهم مع أنهم يقدمون كلام مشايخهم وآبائهم على ما تفيده النصوص حمية وعصبية.
ولكنهم يستكبرون عن الآثار التي هي أشرف وأرفع من كلام من جاء بعد الصحابة مهما بلغ في العلم والشرف.
6- تسميتهم الطائفة المنصورة :
هذه التسمية للسلف أخذت من قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون"(101) وعن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم(102) :"ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيماً حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله" وفي بعض الروايات : "لا تزال طائفة من أمتي منصورين ..."(103) الحديث وقد فسّر العلماء هذه الطائفة بأنهم كل من تمسك بالكتاب والسنة وعمل الصحابة المجانبين البدع وأهلها وهم أصحاب الحديث الذي يعملون به قولاً وعملاً المجاهدون في سبيل الله تعالى.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النصر سيكون حليفهم إلى أن تقوم الساعة وهي بشارة عظيمة مفرحة لأهل الحق والواقع يشهد بذلك فكم من المؤامرات والخطط تبيت لهم قديماً وحديثاً ولكن الله تعالى بلطفه يخرجهم منها ويجعل لهم منها فرجاً ومخرجاً لأن الله تعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين إلى يوم القيامة وهؤلاء هم حفظته بإذن الله تعالى وقد تكفل الله عزّ وجلّ بنصرة من ينصر دينه وأن يجعل العاقبة الحسنة له في الدنيا والآخرة. وقد يفهم البعض أن هذا الحديث يدل على أن السلطة والحكم لابد أن يكونا بأيدي العلماء من أهل السنة. وهذا فهم خاطئ إذ لا يلزم من كونهم منصورين إلى قيام الساعة أن يكونوا بشكل حكومات ولا بد فإن الله تعالى ينصرهم بهذا وبغيره بلطفه العظيم كما هو الواقع فأحياناً يكون الحكم بأيديهم وأحياناً بأيدي غيرهم ولا يؤثر ذلك في سلوكهم الإيجابي أبداً.
2 – الأسماء والألقاب الباطلة التي ينبز بها أهل الباطل أهل الحق من السلف الصالح
لم يتورع أهل الباطل في إطلاق مختلف الأسماء الذميمة والألقاب الباطلة على أهل الحق لينفروا الناس عنهم وعن عقيدتهم الصافية.
وهو نفس المسلك الذي كان عليه المشركون تجاه النبي صلى الله عليه وسلم حيث أطلقوا عليه أنه ساحر شاعر مجنون ... الخ.
ورغم تلك الدعايات الكاذبة ضد الرسول صلى الله عليه وسلم وضد أنصاره وأتباعه فإن الحق بقي دائماً يتلألأ فوق رؤوسهم ويجذب الناس إليهم زرافات ووحداناً وبقي الباطل وأهله في تقهقر وذلة.
وسوف لا يزال الأمر كذلك. ولأهل السنة أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم وما دام وقد ظهر فضل أهل السنة واضحاً جلياً فإن ذامهم يدل على نقصه على حد ما قيل :
وإذا أتتك مذمتي من ناقص *** فهي الشهادة لي بأني فاضل
كما أن سب الصالحين بغير ذنب فيه زيادة لهم في الأجر وفيه رفع لدرجاتهم عند الله تعالى وقد تلمس المخالفون للسلف حججاً واهية وأقوالاً كاذبة لفقوها ضد السلف وجاؤوا إلى أحسن الصفات عند السلف وجعلوها ذماً لهم وصدق من قال: الموضوع : السلف والسلفية المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: ابراهيم كمال توقيع العضو/ه:ابراهيم كمال | |
|
|
ابراهيم كمالعـضـو برونزي
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
| موضوع: رد: السلف والسلفية الخميس 17 يونيو 2010 - 0:07 | |
| وكم من عائب قولاً صحيحاً *** وآفته من الفهم السقيم
ولهذا فقد أصبح من علامات أهل البدع سبهم لأهل السنة والتشهير بهم واختراع الألقاب الباطلة لهم بل لم يقف نبز أهل الباطل لأهل السنة فحسب بل تعدوا في باطلهم إلى نبز رب العالمين من حيث يشعرون أو لا يشعرون ذلك أن الله تعالى حينما أطلق على نفسه صفات وأوصافاً تمدح بها فإذا بأهل الأهواء يخترعون لها مفاهيم وأسماء باطلة شنيعة تنفر من يسمعها من اعتقادها إذا لم يكن على معرفة بأباطيلهم.
والله تعالى وصف نفسه بصفات الكمال المعروفة فجاء هؤلاء وأطلقوا عليها لقب التشبيه والتجسيم والتمثيل { قل أأنتم أعلم أم الله} (104) .
فإذا بتلك الصفات الحميدة في مكان الذم وكذلك وصف الله نفسه بأن له وجهاً ويدين الخ وسماها هؤلاء تركيباً وتبعيضاً لا يليق بالله تعالى بزعمهم فقالوا يجب أن ينزه الله عن التركيب والتبعيض ليصلوا إلى نفي صفاته ووصف الله نفسه بأنه مستو على العرش فسمى هؤلاء هذه الصفة تحيزاً وإثبات جهة محدودة لله تعالى بزعمهم ومن هنا حولوها إلى كلمة "استولى" ووصف الله نفسه بصفات الأفعال من الكلام والنزول ونحو ذلك ويسمى هؤلاء هذه الصفات أفعالاً لا توجد إلا في المخلوق بزعمهم فقالوا للعامة يجب أن ننزه الله عن صفات الأفعال التي هي حوادث وسموها أعراضاً والأعراض لا تليق بالله تعالى ومن هنا جاءهم مفهوم الإيمان الحقيقي بالله تعالى وبصفاته كما يزعمون فإذا هو أن ننزه الله تعالى عن التراكيب والتقسيم والأعراض والأغراض والتحيز والجهة وظن الجاهلون أن هؤلاء على شيء وأن ذلك هو ما يقتضيه تنزيه الله ولم يعلموا أن هؤلاء هم من أشد الناس إعراضاً عن الله تعالى وما يليق به ومن أشدهم محادة لرسوله صلى الله عليه وسلم ولسائر المؤمنين وإتماماً لمحاربتهم أهل السنة وتنفير الناس عنهم رأوا لزاماً أن ذلك لا يتم إلا بإطلاق الألقاب الشنيعة والمنفرة على أهل السنة فكان مثلهم كما قيل قديماً "رمتني بدائها وانسلت" فقد ألقوا بالعيوب التي هم أحق بها ألقوا بها على أهل السنة كذباً منهم وزوراً دون رادع من إيمان أو ضمير لكي ينتقص الناس أهل السنة بينما نجدهم قد تعاظموا أنفسهم واستكبروا ولهذا فقد أطروا أنفسهم بأسماء وبألقاب عديدة وزكوا أنفسهم والله تعالى يقول : {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ }(105) ظناً منهم أن الحق وأهله سيندثرون {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ }(106)وما تكفل الله بحفظه فلن يضيع أبداً.
فمن الأسماء والألقاب التي أطلقها عليهم أهل الباطل نبزاً لهم:
1- المشبهة – النقصانية – المخالفة – الشكاك وتنبزهم بهذه الألقاب الجهمية لإثباتهم صفات الله تعالى.
2- الحشوية – النابتة أو النوابت – المجبرة المشبهة وتنبزهم بهذه الألقاب المعتزلة والزنادقة وسائر أهل الكلام والخوارج.
3- المجبرة أو الجبرية وتنبزهم بهما القدرية.
4- الناصبة أو النواصب – العامة – الجمهور – المشبهة – الحشوية وتنبزهم بها الرافضة.
5- المشبهة – المجسمة – الحشوية – النوابت – الغثاء – الغثراء وتنبزهم بها الأشاعرة والماتريدية.
وبهذا يتضح أن أهل الانحراف قد يتفقون وقد يختلفون في إطلاق بعض الألقاب الباطلة على أهل السنة والهدف بينهم مشترك.
1- فأما إطلاقهم عليهم مشبهة فقد تصور هؤلاء المبطلون أن السلف حينما أثبتوا تلك الصفات لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته لورودها في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تصوروا أن هذا الإثبات يقتضي نشبيه الله بخلقه لأنهم لم يدركوا من دلالات هذه الأسماء إلا ما أدركوه من تعلقها بالمخلوق وفاتهم الفرق الذي لا يعلمه إلا الله بين الخالق والمخلوق.
وقد أثبت السلف أن هذا التصور الخاطئ لتلك الطائفة هو الذي جعلهم بحق مشبهة وليس أهل السنة الذين لم يثبتوا فيها أي شبه بين الخالق والمخلوق إلا مجرد التسمية مع معرفة معنى الصفة والتقويض في الكيفية فإن أولئك لم ينفوها عن الله إلا بعد أن شبهوه بخلقه فأي الفريقين أولى بتسمية المشبهة أهل السنة أم أولئك أهل الباطل من الجهمية الذين هم أول من ولج باب التشبيه الخطير ونفى عن الله تعالى ما أثبت لنفسه في كتابه الكريم أو على لسان نبيه العظيم صلى الله عليه وسلم وشبهوه بالمعدومات حين أطلقوا عليه كل صفات السلوب ورموا أنبياء الله تعالى مثل موسى وعيسى ومحمداً عليهم صلوات الله وسلامه بأنهم مشبهة في قول موسى كما حكى الله عنه أنه قال : {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ}(107)وفي قول عيسى ابن مريم : { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}(108)وفي قول محمد صلى الله عليه وسلم : "ينزل ربنا إلى سماء الدنيا"(109) فإن كان الأنبياء مشبهة فمن هم المنزهة؟ لو كان لهؤلاء عقول سليمة وفطر مستقيمة لما أقدموا على هذا المعتقد الباطل والذي يكاد أن لا يكون له نظير في جرأته وحماقته.
2- وأما زعمهم أن أهل السنة نقصانية فلقولهم أن الإيمان يزيد وينقص فلا ريب أنهم يكذبون بهذا النبز قول الله عزّ وجلّ وقول نبيه صلى الله عليه وسلم في إثبات زيادة الإيمان ولردهم النصوص الواردة في هذا حيث زعموا أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص وأما أهل السنة فإنهم لا يختلف منهم إثنان في أن الإيمان يزيد وينقص يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي كما أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم مثل قوله تعالى:{ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً }(110).
وقوله تعالى : {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً }(111) .
وآيات أخرى كثيرة في القرآن الكريم كلها تثبت أن الإيمان يزيد وما قبل الزيادة قبل النقص حتماً.
ووردت أحاديث كثيرة أيضاً في هذا تؤكد كلها زيادة الإيمان ونقصه قال صلى الله عليه وسلم : "الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة وأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريـق والحياء شعبة من الإيمان" (112) .
وقال صلى الله عليه وسلم : "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"(113).
والأحاديث في هذا كثيرة وإنما المقصود التنبيه على صحة عقيدة السلف وبطلان عقائد المخالفين في قضية زيادة الإيمان ونقصه وأن تسمية السلف نقصانية تسمية خاطئة سببها الجهل.
والسلف كلهم مطبقون على أن الإيمان يزيد وينقص ووردت عنهم روايات كثيرة تؤكد هذا قال أبو هريرة رضي الله عنه :"الإيمان يزداد وينقص"(114) .
قال أبو الدرداء رضي الله عنه :"من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص منه"وكان عمر رضي الله عنه يقول لأصحابه : "هلموا نزدد إيماناً فيذكرون الله عزّ وجلّ"(115) إلى آخر النصوص المستفيضة عن السلف وعلى هذا فإن السلف أتوا بالكمال المطلوب حسب ما أفادته النصوص فكيف يكونون نقصانية وما النقصانية إلا من نقص عن العمل بالنصوص الشرعية وسرق مدلولاتها الواضحات كالجهمية المشبهة ومن تبعهم وعلى كل حال فلا عبرة بقول أهل البدع أن السلف نقصانية لأنهم يقولون بزيادة الإيمان ونقصانه فإنهم على الحق في هذا مستندين على ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع سلف هذه الأمة كما ترى أخي القارئ الكريم.
ولولا أن المخالفين قد كابروا عقولهم وعاندوا ليتيقنوا من أنفسهم أن الإيمان يزيد وينقص كما يجده كل شخص من نفسه في مختلف الحالات فمن زعم أنه على حد سواء دائماً في اتجاهه ورغبته ورهبته إلى الله فقد افترى على نفسه وأراد أن يغالطها فمن ذا الذي يكون على حالة واحدة طوال وقته ثم أليس كذلك أن من المسلمين به أن الناس يتفاوتون في إيمانهم وتصديقهم أيضاً حسب القرائن وما وقر في القلب من حب الله عزّ وجلّ وتصديق الأنبياء وهل يحق لأحد أن يزعم أن إيمانه وتصديقه مثل إيمان خير أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر أهل بيعة الرضوان وأهل معركة بدر والمؤمنون الذين اتبعوه في ساعة العسرة. إن من زعم ذلك فقد جانب الصواب.
3- وأما تسميتهم لأهل السنة مخالفة. فنعم أن أهل السنة مخالفة لأهل الأهواء والبدع بل ومعادية ويكفي أنهم من أشد الناس اتباعاً لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولا قيمة لمخالفتهم أهل الأهواء وما يقصده هؤلاء من أن السلف مخالفة للحق فإنه اتهام باطل هم أحق به وليس أهل السنة فإن القول إذا لم تعضده الأدلة الصريحة الواضحة لا يسمى حقاً ولو زعم قائله أنه حق وهذه المخالفة لأهل البدع هي من أجمل المخالفات بل كانوا يتقربن بها إلى الله تعالى.
4- أما تسميتهم لأهل السنة بالشكاك من قبل المرجئة فإنها تسمية ظالمة لأن السلف لم يشكوا في دينهم ولا في أخبار ربهم ونبيهم ولا في شيء ثبت بالكتاب والسنة فالمرجئة أولى بهذا النبز لشكهم – بل لردهم – ما أخبر الله به عن نفسه في كتابه الكريم أو على لسان نبيه العظيم ثم هم لا يملكون أي دليل على أن السلف تطرق إليهم الشك فيما يعتقدونه مما ثبت به النص وأما مجرد دعواهم أن السلف شكاك فليس بدليل كما أن زعمهم أن السلف يشكون في إيمانهم بسبب تجويزهم الاستثناء فيه فهذا بسبب عدم معرفتهم المقصود بكلام السلف حينما أجازوا الاستثناء وذلك أنهم لم يجيزوه على سبيل الشك في إيمانهم ولكنهم أجازوه على سبيل التواضع وعدم تزكية النفس المنهي عنه ثم لعلمهم أن الإيمان يشتمل الإيتان بكل الأعمال المأمور بها واجتناب كل الأعمال المنهي عنها وهذا باب واسع فخافوا أن يثبتوه على وجه الجزم ويكونون قد قصروا في جانب منه وبهذا يتضح أنه لا وجه لتسميتهم بالشكاك وربما يكون تحويرهم الاستثناء على سبيل التواضع لله تعالى ولا مانع من حصول كل ذلك(116) .
5- وأما بالنسبة لنبزهم لأهل السنة بأنهم حشوية:
فهو بمعنى أنهم حشو الناس أي لا قيمة لهم أو بمعنى أنهم يروون الأحاديث لا يميزون بين صحيحها وسقيمها سواء أكانت صحيحة أو ضعيفة أو موضوعة أو متعارضة أو بمعنى أنهم مجسمة لله تعالى بسبب إثباتهم صفات الله تعالى وعدم نفيها أو تأويلها فانظر أخي القارئ إلى هذه الجرأة للمعتزلة ومن شايعهم كيف يفترون الكذب على السلف ثم إذا كان خيرة الناس لا قيمة لهم ولا اعتبار بكلامهم فلمن تكون القيمة والاعتبار؟ ألمن اتبعوا أهواءهم وحاربوا الله وردوا كلامه بشبهات ملاحدة الفلاسفة وأهل الكلام الباطل؟ أم لمن اتبع هدى الله تعالى وآمن به ظاهراً وباطناً؟ ولكن ما الذي يضير أهل السنة من السلف احتقار هؤلاء لهم بعد أن أكرمهم الله وأثنى عليهم في كتابه الكريم وأثنى عليهم نبيه وصفهم بالطائفة المنصورة القائمة على الحق إلى أن تقوم الساعة.
أما زعمهم أن السلف يروون الأحاديث كيفما اتفق فهي دعوى تدل على ضحالة معرفتهم بطريقة المحدثين وما امتازوا به من خدمة السنة من فحص الأحاديث وغربلتها كما يغربل الدقيق أو أشد.
وفحصهم كذلك لرجال الأسانيد فرداً فرداً حتى ليخيل للقارئ والسامع أنه ما من راوٍ للحديث إلا وكأنه قد عاش مع أهل السنة أهل الحديث في منزل واحد ومن تتبع طريقة السلف في رواية الأحاديث عرف عظم احتياطهم ومدى الجهود المباركة التي خدموا بها سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وأما تجسيم الله تعالى فحاشا أن يكون السلف مجسمة بل هم أعداء المجسمة والمحاربين لهم فإن مذهب السلف هو الابتعاد عن إطلاق مثل هذه العبارات على الله تعالى لا نفياً ولا إثباتاً حتى يستفسروا من قائلها لأنها تحمل معنى حقاً ومعنى باطلاً وعلى حسب ما يريد المتكلم بهذا يحكم السلف.
وعن تسمية أهل الباطل لأهل السنة حشوية يقول شيخ الإسلام رحمه الله في رده وذبه عنهم.
فقد تبين أن الذين يسمون هؤلاء وأئمتهم حشوية هم أحق بكل وصف مذموم يذكرونه وأئمة هؤلاء أحق بكل علم نافع وتحقيق وكشف حقائق واختصاص بعلوم لم يقف عليها هؤلاء الجهال المنكرون عليهم المكذبون لله ورسوله.
فإن نبزهم بالحشوية إن كان لأنهم يروون الأحاديث بلا تمييز فالمخالفون لهم أعظم الناس قولاً لحشو الآراء والكلام الذي لا تعرف صحته بل يعلم بطلانه.
وإن كان لأن فيهم عامة لا يميزون. فما من فرقة من تلك الفرق إلا من اتباعها من هو من أجهل الخلق وأكفرهم. وعوام هؤلاء هم عمار المساجد بالصلوات وأهل الذكر والدعوات والحجاج البيت العتيق والمجاهدون في سبيل الله وأهل الصدق والأمانة وكل خير في العالم فقد تبين لك أنهم أحق بوجوه الذم وأن هؤلاء أبعد عنها وإن الواجب على الخلق أن يرجعوا إليهم فيما اختصهم الله به من الوراثة النبوية التي لا توجد إلا عندهم (117).
6- وأما نبزهم لأهل السنة بأنهم نوابت بمعنى أن أهل السنة يشبهون نوابت الأشجار الصغيرة.
أي أنهم صغار في العلم والمعرفة كصغار النوابت من الأعشاب التي لم تكتمل قوتها ونضجها.
أو أنهم نوابت شر نبتوا في الإسلام مبتدعين فيه مغيرين له بزعمهم فإن هذا النبز من الافتراءات الكاذبة على أهل السنة الذين هم أساس العقيدة وحماتها الذين تربوا على فهمها والعمل بها ولم يعرفوا أو يعملوا بغيرها مما جاءت به الفلسفات الإلحادية وعلم الكلام الباطل والحقيقة أن نبزهم لأهل السنة بهذا الاسم يصدق عليه أنه من باب قلب الحقائق والمغالطات المكشوفة.
فإن الأحق بتسمية النوابت هم أهل الكلام المذموم والفلسفات الباطلة الذين نبتوا دون علم مسبق بالكتاب والسنة وإنما نبتوا على علم الكلام وأنواع الفلسفات المنحرفة التي لم تعرف عند المسلمين إلا بعد أن نبت هؤلاء فيهم.
وتسلطوا على معاني النصوص فعطلوها عن مدلولاتها وقالوا إن الله ليس له سمع ولا بصر ولا علم ولا استواء، إلى آخر أوصافهم السلوبية التي مفادها في النهاية إنكار وجود الله تعالى الذي تضمنه قولهم أن الله ليس فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا يحس ولا يشم ولا يشار إليه .. الخ.
مما جرأ الملاحدة على القول بأنه لا فرق بين المنكرين لوجود الله تعالى والواصفين له بتلك الصفات الجهمية الاعتزالية التي تدل أخيراً على إنكار وجوده سبحانه وأنه لا مكان له إلا في الذهن وافتراضاته الخيالية إذ أن شيئاً ليس هو فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا يحس ولا يشم ولا يشار إليه أمر لا يقبله عقل ولا يقره منطق.
7- أما نبزهم لأهل السنة بأنهم جبرية أو مجبرة أو قدرية فإنه بالتأمل في مذهب القدرية والجبرية وأهل السنة يتبين الحق من يستحق اسم الجبرية أهل السنة أم المبتدعة من خلال معرفة ما يلي :
1- مذهب القدرية المحتجون بالقدر على الله تعالى وهم المشركون.
2- مذهب الجبرية.
3- مذهب أهل السنة.
- فالقدرية المحتجون بالقدر هم الذين يزعمون رضى الله عن كل عمل يعملونه ويحتجون على الله بالقدر والمشيئة فيقولون قدر الله علينا فكيف يعاقبنا؟.
قال تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ }(118)الآية.
ومقصودهم أن الله تعالى لو كان يكره ما هم عليه من الشرك والسلوك لغيّر ذلك وعاقبهم ولكنه قد شاءه ورضيه وبذلك فلا عقوبة عليهم لأن الله قدره عليهم وجبرهم عليه لمشيئته النافذة له.
وفي مقابل هؤلاء جاءت فرقة أخرى تنفي أن يكون لله تعالى أي أثر في فعل الإنسان تركاً أو فعلاً بل الإنسان هو الذي يخلق فعله كما يريد.
وقد وصل الغلو بهؤلاء إلى القول : "بأن الله لا يعلم الأشياء قبل وقوعها وإن ما يفعله العباد أيضاً" لا يعلم به إلا بعد وقوعه فلا تأثير له في أي فعل يفعله العبد وهذا مذهب غلاة القدرية وقد انقرضوا فيما يذكره عنهم العلماء إلا أن المتأخرين منهم يثبتون علم الله بالأشياء قبل وقوعها ولكنه لا يتدخل في أعمال البشر بل هم الذين يخلقونها كما يريدون فهؤلاء القدرية (المعتزلة) هم نفاة القدر عن الله تعالى وهم ومن سبقهم على ضلال.
وأما الجبرية: فهم على النقيض من مذهب القدرية في أفعال العباد لأن المعتزلة القدرية لا يقولون بأن الله قدر على العبد فعله ولا جبره عليه فسلبوا عنه القدرة. الموضوع : السلف والسلفية المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: ابراهيم كمال توقيع العضو/ه:ابراهيم كمال | |
|
|
ابراهيم كمالعـضـو برونزي
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
| موضوع: رد: السلف والسلفية الخميس 17 يونيو 2010 - 0:07 | |
| بينما الجبرية على النقيض من ذلك يقولون كل عمل يعمله العبد فإنه مقدر عليه من الله ومجبور على فعله فهو كالريشة في مهب الريح فإن الله هو الفاعل الحقيقي بقوته وليس للعبد إلا نسبة الفعل إليه عن طريق المجاز، كما يقال تحركت الشجرة ونحو ذلك فسلبوا عن العبد القدرة والمشيئة التي أخبر الله تعالى عنها وجعلوا العبد أشبه ما يكون بالجماد المسير من غيره وإذا كان مذهب القدرية والجبرية هو ما تقدم فإن مذهب السلف بخلاف ذلك كله ومعنى هذا أنهم لا تصح تسميتهم لا قدرية ولا جبرية.
فإن معتقد أهل الحق أهل السنة والجماعة أن أفعال العباد تنسب إليهم حقيقة فإذا صلى أو صام أو سرق أو زنى فهو فعلة حقيقة وأيضاً بمشيئته التي لا تخرج عن إطارها العام عن مشيئة الله تعالى لها وخلقه لها كوناً ولو شاء الله لما تمكن العبد من أي فعل فالله هو الخالق الحقيقي لها والعبد هو الفاعل الحقيقي لها بتمكين الله له مع ملاحظة الفرق بين مشيئة الله الكونية والشرعية.
ويتضح من خلال ما تقدم ما يذكره أهل السنة من أن الجبرية أصابوا في قولهم أن الله هو الخالق لأفعال العباد بقدرته الكونية وأن القدرية أصابوا أيضاً في قولهم أن العبد هو المتسبب في فعله وبقدرته وهو مسؤول عنه ولكن الخطأ في قول الجبرية يكمن في زعمهم أن العبد لا فعل له ولا قدرة له وإنما هو مجبور والفاعل هو الله تعالى وأما الخطأ في قول القدرية فيكمن في قولهم أن العبد هو الذي يخلق فعله بقدرته وإرادته دون أن يكون لله تعالى تدخل في ذلك والحق في ذلك كله هو ما هدى الله إليه أهل طاعته كما سبق مستدلين بقوله تعالى : { وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ }(119)وقوله تعالى
: { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ }(120)وغير ذلك
من الآيات.
8- وأما نبزهم للسلف بأنهم ناصبة فقد كذب الرافضة وافتروا أن يكون أي شخص من السلف قد نصب العداوة لأهل البيت أو للرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ابتداءاً بعلي رضي الله عنه ثم جميع أهل البيت وهذا النبز دلالة قاطعة على جهل الرافضة بمذهب السلف في أهل البيت لأنهم لم يقرؤوا لهم ولم يطلعوا على كلامهم ومعتقدهم فيهم فأيهما أولى بهذا النبز الرافضة الذين نصبوا العداوة لكل المسلمين ابتداءًا بالصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان وبأهل البيت الذين لاقوا المصائب المتتالية عليهم بسبب مؤامرات الرافضة وخذلانهم لهم في أكثر من موقف والشواهد على هذا أكثر من أن تحصر.
أيهما أولى بهذا النبز هؤلاء أم السلف الذين يترضون عن كل واحد من أهل البيت ما دام صالحاً ويفضلونه على غيره بتلك الصفة ويقدمونه ولا يتبرؤون من أحد من المسلمين ما دام على الإسلام والتزام القرآن والسنة وقاعدة الرافضة "لا ولاء إلا ببراء" من أكبر الأدلة على بغضهم خيرة الصحابة الكرام وجرأتهم على تكفيرهم مخالفة لما ثبت من فضلهم في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
9- وأما نبزهم لمن عداهم من السلف وسائر المسلمين بالعامة فهو لقب تشنيع في مقابل تسميتهم لأنفسهم الخاصة وهذه التزكية الكاذبة لأنفسهم شابهوا فيها اليهود الذين سموا أنفسهم شعب الله المختار وسموا من عداهم بالجوييم فهل هؤلاء الباطنية هم خاصة الله بينما أحباءه ومتبعي أمره ونهيه هم العامة؟ الذين لا اعتبار بهم ولا قيمة لهم؟ بل أيهما العامل رجل متبع للنصوص الثابتة الموافقة للحق والعقل أم رجل متبع لهواه متدين بالخرافة يصدق ما لا يصدقه عاقل من الغلو في أشخاص مثلهم مثل غيرهم من البشر الذين قال الله فيهم :{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }.
وهذه التسمية لمن عداهم بالعامة هي مثل تسميتهم لمن عداهم بالجمهور ومن العجيب أن يحكموا على كل المسلمين بصفة واحدة بينما يقابل تلك التسمية تسمية واحدة لهم "الخاصة" الدالة على تعاليهم وغرورهم وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته لا تجتمع على ضلالة فكيف اجتمع المسلمون كلهم على الضلالة ولم يخرج عنها إلا هؤلاء الروافض الذين يكفرون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويتهمون أم المؤمنين وينتظرون مهدياً خرافياً يأتي بقرآن غير القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ويزعمون أن الأئمة يعلمون الغيب ولا يموتون إلا باختيارهم إلى غير ذلك من العقائد التي جمعها الكليني في كتابه الذي يقدسونه "الكافي" وغيره من كتبهم التي تدل على تطاولهم على سائر المسلمين دون أي دليل من عقل أو نقل غير ما زين لهم من سوء معتقداتهم المعبرة عن جهلهم وبعدهم عن سبيل المؤمنين {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً }(121).
10- وأما نبزهم لأهل السنة بأنهم مجسمة لإثباتهم صفات الله تعالى كما جاءت في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة.
فهو نبز أبان عن جهلهم بحقيقة عقيدة السلف وأبان عن قصورهم في الفهم السليم لنصوص الوحيين فإن لفظ التجسيم عند السلف هو من الألفاظ التي يجب التحرز منها عند إطلاقها على الله تعالى ولا بد أن نسأل من أطلقها عن مراده بالجسم فإن أراد بإطلاق الجسم على الله معناه في لغة العرب من أنه يوصف بصفات ويرى بالأبصار ويتكلم ويسمع ويبصر ويرضى ويغضب وأنه مستو وأنه تصح الإشارة إليه ويصح أن يسأل عنه بأين وأن له وجهاً ويدين فإطلاق الجسم بهذا المعنى صواب مع أن القائل مخطئ في إطلاق هذه العبارة التي أحدثها علماء الكلام وليكْتفِ بالألفاظ الشرعية مثل ليس كمثله شيء وله المثل الأعلى وقل هو الله أحد وغير ذلك.
وإن أراد بإطلاقه نفي الجسم عن الله تعالى أنه ليس جسماً مثل سائر الأجسام التي تتكون من أجزاء متفرقة فهو صواب فإن الله تعالى ليس كمثله شيء ومع تصويبه فإنه مخطئ في إطلاق هذه العبارة التي أحدثها علماء الكلام فإنه لم يعهد عن السلف أن أطلقوا لفظ الجسم على الله لا نفياً ولا إثباتاً فإن كان ولا بد من إطلاقها فلتكن بالألفاظ الشرعية التي تدل على تنزيه الله تعالى على الإطلاق مثل ليس كمثله شيء وقل هو الله أحد وله المثل الأعلى وغير ذلك من الألفاظ العامة المشتملة على التنزيه الصحيح كما تقدم وأما إن أريد بهذا الإطلاق نفي الجسمية عن الله تعالى بمعنى نفي صفاته الثابتة بالكتاب والسنة كالاستواء والنزول والوجه والسمع والبصر إلى آخر صفاته عزّ وجلّ – وهو ما يهدف إليه علماء الكلام فهذا النفي باطل بهذا المعنى لأن إثبات هذه الصفات لا يلزم منه وقوع التشبيه الذي حذره هؤلاء المبطلون بزعمهم فإن تصور إثبات الصفات أنه يقتضي التشبيه هو نفس التشبيه المذموم فإن النافي للصفات لم ينفها إلا بعد أن أصبح مشبهاً فيها فوقع في الخطأ الذي جره إلى خطأ أكبر منه وهو إثبات ذات خالية عن الصفات وهو أمر لا يمكن وقوعه إلا في تخيلات الذهن وهي تخيلات فاسدة وأما في خارج الذهن فلا يمكن وجودها.
وفي هذا يقول شيخ الإسلام رحمه الله :"فمن قال أنه جسم وأراد أنه مركب من الأجزاء فهذا قوله باطل وكذلك إن أراد أنه يماثل غيره من المخلوقات فقد علم بالشرع والعقل" أن الله ليس كمثله شيء في شيء من صفاته، فمن أثبت لله مثلاً في شيء من صفاته فهو مبطل ومن قال أنه جسم بهذا المعنى فهو مبطل ومن قال أنه ليس بجسم بمعنى أنه لا يرى في الآخرة ولا يتكلم بالقرآن وغيره من الكلام ولا يقوم به العلم والقدرة وغيرهما من الصفات ولا ترفع الأيدي إليه في الدعاء ولا عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم إليه ولا يصعد إليه الكلم الطيب ولا تعرج الملائكة والروح إليه فهذا قوله باطل وكذلك كل من نفى ما أثبته الله ورسوله وقال إن هذا تجسيم فنفيه باطل وتسمية ذلك تجسيماً تلبيس منه فله إن أراد أن هذا في اللغة يسمى جسماً فقد أبطل وإن أراد أن هذا يقتضي أن يكون جسماً مركباً من الجواهر الفردة أو من المادة والصورة أو إن هذا يقتضي أن يكون جسماً والأجسام متماثلة قيل له أكثر العقلاء يخالفونك في تماثل الأجسام المخلوقة وفي أنها مركبة فلا يقولون أن الهواء مثل الماء ولا أن الحيوان مثل الحديد والجبال فكيف يوافقونك على أن الرب تعالى يكون مماثلاً لخلقه إذا أثبتوا له ما أثبت له الكتاب والسنة والله تعالى قد نفى المماثلات في بعض المخلوقات وكلاهما جسم كقوله تعالى :{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }(122).
مع أن كلاهما بشر فكيف يجوز أن يقال إذا كان لرب السماوات علم وقدرة أن يكون مماثلاً لخلقه والله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله(123) .
ومن قال إن السلف مجسمة فقد افترى عليهم لأنهم من أبعد الناس ومن أشدهم تحذيراً من إطلاق العبارات التي فيها حق وصواب وانحراف وبطلان ومنها إطلاق الجسمية على الله تعالى فإن السلف يمنعون منعاً قاطعاً من إطلاقها على الله تعالى ولكن في حال إطلاقها يقيدونها بما سبق أن عرفته فكيف يصح وصفهم بعد هذا بأنهم مجسمة؟ وهل يصح أن يوصف النافي للشيء بأنه مثبت له؟.
11- وأما نبزهم لهم بأنهم غثاء وغثراء فهو بمعنى أن أهل السنة هم كالغثاء الذي يحمله السيل عند انحداره وكما ورد في الحديث "ولكنكم غثاء كغثاء السيل"(124).
والغثراء بمعنى سفلة الناس وأراذلهم والمعنى بهذا النبز الباطل أن أهل السنة هم سفلة الناس الذين هم كزبد السيل أي لا خير فيهم ولا نفع.
وهذه مغالطة ظاهرة وظلم واضح ويستطيع أي شخص أن يتبين صحة هذا حينما يتصور أن الناس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ظلوا على الهدى الذي تركهم عليه المصطفى إلى أن نبتت الدعوات الهدامة والآراء الضالة بسبب ترجمة كتب اليونان واستعلاء الأهواء فأي الفريقين يستحق هذا اللقب الذين بقوا على الحق ولا يزالون عليه وهو الأصل في المسلمين أم الذين انحرفوا وأخذوا بآراء اليونان وفلاسفتهم؟ وقد دخل الصحابي عائد بن عمرو على عبيد الله بن زياد فقال أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن شر الرعاء الحطمة فإياك أن تكون منهم فقال له اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال عائد رضي الله عنه وهل كانت لهم نخالة إنما النخالة كانت بعدهم وفي غيرهم (125).
12- وقد نبزوهم أيضاً بتسميتهم "زوامل أسفار" تشبيهاً لهم بالجمال التي يحمل عليها و "أصحاب أقاصيص وحكايات وأخبار" وكل هذه الأوصاف هم منها براء.
وإذا أتتك مذمتي من ناقص *** فهي الشهادة لي بأني فاضل
وفي الرد عليهم يقول أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني رحمه الله "وفي الحقيقة ما ثلموا إلا دينهم ولا سعوا إلا في هلاك أنفسهم وما للأساكفة(126) وصوغ الحلي وصناعة البز وما للحدادين وتقليب العطر والنظر في الجواهر أما يكفيهم صدأ الحديد ونفخ في الكير وشواظ(127) الذيل والوجه وغيرة في الحدقة وما لأهل الكلام ونقض حملة الأخبار "(128) . وهذا النقد يذكر القارئ بالمقالة المشهورة بين عامة الناس "رحم الله امرأ عرف قدره فوقف عنده".
ويصدق كلام السمعاني في اقتحام هؤلاء لما لا يحسنونه ما قرروه في عقائدهم من المتناقضات والجهل الشنيع من حيث ظنوا أنهم وصلوا إلى العلم الغزير فكانوا مثل التي نقضت غزلها بعد إحكامه في كل مرة أو من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً وقد قال عنهم من تبين له خطر ما هم عليه من العقائد الفاسدة يا ليتني أموت على دين أمي أو نحوه من الكلام الذي يتحسر فيه على ما فات من سنين عمره التي قضاها في الاشتغال بعلم الكلام وفلسفة اليونان.
(94) انظر وسيطة أهل السنة بين الفرق ص 112.
(95) وللدكتور صالح الفوزان جزاه الله خيراً تعقيبات قوية في الرد على أبي زهرة والدكتور سعيد البوطي فيما زعماه عن السلف في كتابه الجيد(( البيان لأخطاء بعض الكتاب )) انظر ص 127و 187 وانظر وسيطة أهل السنة بين الفرق ص 112 وص 113.
(96) أخرجه مالك في الموطأ ص 899 كتاب القدر .
(97) أخرجه البخاري مع الفتح ج 13ص 293 كتاب الاعتصام .
(98) أخرجه ابن ماجه ج 2 ص 1322 كتاب الفتن .
(99) الحديث : هو ما أضيف إلى النبي صلى الله علسه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة – كما تقدم .
(100) انظر وسطية أهل السنة ص 118 .
(101) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام ج 13 ص 293 .
(102) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام ج 13 ص 293 .
(103) أخرجه الترمذي في كتاب الفتن ج4 ص 485 باب ما جاء في الشام .
(104) سورة االبقرة : 140 .
(105) لنجم: من الآية32
(106) يونس:82
(107) لأعراف: الآية155
(108) المائدة: الآية116
(109) انظر صحيح البخاري ج 3 ص29 ومسلم ج 1 ص 521 .
(110) لأنفال: الآية2
(111) مريم: الآية76
(112) البخاري الفتح ج1 ص51 ومسلم في باب شعب الإيمان ج1 ص 210 .
(113) صحيح مسلم كتاب الإيمان ج 1 ص 50 .
(114) الشريعة ص111 .
(115) انظر الشريعة للآجري ص 112 .
(116) انظر وسطية أهل السنة بين الفرق ص 130 .
(117) الفتاوى ج4 ص 87 .
(118) النحل: الآية35
(119) الإنسان: الآية30
(120) البقرة: الآية253
(121) النساء: الآية38
(122) محمد: من الآية38
(123) انظر مجموع الفتاوى ج 17 ص 317 .
(124) أخرجه أبو 4/111 وأحمد 5/ 278 من حديث ثوبان رضي الله عنه .
(125) انظر أبو داود 4/ 200 الترمذي 5/ 44 وابن ماجه 1/15 وأحمد 4/ 126 .
(126) الخرازون الذين يصنعون الخفاف .
(127) اللهب الذي لا دخان له .
(128) الانتصار لأصحاب الحديث ص 2 الموضوع : السلف والسلفية المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: ابراهيم كمال توقيع العضو/ه:ابراهيم كمال | |
|
|