الثمرات الأجله
1- تكفير السيئات وهو سبب النجاة من النار , وعظم الأجر وهو سبب
الفوز بدرجات الجنة :
قال تعالى : ] وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [ .... ( الطلاق : 5 )
قال ابن كثير رحمه الله : أى : يذهب عنهم المحظور , ويجزل لهم الثواب على العمل اليسير . (1)
وقال ابن جرير رحمه الله : ومن يخف الله فيتقه باجتناب معاصيه وأداء فرائضه يمحو الله عنه ذنوبه وسيئات أعماله ( وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ) يقول ويجزل له الثواب على عمله ذلك وتقواه , ومن إعظامه له الأجر أن يدخله جنته فيخلده فيها . (2)
وقال تعالى : ] وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ [ ...... ( المائده : 65 )
ولا يصدر عن النار بعد ورودها إلا المتقون قال الله تعالى : ] وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا [ ...... ( مريم 71 – 72 )
2- عز االفوقية فوق الخلق يوم القيامة :
قال الله تعالى : ] زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [ ...... ( البقره : 212 )
قال القاسمى رحمة الله : ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ) حتى بدلوا النعمة ( الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) لحضورها فألهتهم عن رغائب الأخرة .
قال الحدالى : ففى ضمنه إشعار بأن استحسان بهجة الدنيا كفر ما , من حيث إن نظر العقل والإيمان يبصر طيتها ويشهر جيفتها فلا يغتر بزينتها وهى أفة الخلق فى انقطاعهم عن الحق , فأبهم تعالى المزين فى هذه الاية ليشمل أدنى التزيين الواقع على لسان الشيطان . وأخفى التزيين الذى يكون من استدراج الله كما فى قوله تعالى: ] كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ [ ............ ( الأنعام : 108 )
قوله ( وَيَسْخَرُونَ ) أى : يهزأون ( مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ ) وهذا كما قال تعالى : ] إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ [ ..... ( المطففين : 29 – 30 )
( وَالَّذِينَ اتَّقَواْ ) وهم المؤمنون وإنمات ذكروا بعنوان التقوى لحضهم عليها , وإيذاناً بترتيب الحكم عليها ( فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) لأنهم فى عليين وهم فى أسفل سافلين , أو لأنهم يتطاولون عليهم فى الاخرة فيسخرون منهم كما سخروا منهم فى الدنيا , كما قال تعالى : ] فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ [ ..... ( المطففين : 34 – 35 )
ولذا قال الراغب : يحتمل قوله تعالى ( فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وجهين :
أحدهما : أن حال المؤمنين فى الاخرة أعلى من حال الكفار فى الدنيا .
والثانى : أن المؤمنين فى الاخرة فى الغرفات , والكفار فى الدرك الأسفل من النار (1)
انتهى .
3- ميراث الجنة فهم أحق الناس بها وأهلها , بل ما اعد الله الجنة إلا لأصحاب هذه الرتبة العلية والجوهرة البهية
قال تعالى : ] تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا [ ..... ( مريم : 63 )
فهم الورثة الشرعيون لجنة الله عز وجل .
قال الزمخشرى رحمة الله : ( نُورِثُ ) وقرئ ( نُورّث ) أستعارة أى : نبقى عليه الجنة كما نبقى على الوارث مال المورث , ولأن الاتقياء يلقون ربهم يوم القيامة قد انقطعت أعمالهم وثمراتها باقية وهى الجنة , فإذا أدخلهم الجنة فقد أورثهم من تقواهم كما يورث المال من المتوفى , وقيل أورثوا من الجنة المساكن التى كانت لآهل النار لو أطاعوا (1)
وقال تعالى : ] وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [ .. ( آل عمران : 133 )
وقال تعالى : ] إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [ ..... ( القلم : 34 )
4- وهم لا يذهبون الى الجنة سيراً على أقدامهم بل يحشرون اليها ركباناً :
مع أن الله عز وجل يقرب اليهم الجنة تحية لهم ودفعاً لمشتقهم كما قال تعالى :
] وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ [ ....... ( ق : 31 )
وقال تعالى : ] يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا [ ..... ( مريم : 85 )
قال ابن كثير رحمه الله :
يخبر تعالى عن أوليائه المتقين الذين خافوه فى الدار الدنيا , واتبعوا رسله , وصدقوهم فيما أخبروا , وأطاعواهم فيما أمروهم به , وانتهوا عما زجروهم , انه يحشرهم يوم القيامة
وفداً اليه , والوفد هم القادمون ركباناً , ومنه الوفود , وركوبهم على نجائب من نور من مراكب الدار الاخرة وهم قادمون على خير موفود إليه الى دار كرامته ورضوانه . (2)
وقال الزمخشرى رحمة الله :
ذكر المتقون بلفظ التبجيل , وهو أنهم يجمعون إلى ربهم الذى غمرهم برحمته وخصهم برضوانه وكرامته , كما يفد الوفاد على الملوك منتظرين للكرامة عندهم , وعن علىّ رضى الله عنه : ما يحشرون والله على أرجلهم ولكنهم على نوق رحالها ذهب , وعلى نجائب سروجها ياقوت . (1)
5- وهم لا يدخلون أدنى درجاتها بل يفوزون فيها بأعلى الدرجات وأفضل النعيم نسأل الله من فضله العظيم
قال تعالى : ] إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا [ ..... ( النبأ : 31 )
وقال تعالى : ] هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ [ ..... ( ص : 49 ) والمأب هو المرجع والمنقلب , ثم فصل ذلك عز وجل فقال تعالى : ] جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ [..... ( ص : 50 – 54 )
وبين الله عز وجل قربهم من الحضرة واللقاء والرؤية والبهاء . فقال عز وجل :
] إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ [ ..... ( القمر : 54 – 55 )
قال القرطبى : ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ ) أى : مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم , وهو الجنة
( عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ) أى : يقدر على ما يشاء وعند هاهنا عندية القربة والزلفة والمكانة والرتبة والكرامة والمنزلة . (2)
وقال الزمخشرى : ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ ) فى مكان مرضى , وقرئ فى مقاعد صدق عند مليلك مقتدر مقربين عند مليك مبهم أمره فى الملك والاقتدار , فلا شئ إلا وهو تحت ملكه وقدرته , فاى منزلة أكرم من تلك المنزلة وأجمع للغبطة كلها والسعادة بأسرها (1) ولا عجب فى ذلك فقد جمع الله عز وجل للمتقين كل نعيم الاخرة فقال تعالى : ] وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [ ...... ( الزخرف : 35 )
وقال تعالى : ] وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [ ...... ( القصص : 83 )
ووصف دارهم فقال عز وجل : ] وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ [..... ( النحل : 30 )
6- وهى تجمع بين المتحابين من أهلها حين تنقلب كل صداقة
ومحبة الى عداوة ومشاقة
قال تعالى : ] الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [ ..... ( الزخرف : 67 )
قال الزمخشرى :
تتقطع فى ذلك اليوم كل خلة بين المتخالين فى غير ذات الله وتنقلب عداوة ومقتاً إلا خلة المتصادقين فى الله فإنها الخلة الباقية المزدادة قوة إذا رأوا ثواب التحاب فى الله تعالى والتباغض فى الله وقيل : إلا المتقين والمجتنبين أخلاء السوء . (2)
فالمتقون هم الذين تدوم محبتهم وخلتهم كما قيل :
ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل
ومن بركة التقوى كذلك ينزع الله عز وجل ما قد يعلق بقلوبهم من الضغائن والغل فتزداد مودتهم وتتم محبتهم وصحبتهم كما قال تعالى : ] إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ [ ...... ......( الحجر : 45 - 47 )
قال ابن الجوزى : قال ابن الانبارى : ما مضى من التأخى قد كان تشوبه ضغائن وشحناء , وهذا التاخى بينهم الموجود عند نزع الغل هو تأخى المصافاة والإخلاص . (1)
7 – وهم يسعدون بالصحبه والمحبه وهم يساقون إلي الجنة زمراً زمرا :
قال تعالى : ] وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [ .... ( الزمر : 73 )
قال ابن كثير رحمة الله :
وهذا إخبار عن حال السعداء المؤمنين حين يساقون على النجائب وفداً الى الجنة ( زُمَرًا )
أى : جماعة المقربون ثم الأبرار ثم الذين يلونها كل طائفة مع ما يناسبهم :
الأنبياء مع الانبياء , والصديقون مع أشكالهم ، والشهداء مع أضرابهم , والعلماء مع أقرانهم , وكل صنف مع صنف , وكل زمرة تناسب بعضها بعضاً . (2)
وقال القرطبى :
قوله تعالى : ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ) والزهاد والعلماء والقراء وغيرهم ممن اتقى الله تعالى وعمل بطاعته , وقال فى حق الفريقين :
( وَسِيقَ ) بلفظ واحد فسوق أهل النار طردهم إليها بالخزى والهوان كما يفعل بالأسارى والخارجين على السلطان إذا سيقوا الى حبس أو قتل , وسوق أهل الجنان سوق مراكبهم الى دار الكرامة والرضوان , لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك فشتان ما بين السوقين . (1)
وقيل كل جماعة أو طائفة تعاونت على الخير والطاعة فإنهم ينادون يوم القيامة ويكونون زمرة من الزمر المساقه الى الجنة .
الموضوع : الثمرات الأجله المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: ابراهيم كمال توقيع العضو/ه:ابراهيم كمال |
|