الحمد لله أولاً وآخرا وصلاةً
وسلاماً أتمين أكملين على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين وبعد
فقد يجد المربي صعابا في معرفة خصال الكبار لما وراء
تصنعاتهم الكاذبة ونظراتهم المستعارة من أخلاق وصفات، أما ذلك الطفل الصغير
فليس على أخلاقه غطاء ولا حجاب يسترها ولهذا تجده كالعجين يتشكل كما يريد
صانعه ، ومما لاجدال فيه أن الطفل يتعلم بطريق الحواس (التقليد) قبل أن
يعقل، وعلى هذه النظرية تتمشى روح التعليم برياض الأطفال، ولذا فإن دورك
أيتها الأم المسلمة خطير ولابد أن تنتبهى إلى أن أمور التربية قائمة على
أساس كلمتين: الواجب والنظام.
فَلِواجبك ونظامك المنزلى أثر كبير في تهذيب ولدك وتربية
ابنتك وقد قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته
والمرأة راعية في بيتها ومسئوله عن رعيتها"
والنصيحة هنا أيتها الأم
العزيزة ألا تجعلى تربيتك لأولادك في شكل أوامر وقواعد فالطفل مَيَّال
بطبعه إلى الملاطفة لا الحكم عليه، لهذا يجدر بكِ أن تكون تربيتك سلسة لينة
فيتناول منها الصغير قدراً عظيماً بشهية كبيرة وميل شديد. فهذا هو واجبك
نحو بنيك صغاراً على الجملة وللتفصيل حديث آخر.
وبعد ذلك يترعرع طفلك وتتناوله
المدرسة ومن ثَمَّ يصير يافعاً ثم رجلاً كاملاً وكلها مراحل تحتاج إلى
رعاية خاصة من الأبوين الحريصين على صلاح أبناءهم
أما ابنتك فلا تزال في رعايتك
حتى حوالى العشرين من سنها ـ وهذه السن وما قبلها من أشد أدوار العمر خطورة
فراقبيها بكل ما أوتيتِ من قوة وعزيمة وزوِّدى أخلاقها دائما بما غرستيه
في الصغر من معانى الفضيلة والبعد عن الرذيلة.
راقبيها في أقوالها وأفعالها
وحركاتها وغدوها ورواحها مع صديقاتها وجاراتها ـ وفي واقع الأمر المرأة
أصلح من الرجل في التربية خاصة في مثل هذه السن وتلك الظروف، وإن لم تكن
تربيتنا المنزلية قائمة على دعائم ثابتة وتهُبُّ المرأة من غفلتها فسوف
تستمر المعاناة وتزداد انتكاسة الأخلاق في بلادنا أكثر مما هي عليه، وما
أرجح عقل نابليون زعيم فرنسا حينما سئل أى حصون فرنسا أمنع ؟!
فأجاب: أمنع حصون فرنسا المرأة
المربية الصالحة التي تقدس واجبات أسرتها.
فإليكن أيتها الأمهات أناشدكن
النصح الذى لو اتَّبَعْتُنَّه لأصبحتن مطمئنات لمستقبل ذريتكن وبذلك يرفرف
فوق أمتنا لواء السعادة الأبدية