مَنْ هَؤُلاَءِ؟ ومَنْ
هَؤُلاَءِ؟
وهنا يأتي السؤال من الداعون إلى
المولد ومن الرافضون له؟ والجواب أن الرافضين للمولد هم أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم الكـرام، ونقول الرافضين -تجوزاً- فالمولد هذا ما كان في
عصرهم قط، ولم يعرفوه أبدا، ولا خطر ببالهم أصلا، وعلى هذا كان التابعون
وتابعوهم وأئمة السلف جميعاً ومنهم الأئمة الأربعة أعلام المذاهب الفقهية
المشهورة.
وعلماء الحديث قاطبةً إلا من شذ منهم في
عصور متأخرة عن القرون الثلاثة الأولى قرون الخير، وكل من سار على دربهم
ومنوالهم إلى يومنا هذا.
وهؤلاء هم السلف والأمة
المهتدية الذين أمرنا الله باتباعهم والترضي عنهم، وفيهم الخلفاء الراشدون
المهديون الذين أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم فقال :
[عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ
وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة] (أخرجه ابن أبي عاصم في (السنة)
والترمذي وابن ماجه من حديث العرباض بن سارية وصححه الألباني)
فهل
كان هؤلاء من جعل يوم مولده عيداً، ومن خصه بشيء من العبادات أو العادات
أو التذكير أو الخطب، أو المواعظ.
وإذا كانت الأمة
الصالحة هي ما ذكرنا وهي التي لم تحتفل بيوم مولده، وتركت ذلك تعظيماً
للرسول صلى الله عليه وسلم لا إهانة له، ومعرفة بحقه لا جحوداً لحقه، فمن
إذن الذين ابتدعوا الاحتفال بمولده، وأرادوا -في زعمهم- أن يعظموا الرسول
صلى الله عليه وسلم بما يعظمه به سلف الأمة الصالح، وأرادوا أن يحيُّوُهُ
صلى الله عليه وسلم بما لم يُحَيِّه به الله؟
والجواب:
أن أول من ابتدع ذلك هم ملوك الدولة الفاطمية في القرن الرابع الهجري ومن
تسمى منهم باسم (المعز لدين الله) ومعلوم أنه وقومه جميعا إسماعيليون
زنادقة، متفلسفون. أدعياء للنسب النبوي الشريف، فهم من ذرية عبد الله بن
ميمون القداح اليهودي الباطني وقد ادعوا المهدية وحكموا المسلمين بالتضليل
والغواية، وحولوا الدين الى كفر وزندقة وإلحاد.
فهذا
الذي تسمى (بالحاكم بأمر الله)، هو الذي ادعى الألوهية وأسس جملة من
المذاهب الباطنية الدرزية احدها، وأرغم المصريين على سب أبي بكر وعمر
وعائشة وعلق ذلك في مساجد المسلمين ومنع المصريين من صلاة التراويح، ومن
العمل نهاراً إلى العمل ليلاً ونشر الرعب والقتل واستحل الأموال وأفسد في
الأرض، مما تعجز المجلدات عن الإحاطة به. وفي عهد هؤلاء الفاطميين أيضا
وبإفسادهم في الأرض أكل المصريون القطط والكلاب وأكلوا الموتى، بل وأكلوا
أطفالهم.
وفي عهد هؤلاء الذين ابتدعوا بدعة المولد
تمكن الفاطميون والقرامطة من قتل الحجاج وتخريب الحج، وخلع الحجر الأسود.
والخلاصة:
أن بدعة المولد نشأت من هنا، وهل يقول عاقل أن هؤلاء الزنادقة الملحدون قد
اهتدوا إلي شيء من الحق لم يعرفه الصديق والفاروق وعثمان وعلي والصحابة
والسلف الأئمة وأهل الحديث؟ هل يكون كل هؤلاء على باطل وأولئك الكفرة
الملاعين على الحق؟ وإذا كان قد اغتر بدعوتهم بعض من أهل الصلاح والتقوى
وظن -جهلاً منه- أن المولد تعظيم للرسول صلى الله عليه وسلم ومحبة له هل
يكون الجاهلون المغفلون حجة في دين الله؟!
ماذا في المولد؟ وما الذي يصنع فيه؟
ونأتي
الآن إلى سؤال هام: وماذا في المولد؟ وما الذي يصنع فيه؟
والجواب:
أن الذين يحتفلون بالمولد هم في أحسن أحوالهم مبتدعون، مفتئتون على رسول
الله صلى الله عليه وسلم مستدركون عليه. مجهلون لسلف الأمة وأئمتها. هذا في
أحسن الأحوال إذا صنعوا معروفا في الأصل لتذكر لنعمة الله بإرسال الرسول
صلى الله عليه وسلم، وقراءة في سيرته وصلاةٍ وسلامٍ عليه، وإظهارٍ للفرح
والسرور بمبعثه، ونحو ذلك مما هو من الدين في الجملة ولكنه لم يشرع في هذه
المناسبة. ولكن الحق أن أهل الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هم في
العموم ليسوا على شيء من هذا أصلا.
فالمولد عندهم
بدعة أنشأت بدعاً منكرة، بل شركاً وزندقة، فالاحتفال بالمولد عند أهله
المبتدعين نظام وتقليد معين، واحتفال مخصوص بشعائر مخصوصة وأشعار تقرأ على
نحو خاص، وهذه الأشعار تتضمن الشرك الصريح، والكذب الواضح.
وعند
مقاطـع مخصوصة من هذا الشعر يقوم القوم قياماً على أرجلهم زاعمين أن
الرسول صلى الله عليه وسلم يدخل عليهم في هذه اللحظة ويمدون أيديهم للسلام
عليه، وبعضهم يُطفئ الأنوار، ويضعون كذلك كأساً للرسول صلى الله عليه وسلم
ليشرب منه، فهم يضيفونه في هذه الليلة!! ويضعون مكاناً خاصاً له ليجلس فيه
بزعمهم - إما وسط الحلقة، وإما بجانب كبيرهم.. الذي يدَّعي بدوره أنه من
نسله.
ثم يقوم (الذِكر) فيهم علي نظام مخصوص بهز الرأس
والجسم يميناً وشمالاً وقوفاً على أرجلهم، وفي أماكن كثيرة يدخل حلقات
(الذِكر) هذه الرجال والنساء جميعاً.
وتذكر المرأة
هزاً علي ذلك النحو حتى تقع في وسط الجميع ويختلط الحابل بالنابل حتى أن
شعوباً كثيرة ممن ابتليت بهذه البدعـة المنكرة اذا أرادت أن تصف أمرا
بالفوضى وعدم النظام يقولون (مولد) يعنون أن هذا الأمر في الفوضى وعدم
النظام يشبه الموالد.
والعجيب أن هذه الزندقة التي
ابتلي به العالم الإسلامي منذ الفاطميين وإلى يومنا هذا -وإن كان قد خف
شرها كثيراً- والتي ابتدعها القوم تعظيما للرسول صلى الله عليه وسلم في
زعمهم لم يقصروها على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل جعلوا لكل أفاكٍ
منهم مولداً، ولكل زنديق مدع للولاية مولداً، وبعض هؤلاء يعظم مولد هؤلاء
ما لا يعظمون مولد الرسول صلى الله عليه وسلم.
فهذا
مولد من يسمى (بالسيد البدوي) الذي لا يعرف له اسم ولا نسب والذي لم يثبت
قط أنه صلى جمعة أو جماعـة والذي لا يعرف أيضاً أكان ذكراً أم أنثى حيث أنه
لم يكشف وجهه قط!! وكان ملثماً أبداً!! هذا (السيد البدوي) والذي أنكر أهل
مكة أن يكون منهم أو يعرفوه - يحتفل بمولده أعظم من الاحتفال بمولد رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
فإلى اليوم يجتمع بمولده في
أسبوع واحد أكثر من سبعة ملايين شخص وهو عدد أعظم من العدد الذي يجتمع في
الحج.
فإذا كان أمثال هؤلاء تُعظم موالدهم
واحتفالاتهم على نحو ذلك، فهل يكون هذا أيضاً من تعظيم الرسول؟!
وهل
من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل (المعز الفاطمي) وهو الذي
ابتدع بدعة المولد النبوي. لنفسه مولداً كمولد رسول الله صلى الله عليه
وسلم؟ فهل أراد تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته حقا؟! وإذا
كانوا قد نافسوه في هذه العظمة بل احتفلوا بغيره أعظم من احتفالهم به صلى
الله عليه وسلم فهل هذا دليل محبتهم وتوقيرهم لرسول الله صلى الله عليه
وسلم؟!
فليتهم اذا ابتدعوا بدعة المولد أن يكونوا قد
حرموها على غير رسـول الله صلى الله عليه وسلم وقصروها عليه لمنزلته
ومكانته، ولكنهم ابتدعوه قنطرة يقفزون عليها لتعظيم أنفسهم واتباع أهوائهم،
وجعل هذا مناسبة لترويج مذاهب بعينها وعقائد مخصوصة يعرفها من قرأ شيئا عن
الفكر الصوفي والفكر الباطني..
عقيدة
الأمة في الرسول غير عقيدة هؤلاء!
والحق أن
عقيدة الأمة الإسلامية المهتدية في الرسول صلى الله عليه وسلم غير عقيدة
هؤلاء المبتدعين.. فرسـول الله صلى الله عليه وسلم عند المسلم الحقيقي هو
النبي والرسول الذي تجب طاعته قبل كل أحد وبعد كل أحد، ولا تجوز معصيته،
والذي يجب محبته فوق كل أحد والذي لا دخول للجنة إلا بمحبته وطاعته واقتفاء
أثره، وأنه النبي الخاتم الذي جاء بالتوحيد والإيمان والدين الصحيح الذي
يعبد به الله وحده لا شريك له..
الموضوع : حقيقة الاحتفال بالمولد النبوي المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya