أدلة
التحريم من السنة النبوية الشريفة:
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ليكونن
من أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف، و لينزلن أقوام
إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم لحاجة، فيقولون: ارجع إلينا
غدا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة
»
(رواه البخاري تعليقا برقم 5590، ووصله الطبراني والبيهقي، وراجع السلسلة
الصحيحة للألباني 91).
وقد أقرّ بصحة هذا الحديث أكابر أهل العلم
منهم الإمام ابن حبان، والإسماعيلي، وابن صلاح، وابن حجر العسقلاني، وشيخ
الإسلام ابن تيمية، والطحاوي، وابن القيم، والصنعاني، وغيرهم كثير.
وقال
الإمام ابن القيم رحمه الله: "ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئا
كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي، وزعم أنه منقطع لأن البخاري
لم يصل سنده به". وقال العلامة ابن صلاح رحمه الله: "ولا التفات إليه (أى
ابن حزم) في رده ذلك..وأخطأ في ذلك من وجوه..والحديث صحيح معروف الاتصال
بشرط الصحيح" (غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب لإمام السفاريني).
وفي
الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين:
أولاهما
قوله صلى الله عليه وسلم: "يستحلون"، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها
المعازف هي في الشرع محرمة، فيستحلها أولئك القوم.
ثانيا: قرن المعازف مع ما
تم حرمته وهو الزنا والخمر والحرير، ولو لم تكن محرمة - أى المعازف - لما
قرنها معها" (السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف). قال شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله: "فدل هذا الحديث على تحريم المعازف، والمعازف هي آلات
اللهو عند أهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها" (المجموع).
وروى
الترمذي في سننه عن جابر رضي الله عنه قال: « خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخيل، فإذا ابنه
إبراهيم يجود بنفسه، فوضعه في حجره ففاضت عيناه، فقال عبد الرحمن: أتبكي
وأنت تنهى عن البكاء؟ قال: إني لم أنه عن البكاء، وإنما نهيت عن صوتين
أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: خمش
وجوه وشق جيوب ورنة » (قال الترمذي: هذا الحديث حسن، وحسنه
الألباني صحيح الجامع 5194).
وقال صلى الله عليه و سلم: « صوتان
ملعونان، صوت مزمار عند نعمة، و صوت ويل عند مصيبة »
(إسناده حسن، السلسلة الصحيحة 427)
وعن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال: « ليكونن في هذه الأمة
خسف، وقذف، ومسخ، وذلك إذا شربوا الخمور، واتخذوا القينات، وضربوا بالمعازف
» (صحيح بمجموع طرقه، السلسلة الصحيحة 2203)
قال
صلى الله عليه وسلم: « إن الله حرم على أمتي الخمر،
والميسر، والمزر، والكوبة، والقنين، وزادني صلاة الوتر »
(صحيح، صحيح الجامع 1708). الكوبة هي الطبل، أما القنين هو الطنبور
بالحبشية (غذاء الألباب).
وروى أبي داوود في سننه عن نافع أنه قال: «
سمع ابن عمر مزمارا، قال: فوضع أصبعيه على أذنيه، ونأى عن
الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئا؟ قال: فقلت: لا ! قال: فرفع أصبعيه
من أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع مثل هذا! فصنع مثل
هذا » (حديث صحيح، صحيح أبي داوود
4116).
و علق على هذا الحديث الإمام القرطبي قائلا: "قال علماؤنا: إذا
كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل هذا الزمان
وزمرهم؟!" (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي).
أقوال
أئمة أهل العلم:
قال الإمام عمر بن عبد العزيز
رضى الله عنه: الغناء مبدؤه من
الشيطان وعاقبته سخط الرحمن (غذاء الألباب)، ولقد نقل الإجماع على حرمة
الاستماع إلى الموسيقى والمعازف جمع من العلماء منهم: الإمام القرطبي وابن
الصلاح وابن رجب الحنبلي. فقال الإمام أبو العباس القرطبي: الغناء ممنوع
بالكتاب والسنة وقال أيضا: "أما المزامير والأوتار والكوبة (الطبل) فلا
يختلف في تحريم استماعها ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة
الخلف من يبيح ذلك، وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ومهيج
الشهوات والفساد والمجون؟ وما كان كذلك لم يشك في تحريمه ولا تفسيق فاعله
وتأثيمه" (الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيثمي). وقال ابن الصلاح:
الإجماع على تحريمه ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف
أنه أباح الغناء..
قال القاسم بن محمد رحمه
الله: الغناء باطل، والباطل في
النار.
وقال الحسن البصري رحمه الله: إن كان في الوليمة لهو –أى غناء و
لعب-، فلا دعوة لهم (الجامع للقيرواني).
قال
النحاس رحمه الله: هو ممنوع بالكتاب والسنة، وقال
الطبري: وقد أجمع علماء الأمصار على
كراهة الغناء، والمنع منه. و يقول الإمام الأوزاعي رحمه الله: لا تدخل
وليمة فيها طبل ومعازف.
قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب
الإمام أبي حنيفة: "وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار
والدف، حتى الضرب بالقضيب، وصرحوا بأنه معصية توجب الفسق وترد بها الشهادة،
وأبلغ من ذلك قالوا: إن السماع فسق والتلذذ به كفر، وورد في ذلك حديث لا
يصح رفعه، قالوا ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في
جواره" (إغاثة اللهفان) وروي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: الغناء من أكبر
الذنوب التي يجب تركها فورا. وقد قال الإمام السفاريني في كتابه غذاء
الألباب معلقا على مذهب الإمام أبو حنيفة: "وأما أبو حنيفة فإنه يكره
الغناء ويجعله من الذنوب، وكذلك مذهب أهل الكوفة سفيان وحماد وإبراهيم
والشعبي وغيرهم لا اختلاف بينهم في ذلك، ولا نعلم خلافا بين أهل البصرة في
المنع منه".
وقد قال القاضي أبو يوسف تلميذ الإمام أبى حنيفة حينما
سئل عن رجل سمع صوت المزامير من داخل أحد البيوت فقال: "ادخل عليهم بغير
إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض".
أما
الإمام مالك فإنه نهى عن الغناء و عن استماعه، وقال رحمه الله عندما سئل عن
الغناء و الضرب على المعازف: "هل
من عاقل يقول بأن الغناء حق؟ إنما يفعله عندنا الفساق" (تفسير القرطبي).
والفاسق في حكم الإسلام لا تقبل له شهادة ولا يصلي عليه الأخيار إن مات، بل
يصلي عليه غوغاء الناس وعامتهم.
قال
ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام الشافعي رحمه الله:
"وصرح أصحابه - أى أصحاب الإمام الشافعى - العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا
على من نسب إليه حله كالقاضي أبي الطيب الطبري والشيخ أبي إسحاق وابن
الصباغ" (إغاثة اللهفان). وسئل الشافعي رضي الله عنه عن هذا؟ فقال: أول من
أحدثه الزنادقة في العراق حتى يلهوا الناس عن الصلاة وعن الذكر (الزواجر عن
اقتراف الكبائر).
قال ابن القيم رحمه الله: "وأما مذهب الإمام أحمد
فقال عبد الله ابنه: سألت أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق بالقلب،
لا يعجبني، ثم ذكر قول مالك: إنما يفعله عندنا الفساق" (إغاثة اللهفان).
وسئل رضي الله عنه عن رجل مات وخلف ولدا وجارية مغنية فاحتاج الصبي إلى
بيعها فقال: تباع على أنها ساذجة لا على أنها مغنية، فقيل له: إنها تساوي
ثلاثين ألفا، ولعلها إن بيعت ساذجة تساوي عشرين ألفا، فقال: لاتباع إلا
أنها ساذجة. قال ابن الجوزي: "وهذا دليل على أن الغناء محظور، إذ لو لم يكن
محظورا ما جاز تفويت المال على اليتيم" (الجامع لأحكام القرآن). ونص
الإمام أحمد رحمه الله على كسر آلات اللهو كالطنبور وغيره إذا رآها مكشوفة،
وأمكنه كسرها (إغاثة اللهفان).
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام...ولم يذكر أحد من أتباع
الأئمة في آلات اللهو نزاعا" (المجموع). وقال أيضا: "فاعلم أنه لم يكن في
عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر
ولا المغرب ولا العراق ولا خراسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من
يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية لا بدف ولا بكف ولا بقضيب وإنما أحدث
هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه" وقال في موضع
آخر: "المعازف خمر النفوس، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس"
(المجموع)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في
بيان حال من اعتاد سماع الغناء:
"ولهذا يوجد من اعتاده واغتذى به لا يحن على سماع القرآن، ولا يفرح به،
ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في سماع الأبيات، بل إذا سمعوا القرآن
سمعوه بقلوب لاهية وألسن لاغية، وإذا سمعوا المكاء والتصدية خشعت الأصوات
وسكنت الحركات وأصغت القلوب" (المجموع).
الموضوع : حكم الأغاني و الموسيقى المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya