ثمرات التقوى
ونختم هذا البحث المعطار بذكر ثمرات التقوى العاجلة والاجلة نسأل الله سعادة الأولى والأخرة فالتقوى هى أعظم سبب للسعادة فى الدنيا والأخرة ، بل لا سعادة بدونها ، لأن مدار التقوى على معرفة الله عز وجل معرفة تشغل العبد بطاعته وذكره وشكره ، وهذه من سعادة النفوس ، وما يترتب على ذلك من محبة الله عز وجل والرضا به وحسن التوكل عليه .
سعادة أعظم من السعادة الأولى ، فالمتقون يسعدون بالطاعة وثمارها فى الدنيا ، وشاهد هذه السعادة فى نفس العبد أنه إذا وقع فى معصية الله عز وجل لضعف وازع التقوى كم يجد من حرج فى صدره وضيق ووحشه بينه وبين الله عز وجل وبين عباد الله المؤمنين ، فلو حصلت له الدنيا بحذافيرها لم تعوضه هذه الوحشة .
يقول ابن القيم رحمه الله واصافاً من ذاق شيئاً من سعادة التقوى ثم حرم ذلك :
" ومن ذاق شيئاٍ من ذلك طريقاً موصلة إلى الله ثم تركها واقبل على إرادته وراحاته وشهواته ولذاته وقع فى أثار المعاصب ، وأودع قلبه سجون المضايق ، وعذب فى حياته عذاباً لم يعذب به احد من العالمين ، فحياته عجز وغم وحزن ، وموته كدر وحسره ، ومعاده أسف وندامه ، قد فرط عليه أمره وشتت عليه شمله ، وأحضر نفسه الغموم والاحزان ، فلا لذة الجاهلين ،
ولا راحة العارفين ، يستغيث فلا يغاث ، ويشتكى فلا يشتكى ،
فقد ترحلت أفراحه وسروره مدبرة ، واقبلت الامه وأحزانه وحسراته ، فقد أبدل بأنسه وحشه ، ويعزه ذلاً ، وبغناه فقراً ، وبجمعيته تشتتاً ، وابعدوه فلم يطظفر بقربهم ،
وأبدلوه مكان الأنس إيحاشاً ذلك بأنه عرف طريقه إلى الله ثم تركها وناكب عنها مكباً
على وجهه ، فأبصر ثم عمى ، وعرف ثم انكر ، واقبل ثم أدبر ، ودعى فما أجاب وفتح
له فولى ظهره للباب ، وقد ترك طريق مولاه ، واقبل بحليته على هواه التوحيد
وميادين الأنس ورياض المحبه ،
وموائد القرب قد انحط بسبب إعراضه عن إلهه الحق إلى أسفل سافلين ، وحصل فى عداد الهالكين ، فنار الحجاب تطلع كل وقت على فؤاده ، وإعراض الكون عنه إذا أعرض عنه مولاه حائل بينه وبن مراده ". (1)
إلى أخر ما ذكره رحمه الله فلا يستطيل ما ذكرناه والله يعصمنا من الزلل ويمن علينا بصالح القول والعمل ، وكما رزقنا محبة الصالحين نساله تعالى أن يرزقنا سلوك طريقهم وذوق حلاوة مواجيدهم ، ونعوذ به من السلب بعد العطاء ، ومن الحور بعد الكور ، وفى حدائق التقوى ننزه قلوبنا وجوارحنا برؤية ثمرات التقوى وبشارات المتقين ، والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم
الموضوع : ثمرات التقوى المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: ابراهيم كمال توقيع العضو/ه:ابراهيم كمال |
|