المتقون يدعون ما لا بأس به حذراً مما به بأس ويتقون الشبهات
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال :" لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك فى الصدر ".(1)
قال الحافظ : المراد بالتقوى وقاية النفس عن الشرك والاعمال السيئة والمواظبه على الأعمال الصالحة ، وقوله " حاك" أى تردد ففيه إشارة أن بعض المؤمنين بلغ كنه الإيمان وحقيقته ، وبعضهم لم يبلغ . وقد أخرج ابن أبى الدنيا فى كتاب التقوى عن ابى الرداء قال :( تمام التقوى أن تتقى الله حتى تترك ما ترى أنه حلال خشية أن يكون حراماً ). (2)
وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال :" دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ".(3)
ومعنى ذلك أنهم يتركون كل ما يشكون فى حلة فإن الحلال المحض لا يحصل للمؤمن فى قلبه شك ، وغنما تسكن إليه النفس ، ويشبه هذا الحديث
كذلك قوله صلى الله عليه وسلم :( إن الحلال بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرا لدينه وعرضه ، ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام ). (1)
فالمتقون يتورعون عن الشبهات وعما يرتابون فيه ما ليس حلالاً بينا ، وذلك أدعى أن يتورعوا عن الحرام البين ، ومن اجترأ على الشبهة اجترأ كذلك على الحرام ، ففى رواية الصحيحين : ( فمن ترك ما يشتبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك ) يعنى : أن ترك الإثم مع اشتباهه عليه فهو أولى بتركه إذا استبان أنه إثم .
قال ابن رجب رحمه الله : وههنا أمر ينبغى التفطن له وهو أن التدقيق فى التوقف
عن الشبهات إنما يصلح لمن استقامت أحواله كلها وتشابهت أعماله فى التوقف والورع ،
فأما من يقع فى انتهاك المحرمات الظاهره ثم يريد أن يتورع عن شئ من دقاءق الشبهة فإنه
لا يحتمل له ذلك بل ينكر عليه ،
كما قال ابن عمر لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق : يسألوننى عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( هما ريحانتاى من الدنيا ) .(2)
وسأل رجل بشر بن الحرث عن رجل له زوجه وامه تأمره بطلاقها :
فقال إن كان بر أمه فى كل شئ ولم يبق من برها إلا طلاق زوجته فليفعل ، وإن كان يبرها بطلاق زوجته ثم يقوم بعد ذلك يشترى بقلاً ويشترط الخوصة – يعنى التى تربط بها حزمة لبقل – فقال أحمد : إيش هذه المسائل ؟ قيل : إن إبراهيم بن أبى نعيم
يفعل ذلك . فقال أحمد : إن كان إبراهيم بن أبى نعيم فنعم ، هذا يشبه ذاك ، وغنما أنكر هذه المسائل ممن لا يشبه حاله ، وأما أهل التدقيق فى الورع فيشبه حالهم هذا ، وقد كان الإمام أحمد نفسه يستعمل فى نفسه هذا الورع فإنه أمر من يشترى له سمناً فجاء على ورقة فأمر برد إلى البائع . (1)
الموضوع : المتقون يدعون ما لا بأس به حذراً مما به بأس ويتقون الشبهات المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: ابراهيم كمال توقيع العضو/ه:ابراهيم كمال |
|